q
الوضع ضبابي ومن المعروف أن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر يتوقف دائماً ويجمد نشاطاته عندما يجد نفسه وسط العاصفة، ينتظر لتهدأ ثم يتحرك من جديد، فيما لا يتوقع لقوى الإطار التنسيقي القيام بشيء لصالحها خلال هذه المدة لأنها مشتتة وفاقدة للتوجه السياسي الموحد...

تشعر قوى الإطار التنسيقي بأن مشلولة الحركة لكونها مغبونة وسرقت منها الحكومة وتحولت إلى خصومها الشيعة والسنة والكرد، لذلك فعلوا كل ما يستطيعون من أجل الحيلولة دون قيام تحالف الصدر والحلبوسي والبرزاني بالمضي في تشكيل الحكومة المقبلة.

حتى نفك الاشتباك السياسي لا بد من الحديث عن مدتين مختلفتين من حيث التطورات السياسية رغم الوقت القصير الذي يجمعهما.

ما بعد الانتخابات

فطريقة التحالف الثلاثي لم تأتي بسبب تناغم في المباديء بين أطرافه، إنما طبيعة التغيرات السياسية هي التي فرضت وجود هذا النوع من العمل المشترك.

التيار الصدري كان يريد تسجيل انتصار كبير وواضح ضد خصومه في الإطار التنسيقي الشيعي، والحزب الديمقراطي الكردستاني يريد تعويض ما فاته عند ترشيح فؤاد حسين عام 2018 حيث شعر بالغبن والخيانة من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني وأعضاء من الإطار التنسيقي، أما الحلبوسي فهو يطير بـ40 مقعداً برلمانياً ويطمح لتنسم رئيس البرلمان بأي حليف كان فضلاً عن خلافاته الواضحة مع قوى الإطار التنسيقي، وهذا ما حصل عليه.

هذا يعني أن ما يجمع التحالف الثلاثي هي العداء المشترك ضد الإطار التسنيقي فضلاً عن الأهداف الأخرى، وبمعنى أدق عدم وجود المبادئ المشتركة في هذا التحالف (وسنتاول هذه الجزئية في مقال لاحق).

على هذا الأساس تمت صفقة انتخاب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي فاز بـ200 صوت برلماني، وبما أننا نعيش في عالم الصفقات الشامل، توقع غالبية المتابعين للشأن العراقي سهولة تمرير رئيس الجمهورية الكردي البرزاني هذه المرة، ورئيس الوزراء الشيعي الصدري.

كانت الأمور تسير على طريق بعد الـ200 صوت التي حصدها محمد الحلبوسي للفوز برئاسة البرلمان، والـ180 صوتاً لكل نائب من نائبيه.

ما بعد قرار المحكمة الاتحادية

قبل قرار المحكمة الاتحادية كان التحالف الثلاثي يقف على حافة العبور أو الفشل في تحقيق صفقة الأغلبية، عقدت المحكمة الاتحادية الخميس (3 شباط 2022) جلستها للبت بطلب رئيس الجمهورية برهم صالح بكتابه بالعدد (245) في (1/2/2022)، حول تفسير المادة 70 أولاً من دستور جمهورية العراق لعام 2005 وبيان الأغلبية الواجب توافرها للشروع بالتصويت على انتخاب رئيس الجمهورية.

رئيس الجمهورية استفسر عن شترط حضور ثلثي أعضاء المجلس للشروع بالتصويت لرئيس الجمهورية؟ أم بحضور الأغلبية المطلقة؟

إذا اشترطت المحكمة الاتحادية حضور ثلثي الأعضاء فهذا يعني فشل مخططات التحالف الثلاثي، أما إذا اعتمدت المحكمة على الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان وهو ما بنى التحالف الثلاثي عليه آماله، سوف تتم الصفقة.

التفسير جاء وفق الآتي: خلصت المحكمة بخصوص تفسير المادة 70 أولاً من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ان مجلس النواب ينتخب رئيساً للجمهورية من بين المرشحين لرئاسة الجمهورية بأغلبية ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي ويتحقق النصاب بحضور ثلثي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الكلي.

بعد قرار الاتحادية سقط رهان التحالف الثلاثي، وهو ما يعجل باتخاذ جميع الأطراف خطوات مختلفة عما تم الاتفاق عليه سابقاً، إذ أربكت الاتحادية حسابات تحالف الأغلبية، وأعطت مساحة تحرك جديدة للقوى المناوئة له.

على المستوى الكردي استفاد رئيس الجمهورية برهم صالح والمرشح عن الاتحاد الوطني لتجديد الرئاسة، وهو ما يعطيه دفعة قوية لتحقيق هدفه بالتجديد.

يستفيد صالح من علامات الاستفهام الكبيرة على مرشح الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، حتى من قبل حليفهم السيد مقتدى الصدر، إذ قال الصدر في تغريدة له: "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف بل مطلقاً لرئاسة الجمهورية مستوفياً للشروط، فأدعو نواب الإصلاح (الكتلة الصدرية) لعدم التصويت له".

حتى هذه الخطوة تصعد حظوظ صالح، لكن القضية ليست بالسهولة النظرية التي نتحدث بها، سوف يرفض نواب الديمقراطي الكردستاني التصويت لمصلحة برهم صالح، وسوف يحتاج إلى نواب الكتلة الصدرية ومعهم قوى الإطار التنسيقي فضلاً عن النواب السنة.

هل ستصوت قوى الإطار لمصلحة برهم صالح؟ لو صوتوا سيطلبون المشاركة في الحكومة وتحديد نوعية رئيس الوزراء وفق المعادلات الجديدة، وهذا معقد وربما غير ممكن.

هل سيقوم الإطار بتشكيل الحكومة الجديدة بعيداً عن التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني؟ ربما هذا من شبه المستحيل لأنهم لا يستطيعون جميع 210 نواب لانتخاب رئيس الجمهورية؟

مسألة انتخاب رئيس الجمهورية باتت معقدة بعد قرار المحكمة الاتحادية واربكت حسابات الأطراف السياسية، بما فيهم زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، لهذا لا نستغرب مقاطعة التيار الصدري لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كما أن الكتلة الصدرية جمدت المفاوضات مع جميع الكتل السياسية بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة.

الوضع ضبابي ومن المعروف أن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر يتوقف دائماً ويجمد نشاطاته عندما يجد نفسه وسط العاصفة، ينتظر لتهدأ ثم يتحرك من جديد، فيما لا يتوقع لقوى الإطار التنسيقي القيام بشيء لصالحها خلال هذه المدة لأنها مشتتة وفاقدة للتوجه السياسي الموحد.

اضف تعليق