إن علاقتنا الشديدة جميعا بولي العصر صلوات الله وسلامه عليه هو الذي يدفعنا لأن نهتم ونعمل ونجد ونجتهد لسلوك الطريق الذي ينتهي بنا الى توفيقنا لزيارة حضرته في عصر الغيبة، وهو مطلب مهم بالطبع ورغبة عظيمة ومن وفق لها فقد نال مقاما شامخا وشرفا رفيعا...

(نسأل الله أن نبقى أحياءً حتى ندرك ظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه)

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

المحبةُ كالوردةِ العطرة، تتفتّحُ في قلب المحبّ، فتمنحهُ دفقات من السعادة، تجعله يشعر بأنه يعيش الحياة التي يحلم بها، وهذا بالضبط ما يحدث للإنسان الذي يتعلّق بالإمام المهدي عجل الله فرجه، حيث يعيش في حالة من الزهو، والشعور بالأمان والاستقرار النفسي العميق، كل هذا لأنه تعلّق بشخص الإمام صاحب العصر والزمان.

هذه العلاقة تترتب عليها وظيفة تقع على عاتق المحبّ للإمام المهدي، والحقيقة هذه الوظيفة لا يمكن التقصير فيها، فالموظفون الحكوميون مثلا حينما يخطئ أحدهم في وظيفته، هناك ضوابط وعقوبات يتعرض لإحداها ثم ينتهي الأمر، أما مع الإمام المهدي عجل الله فرجه فلا يقبل إهمال الوظيفة أو التكاسل فيها.

فمع الانتظار الذي يلازم المحبين، واللهفة القوية لقضية الظهور، تبقى قضية نظافة القلب، والعقل والنفس وحتى اليد، من أهم ما يريده الإمام من محبيه ومؤيديه والممهدين لظهوره المحبّب والمطلوب والمرغوب من الجميع، حتى يتخلص البشر من ظلم الظالمين، وقمع القامعين، وشر المجرمين والفاسقين، لهذا يأمل جميع محبي الإمام الحجة عجل الله فرجه بظهوره والعيش في كنف حكومته المشهور عنها إنصافها وعدلها بين الجميع.

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في الكتاب القيّم، الموسوم بـ (من عبق المرجعية):

(التعلّق بالإمام المهدي وحبه، تعلُّق وحب لشخصه، وللحياة الطيبة التي تكون في ظل حكومته).

وإذا التزم المحب بوظيفته تجاه إمام عصره وزمانه، فإنه سوف يحظى بزيارته، وهذا يعدّ من المكاسب الكبرى، بل يعد أكبر مكاسب الإنسان في حياته، والحقيقة أن كل إنسان يُكتَب له مثل هذا الفوز العظيم، ويحظى بزيارة إمامه، فإنه كمن يكون ضمن السعادة في الدارين.

علاقتنا شديدة بولي العصر

مثل هذه الزيارة لن تتحقق إلا للملتزمين بوظيفتهم تجاه الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه، في عصر الغيبة، لذلك فإن الذي تتحقق له هذه الزيارة، هذا دليل على أن الإمام قرّب هذا الإنسان منه وجعله من جنده، ولذلك ينال المكانة العظيمة والشامخة بين الجميع، وقد حصل هذا لأشخاص معروفين يتحركون في المجتمع، وينشطون في أداء وظيفتهم تجاه الإمام، وينشدون قبوله عنهم.

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله يقول عن هذه النقطة:

(إن علاقتنا الشديدة جميعا بولي العصر صلوات الله وسلامه عليه هو الذي يدفعنا لأن نهتم ونعمل ونجد ونجتهد لسلوك الطريق الذي ينتهي بنا الى توفيقنا لزيارة حضرته في عصر الغيبة، وهو مطلب مهم بالطبع ورغبة عظيمة ومن وفق لها فقد نال مقاما شامخا وشرفا رفيعا).

ولذلك مثل هذا اللقاء يشكّل حلما للجميع، وهدفًا يسعى إليه كل الناس المتمسكين بإمامهم في عصر الغيبة، فإذا ما تم مثل هذا اللقاء، سوف يحظى هذا الإنسان بالمكانة العظيمة، والكرامة الأبدية، وبالشرف الذي لا يدانيه شرف، ولكن هل تتركز وظيفتكَ على هذا الجانب فقط، نعم يريد الإمام الالتزام والانضباط منك، وأنت تتعامل مع الآخرين، ولا يقبل منك إلحاق الإساءة أو الظلم بالآخرين، ولكن ليس هذا كل شيء.

