دخلت بريطانيا التي صوتت على لانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي، في أزمات وتحديات كبيرة حيث دفعت هذه القضية وكما نقلت بعض المصادر، اسكتلندا التي تدعم البقاء في الاتحاد الأوروبي لممارسة ضغوط جديدة من أجل إجراء استفتاء للانفصال عن المملكة المتحدة، ولم تكن تلك الدعوات التي أطلقتها اسكتلندا هي الأولى، فقد نظمت حكومة اسكتلندا استفتاء في عام 2014، لكن رفضه الاسكتلنديون بفارق 10% لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة.
الفارق بين الاستفتاء الذي أجرته اسكتلندا في وقت سابق يختلف جملة وتفصيلا عن الدعوات التي تنادي بها حكومة اسكتلندا في الوقت الحالي بإجراء استفتاء ثان، خاصة بعد عملية خروج بريطانيا من الاتحاد لتزيد من طموح المؤيدين لاستقلال اسكتلندا، هذه القضية ايضا اثارت قلق ومخاوف الحكومة البريطانية خصوصا وان البعض يرى ان مثل هكذا تحركات ستكون سببا في إضعاف قوة بريطانيا على كافة المستويات، وأسكتلندا وهى إحدى المقاطعات المكونة للمملكة المتحدة إلى جانب أيرلندا الشمالية وويلز وإنجلترا، لم تكن تريد الانسحاب من الاتحاد الأوروبى لرغبتها فى البقاء داخل السوق الأوروبية الواحدة.
وبرغم تهديد أسكتلندا المتكرر بإجراء استفتاء ثان للانفصال إلا أن استطلاعات الرأى ترجح عدم نجاح رئيسة وزراء أسكتلندا، مثلما حدث فى الاستفتاء الأول فى 2014. من جانب آخر وبخت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية الزعيمة الاسكتلندية نيكولا ستيرجن لمطالبتها بإجراء استفتاء على الاستقلال قائلة إن الحزب القومي الاسكتلندي لديه رؤية أحادية مركزة على الانفصال عن المملكة المتحدة. وأضافت ماي الرؤية الأحادية التي أبداها الحزب القومي الاسكتلندي اليوم مؤسفة للغاية، وأضافت بدلا من اللعب بالسياسة على مستقبل بلادنا يتعين على الحكومة الاسكتلندية التركيز على تقديم حكم جيد وخدمات عامة للشعب الاسكتلندي. فالسياسة ليست لعبة.
طلب رسمي
وفي هذا الشأن أعلنت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجن أنها طلبت رسميا من الحكومة البريطانية إمكان إجراء استفتاء ثان على الاستقلال، بعد يومين من بدء إجراءات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. ووجهت زعيمة الحزب الوطني الإسكتلندي رسالة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تؤكد فيها أن "الشعب الإسكتلندي ينبغي أن يكون له الحق في اختيار مستقبله".
وكان برلمان المقاطعة الذي يهيمن عليه استقلاليو الحزب الوطني الإسكتلندي وافقوا بـ69 صوتا مقابل 59 على هذا الاستفتاء الجديد، وذلك بعد أقل من ثلاث سنوات على استفتاء في أيلول/سبتمبر 2014 رفض فيه 55 بالمئة من الإسكتلنديين الانفصال عن المملكة المتحدة. وتحتاج ستورجن إلى موافقة الحكومة وبرلمان وستمنتسر لإجراء الاستفتاء الثاني.
وأضافت في رسالتها من ثلاث صفحات "أقول بحزم أن تفويض البرلمان الإسكتلندي ينبغي احترامه وتنفيذه. لا تتعلق القضية بمعرفة (ما إذا كان ذلك مسموحا به) بل كيفية" حصول الأمر. وتابعت ستورجن التي بررت طلبها بتأييد 62 في المئة من الإسكتلنديين البقاء في الاتحاد الأوروبي "ليس هناك حجة منطقية للوقوف في وجه إرادة البرلمان الإسكتلندي وآمل في ألا تقوموا بذلك".
وأكدت أن "الظروف تغيرت كثيرا" مع الخروج التدريجي من الاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة "والشعب الإسكتلندي ينبغي أن يكون له الحق في اختيار مستقبله". واعتبرت أن صوت إسكتلندا "تم تجاهله إلى حد بعيد وتم رفض كل اقتراحات التسوية، غالبا من دون التشاور"، مبدية "إحباطها" حيال ذلك.
