حققت إدارة ترامب الأولى مكاسب كبيرة لنتنياهو عندما خالفت معظم دول العالم واعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان. لكن من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب الجديدة ستقدم نفس الدعم في خضم حرب قد تنجر لها ومدى النفوذ الذي قد يتمتع به ترامب على نتنياهو...
احتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره بعودة دونالد ترامب المتوقعة لرئاسة الولايات المتحدة بعد أن أعلن فوزه في الانتخابات التي جرت قبل ساعات، وأشادوا بمن وصفه زعيم لحركة استيطانية إسرائيلية بأنه حليف سيدعمهم "دون قيد أو شرط".
وهنأ نتنياهو ترامب وقال إن الرئيس الأمريكي السابق على وشك تحقيق "أعظم عودة في التاريخ".
وقال نتنياهو في بيان "عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تمنح الولايات المتحدة بداية جديدة وتجدد الالتزام بالتحالف العظيم بين إسرائيل والولايات المتحدة" وهو نفس الموقف الذي عبر عنه زعماء الأحزاب الدينية القومية اليمينية المتطرفة في ائتلاف نتنياهو.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في بيان إن "موقفنا من الإدارة الأمريكية الجديدة، يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة" لكنها دعت إلى "وقف الانحياز الأعمى" لإسرائيل.
وقال سامي أبو زهري القيادي بحركة حماس لرويترز "ندعو ترامب إلى الاستفادة من أخطاء (الرئيس جو) بايدن".
وتمثل النتيجة ارتياحا لائتلاف نتنياهو، الذي نشب خلاف بينه وبين إدارة الرئيس الحالي جو بايدن بشأن الحروب في غزة ولبنان والتي أثارت احتجاجات في جميع أنحاء العالم وجعلت إسرائيل معزولة على نحو متزايد دوليا.
وبينما كان العالم يتابع انتخابات الرئاسة الأمريكية خلال الساعات الماضية، استغل نتنياهو الفرصة لإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت الذي كان من بين الوزراء الإسرائيليين الذي تفضل إدارة بايدن والجيش الأمريكي الحوار معهم.
وقال إفرايم سنيه وهو بريجادير جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي "الإدارة (الأمريكية) الحالية تثق في الوزير جالانت".
وأدت إقالة جالانت، في خضم حرب متعددة الجبهات تنذر بالتحول إلى مواجهة شاملة مع إيران، إلى خروج محتجين إلى الشوارع في إسرائيل، لكن معسكر نتنياهو رحب بالإقالة.
وقال يسرائيل كاتس، الذي خلف جالانت في المنصب، وكان يشغل منصب وزير الخارجية، إن فوز ترامب من شأنه أن يعزز التحالف مع إسرائيل ويساعد في تأمين عودة 101 رهينة ما زالوا في غزة.
وحققت إدارة ترامب الأولى مكاسب كبيرة لنتنياهو عندما خالفت معظم دول العالم واعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.
لكن بورجو أوزجيليك، الباحثة في معهد رويال يونايتد سيرفيسز في لندن قالت إنه من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب الجديدة ستقدم نفس الدعم في خضم حرب من الممكن أن تنجر لها الولايات المتحدة مباشرة.
وأضافت "الأمر الذي يتصدر قائمة معقدة من الأمور المجهولة هو مدى النفوذ الذي قد يتمتع به ترامب على نتنياهو".
وعلى الرغم من الخلافات بين نتنياهو وبايدن، قدمت الإدارة الأمريكية دعما غير محدود لإسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 الذي أعقبته الحرب على قطاع غزة.
ورحب زعماء المستوطنين في إسرائيل بنتائج الانتخابات بعد أن فرضت إدارة بايدن عقوبات وجمدت أصول جماعات استيطانية ومستوطنين ضالعين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وقال يسرائيل جانتس، رئيس مجلس يشع للمستوطنين، في بيان لرويترز "نتوقع أن يكون لدينا حليف يقف إلى جانبنا دون قيد أو شرط بينما نخوض حروبا مع الغرب بأكمله".
