q
تشتد أزمة الطاقة في أوروبا مع مرور الايام، وبدت جلية في فرنسا حيث اصطف الفرنسيون بسيارتهم أمام محطات الوقود في ظل أزمة بسبب نفاد المخزون في عشرات المحطات بمناطق عدة في فرنسا لا سيما في باريس، وتتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا مع اقتراب موسم الشتاء، الذي يشهد ذروة الطلب على الغاز لتدفئة المنازل...

تشتد أزمة الطاقة في أوروبا مع مرور الايام، وبدت جلية في فرنسا حيث اصطف الفرنسيون بسيارتهم أمام محطات الوقود في ظل أزمة بسبب نفاد المخزون في عشرات المحطات بمناطق عدة في فرنسا لا سيما في باريس.

ويأتي ذلك بعدما قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران إن نحو عشرة في المئة من محطات الوقود في منطقة باريس تواجه مشكلات في الحصول على إمدادات وقود كافية بسبب إضرابات في أربع مصافي تابعة لشركة توتال إنرجيز.

اذ يواجه عدد كبير من الفرنسيين أزمة نقص الوقود في محطاتها بسبب إضراب نظمه عمال المصفاة التابعة لشركة "توتال" الفرنسية. وأمام التذمر الكبير، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون المواطنين إلى "الهدوء" والتحلي بـ"المسؤولية" من أجل وضع حد للأزمة. بحسب فرانس برس.

"لا للهلع". هذا ما قاله إيمانويل ماكرون الجمعة حيال أزمة الوقود التي تطال محطات فرنسية عديدة بسبب إضراب عمال مصفاة شركة "توتال" النفطية داعيا الفرنسيين إلى التحلي بـ" الهدوء" إزاء هذه المشكلة التي ظهرت في بعض المناطق الفرنسية. كما دعا ماكرون أيضا عمال مصفاة شركة "توتال" بالتحلي بـ"المسؤولية" رغم "مطالبهم المشروعة المتعلقة برفع الأجور".

وقال ماكرون خلال الندوة الصحافية الختامية لقمة براغ: "أتفهم القلق الذي ينتاب العديد من مواطنينا بخصوص نقص الوقود. أريد من هنا أن أبعث رسال أدعو فيها إلى الحفاظ على الهدوء والتحلي بالمسؤولية. كل المطالب المتعلقة بالأجور مشروعة لكن لا ينبغي أن تمنع الآخرين من العيش أو من التنقل".

وتسبب الإضراب الذي بدأ منذ عدة أيام بنقص حاد في الوقود في المحطات التابعة لشركة "توتال" النفطية. فعلى سبيل المثال، توقفت مصفاة مدينة لوهافر (شمال غرب فرنسا) والتي تعتبر من بين أكبر مصافي شركة "توتال" عن العمل إثر نداء إلى الإضراب دعت إليه نقابة "الكونفدرالية العامة للعمال" التي تطالب برفع أجور موظفي القطاع. مواقع أخرى في فرنسا وتابعة لنفس الشركة أوقفت عملها ودخلت في إضراب. الشيء ذاته بالنسبة للمصفاة التابعة للشركة الأمريكية "إكسون موبيل".

ننتظر أن تبذلوا جهودا أكثر

من جهته، أكد كليمون بون، الوزير المنتدب للمواصلات أن "الحكومة في اتصال مع شركة توتال لترتيب وتسهيل الحوار بين المضربين ومسؤولي الشركة". أما أوليفيا غرغوار، الوزيرة المنتدبة والمكلفة بالشركات الصغيرة والمتوسطة فأضافت في تصريح لقناة "فرانس أنفو" الفرنسية أننا (تقصد الحكومة) "ننتظر من الشركات أن تبذل جهودا باتجاه الموظفين، لا سيما تلك التي حققت أرباحا، كما ندعوها إلى الأخذ بعين الاعتبار مطالب العمال والتي تتعلق برفع مستوى الأجور". لكن أوليفيا غرغوار لم تذكر اسم شركة "توتال" التي حققت 10.6 مليار دولار من الأرباح في السداسي الأول لعام 2022.

