السيدة الزهراء لم تصمت بعد الاعتداء بل ذهبت إلى المسجد النبوي والدها رسول الله (ص) وألقت خطبة على الأمة ذكرت الحضور بوالدها (ص) حيث كانت أشبه الناس به، وتقول مصادر كتب السيرة انها خطبة تشريعية وتوعية وتحميل مسؤولية ممزوجة بالألم والتوجع واعتراض على ابتعاد القوم عن المنهج القرآني...

من أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي التي شكلت منعطفاً مؤلماً وخطيراً في جسد الأمة، منذ شهادة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لغاية اليوم، هي مظلومية أهل البيت (ع) وأعظمها ما جرى من اعتداء جسدي وحقوقي على حبيبة وبضعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي في عز مرحلة شبابها، اعتداء جسدي عنيف جدا على امرأة هي سيدة نساء العالمين تسبب في شهادتها، والاعتداء على منزلها وزوجها الإمام علي (ع) وعلى سبطي وريحانة رسول الله (ص) الحسن والحسين (ع) وبداية سلب حقوقهم ووقوع المظلومية عليهم وهي مازالت منذ ذلك اليوم لغاية اليوم، وأعظم مظلومية لبنت النبي محمد (ص) السيدة الزهراء (ع) بالكلام أو الكتابة ومعاقبة من ينقل أو يكتب عن ذلك، فهو من المحرمات التي اتفق عليها معظم من حكم باسم الإسلام، ولغاية اليوم !!.

 رحلت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي غاضبة من الذين هجموا على بيتها وإحراق بابه واعتدوا عليها…، ومنعها من البكاء والتعبير عن حزنها على شهادة والدها رسول الله (ص) وحرمانها من حقوقها منها فدك، وحق زوجها إمام زمانها، حقوق منصوصة عن رسول الله (ص) عن الله سبحانه وتعالى، وما يزال القوم نفس القوم بالعداء والكراهية لبنت النبي وزوجها وأهل بيت الرسول (ص)، وقبل أيام رفض أعداء السيدة فاطمة الزهراء (ع) من تسمية اسم مسجد باسم مسجد الزهراء!. 

 ليكشف حقيقة القوم وما يحملونه من حقد وكراهية وبغض للسيدة الزهراء (ع) الذين يمنعون اسمها وذكرها، وهنا تظهر الحكمة من إخفاء قبرها كي لا يتعرض للانتهاك من اعدائها الذين هم بالتالي أعداء والدها سيد الخلق محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أوصى بـ محبة الزهراء (عليها السلام) ومحبتها دليل على محبة الله عز وجل ورسوله (ص). 

هناك مجموعة من التساؤلات ينبغي ان تطرح وعلى كل إنسان -مسلم ومسلمة- أن يعرف مكانة ومقام السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والأحداث التي وقعت عليها، ومن باب ديني وإنساني وأخلاقي الوقوف مع المظلوم ونصرته اي الوقوف مع السيدة الزهراء (عليها السلام)، ومن تلك التساؤلات التي يجب البحث عن إجابات لها هي:

 من هي السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وما هو مقامها عند الله (عز وجل) ورسوله (ص) وزوجها والأئمة الأطهار (ع) والأولياء والعلماء والصالحين والمؤمنين والشرفاء؟. 

 أليس سورة الكوثر التي في القرآن الكريم نزلت على الرسول الأعظم محمد (ص) بحق وتكريم لمقام السيدة الزهراء (عليها السلام)؟. أليست فاطمة الزهراء (ع) عندما طفلة صغيرة كانت ترعى والدها النبي الأكرم (ص) وتضمد جراحه وتزيل عنه ما يرمى عليه.. من أهل مكة وكانت تمسح عليه وتسليه فهي كانت له كالأم الرؤم الرحيمة والعطوفة كانت بلسم لجروحه ومشاعره، وكان (ص) يشعر بالراحة بقربها لدرجة انه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) يكنيها باسم ( أم أبيها)؟.

 أليس من الحب للنبي الكريم (ص) طاعته واحترام من يحبهم ومن اوصى بحبهم وتقديرهم؟. 