وفي استمرار للتوترات، قال الجيش الإسرائيلي إن نحو عشرة صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل يوم الأربعاء مستهدفة مواقع بما في ذلك مدينة تل أبيب الساحلية دون وقوع إصابات. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صاروخا سقط بالقرب من مطار بن جوريون الرئيسي في إسرائيل.
وأظهر استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن ثلثي الإسرائيليين تقريبا يعتقدون أن ترامب سيكون أفضل لإسرائيل من منافسته كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي.
وقال أحد المقيمين بالقدس ويدعى نيسيم أتياس "أعتقد أنه أمر جيد لإسرائيل... لقد برهن على ذلك عندما كان رئيسا في المرة الماضية، فقد نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وكل ما قاله فعله".
وفي القدس، انطوت الأنباء عن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية على أمل في أن تتمكن إدارته الجديدة من إنهاء الحروب المستمرة، حتى أن البعض اعتبر فوزه “جزءا من خطة إلهية”.
وتقول إستر هندرسون (44 عاما) بينما كانت تتسوق في سوق محانيه يهودا الشعبي في المدينة لوكالة فرانس برس “أؤمن بأن هذا جزء من خطة إلهية (…) انه جزء من خطة تظهر لنا الجانب الشرير الأكثر فسادا، العولمة، لقد بدأت بالانهيار”.
وتضيف “ليس الأمر أنني أحب ترامب كثيرا، أنا فقط لا أحب ما يحدث في العالم مؤخرا”.
وانعكس هذا الشعور لدى العديد من الأشخاص في الشارع الاسرائيلي الاربعاء.
يقول يوسي ميزراحي (51 عامًا) بينما كان يبيع الفاكهة في السوق الشعبي “هذا ممتاز، إنه جيد لليهود”.
ويضيف “الآن نحتاج فقط إلى أن يمدنا بالأسلحة” مشيرا إلى قدرة ترامب على “إنهاء الحرب”.
وفي مقهى في السوق، يقول يحيئيل حاغبي (57 عامًا) إنه “سعيد للغاية” بفوز ترامب، ويحدوه أمل أن تجلب عودته إلى البيت الأبيض “السلام”.
ويتوقع الرجل الخمسيني أن يستخدم ترامب مهاراته كرجل أعمال ناجح للتوسط في السلام بين إسرائيل والقادة الإقليميين، كما فعل في عام 2020 مع اتفاقيات إبراهيم التي ارست التطبيع بين الدولة العبرية وعدد من الدول العربية.
ويضيف حاغبي “إنه قوي…أنا اؤمن به. أعتقد أنه قادر على صنع السلام مع العرب… إنهم يحبونه”.
ويوضح أنه كان أقل إعجابًا بنائبة الرئيس “الضعيفة” كامالا هاريس، مؤكدا أنها لم تكن لتنجح في إدارة الصراعات الدائرة الآن في الشرق الأوسط.
ويتفق ناتان شلومو (36 عامًا) مع حاغبي مشككا في قدرة هاريس والحزب الديموقراطي على الوقوف إلى جانب إسرائيل وإدارة الحروب.
ويقول شلومو المقيم في القدس “سيتصرف ترامب في حالة الحرب كرجل … بالطريقة التي من المفترض أن يتصرف بها الرجل التقليدي”.
في المقابل، يتعامل إسرائيليون آخرون بحذر مع عودة ترامب الى البيت الأبيض.
ويقول آسا إزهار (63 عاما) الذي وصل الى القدس من مدينة موديعين وسط إسرائيل “لدي مشاعر مختلطة”.
ويضيف “أنا قلق بعض الشيء حيال ترامب لأنه متقلب ويمكن أن يكون متقلبا في ما يتعلق بنا أيضا”.