يتساءل هنا سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، فيقول: 

(شرف كبير، وكرامة عظيمة، أن يلتقي الانسان بإمامه عن قرب، ويقبِّل يده، لا شك في ذلك ولا شبهة، ولكن السؤال، هل هو هذا ما يريده الإمام منّا؟ وهل هذه هي وظيفتنا؟).

علينا بدراسة السيرة المهدوية

بالطبع لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، لأن رضا الإمام المهدي عجل الله فرجه من رضا جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وجده الإمام علي عليه السلام، وأجداده من أهل البيت صلوات الله عليهم، وقبل هذا من رضا الله عزوجل، لهذا علينا قبل كل شيء بالمعرفة والفهم من خلال دراسة السيرة المهدوية في اصولها حتى نحصل على العلم العميق.

هذا ما ينبغي أن تتصدى له، وهذه هي وظيفتك، أن تعرف وتفهم وتقرأ وتتعمق في سيرة وأهداف الإمام عجل الله فرجه، ولماذا الغيبة، ما اسبابها، وما نتائجها، وما هو المطلوب من شخص مهدوي مؤمن بقضية الإمام، لذا نحن نتساءل هل قام الشباب المهدوي بمعرفة وظيفتهم بصورة صحيحة وكما يريدها الإمام عجل الله تعالى فرجه؟، هذا هو الهدف المهم والمطلوب من كل شخص مؤمن بالإمام الحجة وسائر في طريقه ونهجه حتى يكون من الممهدين لظهوره عليه السلام، ومن المستعدين لاستقباله ومؤازرة الثورة المهدوية.

يقول سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:

(إن اردنا ونحن في عصر الغيبة أن نكسب رضى ولي العصر وصاحب الزمان، فإن هذا الامر يرتبط ارتباطا وثيقا وأكيدا، بمدى معرفتنا للوظيفة والواجب المُلقى علينا والعمل بهما).

من هنا نحن جميعا نرفع أيدينا ونتضرع إلى الله تعالى أن يجعلنا من الاحياء الذين يحظون بعصر الظهور مثلما حظوا بعصر الغيبة، حتى نكون من خدّامه، وننتمي إلى جنده وصفوفه، ونسير في عمق أهدافه لإنجازها، وهذا يعد من الأحلام العظيمة التي ترتقي بالإنسان إلى مصاف الخيّرين المنصفين الصالحين.

ومع ذلك، توجد درجات لكل من عمل تلبية لمتطلبات عصر الغيبة، وسعى في نهج الإمام الحجة، ولبى النداء، في الحقيقة هنالك درجات متفاوتة يحصل عليها العاملون كل بحسب طبيعة عمله ودرجة إنجازه.

كما يؤكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:

(نسأل الله أن نبقى أحياء حتى ندرك ظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه، ونكون في خدمته وفي ركابه، ولكن اعلموا انه حتى درجات ذلك اليوم، تُعطى على أساس دورنا وعملنا وإنجاز وظيفتنا).

وإذا ظهر الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه، سوف يتحقق ذلك الوعد الإلهي الأعظم لبني البشر وكما جاء في الآية القرآنية: (ليظهره على الدين كله)، وعندئذ سوف يدخل الجميع في رحاب الإسلام، وترفرف راية الإسلام في كل مكان من الأرض، بالإضافة إلى تلك المزايا العظيمة التي تغدقها الحكومة المهدوية على الناس، وأولها العدالة، وهي الحلم الاعظم لبني البشرية المحرومين من العدل والإنصاف، فلنقرأ هذه الكلمات: 

(حين يظهر صاحب العصر والزمان، ولي الله الأعظم الحجة عجل الله فرجه، سيتحقق الوعد الالهي (ليظهره على الدين كله)، وتنتشر راية الاسلام على كل ارجاء الكرة الارضية، ويصبح الجميع مسلمين لله تعالى)، هذا ما يؤكده سماحة المرجع الشيرازي، الذي يجزم أيضا قائلا: 

(إن المولى (صاحب الزمان) سيشرفنا بحضوره، إن شاء الله، ويظهر للناس كافة، ويعلن للعالم أنه الإمام المهدي من آل محمد صلى الله عليه وعلى آبائه الطيبين أجمعين).

هكذا نستبشر بطلعته عجل الله فرجه الشريف، وبظهوره الذي ينتظره عالم يغصّ اليوم بالظلم والجور، وبحكام جبابرة طغاة، وبدول بدأت تتضخم شيئا فشيئا، وتستصغر الآخرين، وتسيء لهم وتهتك كرامتهم، وهذا لن يليق بحكومة يقودها المنقذ الإمام المهدي عجل الله فرجه، فبظهوره سوف يعم العدل والسلام والوئام ربوع أرضنا المحتقنة.

اضف تعليق