ثلث محطات الوقود مشلولة بسبب الإضراب

ولإنهاء الأزمة، قررت الحكومة بشكل استثنائي السماح للشاحنات التي تقل الوقود بالتنقل الجمعة من أجل "تزويد بعض المحطات بالوقود" حسب كليمون بون، وفيما يتعلق بموظفي شركة "توتال" الفرنسية، فإضافة إلى الإضراب الذي شل مصفاة منطقة نورماندي (شمال غرب فرنسا)، فلقد توقف أيضا عمال مستودع الوقود المتواجد في منطقة "فلاندر" قرب مدينة دانكرك الشمالية عن العمل، وكذلك في المصفاة المتواجدة قرب مارسيليا بمنطقة "بوش دي رون" وفي مقاطعة "غران بويه" في منطقة (سان إي مارن). الأمر الذي حال دون خروج كميات كبيرة من الوقود من هذه المستودعات وفق "الكونفدرالية العامة للعمال".

أما في مصفاة "فايزن" الواقعة في منطقة "رون" قرب مدينة ليون وسط فرنسا، فالتعبئة كانت أقل أهمية (ما بين 10 إلى 30 بالمائة من العمال المضربين) لكنها (التعبئة) تركزت على مستوى المصلحة الاستراتيجية التي تهتم بتصدير وإرسال الوقود إلى المحطات. فوفق بيدرو ألفانسو من الكونفدرالية العامة للعمال ما بين "80 إلى 100 بالمائة من الموظفين في هذه المصلحة توقفوا عن العمل".

وغالبا ما تتسبب حركات الإضراب هذه في نقص كبير في الوقود على مستوى المحطات المخصصة لذلك. لكن شركة توتال ترى سببا آخر في ذلك، وهو النجاح الكبير الذي حققته سياسة تخفيض أسعار الوقود بـ20 سنتيم الذي اعتمدته الشركة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الماضي بالتزامن مع قرار آخر اتخذته الحكومة والمتعلق بتخفيض سعر لتر الوقود بـ30 سنتيم. كل هذه المساعدات قد تكون ربما ساهمت في أزمة الوقود في اعتقاد شركة "توتال"، وتدير شركة "توتال" حوالي ثلث محطات الوقود المتواجدة في فرنسا، فيما تعاني حوالي 15 بالمائة من المحطات من نقص في الوقود بمختلف أنواعه، وفق التقديرات.

من جهة أخرى، وبسبب التصرف السلبي لبعض السائقين وملاك السيارات والشاحنات، قررت الحكومة منع شراء الوقود في الأوعية البلاستيكية وحاويات السوائل، خاصة في منطقة "لي هوت دو فرانس" حيث شهدت محطات بيع الوقود إقبالا كبيرا وغير عادي للزبائن، وفي خطوة لتهدئة الوضع وتخفيفه، قررت الحكومة استخدام ما يسمى بـ"المخزون الاستراتيجي" التابع للدولة في بعض المناطق التي تعاني أكثر من نقص مادة الوقود.

صمت كامل من قبل شركة توتال النفطية

وطالبت الكونفدرالية العامة للعمال الفرنسيين رفع مستوى الأجور بـ10 بالمائة خلال العام 2022 (7 بالمائة بسبب التضخم و3 بالمائة من أجل تقاسم الثروة). لكن إدارة شركة "توتال" ردت بأنها رفعت الرواتب بنسبة 3,5 بالمائة في 2022، مضيفة أن "لقاء آخر سيبرمج في 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل سيكون مخصصا لمسألة الأجور في 2023".

وانتقد النقابي بيدرو ألفانسو "السكوت التام" الذي أظهرته إدارة شركة "توتال" التي "ترفض العمل من أجل تحسين الأوضاع"، حسبه. وأنهى: "إذا تعلق الأمر بالصمود لغاية 15 نوفمبر/تشرين الثاني، فلا يوجد هناك مشكلة"، موضحا أن المضربين "سيعتمدون على صندوق تضماني تم إنشاؤه من أجل تعويض الخسائر المالية التي قد تواجه العمال بسبب عدم تقاضيهم الأجور لأنهم مضربون".

احتجاجات بألمانيا وانقطاعات مخططة للتيار الكهربائي في بريطانيا

وفي ألمانيا، تجمع نحو ثمانية ألاف شخص في وسط برلين بدعوة من حزب البديل اليميني للاحتجاج على سياسة الحكومة الألمانية تجاه أزمتي الطاقة والتضخم في الوقت ذاته تظاهر نحو ألف أربعمائة شخص مناهضين للعنصرية والتيار اليميني مأدى إلى تواجد أمني مكثف في العاصمة برلين

وتتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا مع اقتراب موسم الشتاء، الذي يشهد ذروة الطلب على الغاز لتدفئة المنازل.

