إن من جملة مسؤوليتنا تجاه قضية الإمام الحسين سلام الله عليه هي أمران: الأول: التعريف بالحسين سلام الله عليه وقضيته وجعله عَلَماً بحيث يراه كل إنسان في شرق الأرض وغربها. والثاني: وهو الأهم، بل جُعل الأمر الأول طريقاً إليه، فهو متابعة أهداف الإمام الحسين سلام الله عليه
مساران واضحان يشتمل عليهما المنهج الحسيني هما:
أولا: التوجّه الفكري الأخلاقي لإصلاح العالم الراهن.
الثاني: إنسانية الأهداف الحسينية المستمَدّة من السيرة النبوية الخلاقة (سيرة جدّه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي تتلمذ علي يديه الكريمتين وتربّى في كنفهِ).
ومما يتّضح من المسارين الواردين في أعلاه، أنّ كل من يسير على خُطا المنهج الحسيني، سوف تقع عليه مسؤولية السعي في تحقيق الأهداف التي خرج من أجلها الإمام الثائر الحسين عليه السلام وقدّم نفسه وذويه وصحبه تلقاء تحقق تلك الأهداف، وهذه المساهمة ينبغي أن تترسّم الخطوات المخطّط لها بشكل علمي واقعي دقيق، كما هو الحال مع تحقيق أي أهداف كبرى تُسهم في إعلاء الشأن البشري عموما.
وهناك أمران ينبغي أن يلتزم بهما كل من يجد نفسه مسؤولا ومعنياً بتطبيق المنهج الحسيني، هذان الأمران هما: التعريف بالإمام الحسين عليهما السلام، فهناك الكثير من سكان الأرض من هو بعيد ولا تسعفه الظروف على معرفة الفكر الحسيني وما يرومه للإنسانية من مراتب عليا كرامةً واحتراما، فتقع علينا نحن من يؤيد هذا الخط مهمة توضيح ما يغمض أو يخفى من المنهج الحسيني عن الآخرين.
والأمر الثاني يتخصص بمهمة الوصول إلى ما يبتغيه هذا المنهج، وجعله قابلا للتطبيق الفعلي في ضمن الأنشطة البشرية وبكل الأمكنة، وهذا يعني مضاعفة المسؤولية تجاه المؤمنين بالمنهج الحسيني بما يجعلها معرَّفة للجميع ومفهومة لديهم، ومن ثمة تصبح قيد التطبيق الفعلي، لتحسين وضع الإنسان وإحقاق الحقوق خصوصا أن المرتكز الأساس للفكر الحسيني هو تثبيت الحقوق والحريات ورفض الظلم وردع الطغاة الذين يستهدفون إذلال الإنسان.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في كتاب (من عبق المرجعية):
(إن من جملة مسؤوليتنا تجاه قضية الإمام الحسين سلام الله عليه هي أمران: الأول: التعريف بالحسين سلام الله عليه وقضيته وجعله عَلَماً بحيث يراه كل إنسان في شرق الأرض وغربها. والثاني: وهو الأهم، بل جُعل الأمر الأول طريقاً إليه، فهو متابعة أهداف الإمام الحسين سلام الله عليه).
ولا بد أن الهدف الأسمى والأكثر سطوعا فيما يبتغيه الإمام الحسين عليه السلام على المستوى الفكري والتطبيقي، هو إنقاذ البشر من غائلة الجهل وكفّ رداءة الظلال عنهم، فإزاحة الجهل وطبقات الضلالة عن العقول ليس بالأمر الهيّن كونه هدف الظالمين من الطغاة، لهذا ينبغي أن يبذل كل المؤمنين أقصى قدراتهم في تحمّل هذه المسؤولية الكبيرة.
كما يؤكد سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) في قوله:
(إن هدف الإمام الحسين سلام الله عليه هو إنقاذ الناس من الجهالة والضلالة. فعلي كل فرد منّا وبمقدار استطاعته أن يسعى في تحقيق هذا الهدف).
من شروط الشعائر المقدسة
ومن الشروط المهمة التي ألزم بها المنهج الحسيني المؤمنين به والمنخرطين في مساره، هي التحلي بما كان يتحلى به إمامهم (عليه السلام) من تمسّك بالفضيلة في كل المجالات التي ينشط فيها الإنسان الحسيني من كلا الجنسين، في أعماله ونشاطاته وسلوكه وأفكاره، فلكي يكون حسينيا بالفعل، لابد أن يلتزم عمليا بالفضائل التي تقترن بالأعمال والأفكار والأقوال.