ويتابع “لا أنكر أنه أرسى اتفاقيات إبراهيم وغيرها، لكنني آمل ألا يبدأ الحروب بل أن ينهيها”.
أما دحانيت ياسمين (56 عاما) فغير متأكدة مما إذا كانت عودة ترامب جيدة أم سيئة، لكن “المهم في النهاية أن يكون من تم انتخابه مفيدا لإسرائيل”.
التهديد الإيراني
بدوره بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ننتانياهو الأربعاء “التهديد الإيراني” مع دونالد ترامب في اتصال أجراه معه لتهنئته بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بينما تواصل الدولة العبرية الحرب في غزة ولبنان حيث أكد حزب الله أنه جاهز لخوض مواجهة طويلة.
وأكد الأمين العام للحزب نعيم قاسم الأربعاء أنه لا يعول على نتائج الانتخابات الأميركية لوقف الحرب، مشددا على أنّ لديه عشرات الآلاف من المقاتلين المدرّبين لمواجهة إسرائيل.
وقال قاسم في كلمة مسجلة “يوجد لدينا عشرات الآلاف من المجاهدين المقاومين المدربين الذين يستطيعون المواجهة والثبات” عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل، مؤكدا أن “الإمكانات متوفرة سواء في المخازن أو أماكن التموضع” و”قابلة لأن تمدنا لفترة طويلة”.
أضاف “لا يوجد مكان في الكيان الاسرائيلي ممنوع على الطائرات (المسيّرة) والصواريخ” التي يطلقها الحزب.
وتؤكد إسرائيل أنها تسعى الى تفكيك البنية العسكرية للحزب وتأمين حدودها وإعادة عشرات الآلاف من سكانها الذين نزحوا من مناطقها الشمالية بسبب النزاع قبل نحو عام.
إيران.. قلق وحذر وتفاؤل
وأثار فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية ردود فعل متباينة بين أفراد الشعب في إيران، فبينما يخشى البعض من تفاقم احتمالات اندلاع حرب وصعوبات اقتصادية يأمل آخرون في أن يؤدي موقفه المتشدد إلى تغيير سياسي في إيران.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قولها يوم الأربعاء إن أرزاق الإيرانيين لن تتأثر بالانتخابات الأمريكية، وذلك بعد أن أعلن دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقال مسؤولون عرب وغربيون لرويترز إن ترامب قد يعيد فرض “سياسة الحد الأقصى من الضغط” من خلال تشديد العقوبات على قطاع النفط الإيراني وتمكين إسرائيل من ضرب المواقع النووية وتنفيذ “اغتيالات”.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن مهاجراني قولها “الانتخابات الأمريكية لا تعنينا حقا. سياساتنا ثابتة ولا تتغير بناء على أفراد. قدمنا التوقعات اللازمة من قبل ولن يكون هناك تغيير في سبل عيش الناس”.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني علي فدوي قوله إن طهران مستعدة للمواجهة مع إسرائيل ولا تستبعد توجيه ضربة استباقية من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، بعد أن أعلن دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وخلال ولايته الأولى، أعاد ترامب فرض العقوبات على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية والذي كبح جماح البرنامج النووي لطهران مقابل امتيازات اقتصادية.
وأثرت إعادة فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018 على صادرات إيران النفطية، مما أدى إلى خفض العوائد الحكومية وإجبار طهران على اتخاذ خطوات لا تحظى بقبول شعبي مثل زيادة الضرائب فضلا عن مواجهة عجز كبير في الميزانية، وهي السياسات التي أبقت التضخم السنوي بالقرب من 40 بالمئة.
وانخفضت قيمة الريال الإيراني مع احتمال فوز ترامب بالرئاسة، إذ وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 700 ألف ريال مقابل الدولار في السوق الحرة، وفقا لموقع بونباست دوت كوم الذي يتتبع العملة الإيرانية.
