قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، جمع من شيعة الكويت، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، يوم الأحد الموافق للواحد والعشرين من شهر رجب الأصبّ 1436 للهجرة (10/5/2015م)، واستمعوا إلى توجيهاته القيّمة.
استهلّ سماحته توجيهاته القيّمة بالآية الشريفة التالية: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) سورة التحريم: الآية6، وقال:
على كل مسلم ومسلمة، وبالأخص كل مؤمن ومؤمنة، وبالأعم منهما، على كل إنسان ثلاثة واجبات، هي:
الأول: تربية وتزكية نفسه. أي تحصيل الأمن لنفسه من عذاب الله تعالى بكبح الشهوات.
الثاني: وقاية وحفظ أهليه عن النار.
الثالث: أن يقي، ما أمكنه، المجتمع في قريته وبلده ومنطقته أو في العالم، أن يقيهم من عذاب الله تعالى. وهذا هو الأمر العام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الوارد مكرّراً وبتعبيرات مختلفة في القرآن الحكيم، ووارد أيضاً وبالعشرات والعشرات في الأحاديث الشريفة.
وأوضح سماحته: إنّ الآية الكريمة التي مرّ ذكرها آنفاً، تؤكّد على الواجبين الأولين، أي (قوا أنفسكم وأهليكم). وقوا هو من الوقاية. والنار المذكورة في الآية الكريمة هي حقّاً نار غريبة وعجيبة، لأن الإنسان في الدنيا يطفيئ النار، ولكن بالآخرة، والعياذ بالله، يكون الإنسان في جهنم وقوداً للنار، أي كمثل الحطب والبنزين اللذين يوقدان النار. بل حتى التراب والحجارة سيكونان حطباً ووقوداً لنار جهنّم.
ورد في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت الآية الكريمة المذكورة آنفاً، قرأها على المسلمين، فسمع شاب من المسلمين الآية، فسقط مغمياً على الأرض، لأنه لم يتحمّل تصوّر ما ذكرته الآية. فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ووضع يده الشريفة على قلبه فتحرّك، وقال له: قل لا إله إلاّ الله، فقالها الشاب، فبشّره رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنّة. فحقّاً هذه الآية عجيبة!
وبيّن سماحته، بقوله: كل إنسان، بالأغلب، يسعى في طول حياته إلى وقاية نفسه وأهليه عن الأمراض العظيمة والفتّاكة، وعن المشكلات المردية، ويحاول أن يعيش معظم حياته وهو بعيداً عن الأمراض والسجون والمستشفيات والمشاكل المختلفة وعن المحاكم وغيرها، فعليه أن يقي نفسه وأهليه من عذاب الله تعالى في الآخرة. وهذا الأمر الإلهي، وهذا الواجب الإلهي، وهذا الإلزام الإلهي، متعلّق بالإنسان في طول حياته، سواء كان رجلاً أو امرأة. فهو متعلّق بالآباء والأمّهات، والأرحام والأقارب، وبرئيس العشيرة، وكبير القوم، وكبير العائلة.
وشدّد سماحته، قائلاً: إذن ليحاول الإنسان أن يقي نفسه أولاً، وبالمرحلة الثانية يقي أهليه، وبالمرحلة الثالثة يقي الآخرين، من أن ينتهي أمرهم إلى جهنم والعياذ بالله، وأن يقيهم من المحرّمات ومن ترك الواجبات.
الموسم الذي نحن فيه الآن، هو موسم الأشهر الفضيلة، شهر رجب وشعبان وشهر رمضان المبارك، وهذا الموسم هو أفضل وأحسن موسم لممارسة التوبة والوقاية. فلنحاول ذلك أكثر، قولاً وعملاً. فإذا كان عمل الأب والأم جيدّاً بنسبة، فسيتعلّم منهما أولادهما. فالمهم أن تتحقّق الوقاية. وهذا الأمر أحياناً يكون بالنصيحة وبالقول، وأحياناً بالعمل، فحذف المتعلّق يفيد العموم، كما يقول العلماء. وأحياناً يكون بخلق الأجواء الصالحة، كالمدارس، والجامعات، والحسينيات، والمجالس، والهيئات. وهذا يعني ربط الأفراد بأهل البيت صلوات الله عليهم، وربط الشباب بنين وبنات، بالحسينيات، وبالمساجد، قبال المهب الغريب والمسعور والعام في كل مكان بالدنيا، وهو مهب الفساد والضلالات، ومهب شياطين الإنس والجنّ، الذي يؤكّد عليهما القرآن الكريم.
وأضاف سماحته: الوسائل الموجودة اليوم في عالمنا، يستفيد منها الأشرار والظالمون والمفسدون لدفع الناس إلى الفساد في العقيدة، والفساد في الأخلاق، وإلى تفكيك العائلة والأسرة، وتفكيك المؤمنين بعضهم عن بعض، والمؤمنات بعضهنّ عن بعض.
إذن فليستفيد المؤمنون والمؤمنات من هذه الوسائل لجمع المؤمنين والمؤمنات، ولهداية الأفراد، وإرشادهم، حتى تتحقّق الوقاية، مهما كانت نسبتها.
وأردف سماحته: كل إنسان، يستطيع أن يحقّق هذا الأمر، بماله، وآخر بقوله، وغيرهما بكليهما، وآخر بعمله، وغيره بثلاثتها، وآخر بحضوره، وآخر بتشجيعه. أي كل حسب مقدوره. وعلى الجميع أن لا يقصّروا في ذلك، أي في وقاية نفسه وأهليه والآخرين. ففي الأجواء الصالحة ينشأ بنسبتها الصالحين والصالحات. وفي الأجواء الفاسدة ينشأ فيها بنسبتها الناس نشأة فاسدة، وخصوصاً الشباب، ذكوراً وإناثاً.
وأكّد سماحة المرجع الشيرازي: لذا علينا، بالأخص في هذه الأشهر الفضيلة الثلاثة، أن نربط بأهل البيت صلوات الله عليهم ممن هم غير مرتبطين بهم صلوات الله عليه، ممن نعرفهم من الجيران والمعارف، رجالاً ونساء، ومن الشباب. وكذلك مع من يتواجدون قليلاً في الحسينيات والهيئات الدينية والمساجد، بأن نسعى معهم بصورة صحيحة بأن نجعلهم يرتبطون بأهل البيت صلوات الله عليهم أكثر. فمفاسد المرتبطين بأهل البيت صلوات الله عليهم هي أقلّ وأقلّ جدّاً وجدّاً. فراجعوا إحصائيات الضلال والفساد والانتحار والابتلاء بالأمراض العصبية، فستجدونها لا تحتوي على الذين يأتون الحسينيات والمساجد ويحضرون صلوات الجماعة، إلاً قليلاً وقليلاً. وهذه هي وقاية.
كما علينا أن نوصي بعضنا بعضاً، بهذا الخصوص، وهذا هو من قوله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) سورة العصر: الآية3.
وختم دام ظله توجيهاته القيّمة، بقوله: أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفّق الجميع لهذا الأمر أكثر وأكثر. وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين.
اضف تعليق