q
شهر رمضان شهر المحبة والأخوة، والشرع الإسلامي يحث على تقوية أواصر الأخوة بين المؤمنين في كل الأوقات، وفي شهر رمضان المبارك حيث تتحلى الروح الايمانية والتعاون، يحرص الدين على تقوية الرابطة الاخوية الإيمانية في هذا الشهر الكريم، وان يتعامل الناس من منطق الاخوة وأن يحب كل شخص لأخيه...

شهر رمضان يحمل ذكريات عظيمة، ففي يوم 12 رمضان ذكرى المؤاخاة بين الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) والإمام علي (عليه السلام)، وبين المهاجرين والأنصار، انه يوم المؤاخاة المبارك.

الأخوة هي أقوى رابطة إجتماعية لسبيل وحدة المجتمع، ولها أهمية كبرى عظمى في الشريعة الاسلامية السمحاء، فينبغي الحرص على تقوية أواصر الأخوة الإيمانية والإنسانية ومعرفة حقوق الأخوة.

الناس سواسية

الناس هم أخوة في الإنسانية، فالإنسان أخو الإنسان، هم من نسل واحد لهم نفس الحقوق والواجبات، سواسية كأسنان المشط، وقد أكد خاتم الأنبياء والمرسلين الرسول محمد (صلى الله عليه واله) على مبدأ المساواة بين الناس كقوله (ص): “الناس سواسية كأسنان المشط“.

والمؤمن أخو المؤمن له نفس الحقوق والواجبات في المجتمع الإسلامي، تجمعهم الأخوة الإيمانية مهما كان اللون والعرق واللغة، ومهما كان المستوى المعيشي غني أو فقير..، وقال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".؛ والتفضيل والتقديم يكون على مستوى الإيمان واكتساب التقوى قال تعال؛ ((يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)).

وقال أمير المؤمنين الإمام علي -عليه السلام-: "فإنهم (الناس) صنفان: إما أخٍ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق".

الناس تجمعهم الإنسانية والشراكة مهما كانت ألوانهم ولغاتهم وعقيدتهم، فالشراكة في الخلقة الإنسانية تجمعهم، فالانسان مهما له الكرامة والاحترام مهما كان دينه، اذ لم يرتكب اي اعتداء ضد أي إنسان من اي دين.

حقوق الأخوة

وللاخ حقوق عظيمة وكثيرة، فقد جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين - عليه السلام-: "وحق أخيك، أن تعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجى‏ء إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحاً على معصية اللَّه، ولا عدة للظلم لخلق اللَّه، ولا تدع نصرته على نفسه ومعونته على عدوّه، والحؤول بينه وبين شياطينه، وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في اللَّه، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن اللَّه اثر عندك وأكرم عليك منه".

وروي عن الإمام الباقر (ع): أنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله): "وُدُّ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ فِي اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِيمَانِ، أَلَا وَ مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ، وَ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ، وَأَعْطَى فِي اللَّهِ، وَمَنَعَ فِي اللَّهِ، فَهُوَ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ".

وعن الإمام الصادق -ع- قال: "المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله، لا يخونه ولا يظلمه، ولا يغشّه ولا يعده عدة فيخلفه".

شهر رمضان والأخوة

شهر رمضان شهر المحبة والأخوة، والشرع الإسلامي يحث على تقوية أواصر الأخوة بين المؤمنين في كل الأوقات، وفي شهر رمضان المبارك حيث تتحلى الروح الايمانية والتعاون، يحرص الدين على تقوية الرابطة الاخوية الإيمانية في هذا الشهر الكريم، وان يتعامل الناس من منطق الاخوة وأن يحب كل شخص لأخيه ما يحب لنفسه، وكذلك الإنصاف والرحمة والتواصل والنصح والعطاء والتنازل والإيثار من باب الأخوة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يؤمنُ أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وقال حفيده الامام جعفر الصادق (ع): "المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه، ولا يعده عدة فيخلفه".

