المساواة التي يدعوا إليها الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وينشرها بين البشر، فهي تقوم على الغنى الشامل للناس، بعيدا عن إفقار أي بشر كان، وهذا هو حجم البون الشاسع والفارق الكبير بين مساواة نظام السماء ونظام البشر، فشتان بين النظامين، حيث السماء تحقق ذلك بقيادة الإمام الحجة (عج)...
(الإمام المهدي يهدِّم ما أُلصِق بالإسلام من الخرافات، والأوهام، والأباطيل)
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله
في هذه الأيام المباركة يعيش العالم الإسلامي وشيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظَر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ويتطلع الجميع إلى لحظة الظهور المبارك، ومن ثم لحظة القضاء على الظلم والقمع والاستبداد والطغيان بكل أشكاله ودرجاته ودحر أصحابه، كما أن البشرية كلها تستبشر خيرا بهذا اليوم الكريم، لأنها ترى فيه خلاصا لها من الفساد والفاسدين الظالمين المتجبّرين.
من الأمور التي تُثلج صدور أهل الأرض أن لحظة ظهور الإمام المهدي (عج)، إنما تشكل تغييرا حاسما نحو الإنقاذ البشري، ولذلك تجد الناس طرّاً في خضوع شامل للقائد الذي يخرج منقذا ومخلِّصا لهم، وناشرا للعدل، والمساواة، وملحِقا الهزيمة بكل الجبابرة الظالمين، ممن يظنون أن الدنيا ملعبهم، وحياة البشر ملك لهم، ولكن عند ظهور الإمام الحجة (عج)، كل أوهام الطغاة الظالمين هذه سوف توضَع على المحك، ويتحول هؤلاء إلى نمور من ورق، وتعلو رايات الحق خفاقة في سماء العدالة التي تظلّل أهل الأرض دون استثناء.
الجميع يتطلعون إلى صيحة الحق التي يُطلقها الإمام المهدي (عج) عند ظهوره، وحين يسمعها الناس جميعا يسارعون إليه ليكونوا تحت قيادته، وفي ظل رعايته، مستجيبين لهذه الصرخة التي تهز عروش الظالمين، وتجتث الظلم والطغيان من الجذور، وتُسعد الدنيا كلها بمباهج العدل، وبأكاليل السعادة، حيث لا يبقى قوي على ضعيف، ولا غني على فقير، فتزدان الأرض بعدالة السماء في رحاب قائم أهل البيت (عليهم السلام) أجمعين.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول حول ظهور الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
(يخضع العالم للإمام المهدي المنتظَر بسرعة مدهشة، لأنه (عليه السلام) يأتي حين أخذ الظلم والجور بخناق الجميع في العالم، والكل يتطلعون إلى من يصيح صيحة الخلاص والنجاة، فإذا أقام الإمام المهدي (عليه السلام)، وظهر، ونادى بصيحة الحق آمن به الجميع).
مبدأ المساواة الذي ينشره الإمام المهدي (عج)، مختلف عن جميع مبادئ الأرض التي تنادي بالمساواة لتبتز الأغنياء وتسعى لإفقارهم، دون أن يتحقق هذا الهدف، ليبقى الفقراء سببا ماديا يتم بواسطته حصر الأغنياء في زاوية ميتة، وجعلهم في مرمى هدف المبتزين وهم كثر في هذا الزمان، وربما في الأزمنة القادمة التي لا يعلم مداها إلا الله.
شتّان بين نظام الأرض ونظام السماء
أما المساواة التي يدعوا إليها الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وينشرها بين البشر، فهي تقوم على الغنى الشامل للناس، بعيدا عن إفقار أي بشر كان، وهذا هو حجم البون الشاسع والفارق الكبير بين مساواة نظام السماء ونظام البشر، فشتان بين النظامين، حيث السماء تحقق ذلك بقيادة الإمام الحجة (عج)، في حين لا يزال العتاة الطغاة البغاة يتمرغون في وحل الظلم، ويوغلون في قهر الناس وحرمانهم، في إصرار غريب على إلحاق الظلم وعدم المساواة بين الناس من خلال سياسات التفضيل الذاتي والشخصي والعائلي.
وهذا النوع الفردي الفئوي الظالم من المساواة لنظام الأرض، منشأه الحكام الظالمين، والمسؤولين المرائين المحابين المتملقين، وهؤلاء ليس لهم أي وجود في الحكومة المهدوية العادلة حيث يغيب دورهم تماما، بعد أن تُرفَع رايات العدل الإلهي في ربوع الأرض، بقيادة الإمام الحجة المتنظَر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(كل نداء في عالم المادة للمساواة إنما يعمد إلى إفقار الأغنياء، وابتزاز الثروات منهم باسم الفقراء، دون أن يفقر غنياً، فالإمام يجعل المساواة على الغنى، والناس اليوم يجعلون المساواة على الفقر، فانظر الفرق بين نظام البشر، ونظام السماء).