وقالت ربة منزل تدعى زهرة (42 عاما) لرويترز عبر الهاتف من طهران “أنا سعيدة للغاية بفوز ترامب. وآمل أن يواصل ممارسة ضغوطه القصوى على الجمهورية الإسلامية وأن يؤدي ذلك إلى انهيار هذا النظام”.
ويخشى بعض الإيرانيين، مثل المعلم المتقاعد حميد رضا، من المزيد من الضغوط الاقتصادية في ظل وجود ترامب في البيت الأبيض إذا استمر في نفس السياسة الصارمة التي تبناها في ولايته الأولى.
وقال رضا (66 عاما) في مدينة رشت الشمالية “أشعر بخيبة أمل بسبب فوز ترامب. فهذا يعني المزيد من الضغوط الاقتصادية وخطر اندلاع حرب مع إسرائيل. أنا أشعر بقلق عميق”.
وذكر نادر (34 عاما) وهو موظف حكومي وأب لطفلين في مدينة الأهواز الجنوبية “لا يهمني من هو الرئيس الأمريكي. همي الرئيسي هو الاقتصاد الإيراني. إذا ألغوا العقوبات عن إيران فسيكون ذلك أمرا جيدا”.
وقالت باراستو، وهي طالبة تبلغ من العمر 21 عاما في طهران “الجميع سعداء، وأنا متحمسة. ترامب زعيم لا يقبل الهراء وسيضغط على الحكام الدينيين. وهذا أمر جيد للشعب الإيراني الذي يسعى إلى قيادة ديمقراطية”.
وعلى غرار زهرة وحميد رضا ونادر، رفضت باراستو الكشف عن هويتها بالكامل بسبب حساسية الأمر.
وعلى الملأ، قلل الزعماء السياسيون الإيرانيون من أهمية نتيجة الانتخابات الأمريكية على سياسات طهران.
لكن الشاغل الرئيسي للمؤسسة الحاكمة هو احتمال أن يسمح ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ “اغتيالات”، وإعادة فرض سياسة “الحد الأقصى من الضغوط” من خلال فرض عقوبات مشددة على قطاع النفط في البلاد.
لكن البعض يرى أن ترامب سيكون حذرا بشأن احتمال اندلاع حرب.
وقال رضا محمدي، أحد أعضاء ميليشيا الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة أصفهان بوسط البلاد “ترامب رجل أعمال. ويدرك أن إيران قوية ويمكنها تحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا تعرضت للهجوم. إنه يريد إنهاء الحروب في المنطقة وليس تأجيجها”.
وقال بشير عباس بور الذي كان يرتدي ملابس رياضية أمام سفارة الولايات المتحدة السابقة في طهران التي تغطي سورها لوحات جدارية مناهضة لأميركا “سيكون الأمر سيئا بالنسبة لإيران”.
وقال عباس بور البالغ من العمر 37 عاما، وهو موظف في شركة خاصة، إنه مع دونالد ترامب، “ستزداد العقوبات وبالتالي الأسعار أيضا”.
كان لدى الإيرانيين آمال كبيرة في رؤية حياتهم اليومية تتحسن، مع التوقيع في عام 2015 على الاتفاق النووي مع القوى العظمى والذي كان من شأنه أن يضع حدا لعزلة بلادهم.
ونص الاتفاق على رفع جزء من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، مقابل التزامها بعدم امتلاك السلاح النووي، وهو ما تنفي طهران سعيها لحيازته.
لكن في أيار/مايو 2018، سحب دونالد ترامب بلاده من جانب واحد من الاتفاقية وأعاد فرض عقوبات شديدة على طهران، وخاصة على القطاعين النفطي والمالي.
وكان لقرار دونالد ترامب عواقب وخيمة على الاقتصاد الإيراني وتسبب في ارتفاع التضخم، في حين انهارت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار، مما أدى إلى تدهور القوة الشرائية.