12 شهر رمضان: يوم المؤاخاة

ولأهمية الأخوة، والمشاعر الاخوية وتقوية المجتمع الإسلامي، فمن أوائل الأعمال التي قام النبي الاكرم (صلى الله واله وسلم) بعد الهجرة ووصوله إلى يثرب "المدينة المنورة"، انه آخى بين المهاجرين والأنصار، محاولة لتذويب الفوارق بين المهاجرين والانصار، والغني والفقير، والأبيض والأسود..، وقد آخى بينه صلى الله عليه واله وسلم وبين أبن عمه الإمام علي - عليه السلام- وهذه رسالة تؤكد على المكانة الخاصة والفريدة التي تصل إلى مستوى الأخوة بين الرسول (ص) والإمام علي (ع). ليس هناك من يستحق ان يكون اخا للنبي إلا الإمام علي ولا اخا للامام علي (ع) إلا رسول الله (ص).

وهذه ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها رسول الله (ص) على مؤاخاته للإمام علي (ع)، المرة الأولى، وقد "ورد أنّ الله تعالى أوحى إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام: أنّي آخيتُ بينكما، وجعلت عمرَ أحدِكما أطولَ من الآخر، فأيُّكما يُؤْثِر صاحبَه بالحياة؟ فاختار كِلاهما الحياة. فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما: أفلا كنتما مثلَ عليّ بن أبي طالب، آخيتُ بينه وبين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، فباتَ على فراشه يفديه نفسه، ويُؤثِرُه بالحياة! إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوِّه... وفي كلٍّ من المؤاخاتين، قال صلّى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السلام: أنت أخي في الدنيا والآخرة".

وروي ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "يا علي، أنت أخي ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي، محبك محبي ومبغضك مبغضي، يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة، يا علي أنا وأنت والأئمة من ولدك سادة في الدنيا وملوك في الآخرة، من عرفنا فقد عرف الله ومن أنكرنا فقد أنكر الله عز وجل".

وفي يوم الغدير الأغر العيد الأكبر، تتجلى المؤاخاة بين أخوان الولاية في هذا اليوم العظيم حيث يستحب أن يقول الأخ المؤمن لأخيه المؤمن بعد أن يضع المؤمن يده اليمنى على اليد اليمنى لأخيه المؤمن ويقول: "وآخيتك في الله وصافيتك في الله وصافحتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبياءه والأئمة المعصومين عليهم السلام على أنّي إن كنت من أهل الجنّة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنّة لا أدخلها إلاّ وأنت معي" ثمّ يقول له أخوه المؤمن: "قبلت".

فضل وعظمة ليلة القدر

أيام وليالي شهر رمضان المبارك عظيمة، وأعظم ليلة في الشهر الفضيل، ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فهي سادة الليالي، وقلب شهر رمضان وليلة فضيلة وشريفة، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): "أن ليلة القدر سادة الليالي". وقال حفيده الإمام جعفر الصادق (ع ): "أن أفضل الشهور هو شهر رمضان وأن قلب شهر رمضان ليلة القدر". وفيها تُقدّر أمور العباد (المصير والتقدير على الناس): الحياة والموت، والرزق والخير والتوفيق والسعادة، وكذلك الشقاء والتعب.. للسنة المقبلة، فالسنة حسب التقدير تبدأ منذ ليلة القدر، قال تعالى: ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ))، وروي ان الإمام محمد الباقر (ع) قال:".. في كل سنة في هذه الليلة يُكتب مصير وتقدير السنة المقبلة لكل إنسان".

ليلة القدر.. الفضيلة والعظمة

ليلة القدر ذات قيمة وفضيلة وعظمة وشرف..، ولها مكانة وأهمية، ففي تلك الليلة تفتح السماء أبوابها، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال: "تفتح أبواب السماء في ليلة القدر..، ".

وتتنزل الملائكة فيها كرسل من الخالق للعباد؛ وتتسابق الملائكة المقربين لتحقيق رغبات العباد، حيث يكون العباد في تلك الليلة أقرب إلى الله من أي وقت آخر، ليلة استجابة الدعاء والمغفرة والتوبة.