ومن الأهداف الكبيرة التي سوف تتحقق في حكومة الإمام المهدي (عج)، أن جميع الإساءات التي أُلحِقت بالإسلام وبكل الأشكال، سوف يتم القضاء عليها، لاسيما الخرافات والبدع، بالإضافة إلى الأوهام التي تعشش في رؤوس المناوئين للإسلام.
ومنهم من لا يزال يُنسب نفسه للإسلام لكنه براء منه، فالمتوهمون يظنون أنهم قادرون على نشر أوهامهم المسيئة للإسلام والمسلمين، لكن هذا الهدف الخبيث سوف ينتفي تماما بظهور الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لأن المتوهمين وأصحاب الخرافات لن يكون لهم أي دور في المجتمع المهدوي الجديد.
وسوف يتم إزهاق الباطل بكل أشكاله، فلا مكان للأباطيل والأحابيل والأكاذيب التي حطمت أمما وشعوبا ودولا، في ظل الزيف والتضليل واللهاث وراء المكاسب المادية غير المشروعة، وسوف تقوم الحكومة المهدوية بإزالة المظاهر التي تحلل الحرام وتحرّم الحلال، وسوف تطارد ناشريه والداعين له وتقضي عليهم، وتشل مآربهم، ليُصنع المجتمع البشري القائم على سياسة القسط والعدل والرحمة والخلاص من التعسف والقهر والحرمان.
إزهاق الباطل بكل أشكاله
كل هذا سوف يُعالَج في ظل حكومة ذات نظام إلهي، تستند في جميع قراراتها وسياساتها إلى النظام الكوني الذي وضعه الله تعالى للبشرية، وينفذه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، الذي سينشر العدل في ربوع الأرض، ويسود الأمن والسلام والمساواة وقيم الخير كلها مثل الإنصاف والتكافل والتعاون المتبادَل بين أهل الأرض.
وسوف يتم تفنيد كل الإشاعات المغرضة حول حكم الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وأن هذا الحكم سوف يستعمل أساليب عنيفة تبطش بالبشر، لكن ما سيحدث على الأرض وفي واقع مرئي وملموس ومسموع، سوف يؤكد اللين والرحمة الإلهية التي ترافق الحكومة المهدوية، ليتحول عالم اليوم المحتقن العنيف، إلى عالم الرحمة والأمن والسلام.
فالإمام الحجة (عج) لن يدمر كل شيء في ظهوره كما يشيع الظالمون الخائفون من ظهوره وعدله وقصاصه منهم، بل سيزيل مظاهر وأساليب الظلم كلها، كما أزال جدّه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) الأصنام ومنابع الضلالة، وكبح جماح الشهوات المحرّمة واصحابها.
سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يؤكد على أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) سوف (يهدم ما ألصق بالإسلام من الخرافات، والأوهام، والأباطيل، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، مما أوجدته المذاهب المختلفة، والشهوات. لا أنه يهدم كل ما كان قبله. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أيضاً لم يهدم كل ما كان قبله، وإنما هدم الضلالات والأباطيل. فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) مؤسس الإسلام، والإمام المهدي مجدد الإسلام).
الخير سوف يملأ الأرض كلها في ظل حكومة الإمام الحجة (عج)، وسوف تتحول الأرض كلها إلى واحات خضراء، يسودها الأمن والسلام والغنى، وسوف يتحقق مضمون الآية الكريمة (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) سورة البقرة، آية (261) التي أكدت شيوع الخير في عهد الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يقول:
(إلى هذا اليوم لم يتحقق في أي مكان، ولا في أي زمان أن تكون كل حبة سبع سنابل، ولا أن تكون مائة حبة حصيلة كل سنبلة واحدة. فمتى يكون وقد أخبر القرآن الحكيم عنه؟ وهل يخبر القرآن بما لا يكون؟ وهل يمثل القرآن الحكيم بما لا واقع له؟ كلا.. ثم كلا.. إذن متى يكون؟ إنه في عهد الإمام المهدي (عليه السلام)، لا غير).
فهنيئا لمن يستعد لظهور الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بأعماله والتزامه وتمسكه بخط أهل البيت (عليهم السلام)، ومباركة تلك الأمة التي تحيي ذكرى ولادة قائم آل محمد (عليهم السلام)، وتلتزم بمنهجه وتعد العدة لهذا الظهور الأعظم الذي سوف ينقل العالم من الظلم والجور إلى العدل والإحسان.
اضف تعليق