تواجه حكومة سعد الحريري تحديات كبيرة، بسبب الأزمات الداخلية المختلفة والصراعات والتوترات الخارجية التي تعيشها دول المنطقة وهوما اثر سلبا على لبنان، هذه التحديات ازدادت وكما يرى بعض المراقبين، بعد ان عمدت الحكومة الحالية الى اتخاذ قرارات وخطط جديدة تهدف فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين، وهو ما اثار غضب الشارع الذي طالب بإلغاء فكرة الضرائب نهائياً، خصوصا وان البعض يرى كما نقلت بعض المصادر، ان اي قرار جديد يجب ان يصدر من قبل مجلس النواب المنتخب القادم وليس الحالي الممدد له، إضافة للمطالبة بخطوات عملية لكشف الهدر والفساد في الدولة ومحاسبة المتهربين من الضرائب بقسوة وعدم اللجوء للإعفاءات.
وحذر خبراء اقتصاديون من خطورة رفع الرسوم الضريبية التي تنوي الحكومة اللبنانية فرضه على العديد من القطاعات في لبنان، ويطال مختلف الفئات الاجتماعية. وتصاعدت الدعوات الاحتجاجية على الزيادات الضريبية التي تبنتها الحكومة برئاسة سعد الحريري، لحساب تأمين سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام. وتطال الزيادة الضريبية مختلف القطاعات، وتشمل زيادات على المحروقات ورسوم المعاملات الرسمية، والعديد من البنود الأخرى، مما دفع نقابات وهيئات اقتصادية وتجمعات شبابية إلى الدعوة لحراكات في الشارع، احتجاجا على ما يصفونه بقرارات جائرة بحق المواطنين اللبنانيين.
وفي هذا الشأن رشق محتجون في وسط بيروت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بزجاجات المياه الفارغة عندما حاول تهدئة مئات الأشخاص الذين تظاهروا احتجاجا على زيادات ضريبية مقترحة. وتدفق نحو ألفي شخص على ساحة رياض الصلح وهم يهتفون "لن ندفع" ويحملون اللافتات والأعلام اللبنانية للاحتجاج على زيادات ضريبية يعكف البرلمان على إقرارها بغية تمويل زيادة جديدة في رواتب العاملين في القطاع العام.
وقال الحريري للمتظاهرين إن الطريق سيكون طويلا وتعهد بمكافحة الفساد والوقوف إلى جانب المحتجين. لكن المتظاهرين رددوا هتافات تتهم رئيس الوزراء بأنه لص ورشقوه بالزجاجات الفارغة مما دفعه للمغادرة مسرعا. وبعد قليل دعا الحريري على تويتر النشطاء لتشكيل لجنة لرفع مطالبهم وبحثها بشكل إيجابي. وقالت إحدى المتظاهرات وتدعى تانيا الخوري إن الحكومة "تفرض ضرائب تتزايد باستمرار دون أن تقدم أي شيء في المقابل .. لا خدمات ولا نقل عام ولا رعاية طبية."
وقال محتج يدعى محمود فقيه "كانت لدينا آمال في هذه الحكومة الجديدة لكن للأسف ... ما زال هؤلاء الساسة يستغلون الموارد لمصلحتهم. وأضاف أن هذه المظاهرة "من أجل رفض الضرائب التي تفرض على الفقراء." ورفع المتظاهرون لافتات وشعارات تتهم البرلمان بالسرقة في حين هتف محتجون مطالبين باستقالة النواب. وكتب أحد المتظاهرين على لافتة "ارفعوا أيديكم عن جيوبنا."
وأغلق عدد كبير من قوات الأمن الداخلي والجيش اللبناني الشوارع المؤدية إلى مقار الحكومة والبرلمان خلال المظاهرة التي تلت مظاهرات أصغر حجما على مدى ثلاثة أيام في وسط المدينة. وتسعى الحكومة اللبنانية إلى زيادة الضرائب في عدد من القطاعات تمهيدا لإقرار زيادة في أجور القطاع العام في إطار جهود أوسع يقودها الحريري لإقرار أول موازنة رسمية للدولة في 12 عاما. بحسب رويترز.
وكان عدد من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية الكبيرة قد دعوا المواطنين في الأيام القليلة الماضية للمشاركة في الاحتجاجات على زيادة الضرائب. وعارض حزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي الزيادات المقترحة على الضرائب في حين عبر "حزب الله" الممثل في الحكومة والبرلمان على تحفظه على عدد منها فقط.
التخلي عن الضريبة
الى جانب ذلك أشار وزير المال اللبناني علي حسن خليل إلى إمكانية تخلي الحكومة عن زيادة ضريبة القيمة المضافة نقطة مئوية واحدة إثر تظاهر المئات في وسط العاصمة اللبنانية. وتسعى الحكومة اللبنانية إلى زيادة الضرائب في عدد من القطاعات تمهيدا لإقرار زيادة بأجور القطاع العام في إطار جهود رئيس الوزراء سعد الحريري لإقرار أول موازنة رسمية للدولة في 12 عاما.
