من أسباب الامتناع عن دفع الضرائب ان المواطن لا يعلم محل إنفاق الأموال المستحصلة، لا سيما وهي تتعدى ملايين الدولارات شهريا، فالموضوع يحيطه الغموض من جميع الاتجاهات، وفي المقابل على المواطن تسديد الفواتير بنفس الطريقة ولم يعرف أسباب الدفع وكيفية احتساب النسبة الضريبية...

يأتي من باب التجني على المواطن او التهمة الباطلة، بأنه يكره الضرائب او يتهرب منها، لكن ثمة أسباب تجبره على الامتناع من دفع الضرائب وتسديد الفواتير، ومن هذه الاسباب هو عدم الحصول على مقابل ملموس، فالمواطن يتردد عن دفع قائمة الكهرباء لأنه لم يجد أي تحسّن في ساعات التجهيز.

يمكن وصف تهرب المواطنين من زاوية أخرى، بأنه وجه من وجوه انعدام الثقة بين السلطة والمواطن، ما نتج عن ذلك عدم قبول او تطبيق أي قرار من قبل الحكومة، اذ يعد المواطن هذا الاجراء بمثابة النيل من مكانته الاقتصادية للفرد، في ظل السياسية الريعية التي تتبعها الحكومات منذ تغيير النظام ولغاية الآن، اذ لم تجد أي وسيلة او منفذ لتعظيم الواردات.

اتباع الحكومة نمط الضرائب بهذه الكيفية يشكل ضغطا إضافيا على الفرد، وفي المقابل لا توازي الخدمات المقدمة كمية الأموال المستقطعة، فمن يريد نقل ملكية عجلة معينة، عليه دفع وصولات متعددة للطرق والجسور وغيرها من الدوائر المشاركة في تقديم الخدمات.

قِبال ذلك نلاحظ زيادة مطردة في مبالغ الاستقطاع مما يساعد على انتاج عقلية جماعية ترى في هذا النوع من الاستحصال نوعا من الظلم، ولا يمكن ان تلجأ الحكومة الى الإصلاح المالي او تعظيم الإيرادات بهذه الطريقة التي تعد خيارا غير صحيحا.

لذا يخلق الاعتماد على الضرائب في رفد الموازنة العامة، ازمة في التمويل العام، وهو ما تحدث عنه رئيس مجلس الوزراء في أكثر من موقف، ودفع بالحكومة الى سحب الأرصدة المالية من مصرفي الرافدين والرشيد، نتيجة النقص الحاصل في السيولة فيما يخص الانفاق العام.

الأثر المالي المترتب بعد الحصول على الضرائب او تفعيل عملية الاستقطاع من المواطنين وزيادة المنافذ، لم يأتي بنتيجة سريعة كما تتوقع حكومة السيد السوداني، فهو نمط غير نافع في ظل الخشية الاهلية من تفاقم الازمة المالية واتساع الفجوة الكلية بين الإيرادات والإنفاق العام.

ومع هذه الازمة المالية الحاصلة تذهب الحكومة الحالية الى فتح باب التعيين بصفة عقود في المؤسسات الحكومية، مرتكبة بذلك خطأ فادح، واضعة قدمها في بداية النفق المظلم الذي يصعب الخروج منه او التنبؤ بنهاية الحلقة المفرغة، ولا تعرف كيف الخروج من الحلقة المفرغة عبر بناء اقتصاد منتج وصولا الى عدالة ضريبية حقيقية.

على مدار عقود من الزمن كانت السياسات المالية العراقية تتبع منطق الاستقرار او الحلول المؤقتة وتبتعد عن الإصلاح الحقيقي، وتستبدل ذلك بضخ أموال بصورة قروض او اعانات دولية او الاعتماد على الودائع وهو ما أدى إلى حالة مستمرة من ترحيل المشكلات بدلًا من حلها، بما فاقم من وجودها وصعّب معالجتها.

فالحكومة ارادت الخروج من هذه الازمة التجأت الى تفعيل خاصية الضرائب لتأسيس بديل مالي او مساعد على تقليل الضغط على الميزانية العامة، لكن يجري ذلك على أساس الآراء الشخصية والرؤى الضيقة، فكان الاعتماد على الضرائب من ابسط الحلول التي سخرتها الحكومة الحالية لتقليل خطر وآثار تقلبات الموازنة.

الضرائب تصبح من الحلول الناجحة في البلدان متنوعة المصادر، وتتبع نظام ضريبي واضح وفعّال يقابله برنامج خدمي يشعر المواطنين بالامتنان جراء الخدمات المقدمة، اما في العراق فقدان هذا العنصر يدفع المواطن الى التهرب، وفي النهاية تبقى جزئية الضرائب من الإشكاليات العميقة في ذهن المواطن.

ماهي الأسباب التي تجعل المواطن يتهرب من دفع الضريبة؟

من أسباب الامتناع عن دفع الضرائب ان المواطن لا يعلم محل إنفاق الأموال المستحصلة، لا سيما وهي تتعدى ملايين الدولارات شهريا، فالموضوع يحيطه الغموض من جميع الاتجاهات، وفي المقابل على المواطن تسديد الفواتير بنفس الطريقة ولم يعرف أسباب الدفع وكيفية احتساب النسبة الضريبية.

اختتم بالتوجه الى الحكومة الحالية بالسؤال الآتي، كيف نحول النظام الضريبي إلى أداة تنموية حقيقية، لا سيما وان النظام الحالي مجرد وسيلة لتحصيل الإيرادات؟

اضف تعليق