ولأنها كذلك أكد الشارع المقدس من خلال الآيات القرانية الكريمة..، حيث يوجد سورة كاملة باسم القدر، تشير إلى عظمة تلك الليلة العظيمة بقوله تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴿1﴾وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴿2﴾لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴿3﴾تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴿4﴾سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴿5﴾)). ويوجد الكثير من الروايات والأحاديث التي تعظم تلك الليلة، وتطالب العباد باستثمار كل لحظة فيها، فهي ليلة تساوي ألف شهر، فكل عمل صلاة أو دعاء أو صدقة أو اي عمل خير واعمال الخير كثيرة…، فهو مضاعف الاجر والثواب بـ الف شهر.

"سُئِل الإمام الباقر (عليه السلام) عن قوله تعالى: ﴿إنّا أنزلناه في ليلة مباركة..﴾ الدخان:2، فقال(ع):«..هي ليلة القدر، وهي في كلِّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلّا في ليلة القدر..». وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «نزلَ القرآنُ جملةً واحدةً في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثمّ أُنزل من البيت المعمور في طول عشرين سنة..».

فرصة استثمارية

ليلة القدر خير ورحمة وفرصة استثمارية مضمونة النجاح 100%، ونسبة الربح فيها عالية جدا، ليلة خير من ألف شهر؛ ليلة واحدة (1) = بل أكثر من 83 سنة!. استثمار يتجاوز عمر الإنسان حسب العمر الافتراضي، إنها فرصة والإنسان العاقل الفطن الذكي الوعي..، التي هي من صفات المؤمن حتما يستغل هذه الفرصة الثمينة القيمة التي هي هدية ونعمة من نعم الله -سبحانه وتعالى- على عباده.

ليلة تستحق تقديم الأفضل.. من الجهد والاجتهاد والتزود؛ فان خير الزاد التقوى. الإكثار من الصلوات والأدعية والصدقة وصلة الرحم والتواصل وفعل الخيرات، فهي مضاعفة عن ألف شهر.

لا يرد القضاء إلا الدعاء

ليلة القدر ليلة الدعاء، ومع الدعاء وبالخصوص في هذه الليلة العظيمة ينال المرء أفضل الجوائز الرحمانية ويكتب له التوبة والمغفرة والرحمة والتوفيق والبركة والسعادة. عن الإمام الباقر (ع) انه قال: "من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكائيل البحار".

نعم كل ذلك وأكثر ببركة الدعاء فقد روي انه لا يرد القضاء إلا الدعاء وبه يرد المقادير، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "لا يرد القضاء إلا الدعاء".

وقال الإمام علي بن الحسين (ع): "إن الدعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة، إن الدعاء ليرد البلاء وقد ابرم إبراما".

وروي عنه أيضا قوله (ع): "الدعاء يدفع البلاء النازل وما لم ينزل".

تقبل الله طاعاتكم وجهودكم العبادية، في ليلة القدر العظيمة، وفي كل أيام وليالي شهر رمضان، وفي كل أيام وليالي السنة… ورزقكم الله العتق من النار والفوز بالجنة، وحقق الله لكم كل خير والتوفيق والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

لا تنسوا في هذه العظيمة الشريفة من الدعاء للآخرين، الدعاء: للوالدين والاخوان والاخوات والاقرباء والأصدقاء، والرحمة على موتاكم وموتى المؤمنين والمؤمنات، والشفاء للمرضى وحقن دماء الابرياء، والدعاء بالإفراج عن معتقلي ومعتقلات الرأي وعن السجناء المظلومين، وتفريج هم كل مهموم وقضاء حاجة كل محتاج ونصرة المظلومين، والدعاء لأهالي الشهداء الأبرار والمعتقلين والمعتقلات والسجناء والغرباء، والأهم تركيز الدعاء لتعجيل ظهور الإمام المهدي الهادي المنتظر (عج) ليملأ الارض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا.

اضف تعليق