وقال خليل خلال مؤتمر صحفي بمقر الوزارة في وسط بيروت إن التحفظ على ضريبة القيمة المضافة "ربما يكون تحفظا مشروعا إذا ما استطعنا أن نؤمن واردات من مكان ضريبي آخر وسنؤمن واردات من أماكن ضريبية أخرى."
وقال "حتى في موضوع القيمة المضافة هناك سلة إعفاءات كبرى على الناس من الأكل والشرب والتعليم والطبابة والصحة والقرطاسية وغيرها لكن هذا أمر آخر وسيناقش في اطار لجنة ستتمثل فيها كل الكتل النيابية. "التحركات ضد الضرائب مشروعة وهو أمر صحي إذا ما كان في نصابه الصحيح وإذا ما وجهت السهام فيه بشكل دقيق إلى مكامن الخلل حتى يعالج. لكن التحرك يصبح مضرا عندما نستخدم شعارات غير واقعية وغير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمشكل."
ووافق مجلس النواب على عدد من الزيادات الضريبية أبرزها زيادة ضريبة القيمة المضافة نقطة مئوية واحدة. وكان من المقرر ان يوافق البرلمان في الأسابيع المقبلة على زيادة عدد من الضرائب لكن وزير المال قال إن البلاد أصبحت أمام أولويات أخرى الآن مثل "قانون الانتخابات (البرلمانية) وإصلاحات حقيقية جدية... والموازنة."
وجرى تداول قائمة من الضرائب على السلع المعيشية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشمل بشكل خاص المنتجات الغذائية مما أثار غضب العديد من اللبنانيين لكن وزير المال أوضح أن القائمة "كذب واختلاق". وقال "إننا ضد أي ضريبة تطال حياة الناس ومعيشة الناس... لن يكون هناك على الاطلاق في الموازنة العامة (ضرائب) يمكن أن تصيب طبقات فقيرة." وأضاف "لأول مرة في تاريخ لبنان نصيب مكامن ضريبية جديدة كانت محرمة سابقا على أن تمس" ضاربا الأمثلة بالريع العقاري وفرض ضرائب وغرامات على المستفيدين من الأملاك البحرية العامة والمصارف. بحسب رويترز.
وقال "منذ 2014 حتى الآن الأموال الهالكة على الدولة والتي كان يجب أن نحصلها من شركات الأموال والمصارف تعادل الملياري دولار أمريكي والآن إذا قصرنا في إقرار هذه الضرائب ستخسر الدولة مزيدا من المليارات التي تُحصل من جيوب المواطنين وجيوب الناس."
الانتخابات البرلمانية
على صعيد متصل قال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق إن البلاد باتت أمام تأجيل فني لشهور قليلة للانتخابات البرلمانية التي كان من المفترض إجراؤها في مايو أيار المقبل إفساحا للمجال أمام الفصائل المتنافسة للاتفاق على صيغة قانون جديد للانتخابات. وقال المشنوق "من الواضح ... أن هناك ثلاث وقائع جديدة قديمة لا نستطيع الخروج منها وغير خاضعة للتغيير. أولا : لا انتخابات بدون قانون جديد. وثانيا: هناك تأجيل تقني ... لفترة محدودة يجري خلالها العمل على الإدارة كيف تتعامل مع أي قانون جديد." وأضاف "الواقعة الثالثة ... واضح أنه يجب أن يكون هناك شيء في القانون اسمه نسبية. مجتزأ. مختلط. كامل. غير واضح ولكن النسبية صارت حقيقة مثلها مثل التأجيل التقني وكما القانون الجديد."
ومع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات النيابية إرتفعت حدة السجال السياسي بين الفصائل المختلفة حول القانون الذي يجب أن تجرى وفقه هذه الانتخابات. وتوزعت مشاريع القوانين بين نسبي وأكثري وأرثوذوكسي ومختلط. وفي حال عدم الاتفاق على قانون جديد فإن المجلس النيابي الذي مدد فترة ولايته مرتين منذ عام 2013 سيجد نفسه أمام احتمال إجراء انتخابات على أساس القانون الأكثري النافذ المسمى قانون "الستين" والذي سيؤدي إلى إنتاج نفس الطبقة السياسية الحاكمة أو تمديد ثالث لمجلس النواب وهذا ما رفضته معظم الفصائل المتنافسة.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد بين عامي 1975 و1990 وحتى الآن فإن الحياة السياسية في البلاد تصاب بالتوتر مع كل استحقاق انتخابي. كان لبنان قد انتخب رئيس البلاد العام الماضي بعد أكثر من عام ونصف العام على الشغور الرئاسي. وقال المشنوق للصحفيين عقب لقائه مع رئيس الجمهورية "فخامته مصر على أن تجرى الانتخابات وأن لا يتجاوز التأجيل التقني شهورا قليلة بعد صدور القانون ومازال لدينا الوقت. بحسب رويترز.