وقالت زهرة إقبالي، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 56 عاماً، “أنا قلقة بشأن الوضع في البلاد واقتصادها، فالناس يتعرضون لضغوط شديدة”.
وأضافت لوكالة فرانس برس أن على واشنطن وطهران “أن تتوصلا إلى اتفاق لمصلحة الناس”.
لم تحتل نتيجة الانتخابات الأميركية الأربعاء الصفحات الأولى للصحف اليومية. لكن صحيفة “اعتماد” الإصلاحية خرجت بعنوان “عيون العالم القلقة”، مع صورة كاريكاتورية على صفحة كاملة لكامالا هاريس وهي تحمل دونالد ترامب الصغير بين ذراعيها.
من جانبها، سلطت صحيفة “جام جم” الرسمية، الضوء على صور المرشحين على خلفية ظلال شيطانية – في إشارة إلى الريبة التي تبديها السلطات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، أيا كان رئيسها.
وجاء في العنوان الرئيسي “نتيجة الانتخابات الأميركية لن تشكل فرقاً بالنسبة لنا”، وهو تكرار لتعليق أدلى به وزير الخارجية عباس عراقجي.
وقال رضا آرام، وهو موظف في شركة تأمين يبلغ من العمر 51 عاماً، “موقف الولايات المتحدة (تجاه إيران) لن يتغير مع ترامب أو غيره”. وهو رأي عبر عنه العديد من الإيرانيين.
وعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تولى منصبه في تموز/يوليو الماضي، بإخراج بلاده من “العزلة” لتعويض تأثير العقوبات الدولية.
وخلال الحملة الرئاسية، اتهم مسؤولون أميركيون إيران بالتدخل في الانتخابات.
ووجه دونالد ترامب لطهران اتهامات بأنها تمثل “تهديدا جديا” لحياته، بعد محاولة اغتياله في تموز/يوليو الماضي.
ووصفت إيران هذه الاتهامات بأنها “خبيثة”.
تميزت الولاية الأولى لدونالد ترامب أيضا بإصدار الأمر في كانون الثاني/يناير 2020 بقتل اللواء الإيراني القوي قاسم سليماني، مهندس استراتيجية النفوذ الإقليمي لإيران، أثناء زيارته للعراق.
وبدت واشنطن وطهران على وشك المواجهة العسكرية المباشرة. وبدأت الجمهورية الإسلامية إجراءات قانونية في إيران لملاحقة دونالد ترامب بتهمة تنفيذ هذا الاغتيال.
العراق يهنأ والمقاومة تهاجم بالمسيرات
بدوره هنّأ رئيس جمهورية العراق الاتحادي، عبد اللطيف رشيد، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفوزه في الانتخابات. وأعرب رشيد عن "أمله في أن تعزز الإدارة الأميركية الاستقرار الضروري وتدعم الحوار البناء في المنطقة".
كما هنأ رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ونائبه جيمس ديفيد فانس والشعب الأمريكي بنجاح العملية الانتخابية، فيما أعرب عن تهانيه بمناسبة فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، متمنيا لهما التوفيق في المرحلة القادمة.
وأكد السوداني في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، على التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما أعرب عن تطلعه لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين.
ومع فوز المرشح الجمهوري برئاسة الولايات المتحدة، تم تداول مذكرة القاء قبض في شبكات التواصل الاجتماعي حيث برزت تساؤلات حول كيفية تعامل الحكومة العراقية معه، نظراً لكونه مطلوباً للقضاء العراقي، بتهمة القتل العمد.
ففي العام 2021، أعلنت محكمة عراقية، إصدار مذكرة قبض بحق الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بسبب حادثة اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وأبو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي العراقي، عام 2020.
وبحسب بيان لمجلس القضاء الأعلى، فإن مذكرة التوقيف جاءت بتهمة القتل العمد، وهي تهمة تعاقب القوانين العراقية عليها بالإعدام.