في بريطانيا، حذّرت الشبكة الوطنية قبل أيام، من أن البلاد قد تواجه انقطاعات مخططة للتيار الكهربائي لمدة 3 ساعات عن المنازل والشركات هذا الشتاء، إذا لم تستطع المملكة المتحدة استيراد الكهرباء من أوروبا، وتكافح لجذب المزيد من إمدادات الغاز لتشغيل محطات الكهرباء التي تعمل به.

تسرّع ألمانيا خطواتها من أجل إنجاز خطّتها الإنقاذية لقطاع الطاقة البالغة 200 مليار يورو والتي تعرّضها لانتقادات حادة يوجّهها شركاؤها الأوروبيون، لكن برلين تبرّر مشروعها بالضرورة الملحّة لتخفيف وطأة "الأضرار الاقتصادية الجسيمة" التي تواجهها البلاد.

ومن الممكن أن تعرض حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس اعتبارا من الاثنين على مجلس الوزراء، نص قانون لإنشاء صندوق للطاقة يتيح منح اعتمادات إضافية قدرها 200 مليار يورو، وفق ما أفادت مصادر مقرّبة من الحكومة الجمعة وكالة فرانس برس.

قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي لدى مغادرته قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في براغ، الجمعة، إن المفوضية الأوروبية ستقدم مقترحات بشأن الطاقة قبل الاجتماع القادم لزعماء الاتحاد الأوروبي يومي 20 و21 أكتوبر.

والتقى رؤساء دول من مختلف أنحاء أوروبا في براغ لمناقشة كيفية الحد من ارتفاع أسعار الطاقة بسبب حرب أوكرانيا. ويأمل الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح سوق الكهرباء في غضون أسبوعين لتخفيف تأثير أسعار الغاز على أنظمة توليد الطاقة.

أزمة الطاقة: سبعة حلول تلجأ إليها الدول للتغلب على ارتفاع أسعارها؟

أعلنت ألمانيا مؤخرا عن إجراءات للحد من استهلاكها للطاقة بعد أن تسبب الجفاف وموجات الحر والوباء والحرب في خلق أزمة عالمية في الطاقة. لكن ارتفاع تكلفة الطاقة قد امتد إلى كل ركن من أركان الكوكب تقريبا، ولم تكن ألمانيا الدولة الوحيدة التي توصلت إلى طرق مبتكرة لمحاولة إدارة الأزمة.

نستعرض فيما يلي سبع طرق تتعامل بها الحكومات مع هذه المشكلة.

تواجه أوروبا أعلى أسعار للطاقة في العالم، بعد أن قللت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1". لذا أصبح التعامل مع الطاقة المهدرة يمثل أولوية بالنسبة للحكومات الأوروبية.

الحد من التدفئة وتكييف الهواء

وضع الاتحاد الأوروبي خطة لتقليل استهلاك الغاز بنسبة 15 في المئة هذا الشتاء، ولضمان امتلاء مخازنه من الغاز الطبيعي بنسبة 80 في المئة بحلول الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.

ووضعت ألمانيا وفرنسا وإسبانيا قواعد تُلزم المباني العامة بأن تكون درجة التدفئة 19 درجة مئوية كحد أقصى في فصل الشتاء. وحددت فرنسا وإسبانيا أيضا درجة الحرارة الأدنى لمكيفات الهواء في المباني العامة عند 26 درجة مئوية و27 درجة مئوية على التوالي، كما سيتعين على المتاجر المكيفة في فرنسا أن تغلق أبوابها وإلا ستدفع غرامة قدرها 750 يورو (750 دولارا).

وتقول الوكالة الدولية للطاقة: "يمكن لخطوات بسيطة مثل تقليل التدفئة بمقدار درجتين في أوروبا أن توفر نفس كمية الغاز الطبيعي التي يجري توفيرها خلال فصل الشتاء عن طريق خط أنابيب نورد ستريم".

إطفاء الأنوار

قالت ألمانيا إن المباني العامة والمعالم الأثرية لن تُضاء أثناء الليل بعد الآن، بينما في إسبانيا يجب إطفاء الأنوار في نوافذ المتاجر بعد الساعة العاشرة مساء.