ولا فائدة أن نتعلق بالفكر وجمال الكلام وروعة الفكر، من دون أن نلتزم به حرفيا في الجانب العملي، وهذا ما يركّز عليه إمامنا الثائر الحسين عليه السلام، ولو كان منهجهُ متعلقا بالكلام وحدهُ لما استشهد وقدّم أغلى ما يملك وهي الروح قربانا للإسلام وللبشرية في مقارعة الظلم والطواغيت.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(على المؤمنين إتّباع الإمام الحسين سلام الله عليه في التحلّي بالفضيلة, والالتزام بها في كافّة ممارساتهم في الحياة الاجتماعية مع جميع الناس).
ولذلك صار هناك تأكيد كبير وإصرار بالغ الوضوح من لدن أئمة أهل البيت عليهم السلام، ومن بعدهم المراجع الكرام والخطباء ورجال الدين الأجلّاء، على أهمية إرضاء الإمام الحسين عليه السلام، وكيف يتم ذلك؟، إنه سوف يتم ويتحقق في حال اقترن الإيمان بالمنهج الحسيني عمل الإنسان وأن لا يقتصر أيمان بجمال الكلام وعمقه، فحين تؤمن بالحسين منهجا ومبادئ وأهدافاً، هذا يلزمك بأن تقرن الإيمان بالفعل والعمل والتطبيق.
لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إن مما يرضي الإمام الحسين سلام الله عليه، هو أن نصحب الشعائر التي تقام باسمه بالفضيلة والأخلاق الإسلامية في كافّة المجالات).
لا تبتعدوا عن نهج الحسين عليه السلام
تُرى من هو المشمول بهذه المسؤولية الكبرى، ونعني بها مسؤولية الإيمان والتطبيق للمنهج الحسيني، هل هناك فئة محددة أو جماعة أو طائفة أو جهة تقع عليها وحدها هذه المسؤولية الثقيلة؟، يجيب سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) عن هذا التساؤل بوضوح، حين يؤكد بأننا جميعا مشمولون بالتصدي لهذه المسؤولية وحمل رايتها عاليا.
لأن قضية إنقاذ الإنسان من وحشية الجهالة، ليست قضية هينة ولا هي أمرا ميسورا، إنها تخضع لنوع من الصراع الفكري الشامل مع أقطاب الشر خصوصا أولئك الحكام الطغاة، ومن يقف معهم ويعاونهم على نشر الجهل وتعميم الظلم على البشرية جمعاء لاسيما الجانب المستضعف منها، فليس هذا الأمر بالهين، لأننا نفهم ونعلم أن مصادر القوة المادية يمتلكها الطغاة من جانب القوة التدميرية كالأسلحة واستخدام البطش والتعذيب وحروب الإبادة، لكن النقص المدمّر في الطغاة أنهم ضعفاء على مستوى الفكر والمبادئ وهذه هي نقطة ضعفهم على مر التاريخ.
لذلك يتميز المؤمنون بالمنهج الحسيني بما ينقص معسكر الطغاة، حيث الإيمان القطعي بالمبادئ والقيم الرادعة للجهل والظلم، وهي ميزة تسرّع من إنهيار الطغاة وأذنابهم، وفي نفس الوقت إعلاء شأن الحسينيين ونصرهم، فالمسؤولية في تعضيد المنهج الحسيني ونشره عالميا مع التطبيق لا تستثني أحدا.
كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إن العمل على تحقيق هدف الإمام الحسين المتمثّل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل إلى نور الحق والإسلام والإيمان، يقع ضمن المسؤولية الملقاة علينا جميعا).
ومن ثم تأتي مرحلة القطاف، إذ ما الذي يصبو إليه كل إنسان يؤمن بالمنهج الحسيني، ويجدّ ويكدّ ويبذل كل ما في وسعه لكي ينشر هذا المنهج العظيم؟، إنه سوف يفوز بما يستحقه المؤمنون الحقيقيون الذين يبذلون أقصى ما يستطيعون من تضحية وجهود وتحمّل للتعب والضنك والألم، لكنهم في نهاية المطاف سوف يقطفون ما يستحقون من ثمار تلقاء ما بذلوا وتمسكوا به من مبادئ معمّدة بالفكر الحسيني الوضّاء.
في المقابل فإن كل من يكون نفسه قصيرا في المطاولة وينسحب - لا سمح الله- من طريق الصراع الشاق والطويل بين الظلم وأصحابه من جهة، وبين أباة المبادئ الحسينية الخالدة من جهة أخرى، فإن العاقبة ستكون غير لائقة، لهذا على الحسينيين أن يجالدوا ويجاهدوا حتى آخر لحظة من وجودهم، لكي يقطفوا ما يستحقونه من حسن العاقبة.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إذا سرنا علي نهج الإمام الحسين سلام الله عليه فسننال الدرجات الرفيعة، وإذا ابتعدنا قليلاً والعياذ بالله عن ذلك فإن العاقبة ستكون بالعكس تماماً).
اضف تعليق