وبرغم أن المذكرة كانت اعتبارية ورمزية آنذاك، إلا أنها قوبلت بردود فعل متباينة، وبعضها "ساخرة" وهو ما اضطر القضاء العراقي إلى الرد عليها.
وفي سياق متصل قال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إنه اعترض طائرة مسيرة دخلت الأراضي الإسرائيلية من الشرق مما أدى لانطلاق صفارات الإنذار في منطقة وادي عربة الممتدة من البحر الميت حتى إيلات.
وقال الجيش إنه تسنى أيضا اعتراض طائرة مسيرة أخرى اقتربت من إسرائيل من الشرق قبل عبورها إلى الأراضي الإسرائيلية. وأضاف أنه لم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
وذكرت المقاومة الإسلامية في العراق في بيان لها إنها هاجمت “هدفا حيويا” في إيلات بطائرات مسيرة.
وأضافت أن الهجوم جاء “ردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ”.
وقالت “تؤكد المقاومة الإسلامية، استمرار عملياتها في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة”.
وبحسب رويترز فإن الجماعات العراقية الموالية لإيران تشن هجمات على إسرائيل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
لكن الجيش العراقي قال في بيان نقلا عن المجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق يوم الأربعاء إن التقارير التي تتحدث عن استخدام إيران للأراضي العراقية لشن هجمات على إسرائيل هي “ذرائع كاذبة ومسوغات يراد لها أن تكون مبررا للاعتداء على العراق وسيادته وحرمة أراضيه”.
جاء البيان الصادر عن المتحدث العسكري العراقي يحيى رسول ردا على تقرير نشره موقع أكسيوس في 31 أكتوبر تشرين الأول يستند إلى معلومات مخابراتية إسرائيلية عن هجوم إيراني محتمل انطلاقا من الأراضي العراقية.
الفلسطينيون مخاوف وآمال
في ظل الحرب المشتعلة مع إسرائيل منذ أكثر من عام، عبر الفلسطينيون عن مخاوفهم إزاء عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في حين حثه زعماء في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والسلطة الفلسطينية على العمل من أجل السلام.
وتباينت أراء فلسطينيين حول فوز دونالد ترامب الأربعاء برئاسة الولايات المتحدة، ففي قطاع غزة يأملون أن يؤدي فوزه الى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، في حين يتخوفون في الضفة الغربية من “سنوات عجاف” قياسا بتجربة سابقة مريرة.
في خان يونس بجنوب قطاع غزة وصف أبو أسامة، الذي نزح بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، فوز ترامب في الانتخابات بأنه “كارثة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني”.
وقال أبو أسامة لرويترز “رغم الدمار والموت والتهجير اللي شفناه السنة اللي فاتت كلها هادي إلا إنه القادم حيكون أصعب وحيكون مدمر سياسيا”.
وقالت حماس إن الانتخابات الأمريكية هي شأن يخص الشعب الأمريكي، لكنها دعت إلى إنهاء “الانحياز الأعمى” من واشنطن لإسرائيل.
وقال القيادي الكبير في الحركة سامي أبو زهري إن فوز ترامب بالمنصب “يجعله أمام اختبار لترجمة تصريحاته بأنه يستطيع وقف الحرب خلال ساعات”، ودعاه إلى “الاستفادة من أخطاء” الرئيس جو بايدن.
وفي الضفة الغربية المحتلة، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس ترامب على انتخابه رئيسا للولايات المتحدة. وقال إنه سيتعاون مع الإدارة الجديدة من أجل السلام والأمن في المنطقة.
وقال عباس في بيان “سنظل ثابتين في التزامنا بالسلام، ونحن على ثقة بأن الولايات المتحدة ستدعم تحت قيادتكم التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.
وتسبب النزاع بخسائر مروعة في الأرواح في قطاع غزة ونزوح عشرات الآلاف عن منازلهم وانتشار الجوع والأمراض ناهيك عن المستشفيات التي تكافح في سبيل البقاء وتقديم الخدمات.
