بدأ العد العكسي نحو بلوغ يوم أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، وها هم الزوّار الأكارم يتدفقون بالملايين من كل أرجاء العالم، لأداء مراسيم هذه الزيارة العظيمة، فقد نُصبت المواكب الحسينية على الطرق كافة، وفي مدن العراق كافة، لكي تستقبل الزوار الكرام بالترحاب، وتقدم لهم كل الحفاوة والتكريم وتوفير الخدمات اللازمة لهم...
(يجب رفع وإزالة كل ما من شأنه عرقلة ومنع السفر للمشاركة في الأربعين الحسيني)
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله
بدأ العد العكسي نحو بلوغ يوم أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، وها هم الزوّار الأكارم يتدفقون بالملايين من كل أرجاء العالم، لأداء مراسيم هذه الزيارة العظيمة، فقد نُصبت المواكب الحسينية على الطرق كافة، وفي مدن العراق كافة، لكي تستقبل الزوار الكرام بالترحاب، وتقدم لهم كل الحفاوة والتكريم وتوفير الخدمات اللازمة لهم، من مأكل ومشرب ومنام وراحة واستحمام، فهؤلاء الأكارم يستحقون خدمتهم كونهم قاصدين سيد الأحرار.
كل خطوة باتجاه مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في هذه الزيارة الأربعينية الخالدة، لها أجرها وجزاءها العظيم عند الله تعالى، مثلما لها فعلها الأعظم في دحر المشروع المعارض للفكر الحسيني ولمبادئ الإسلام العظيمة، فإحياء زيارة الأربعين، والمشاركة في الشعائر الحسينية المقدسة، مساهمة كبيرة وفعالة في دحر معسكر الشر والانحراف.
لقد بذل المعسكر المضاد للفكر الحسيني كل ما في وسعه وطاقاته، وكاد كيده ولا يزال، لكي يُمحى ذكر الحسين (عليه السلام) وتمحى بركات ثورته الكريمة التي استعادت الاسلام من براثن الانحراف الأموي، لكن أنى لهم ذلك، وقد أكد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) استحالة محو مأثرة الإمام الحسين العظمى.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في إحدى محاضراته القيمة المخصصة لزيارة الأربعين:
(يهدف بنو أميّة إلى تضييع وهدر دم الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولكنهم لم ينجحوا في هذا المجال أبداً، لأنّ نبي الإسلام صلى الله عليه وآله قد وعد بأنّه لا يمحى، وكذلك أعمال الصالحين والخيرين من أتباع أهل البيت صلوات الله عليهم، صارت مانعاً أمام تحقّق هدف بني أميّة المشؤوم).
من القضايا الأساسية التي ركز عليها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) انتماء الحسين (عليه السلام) له، وانتماؤه (ص) للإمام الحسين حين أعلن ذلك على الملأ بقوله (حسين مني وأنا من حسين)، وهذا يوضّح بأن استشهاد السبط في أرض كربلاء المقدسة، واستعادة الإسلام من الخط الأموي الفاسق، ما كان ليتم لو لا التضحية العظيمة التي قدمها سيد الشهداء (عليه السلام) من أجل إنقاذ الإسلام من الانحراف.
عدم التهاون في مراسيم زيارة الأربعين
سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يؤكد هذه القضية في كلمته: (يقول سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله: (حسين منّي وأنا من حسين). وقد بيّن الأكابر معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله بأنّه لولا واقعة عاشوراء والتضحيات العظيمة للإمام الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، وحادثة الطف الدامية، لقضى بنو أميّة على كل شيء).
لهذا فإن المعركة بين الحسين (عليه السلام) من جهة وبين المارقين الظالمين المعتدين لا تزال مستمرة، وأن المشاركة في إحياء الشعائر المقدسة ومنها شعيرة زيارة الأربعين، إنما هي اصطفاف ومؤازرة ونصرة للإسلام، ضد الذين أرادوا أن يحرفوا الدين عن مساره الحقيقي، ولهذا يجب بذل كل ما يمكن للوقوف بوجه الظالمين، وهذا يتجسد بعدم التهاون في أداء الشعائر الحسينية المقدسة.
كما يعلن ذلك سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) في قوله: )أدعو الجميع، إلى عدم التقصير بالنسبة لشعيرة الأربعين الحسيني المقدّسة أو التهاون فيها(.
إن المشاركة في الأربعين الحسيني يتطلب تعاونا من قبل الجميع، لاسيما الجهات الحكومية في العراق، وكذلك حكومات دول الجوار، حتى تبادر هذه الحكومات لتسهيل وصول الزائرين إلى كربلاء المقدسة لأداء مراسيم الأربعين الحسيني، فكل ما يدخل ضمن مهام تسهيل هذه الزيارة يجب أن تبادر به هذه الحكومات بدءا بتوفير وسائط النقل (الطائرات والقطارات وغيرها)، وصولا إلى إكمال التأشيرات وتوفير الخدمات الأخرى، ورفع جميع المعرقلات.
