q

بعد عامين على بدء العملية العسكرية للتحالف الذي قادته المملكة العربية السعودية في اليمن، دعما لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد جماعة أنصار الله وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي اطلق عليها اسم "عاصفة الحزم". وما تبعها من دمار وحصار جائر، يبدو ان هذه الحرب وكما يرى بعض المراقبين ستستمر لفترة اطول بسبب تعدد أطراف الصراع والجهات الداعمة، التي تسعى الى تأمين مصالحها في المنطقة، وقد اكدت بعض المصادر إن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب اتفقت مع المملكة العربية السعودية على مواصلة عملياتها العسكرية في اليمن إلى نهاية العام الجاري بهدف تحقيق الحسم العسكري، الذي عده بعض الخبراء أمراً مستحيلاً لاسباب مختلفة، اهمها النفوذ الكبير للحوثيين وللرئيس اليمني السابق في هذا البلد، يضاف الى ذلك الخبرة والقوة القتالية التي اكتسبتها جماعة أنصار، وستمرار الحرب سيسهم بتفاقم معاناة الشعب اليميني الذي اصبح اليوم بعيدا عن اهتمام المجتمع الدولي. الذي اكتفى بالادانة والاستنكار.

وفيما يخص اخر تطورات هذه الحرب قالت الأمم المتحدة، ان حرب اليمن تحصد شهريا نحو 100 قتيل أغلبهم على يد التحالف العربي وفي المجال الإنساني، بالإضافة إلى خطر المجاعة وعمليات القتل ونزوح مئات الآلاف عن منازلهم، توقفت نحو 1640 مدرسة عن التعليم حارمة 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع. وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن 100 مدني في المتوسط يلقون حتفهم شهريا في الحرب اليمنية أغلبهم بسبب ضربات جوية وقصف للتحالف الذي تقوده السعودية. وفي بيان بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الصراع أكد المكتب مقتل 4773 مدنيا وإصابة 8272 في الصراع بين المسلحين الحوثيين والقوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي. وتابع قوله إن من بين أحدث الضحايا 32 لاجئا صوماليا ومدنيا يمنيا واحدا قتلوا في "قصف من سفينة للتحالف" وإطلاق نار من طائرة هليكوبتر أباتشي في هجوم على قاربهم قبالة الساحل قبل نحو أسبوع. وما زال عشرة آخرون في عداد المفقودين. وذكر مكتب الأمم المتحدة أن المدنيين في مدينة تعز يعانون "نقصا حادا" في الغذاء والمياه بسبب اللجان الشعبية المتحالفة مع الحوثيين والتي تطوق المدينة وتمنع وصول المساعدات.

طريق مسدود

من جانب اخر دخلت الحملة السعودية على راس تحالف عسكري في اليمن عامها الثالث في وقت لا يزال الحوثيون يسيطرون على صنعاء ومناطق اخرى في البلد الفقير، مؤكدين قدرتهم على "الصمود" مع استمرار المعارك وتوقف العملية السياسية. وبعد سنتين من اولى الضربات في 26 اذار/مارس 2015، نظم الشيعة وحلفاؤهم من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد لاكثر من ثلاثة عقود، تظاهرة حاشدة في العاصمة شارك فيها مئات الالاف.

وتجمع الحشد الكبير في ساحة السبعين، ورفع المشاركون اعلام اليمن، ورددوا هتافات مناوئة للسعودية مؤكدين على "الصمود حتى النهاية" مع استمرار الحملة العسكرية. وكان صالح قال عشية التظاهرة في خطاب نشرته "سبأنت" ان "اليمنيين الأحرار سيظلون متمسكين بخيار التصدي والمواجهة والمقاومة طالما ظل تحالف العدوان بقيادة السعودية مستمرا في غيّه وغطرسته وفي عدوانه على بلادنا وتمسّكه بخيار الحرب".

واكد عبد الملك بدر الدين الحوثي "ما دام عدوانكم مستمر فان صمودنا مستمر"، مضيفا "كان العدو يعيش الوهم ويقول سيحسم المعركة في هذا الشهر وفي هذا الاسبوع، ثم وجد نفسه غارقا في الوحل والوهم". في مقابل ذلك، اتهم تقرير صحافي نشرته وكالة الانباء "سبأنت" الموازية التابعة لحكومة هادي الحوثيين بتنفيذ مشروع ايراني يهدف الى "ضرب استقرار" دول الخليج والمنطقة العربية وتحويل اليمن الى "ساحة ومنصة تستطيع ايران من خلالها اطلاق تهديداتها وابتزازها بشكل وقح للاقليم والعالم".

