ان تمكن الانسان من تنظيم عواطفه فأنه سيظفر براحة نفسية عالية ناتجة من التوازن الذي يخلق هذا التنظيم، ومن اهم العائدات النفسية على الانسان المنظم لعواطفه انه يخفف من شعوره بالحزن في المواقف الصعبة فهو يشغل تفكيره بالتفكير العقلاني بدلاً من العاطفي المتهور في الكثير من الاحيان...
الانسان بطبيعته تتحكم به العواطف بصورة كبيرة وليس لاحد منا ان ينكر تأثيرها على حياته، فبعد كل مثير يتعرض له لابد له ان يستجيب استجابة عاطفية، فمثير الحزن تكون الاستجابة له بالبكاء والالم، ومثير الفرح نستجيب له بالضحك وبالتالي السعادة وهكذا والامر الى هذا الحد طبيعي جداً ومنطقي، لكن ثمة امور تخرج عن السيطرة فيذهب بعضنا الى المبالغة بمشاعره سواء كانت مشاعر ايجابية ام سلبية، وهذا ما يتطلب من الانسان موازنته والابتعاد عن الافراط وفق الية (تنظيم العواطف).
يعرف علم النفس التنظيم العاطفي بأنه القدرة على الاستجابة للمطالب المستمرة للخبرة من خلال العواطف بطريقة يمكن تقبلها اجتماعياً، ومرنة بما فيه الكفاية للسماح بردود فعل عفوية وكذلك القدرة على تأخير ردود فعل عفوية حسب الحاجة. ويمكن أيضا تعريفها بأنها عمليات خارجية وداخلية مسؤولة عن رصد وتقييم وتعديل ردود الفعل العاطفية، وينتمي التنظيم الانفعالي الذاتي إلى مجموعة أوسع من عمليات تنظيم المشاعر، والتي تشمل تنظيم مشاعر الشخص نفسه وتنظيم مشاعر الآخرين.
يتعرض الأشخاص باستمرار لمجموعة واسعة من المحفزات ذات الإثارة المحتملة، ويمكن لردود الفعل العاطفية الغير مناسبة أو المتطرفة تجاه مثل هذه المحفزات أن تعيق التناسب الوظيفي داخل المجتمع وبالتالي يجب على الأشخاص الانخراط في شكل من أشكال التنظيم العاطفي تقريبا كل وقت لحاشي مخاطر التطرف في العواطف والمشاعر.
ربما يقول احدهم ان تعاطف الانسان مع نضيره امر مستحسن بل هو فضيلة يتمتع بها الانسان الفعال وغيابه يؤشر بالضرورة عن وجود خلل في بنيته النفسية مما يستدعي الدراسة والمعالجة، جمعينا يتفق على هذا الطرح وجميعنا ربما يتفق ايضاً ان في مواقف حياتية كثيرة يحمل التعبير بقوة عن العاطفة أو عدم التعبير ممكن الكثير من السلبيات منها الوقوع في فخ التعاطف الذي يذهب ضحيته الكثير من الناس وربما نحن في مواقف معينة كنا احد الضحايا، من هنا اصبح تنظيم العاطفة والأحاسيس مطلب انساني يبعدنا عن التطرف في المشاعر.
ماذا لو غاب تنظيم العواطف؟
لو لم يستطع الانسان تنظيم مشاعره سيصبح ناشزاً في نظر المحيط الانساني سيما المعتدل منه، بهذا الخصوص اذكر مثال واقعي رأيته حين كنت في مرحلة البكالوريوس وكنت اسكن في القسم الداخلي (سكن الطلبة)، وبعد اربع سنوات قضيناها برفقة زملائنا كونا خلالها صداقات صادقة وعلاقات طيبة الامر الذي عقد مسألة الفراق بعد ان اكملنا الدراسة وصار الجميع حزين ويحمل هم لحظات الفراق غير ان احدنا كان يفرط في التعبير عن حزنه الى الحد الذي دفعه الى تحطيم نافذة غرفته مما جعله فيما بعد مثال في التطرف وصرنا نذكره في المزاح، فرغم انه كان صادق في مشاعره الا انه لم يستطيع التحكم فيها وهذه هي المشكلة.
ما هي فوائد التنظيم العاطفي للانسان؟
ان تمكن الانسان من تنظيم عواطفه فأنه سيظفر براحة نفسية عالية ناتجة من التوازن الذي يخلق هذا التنظيم، ومن اهم العائدات النفسية على الانسان المنظم لعواطفه انه يخفف من شعوره بالحزن في المواقف الصعبة فهو يشغل تفكيره بالتفكير العقلاني بدلاً من العاطفي المتهور في الكثير من الاحيان، كما انه سيتمكن من اتخاذ القرارات الصحيحة التي لا تكون صادرة عن ردة فعل مؤقتة، وبالتالي لن يندم في ما بعد عن أي قرار اتخذه في لحظة انفعال أو ضعف.
ويضمن التنظيم العاطفي زيادة شعور الانسان بالسعادة من خلال تقدير المشاعر الايجابية وتعزيزها واطفاء المشاعر السلبية، ويحسن التنظيم العاطفي كذلك من علاقات الناس ببعضهم سواء كانت هذه العلاقات عاطفية أم اجتماعية، في الختام هذه ابرز ما يمكن ان يعود به التنظيم العاطفي على الانسان ونفسيته فمن شاء فليتزم بذلك.
اضف تعليق