يشير سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) إلى هذه القضية المهمة في قول واضح:
(فلتتعاون دولة وحكومة العراق ودول الجوار بهذا الخصوص، ويرفعوا العراقيل، ويكفّوا عن أخذ ضرائب السفر، ولا يطالبوا بجوازات السفر، حتى يشارك الكثير من الزائرين في التجمّع الفريد والجليل بالأربعين الحسيني، وينالوا فيض المشاركة في هذه المراسيم المقدّسة(.
لماذا على الحكومات التعاون في تسهيل مهمة زيارة كربلاء المقدسة، وتأدية مراسيم زيارة الأربعين؟، الجواب: لأن أية عرقلة محتملة مهما كان حجمها قليلا، فإنها قد تؤدي إلى قلّة الزوار، وبالتالي قلة المناصرين للحق والدين ورفض الظلم، وهذا ليس في صالح أحد، لا المسلمين ولا غيرهم، البشرية كلها سوف تعاني من سيطرة الانحراف والمنحرفين على مقاليد الناس، وعلى مصالحهم وتأزيم حياتهم.
لا لعرقلة زوّار الحسين عليه السلام
لذلك من الأخطاء الجسيمة أن يعرقل أحدهم أو جهة مساعي الزوار لمناصرة الحسين (عليه السلام)، لأن هذا الفعل يعني الاصطفاف إلى جانب خط يزيد، وهو عمل فادح يؤدي إلى استشراء الشر وتنمره على الخير وأصحابه، لهذا علينا جميعا ومن دون استثناء أن نحرص على تذليل مصاعب الزوار وعدم عرقلة وصولهم إلى كربلاء المقدسة وتأدية شعيرة الأربعين الحسين بكل أريحية وسهولة وتنظيم مع توفير الخدمات التي يحتاجها الزوار كافة.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إيجاد أي صعوبة في هذا المجال، سيقلّ عدد الزائرين في مناسبة الأربعين الحسيني، وهذا التقليل أو هذه القلّة هي بصالح التيار الأموي وبني أميّة. فحذاري من أن يصطف المرء في صف يزيد وهو بإمكانه أن يكون مع الإمام الحسين صلوات الله عليه. واعلموا انّ كل من يضع العراقيل في مسير القضية الحسينية، فهو بمثابة نصرة ليزيد).
إن الأمل بالشباب الحسيني كبير، فهؤلاء يقع عليهم دور كبير في بلدانهم المختلفة، وعليهم أن يصبحوا جماعات ضاغطة على الحكومات لكي تلغي جميع المعرقلات التي تضعها الحكومات أمام زوار الإمام الحسين (عليه السلام)، وتُلغى الضرائب على السفر إلى كربلاء المقدسة، ويتم توفير وسائط النقل، الطائرات بأسعار بسيطة أو رمزية، يُسهم فيها الأثرياء وكل من يدعم الثورة الحسينية المباركة.
إذا لم يقم الشباب بهذا الدور الحيوي، فإن كل من يناهض الخط الحسيني الثائر ضد الظلم والطغيان والانحراف، سوف يسعى بقوة لمضاعفة العراقيل ضد الزوار، وهذا يصب في صالحهم، لكن أنّى لهم ذلك وكربلاء المقدسة لن تمحى إلى الأبد، لقد قتل الأمويون الحسين (عليه السلام) لكنهم لن يستطيعوا قتل مدينته كربلاء المقدسة، وإن كل يوم يمر سوف يزداد الإمام الحسين (عليه السلام) علوّا.
يوصي سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) الشباب فيقول في كلمته هذه:
(أوصي الشباب الغيارى في الدول غير الإسلامية بأن يطالبوا حكومات البلدان التي يقطنون فيها، أن يلغوا أخذ ضرائب السفر لأجل مناسبة الأربعين الحسيني، ويخصّصوا طائرات بأسعار رخيصة أو بالمجان، لمن يقصد زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه. فإنّ بني أميّة قد قتلوا الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولكن لم تُقتل كربلاء، ولا تقتل، كما وعد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بقوله حول الإمام الحسين صلوات الله عليه: فلا يزداد إلاّ علوّاً).
وأخيرا ها نحن نقترب من اليوم الذي تُقام فيه الزيارة الأربعينية المقدسة، وما علينا إلا أن نبذل قصارى جهودنا لإحياء هذه الزيارة، ولدعم الزوّار، ولمؤازرة المواكب الحسينية ودعمها، في تقديم جميع الخدمات اللازمة للزوار، إنها معركة مستمرة بين مبادئ الفكر الحسيني من جهة، وبين المعسكر المناهض للإسلام من جهة أخرى، وسيبقى الحسين (عليه السلام) ثائر الحق والخير والعدالة إلى أبد الآبدين.
اضف تعليق