وبين 2004 و2010 ، خاص الحوثيون الشيعة ست حروب مع صنعاء خصوصا في معقلهم الجبلي في صعدة، كما خاضوا حربا مع السعودية بين 2009 ومطلع 2010 في اعقاب توغلهم في اراضي المملكة. وفي تموز/يوليو 2014، شنوا هجوما كاسحا سيطروا خلاله على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمال اليمن، ثم سيطروا على صنعاء في 21 ايلول/سبتمبر، مستفيدين من عدم مقاومة الجيش لهم ومن تحالف ضمني لكتائب فيه لا تزال موالية لصالح.

وتقدم الحوثيون الى الغرب والشرق والوسط قبل ان يواصلوا الزحف جنوبا حيث سيطروا في اذار/مارس 2015 على اجزاء من مدينة عدن، ثاني كبرى مدن البلاد، ما دفع بالرئيس هادي للانتقال الى الرياض. وفي 26 اذار/مارس من العام ذاته، بدأت السعودية على راس التحالف العربي بشن ضربات جوية ضد الحوثيين وحلفائهم، ووفرت لقوات هادي دعما ميدانيا مباشرا، ما اتاح لها استعادة محافظات جنوبية، بينها عدن. الان ان المتمردين حافظوا على سيطرتهم على العاصمة والشمال اليمني. بحسب رويترز.

ومنذ استعادة القوات الحكومية للمحافظات الجنوبية الخمس في 2015، لم تحقق هذه القوات اي اختراق عسكري كبير، باستثناء سيطرتها بداية العام الحالي على مناطق عند ساحل البحر الاحمر في غرب اليمن وتقدمها نحو ميناء الحديدة الرئيسي اثر معارك قتل فيها مئات من الطرفين. ووسط فوضى العنف والسياسة، تقول الامم المتحدة ان المدنيين هم اكثر من يدفع ثمن استمرار النزاع. بالاضافة الى خطر المجاعة، وعمليات القتل ونزوح مئات الالاف عن منازلهم، توقفت نحو 1640 مدرسة عن التعليم حارمة 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا الى نحو 1,6 مليون طفل اخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع. وفي 16 اذار/مارس، طال النزاع اللاجئين الصوماليين ايضا حيث قتل 42 منهم في هجوم على قارب قبالة اليمن. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ان "ما يبدو أنه هجوم للتحالف بقيادة السعودية (...) قد يرقى إلى جريمة حرب".

عشرة آلاف قتيل

من جانب اخر قتل عشرة آلاف شخص على الأقل في الحرب على اليمن بين التحلف بقيادة السعودية الداعم للحكومة والحوثيين، حسبما قالت الأمم المتحدة. وقالت الأمم المتحدة إن حصيلة ضحايا الحرب في اليمن "تؤكد ضرورة حل الموقف" الذي استمر على مدى 21 شهرا. وتصاعد الصراع بين الحوثيين والحكومة في مارس/ آذار 2015 بعدما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومدن أخرى. وتقود السعودية تحالفا ينفذ عمليات عسكرية في ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

ويقول التحالف إنه يستهدف إعادة حكم الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به دوليا، بينما يقول الحوثيون إن التحالف يهدف إلى تدمير البنية التحتية لليمن، ويصرون على أن هادي لم يعد رئيسا شرعيا. وقال جيمي ماغولدريك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إنه منذ ذلك الحين "تزيد التقديرات عن عشرة آلاف قتيل منذ بدء النزاع ونحو 40 ألف مصاب". وأضاف إن ملايين الأشخاص في البلاد الذين يعيشون في المناطق التي تأثرت بالقتال يواجهون نقصا في الغذاء.

وقال ماغولدريك "يوجد سبعة ملايين شخص لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية". ويأمل مبعوث الأمم المتحدة اسماعيل ولد شيخ أحمد في إحياء آمال السلام بعد رفض هادي لمقترح سابق لحكومة وحدة وطنية جديدة، يشمل انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء وغيرها من المدن في البلاد. وتقول الأمم المتحدة إن الصراع في اليمن من أشد الأزمات الإنسانية في العالم.

