مكافأة زائر الإمام الحسين وخادمهِ

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

هنيئاً للذين يوفَّقون للخدمة بنيّة خالصة في طريق تعظيم الشعائر الحسينية وإقامة مجالس الحزن والعزاء على مصاب أبي عبد الله سلام الله عليه، وكلّ من كانت خدمته أكثر في هذا الطريق وكل من بذل جهداً أكبر نال الأجر والثواب على قدر سعيه وهمّته وما قدّمه...

(هنيئاً للذين يوفَّقون للخدمة بنيّة خالصة في طريق تعظيم الشعائر الحسينية)

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

يحصل زائر الحسين عليه السلام على مكانة خاصة تُستمَد من مكانة سيد الشهداء عند الله تعالى، ذلك أن الخالق سبحانه وهب الإمام الحسين مزايا خاصة به، لم ينل مثلها غيره، حيث يحصل الزائر الكريم على أجر وثواب استثنائي خصصه الله تعالى لمناصري الإمام، كونه انتصر للحق بإيمان تام، وانتفض على الظلم بلا خوف، ولم يخضعْ أو يستجبْ للمستبد.

هذه التضحية التي أبداها مناصرو الإمام الحسين سواء في وقت وجوده وثورته عليه السلام، أو بعد استشهاده وثورته ضد الطغاة، حيث قدم كثير من الشهداء أرواحهم فداءً على طريق الحسين حينما رفضوا الاستجابة والخضوع للحكام المستبدين، مما حدا بالحكام المستبدين إلى إعدام الكثير منهم، وملاحقة وتشريد كل من كان ينطق بمبادئ الحسين في الثورة على الظلم والانتصار للحق ضد الباطل، ولكن مع ذلك تهاوتْ عروش الظالمين.

وبين أيدينا سجل حافل للحكام الفاسدين الذين أطاحوا برقاب الكثير من مناصري الإمام الحسين عليه السلام، لأنهم لم يستجيبوا لظلم هؤلاء الحكام، ولم يخضعوا لاستبدادهم، بل ناصروا سيد الشهداء، وتلاحموا معه، سواء في عهده و وجوده عليه السلام، أو بعد استشهاده، لأنه فكره النيّر وقيم عاشوراء ظلت كالمصابيح المتوهجة في دياجير الظلام، تضيء للناس السبل الصحيحة في الحياة. 

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في إحدى محاضراته التوجيهية القيّمة:

(لقد امتاز وتفرّد الإمام الحسين صلوات الله عليه في كل شيء.. ومن ذلك الثواب والأجر الفريد والاستثنائي الذي ادّخره الله تعالى لناصريه، وهكذا العقاب المتميّز الذي أوعد عليه قاتليه وخاذليه, وهذان لا يختصّان بمن عاصروه، بل يشملان حتى عصرنا).

ولأن الكثير من زوار الإمام الحسين الكريم، يتجشموا وعثاء السفر الطويل، ويعانوا من مصاعب الطرق البعيدة، وما يحيطها من ظروف طبيعية حارة أو باردة، أو يعتورها نقص في الطعام والشراب، والمصاعب الأخرى التي تصل إلى تهديد حياتهم، عندما كان المتطرفون يستهدفون حياة الزوار بالمفخخات والأحزمة الناسفة، وكل ظنهم أنهم بهذه الأساليب يمكنهم منع الزوار عن مقصدهم، لكن الذي يحدث بالعكس تماما حيث تزداد الأعداد أضعافا.

الصفات الحسينية للزائر الكريم

هؤلاء الزوار ربما لا يعرفون ما الذي ينتظرهم من مكافأة إلهية ومن جزاء رباني عظيم، لأن مكانة الحسين عند الله لا حدود لها، فكل من ينصر سيد الشهداء ويقف إلى جانبه، ويرفع لواء مبادئه وفكره وقيمه، سوف يحصل على المكافأة الإلهية العظيمة التي يستحقها بشفاعة الإمام الحسين عليه السلام.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(أنتم الذين تقصدون زيارة أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه يجب أن تعرفوا قدر أنفسكم والمنزلة العظيمة التي خصّكم الله تعالى بها).

ولكن الزائر الكريم مطالَب بجملة من الصفات الكريمة التي يجب أن تتوافر في شخصيته، كونه من مؤيدي الإمام الحسين عليه السلام ومن مناصريه، ومن ينتصر للإمام عليه أن يلتزم بالمبادئ والصفات التي يحملها ويؤمن بها، لذا فإن الزائر الكريم عليه أن يتصف بصفات الحسين عليه السلام.

فما هي هذه الصفات، وهل يمكن بالفعل للزائر أن يتشبّه بها، في الإجابة عن مثل هذه التساؤلات المهمة والواضحة، لابد أن يعرف الزائر من هو الحسين، ولماذا خرج من الحجاز في ثورته الخالدة، وهل هو صاحب حق في هذه الوقفة المشرفة، كل هذه القضايا وسواها لابد أن يفهمها ويعرفها الزائر، وعليه في نفس الوقت أن يتصف بصفات الإمام الحسين عليه السلام، وإلا لن تكون هناك فائدة من زيارته، إذا لم يكن الحسين أسوة وقدوة له. 