لا يزال من الآن ثلاثة أشهر وبالتالي من المنتظر خلال نيسان (أبريل) أي خلال شهر ... أن يكون لدينا قانون انتخاب جديد." ومضى يقول "ما دون ذلك بصراحة هناك أزمة سياسية كبيرة في البلد لا يرغب أحد بأن تحصل . كل الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة ليس لديها رغبة بأزمة سياسية سببها رأي هذه الجهة أو رأي تلك الجهة بقانون الانتخاب."
تهديدات إسرائيلية
على صعيد متصل قال مكتب الرئاسة اللبنانية في بيان إن الرئيس ميشال عون قال إن أي محاولة إسرائيلية لانتهاك سيادة لبنان "ستجد الرد المناسب". وقال البيان "أي محاولة إسرائيلية للنيل من السيادة اللبنانية أو تعريض اللبنانيين للخطر ستجد الرد المناسب." وقال البيان إن عون يرد على تعليقات في الآونة الأخيرة وردت في خطاب من السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة إلى المنظمة الدولية.
ووصف البيان التعليقات بأنها "محاولة إسرائيلية مكشوفة لتهديد الأمن والاستقرار الذي تنعم به مدن الجنوب وقراه الواقعة ضمن منطقة العمليات الدولية وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي اعتداء يستهدف لبنان.. لأن الزمن الذي كانت فيه إسرائيل تمارس سياستها العدوانية ضد بلدنا من دون رادع قد ولى إلى غير رجعة." وقال وزير المخابرات الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن لبنان بأكمله سيكون هدفا إذا أطلقت جماعة حزب الله نيرانها نحو إسرائيل.
وجاءت تصريحات عون أيضا في أعقاب تحذيرات من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من أي اعتداء إسرائيلي على لبنان. وحزب الله حليف سياسي للرئيس عون. وقال نصر الله إن صواريخ جماعته لديها القدرة على ضرب المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة والبنية التحتية العسكرية في تحذير واضح من القيام بأي عمل عسكري إسرائيلي قد يتم -حسب قوله- بموافقة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. وفي 2006 حاربت إسرائيل ضد حزب الله في جنوب لبنان في معركة استغرقت شهرا.
ومنذ ذلك الحين اقتصرت المواجهات بين الجانبين على تبادل إطلاق النار عبر الحدود بين الحين والآخر وضربات جوية إسرائيلية استهدفت قيادات لحزب الله وعتادا عسكريا في سوريا التي تحارب فيها الجماعة دعما للرئيس بشار الأسد.
الى جانب ذلك اكد وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان استمرار بلاده في تقديم المساعدات الى الجيش اللبناني. واكد لودريان عقب لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون، وفق تصريحات نقلتها الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية في لبنان "الاستمرار في تقديم المساعدات للجيش اللبناني، لا سيما تلك التي كان وعد بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته الاخيرة للبنان". وبعد لقائه نظيره اللبناني يعقوب الصراف، اكد لودريان دعم فرنسا "لسلامة وسيادة لبنان"، معتبراً أن ذلك يمر بـ"احترام المؤسسات ولكن بالتوازي مع وجود جيش لبناني منظم ومتماسك".
وتزود فرنسا الجيش اللبناني مساعدات عسكرية في اطار هبة قدمتها السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار. لكن الرياض جمدت في شباط/فبراير 2016 البرنامج على خلفية ما وصفته بـ "مواقف عدائية" ناتجة من "خضوع" لبنان لحزب الله الشيعي القريب من ايران. وفي حين تدعم الرياض الفصائل السورية المعارضة لنظام الرئيس بشار الاسد، يقاتل حزب الله الى جانب الجيش السوري.
ويشمل برنامج المساعدات السعودية تسليم اسلحة وتجهيزات عسكرية فرنسية (دبابات ومروحيات ومدافع...) الى الجيش اللبناني بقيمة 2،2 مليار يورو. وتم تسليم دفعة اولى في نيسان/ابريل 2015، كانت عبارة عن 48 صاروخا فرنسيا مضادا للدروع من نوع ميلان. وعلى اثر زيارة عون السعودية أوائل كانون الثاني/يناير، قال مسؤول لبناني إن الرياض وبيروت اتفقتا على اجراء محادثات حول اعادة العمل بحزمة المساعدات العسكرية. بحسب فرانس برس.
وشكر عون خلال لقائه لودريان "الدعم الذي تقدمه فرنسا للبنان في المجالات كافة، لا سيما في المجال العسكري"، متمنيا "استمرار هذا الدعم لتمكين الجيش من القيام بالمسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقه، لا سيما في مجال حفظ الامن والاستقرار في البلاد ومكافحة الارهاب".
اضف تعليق