ويقول محمود الجدبة ( 60 عاما) الذي نزح من جباليا إلى مدينة غزة لوكالة فرانس برس “يكفي ما تعرضنا له من ترحيل وقتل وموت وجوع، لم يتبق شيء لنا، نريد السلام”.
ويضيف الرجل الذي نزح ثلاث مرات وخسر منزله “لم يبق شيء، أولادي مشردون في الجنوب وأنا هنا، غزة انتهت”.
ويشكو الجدبة من أن “المساعدات لم يصل منها شيء للمواطن، وأتمنى من ترامب أن يحل قضيتنا، نحن بحاجة إلى شخص قوي مثل ترامب ينهي الحرب.كفى، هذا يكفي”.
وتتمنى أم أحمد حرب التي نزحت من شرق حي الشجاعية “أن تنتهي الحرب ويأتي من يساعدنا في وقفها ويقف إلى جانبنا”.
وتضيف لفرانس برس “أتمنى من ترامب أن يوقف الحرب، ليس من أجلنا بل من أجل أطفالنا الذين لا ذنب لهم. من لم يستشهد بينهم يموت من الجوع”.
وكانت الإدارة الأميركية الحالية برئاسة الرئيس جو بايدن شددت أكثر من مرة على وجوب تأمين وصول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة.
وتختلف الصورة لدى فلسطينيي الضفة الغربية الذين يبدون تخوفا من المستقبل بعد فوز ترامب.
ويقول عماد فخيدة (57 عاما) وهو مدير مدرسة في غرب رام الله “واضح أن الشارع الأميركي عاقب الحزب الديموقراطي باختياره الجمهوريين، بعد تجربة إدارة بايدن الفاشلة”.
ويضيف “أتصور أن عودة ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة ستقودنا إلى الجحيم وسيكون هناك تصعيد أكبر وأصعب وخصوصا أنه معروف عنه تأييده التام والأكبر لإسرائيل”.
ويتابع “على العموم نحن ندفع الثمن في صراعات الحزبين الكبيرين في أميركا”.
أما العضو في اتحاد نقابات عمال فلسطين محمد عاروري (65 عاما) فيقول “نحن الآن أمام أربع سنوات عجاف، وضعنا الآن سيء جدا وخصوصا في قطاع غزة”.
ويتدارك “لكن مع نجاح ترامب الذي تربطه علاقات وطيدة مع إسرائيل، سيكون وضعنا أكثر سوءا بكثير عما نحن فيه”.
وخلال ولايته السابقة (2016-2020) أثار ترامب غضب الفلسطينيين بموافقته على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس واعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة. كما عمل على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية في ما عرف ب”اتفاقات أبراهام”.
ودان الفلسطينيون حينها إقدام كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان على تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية واعتبروه “خيانة” و”طعنة في الظهر”.
وفي رام الله، يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لفرانس برس “نتحدث عن تجربة في منتهى السوء مع هذه الإدارة في ما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني، ومنها ضم القدس وصفقة القرن وربما تعاد صياغة هذه الصفقة بشكل آخر. سنكون أمام تحديات كبيرة”.
في حملته الانتخابية لاقتراع 2024، وعد ترامب بإنهاء الحروب المستعرة في المنطقة وقال إنه يستطيع “وقف الحروب بمكالمة هاتفية”.
ومنحت مثل هذه التصريحات سكان قطاع غزة أملا.
وفي هذا السياق، يقول إبراهيم عليان (33 عاما) من حي الدرج في مدينة غزة “نأمل بأن يحل السلام وتنتهي الحرب مع ترامب”.
ويضيف الشاب الذي فقد والده وعددا من أقاربه في الحرب: “توقعاتي أن يفضي فوز ترامب إلى سلام في كل الشرق الأوسط لأنه دعا من أول العملية الانتخابية الأميركية إلى وقف الحرب في غزة ولبنان”.
اضف تعليق