وبالنسبة إلى الجدول الزمني، لم تكن ستورجن واضحة. فقد ذكرت أولا "نحن موافقون على القول إنها ليست اللحظة المناسبة" قبل أن تؤكد أنها لا تزال تريد تنظيم الاستفتاء بين نهاية 2018 وبداية 2019. وأضافت "إنه الجدول الزمني الذي تبناه البرلمان الإسكتلندي وهذا يشكل قاعدة عمل منطقية"، مبدية انفتاحها على إجراء مباحثات إذا تعثرت المفاوضات حول بريكسيت. لكن التخلي عن المشروع ليس واردا البتة.
وتابعت ستورجن "في حال تعذر إجراء مباحثات بناءة في هذه المرحلة، سأقترح على البرلمان الإسكتلندي مبادرات جديدة أنا عازمة على اتخاذها للمضي قدما نحو استفتاء". وإذا كانت ماي تتمتع بسلطة إرجاء الاستفتاء فإن المحللين يعتبرون أن رفضه سيكون في المقابل أمرا معقدا بالنسبة إليها. وإذ شددت على "تفويض ديمقراطي لا لبس فيه" كررت ستورجن أن رفض تنظيم الاستفتاء "مرفوض تماما". بحسب فرانس برس.
غير أن ماي قد تسعى إلى التحكم في موعد الاستفتاء عبر إرجائه في حد أقصى إلى ما بعد الخروج الفعلي للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي المتوقع خلال عامين. حتى أن بعض أعضاء الحكومة يأملون بإرجائه حتى 2021، موعد الانتخابات الإقليمية المقبلة في إسكتلندا مع رهان على هزيمة محتملة للانفصاليين لتقويض مشروعهم نهائيا. ويبقى على ستورجن أن تقنع الإسكتلنديين بإيجابيات إجراء استفتاء جديد.
من جانبها قالت الحكومة البريطانية إنها لن تدخل في مفاوضات بشأن مقترح الحكومة الاسكتلندية لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال في أواخر 2018 أو مطلع 2019. جاء ذلك في تعقيب للحكومة على تصويت البرلمان الاسكتلندي في وقت سابق على تأييد مسعى رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن لتنظيم استفتاء على الاستقلال عن بريطانيا. وقالت الحكومة البريطانية " سيكون من غير المنصف للشعب الاسكتلندي أن تطلب منه اتخاذ قرار حاسم دون أن يكون لديه المعلومات الضرورية بشأن علاقتنا المستقبلية مع أوروبا أو ما سيكون عليه شكل اسكتلندا بعد الاستقلال."
من جانب اخر أبلغت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن الحزب القومي الاسكتلندي الذي تتزعمه بأن رفض رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي مناقشة إجراء استفتاء على الاستقلال "سيحطم" الهيكل الدستوري للمملكة المتحدة بشكل لا يمكن إصلاحه. وتعهدت ستيرجن بالمضي قدما في الخطط الرامية لإجراء استفتاء جديد في اسكتلندا كما أعلن قبل أيام مما يعمق أزمة مع الحكومة البريطانية.
وأضافت "تحدي (تفويض البرلمان الاسكتلندي) سيكون بالنسبة لرئيسة الوزراء بمثابة تحطيم لا يمكن إصلاحه لفكرة أن المملكة المتحدة شريك يحترم المساواة." وتابعت "مستقبل اسكتلندا سيكون في يد اسكتلندا." ويقول أكبر حزب أيرلندي قومي بأيرلندا الشمالية أيضا إنه يرغب في تصويت على الانفصال عن بريطانيا بعدما صوت الإقليم لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
تصريحات وآراء
في السياق ذاته قال ديفيد ماندل الوزير البريطاني لشؤون اسكتلندا إنه سيكون من المستحيل إجراء استفتاء قانوني وحاسم على استقلال اسكتلندا في الإطار الزمني الذي تطلبه نيكولا ستيرجن رئيسة الوزراء. وكانت ستيرجن قالت إنه يتعين إجراء الاستفتاء في أواخر 2018 أو أوائل 2019 عندما تتضح شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وصوتت بريطانيا في مجملها لصالح الخروج من الاتحاد لكن اسكتلندا صوتت لصالح البقاء داخله.
وقال ماندل لصحيفة هيرالد الاسكتلندية "سيكون من المستحيل على الناس في الإطار الزمني الذي اقترحته نيكولا ستيرجن أن يكونوا وجهة نظر منطقية وبالتالي لا يمكنهم أجراء استفتاء قانوني وحاسم." "ليس لدى اسكتلندا خيار أن تبقى داخل الاتحاد الأوروبي في حين تغادره بريطانيا أو أن ترث اسكتلندا مكان بريطانيا. هناك افتراض ضمني في طلب توقيت إجراء الاستفتاء بأن إجراءه والتصويت لصالح الاستقلال يمكن بشكل ما أن يمنع خروج اسكتلندا من الاتحاد الأوروبي. وهذا غريب."