وتعتقد فرنسا أن إجراءاتها يمكن أن تقلل من استهلاك الطاقة بنسبة 10 في المئة. لا تعتمد فرنسا على الغاز الروسي بنفس القدر مثل ألمانيا المجاورة، لأن 42 في المئة من إمداداتها من الطاقة تأتي من الطاقة النووية. لكن موجات الحر والجفاف أثرت على آليات التبريد في العديد من المحطات النووية، وهو ما أجبرها على خفض إنتاجها.

استمطار السحب

تواجه الصين نوعا مختلفا من أزمة الطاقة. وفي حين أن إمداداتها من النفط والغاز من روسيا لم تتأثر بشكل خطير بسبب الحرب، فقد تعرضت البلاد أيضا للحرارة الشديدة والجفاف، وهو ما تسبب في جفاف الأنهار، وأثر بشكل كبير على قطاع الطاقة الكهرومائية.

وفي مقاطعة سيتشوان، التي تحصل على 80 في المئة من طاقتها من السدود الكهرومائية، أجبرت السلطات المصانع على الإغلاق لمدة ستة أيام للحد من استهلاك الطاقة، وصدرت أوامر للمكاتب والمتاجر بإطفاء الأنوار ومكيفات الهواء. واتخذت مقاطعات مجاورة مثل تشونغتشينغ تدابير مماثلة.

وأعلن وزير الزراعة في البلاد عن خطط لـ "استمطار السحب"، من خلال إطلاق مواد كيميائية على السحب لتحفيز هطول الأمطار، على الرغم من عدم تقديم تفاصيل حول مكان حدوث ذلك بالضبط.

العمل لفترات أقل

توصلت باكستان إلى طرق مبتكرة لتوفير الطاقة أيضا، ففي يونيو/حزيران، أعلنت البلاد أنها ستخفض أسبوع العمل في المكاتب الحكومية من ستة أيام إلى خمسة - وهو عكس الخطوة التي لجأت إليها البلاد قبل بضعة أشهر فقط، عندما تولت حكومة جديدة السلطة في إسلام أباد ووعدت بزيادة كفاءة الحكومة.

وبعد أسابيع قليلة فقط، وصلت درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في باكستان، مما أدى إلى الضغط على الشبكة الوطنية للكهرباء. وأدى الارتفاع الشديد في أسعار الطاقة العالمية إلى تفاقم الأمور، ويجري الآن النظر في خطط تسمح لموظفي الحكومة بالعمل من المنزل أيام الجمعة.

تقليل أيام الدراسة

اتخذت بنغلاديش المجاورة تدابير مماثلة، إذ ستُغلق المدارس ليوم آخر في الأسبوع - الآن أصبحت العطلة المدرسية يومي السبت والجمعة. وخُفضت ساعات العمل لموظفي الخدمة المدنية بمقدار ساعة في اليوم.

تعتمد بنغلاديش على استيراد الغاز الطبيعي المسال، وهو أحد أغلى أنواع الوقود. وهذا يعني أيضا أنه يتعين عليها التنافس مع الاقتصادات الأكثر ثراء في أوروبا للحصول على إمداداتها.

الاتجاه للطاقة النووية

في بعض الأماكن، تسبب ارتفاع تكاليف الطاقة في التحول إلى الوقود الأحفوري. ووصلت كمية الفحم التي استوردتها الهند إلى مستويات قياسية في يونيو/حزيران، على الرغم من الخطط السابقة للحكومة لخفض واردات الفحم.

لكن البلدان تبحث عن خيارات أخرى أيضا. وبعد توقف دام 11 عاما في أعقاب كارثة محطة فوكوشيما، تفكر اليابان في الاستثمار في المحطات النووية وتنشيط المفاعلات الخاملة.

الطاقة الشمسية

قد تكون هذه الأزمة بمثابة نعمة لمصادر الطاقة المتجددة أيضا، إذ تخطط فرنسا لزيادة إنتاج طاقة الرياح، وتشجع دول، مثل جنوب إفريقيا والصين، الشركات والأفراد العاديين على الاستثمار في الطاقة الشمسية على الأسطح، وتضع القواعد وهياكل التسعير للسماح للناس ببيع الطاقة مرة أخرى إلى شبكة الكهرباء.

اضف تعليق