q

تمثل العناقيد إحدى الستراتيجيات الجديدة التي باتت تهتمد عليها الكثير من الدول مثل الولايات المتحدة والصين وايطاليا والهند وغيرها، والتي تقوم فكرتها على اساس كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية عبر تطوير قاعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل الاساس لاستراتيجية العناقيد الصناعية، من خلال خلق حقلة من الترابطات الانتاجية مابين هذه المشروعات ومؤسسات القطاع العام والخاص على حد سواء وعلى كافة الأصعدة ولكافة المؤسسات ذات العلاقة كمؤسسات التعليم والبحث والتطوير والتمويل والتسويق ...الخ.

أسس اختيار الصناعة المحددة للعنقود

يمر اختيار العنقود الصناعي بعدة مراحل من الدراسات والاختبارات تتباين في الاسلوب والعمق وبحسب كل مرحلة، ففي البداية يتم طرح عدد كبير من العناقيد المتوفرة في المنطقة، ويتم دراستها وتشخيص وضعها وحجم تأثيرها وارتباط كل منها بالعناقيد الاخرى وبالاقتصاد ككل، وهناك عدد من الطرائق الكمية تستخدم في التحديد المبدئي لامكانات العناقيد كطريقة قياس قدرة الموقع على ايجاد فرص العمل لهذه الصناعة، وتعمل على قياس قدرة الموقع على ايجاد فرص العمل من خلال حساب نسبة تركز العمالة في هذه الصناعة في منطقة معينة مقسوماً على نسبة تركز العمالة في هذه الصناعة في الدولة، فأذا كانت النتيجة اكبر من واحد فهذا يدل على ارتفاع نسبة عدد المختصين في هذه الصناعة في هذه المنطقة مقارنة بغيرها من المناطق، والذي جاء كنتيجة لارتفاع نسبة الانتاج والكفاءة لهذه الصناعة في هذه المنطقة، وهو مايجعل هذه الصناعة في هذه المنطقة احد الخيارات المطروحة للتطوير العنقودي، وهناك طريقة اخرى تعتمد الاسلوب نفسه وتضيف اليه شرطاً وهو ان يفوق متوسط الاجور في الصناعة المحددة في المنطقة متوسط الاجور في الصناعة في كل ارجاء الدولة بنسبة (10%) فأكثر، وايضاً توجد طريقة اخرى تقوم على تحليل المدخلات والمخرجات ومدى تشابك الصناعات فيما بينها، ويتم التركيز على الصناعة ذات الأثر الأكبر في معظم الصناعات والنشاطات الاخرى، والطريقة الاخيرة سيعتمدها الباحث كمحاولة لمعرفة أي الصناعات المؤهلة ان تنضوي تحت إطار عنقود صناعي في العراق، الا ان الطرائق الكمية وحدها ليست كافية لتحديد العنقود المناسب بل يجب اجراء دراسات واختبارات وصفية من اجل فهم اعمق لطبيعة العلاقة بين عناصر العنقود وهل النتائج التي ظهرت في الاختبارات الكمية هي نتيجة لتعاون وعلاقات حقيقية بين هذه المشروعات ام بسبب عوامل اخرى، كما يمكن ان تقود الاختبارات الوصفية لاكتشاف عناقيد اخرى يكون لها تأثير أكبر في الصناعة.

ومن اهم الأسس التي يقوم عليها اختيار العنقود المراد تكوينه وتنميته هي مايأتي:

1- ان يكون له تأثير مهم في الاقتصاد الوطني، بشكل عام من ناحية ايجاد فرص العمل والقيمة المضافة والتصدير.

2- ان يكون هناك عدد كبير من المشروعات والمؤسسات التي تعمل او تؤثر في انتاج منتجات العنقود.

3- ان تحظى منتجات العنقود المراد إنشائه بمستقبل ايجابي سواء على المدى المتوسط او البعيد.

4- ان تكون هناك تجارب ايجابية من التعاون في الانشطة المشتركة بين عناصر العنقود.

5- ان لاتكون هناك جهوداً قائمة من لدن أي جهة اخرى لتنمية العنقود في المنطقة.

6- ان يأخذ في الحسبان مفاهيم البيئة الاجتماعية، والمعايير البيئية والتطورات الحاصلة في كلا المجالين.

الدور الحكومي في بناء وتطوير العناقيد الصناعية

ارتفع عدد برامج المبادرة العنقودية بشكل كبير في السنوات الاخيرة في العديد من دول العالم، كاستجابة لضغوط المنافسة الدولية، اذ هناك (26) دولة من مجموع (31) من دول الاتحاد الأوروبي (EU)، لديها برامج عنقودية، فضلاً عن اليابان وكوريا الجنوبية والهند، وقد قام الاتحاد الأوروبي بإصدار مؤخراً مذكرة العنقود الأوروبي لتشجيع الابتكار من اجل تطوير وتنمية العناقيد. اذ ان الأطر الاقتصادية الحكومية تلعب دوراً في تطوير وتنفيذ سياسات لتعزيز العناقيد الصناعية، ان أهمية الدور الحكومي تتمثل في الحاجة الى التنسيق المركزي بسبب العوامل الخارجية الملازمة لأنشطة العناقيد مثل الابتكار والمعرفة وتطوير سلاسل القيمة، وتشمل استراتيجيات تنسيق المستوى المركزي تشكيل لجان مشتركة بين الوزارات والوكالات المشتركة التي تضع التصورات والتصاميم والاستجابة للعناقيد بناء على التوصيات التي تضعها، وهذه قضية مهمة وضرورية للحوار بين القطاعين العام والخاص. بالاضافة لذلك فان من أبعاد الدور والسياسة الحكومية هو تحفيز الاستثمار المشترك بين اعضاء العنقود والمؤسسات الاخرى، مثل تفعيل دور الاستثمار بين مؤسسات العنقود وباقي المؤسسات الجامعية الحكومية والاهلية مثل انشاء وتطوير مراكز البحوث الجامعية والمختبرات واقامة المعارض وعقد الندوات والمؤتمرات وتوظيف وتطوير رأس المال الاجتماعي والمعرفي .. الخ.

كما تسهم السياسة الحكومية في تشجيع العناقيد الناشئة، فليس كل العناقيد المحتملة يمكن ان تنجح وتزدهر، اذ يمكن للحواجز الداخلية كالتشريعات والقوانين والبنى التحتية فضلاً عن الحواجز الخارجية المتمثلة بتدفق المعلومات والمعرفة وعدم وجود بيئة حاضنة لاعضاء العناقيد المحتملين في الالتقاء ومناقشة التطورات المشتركة الخاصة بالابتكار او المشاركة في السياسات العامة للحكومة الى ان تمنع العناقيد من الوصول الى كل طاقاتها وامكاناتها الانتاجية، وبالتالي فأن التدخل الحكومي يمكن ان يساعد في ازالة هذه الحواجز، هذا من جهة ومن جهة أخرى يمكن للدور الحكومي ان يساعد في حماية وتعزيز التنمية العنقودية، وخاصة في الحالات الحرجة، مثل توفير الدعم المادي المناسب وامكانية الحصول والوصول للتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتوفير البنية التحتية للتدريب والتأهيل(1).

اضف تعليق