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(من المهم جداً لزوّار المراقد المقدّسة الاتصاف بالصفات الإيمانية الفاضلة، لتحقيق أدب الزيارة ونتائجها المرجوة، وهي أولاً: الإخلاص لله تعالى في العمل، وهو الأمر الذي بلغ بسيد الشهداء صلوات الله عليه إلى هذه المنزلة الرفيعة. ثانياً: السعي والمشاركة في إنجاز الأعمال الصالحة. ثالثاً: الالتزام بالأخلاق الحسنة).

ليس الزائر وحده من يُثاب على عمله و وقفته، وإنما ذلك الإنسان الذي يضع نفسه في خدمة سيد الشهداء، في المواكب وفي الحسينيات، وفي مجالس العزاء الحسينية، وحتى في بيوت الناس الخاصة، فهناك الكثير من العوائل تفتح بيوتها للزوار القادمين من داخل العراق ومن أقاصي الأرض، كونهم ضيوف الحسين عليه السلام.

لزائر الحسين ثواب استثنائي

هؤلاء الناس المتوجهون إلى كربلاء المقدسة، وهم يضعون مرقد سيد الشهداء وجهة ومقصدا لهم، إذا قمنا بخدمتهم فإننا سوف نحصل على نفس الثواب والجزاء الاستثنائي الذي يحصل عليه زوار أبي عبد الله عليه السلام. 

(فمن يضع نفسه في خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه ونصرة طريقه وتعظيم شعائره ومن يشجّع الآخرين على إقامة المواكب ومجالس العزاء عليه، فسيعامل معاملة استثنائية ويُثاب ثواباً استثنائياً من الربّ الجليل) هذا ما يقوله سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله).

وهنالك نقطة مهمة قد لا يتنبّه لها الزائرون، فهناك من يتعب كثيرا قبل الوصول إلى ضالته في كربلاء المقدسة، وهناك من يعاني الأمرّين حتى يبلغ مقصده، لأسباب كثيرة بعضها، قد يتعلق بطبيعة السفر والنقل والمعاناة التي تنتج عن ذلك.

وهناك معاناة تحدث في أزمنة الحكام الطغاة المتجبرين الذين كانوا يمنعون الزوار من الوصول إلى كربلاء، فيتعرض هؤلاء للقتل، أو الاعتقال والتعرض لأحكام قضائية جائرة قد تصل إلى الإعدام، هؤلاء الزوار سوف يحصلون على مكافأة مضاعفة، فكلما ادادت المتاعب والمشقّة يزداد الثواب والجزاء الإلهي بشفاعة الإمام الحسين ومكانته عند الله تعالى.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(اعلموا أن كل من أصابه العناء في طريق الإمام سلام الله عليه أكثر نال أجراً أعظم، واسعوا لئلا تكونوا خجلين أمام الحسين سلام الله عليه).

وفي نفس السياق، يحصل خادم الحسين على الثواب الذي يستحقه، فالزائر الكريم مقصده الإمام الحسين، وهو ضيفه، ومن يُكرم هذا الضيف إنما ينتصر للإمام الحسين، ويعلن الوقوف إلى جانب الثورة الحسينية المباركة التي تهدف إلى مقارعة الظلم والاستبداد والفساد بكل أنواعه.

لذا هنيئا لمن يقدم خدماته الطوعية لزوار سيد الشهداء، مع توفّر النية الخالصة في خدمة زوار الإمام الحسين، كذلك إقامة مجالس العزاء، والمحاضرات الدينية، ونشر الفكر الحسيني، وتوعية الناس ضد الجهل والظلم والفساد والاستبداد، وإعدادهم لرفض هذا الظلم ومصادره بغض النظر عن قوة هذا المصدر وتهديده لهم مثلما يفعل الحكام المستبدون وجلاوزتهم.

وهكذا فإن الاثنين، أو الطرفين (الزائر الكريم/ وخادم زائر الحسين)، هذا الطرفان يحصلان على مكافأة عظيمة من رب العالمين، مبعثها شفاعة سيد الشهداء عليه السلام عند الله تعالى، وتكون المكافأة عظيمة وفريدة من نوعها لكي تضاهي مكانة الإمام الحسين عند الله.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(هنيئاً للذين يوفَّقون للخدمة بنيّة خالصة في طريق تعظيم الشعائر الحسينية وإقامة مجالس الحزن والعزاء على مصاب أبي عبد الله سلام الله عليه، وكلّ من كانت خدمته أكثر في هذا الطريق وكل من بذل جهداً أكبر نال الأجر والثواب على قدر سعيه وهمّته وما قدّمه).

وختاما ونحن نودّع يوم العاشر من محرم، بعد أن تم إحياء مراسيم عاشوراء في وقائع استشهاد الحسين عليه السلام، نقول إن زائر الحسين بنية خالصة له ثواب عظيم يساوي قيمة الحسين عند الله، وكذلك خادم الحسين له الثواب والجزاء الكبيرين، كونه يخدم زوار وضيوف الحسين عليه السلام، لهذا هو يستحق مكافأة تضاهي قيمة ومكانة هذه الخدمة الطوعية العظيمة.

اضف تعليق