الى جانب ذلك قالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن إن نجاح حزبها القومي الاسكتلندي في انتخابات مبكرة في الثامن من يونيو حزيران سيجعل من المستحيل أن تمنع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استفتاء جديدا على استقلال اسكتلندا. وتقول ستيرجن إن هذا يعني أن اسكتلندا يجب أن تكون لديها فرصة أخرى للتصويت على الانفصال.
وأضافت ستيرجن للصحفيين في لندن "إذا فاز الحزب القومي الاسكتلندي في هذه الانتخابات في اسكتلندا ولم يفز المحافظون فستنهار حينها محاولة تيريزا ماي عرقلة تفويضنا لمنح شعب اسكتلندا خيارا بشأن مستقبله في الوقت المناسب." وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الاسكتلنديين لا يعتقدون أن التوقيت مناسب لاستفتاء آخر بيد أن تأييد الاستقلال نفسه مستقر على نطاق واسع عند نسبة تقارب 45 في المئة أو أكثر ومن المتوقع أن يفوز الحزب القومي الاسكتلندي في الانتخابات المبكرة. وقالت ستيرجن إن ماي تقدم مصالح المحافظين على مصالح البلاد بمحاولة الاستفادة من ضعف حزب العمال وهو حزب المعارضة الرئيسي لإقرار جدول أعمالها. بحسب رويترز.
وأضافت في بيان "دافع (ماي) واضح. فهي تعرف أنه كلما اتضحت شروط خروجها الصعب من الاتحاد الأوروبي زادت ونمت الهواجس التي تساور الكثير من الناس بالفعل. لذلك فهي تريد أن تعمل الآن على سحق المعارضة البرلمانية التي تواجهها." ولدى الحزب القومي الاسكتلندي 54 مقعدا من 59 مخصصة لاسكتلندا في البرلمان البريطاني. ولدى حزب المحافظين بزعامة ماي، والذي حصل على أقل نصيب من الأصوات في اسكتلندا في انتخابات عامة عام 2015، مقعد واحد فقط.
استطلاعات وتوقعات
على صعيد متصل أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة كانتار أن معظم الناخبين الاسكتلنديين لا يريدون استفتاء آخر على الاستقلال عن المملكة المتحدة وأن التأييد للانفصال تراجع فيما يبدو. وكان الاسكتلنديون قد صوتوا بهامش كبير لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي أجري في يونيو حزيران الماضي فيما تعارض مع المملكة المتحدة إجمالا التي جاءت نتيجة التصويت بها لصالح الخروج.
وتقول حكومة اسكتلندا التي يديرها الحزب القومي الاسكتلندي إن هذا يعني أنه ينبغي منح الدولة فرصة جديدة لتقرير ما إذا كانت تريد الانفصال عن المملكة المتحدة. وتعارض الحكومة المركزية في لندن هذا. وأظهر استطلاع كانتار الذي شارك فيه 1060 بالغا أن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي لم تعزز على ما يبدو حركة الاستقلال. وأجري الاستطلاع بعدما دعت نيكولا ستيرجن رئيسة وزراء اسكتلندا إلى إجراء استفتاء في خريف 2018 أو ربيع 2019.
ومن بين المشاركين في الاستطلاع يعتقد 26 بالمئة فقط أنه ينبغي إجراء استفتاء في أي من الموعدين بينما يعتقد 18 بالمئة أنه ينبغي أن يجرى في وقت لاحق. غير أن 46 بالمئة يعتقدون أنه ينبغي عدم إجراء استفتاء على الإطلاق. وتحظى القضية باهتمام واسع في اسكتلندا قبيل انتخابات في المملكة المتحدة في الثامن من يونيو حزيران. بحسب رويترز.
وأظهر الاستطلاع أن 55 بالمئة ممن قالوا إن من المؤكد أنهم سيشاركون في أي استفتاء على الاستقلال سيصوتون ضده بينما قال 37 بالمئة إنهم سيصوتون لصالحه ولم يحسم ثمانية بالمئة أمرهم. كان الاسكتلنديون قد صوتوا ضد الاستقلال بأغلبية 55 بالمئة مقابل 45 بالمئة في استفتاء أجري في 2014.
اضف تعليق