في السياق ذاته قال مصدر عسكري إن نائب رئيس الأركان اليمني قتل عندما أطلقت حركة الحوثيين صاروخا على معسكر للجيش يطل على البحر الأحمر وهو أرفع ضابط يمني يقتل في الحرب الأهلية. وأسفر الهجوم عن مقتل اللواء أحمد سيف اليافعي ووقع خارج مدينة المخا الساحلية الاستراتيجية. ووفقا لصحيفة عدن الغد الإلكترونية التي تصدر باللغة العربية فقد أسفر الهجوم أيضا عن مقتل عدد من أفراد الجيش بينهم عقيد. بحسب رويترز.

وذكرت صحيفة عدن الغد أن جثث عدد من الضباط الذين قتلوا في الهجوم إلى جانب اليافعي وصلت إلى مستشفى في مدينة عدن الجنوبية التي تتخذها حكومة هادي مقرا لها. وقالت الصحيفة إن أحد القتلى عقيد لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى بشأن القتلى الآخرين. وتقع المخا قرب مضيق باب المندب الذي تمر عبره الكثير من تجارة النفط العالمية.

الخيانة العظمى

على صعيد متصل اصدرت محكمة في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين حكما بالاعدام بحق الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي بتهمة "الخيانة العظمى"، وفقا لوكالة الانباء "سبأنت". وصدر الحكم عن "المحكمة الجزائية المتخصصة" في اطار "قضية العدوان" الخاصة باتهام شخصيات يمنية بالمشاركة "في العدوان على اليمن"، في اشارة الى التدخل السعودي على راس تحالف عسكري عربي.

ودين هادي بحسب المحكمة، بجريمة "انتحال صفة رئيس الجمهورية بعد انتهاء فترة ولايته المنسوبة اليه في الفترة الاولى وجريمة التحريض والمساعدة لدولة العدوان السعودية وحلفائها على جريمة الاعتداء على اراضي الجمهورية جوا وبرا وبحرا والمساس باستقلال الجمهورية وسلامة اراضيها". وقضى الحكم باعدام هادي المقيم بين الرياض ومدينة عدن في الجنوب اليمني، وست شخصيات يمنية اخرى، بتهمة "الخيانة العظمى وتعريض أمن البلد للخطر والمشاركة في عمليات تحالف العدوان". كما امرت المحكمة بالحجز على املاكهم واموالهم.

الى جانب ذلك نقلت بعض المصادر، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تدرس زيادة دورها في الصراع اليمني بتوجيه مزيد من المساعدة بشكل مباشر لحلفائها الذين يحاربون المسلحين الحوثيين. وقد تنطوي هذه الخطوة على تخفيف للسياسة الأميركية التي قيدت دعم الولايات المتحدة لحلفائها.

وقال المسؤولون مشترطين عدم الكشف عن أسمائهم إن وزير الدفاع جيمس ماتيس كتب مذكرة في مارس/آذار للبيت الأبيض يدافع فيها عن تقديم دعم محدود لعمليات الشركاء الخليجيين. وذكر أحد المسؤولين أن الولايات المتحدة تدرس أن تقدم للإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، أصولا أميركية لأنشطة جمع المعلومات والاستطلاع والمراقبة فضلا عن تبادل المعلومات، وجرى الكشف عن المذكرة أول مرة في تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

وتأتي دراسة احتمال تقديم مساعدة أميركية جديدة، تشمل دعما مخابراتيا، وسط تزايد الدلائل على أن إيران ترسل أسلحة متطورة ومستشارين عسكريين لجماعة الحوثي. وقد يُنظر إلى أي زيادة في الدعم الأميركي باعتباره مؤشرا على أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تجعل من التصدي لإيران وحلفائها من الأولويات. وقد تقتصر أي زيادة في المساعدة الأميركية المباشرة في الوقت الحالي على إجراءات غير فتاكة، ولا يوجد ما يدل على أن الولايات المتحدة تدرس توجيه ضربات لأهداف للحوثيين. بحسب رويترز.

والدعم الأميركي المقترح قد يسمح للولايات المتحدة بالمساعدة في حملة على مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن التي تخضع لسيطرة الحوثيين. وميناء الحديدة قريب من مضيق باب المندب وهو ممر مائي إستراتيجي يمر عبره نحو أربعة ملايين برميل من النفط الخام يوميا. وكانت سياسة الولايات المتحدة في اليمن تركز بشكل شبه كامل منذ سنوات على الحرب على تنظيم القاعدة.

اضف تعليق