 لماذا القوم الذين يتفاخرون بالقول بأنهم يتبعون سنة النبي (ص) لا يتبعون ما كان يفعل (ص) اتجاه ابنته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث نقلت كتب السيرة: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعظم شأنها (أي فاطمة) ويرفع مكانها، وكان يكنيها بأم أبيها" كما جاء في كشف الغمة للأردبيلي؟.

 لماذا استهدفوا واعتدوا على السيدة فاطمة الزهراء وأهل بيته (ع) بعد شهادة والده النبي الأكرم (ص) مباشرة؟. 

هل هدف الاعتداء على السيدة الزهراء (ع) وحرق دارها بمن فيه هي وزوجها وبنيها، هو القضاء على آل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث إن كل نسل النبي (ص) من الإمام علي وابنته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وقد بشر النبي بالأئمة من بعده، فقد روي عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: "الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين والتاسع مهديهم". وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: "فاطمة مهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمة من ولدها أمناء ربي، وحبل ممدود بينه وبين خلقه، من اعتصم بهم نجا، ومن تخلف عنهم هوى"؟.

 أين هؤلاء القوم من السابقين والحاليين من الروايات الكثيرة للنبي (ص) التي تؤكد على وجوب محبة أهل البيت ورأس آل النبي هي بنته السيدة فاطمة الزهراء (ع) ومن تلك الروايات: عنه (صلى الله عليه وآله): أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: "حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن". 

 لماذا دفنت السيدة الزهراء (ع) بالليل ومنع حضور كل من غضبها، وغيب قبرها؟. 

 ما الاعتداء الذي تعرضت له سيدة نساء العالمين سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (ع) ولماذا منع الحديث والكتابة حول ما حدث من اعتداء على السيدة الزهراء من يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، ومن يؤذيها يؤذي النبي ومن أحبها فقد أحبه كما قال والدها الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):" فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني)"؟. 

 هل بالاعتداء على بنت رسول الله (ص) واهل بيته (ع) يتم رد جميل ما قدم (صلى الله عليه وآله وسلم)، للامة والبشرية حيث لم يقدم بشر مثل ما قدم كي يتعاملوا مع بنت النبي (ص) هكذا من اعتداء وظلم وكراهية)؟. 

 أليس من الإيمان ومكارم الأخلاق والآداب إكرام المرء في ولده؟.

 أين تكريم وتعظيم المتوفى في ولده والالتزام بالوصية لعامة الناس، فكيف لرسول الله (ص) والتعامل مع أهل بيته الذي أوصى باكرامهم وتقديرهم وطاعتهم؟!.

 يا للعجب والغرابة، أن تتعرض بنت النبي (ص) وأهل بيت نبي الأمة وقائدها ومن هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والذي اوصى خيرا بأهل بيته.. فقد روي انه قال: "أذكركم الله في أهل بيتي". وقال أيضا (ص): ".. وإني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحث على كتاب الله ورغَّب فيه ـ ثم قال: وأهل بيتي. أذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي الخ.. "!!. 

شهادة رسول الله بداية المصاب

 ولكن بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو على صدر أمير المؤمنين (ع)، حيث رُوي انه لَمَّا حَضَرَ رسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وآله المَوْتُ قَالَ (ص): ﴿ ضَعْ رَأْسِي يَاعَلِيُّ فِي حِجرِكَ فَقَدْ جَاءَ أَمْرُ اللهِ فَإِذَا فَاضَتْ نَفْسِي فَتَنَاولهَا بِيَدِكَ وَاِمْسَحْ بِهَا وَجْهَكَ، ثُمَّ وَجِّهنِي إِلَى القِبْلَةِ وَتَوَلّ أَمْرِي وَصَلِّ عَلَيَّ أَوَّلُ النَّاسِ، وَلَا تُفَارِقنِي حَتَّى تُوَارِيَنِي فِي رمسي وَاِسْتَعِن بِاللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَخَذَ عَلَيٌّ بِرَأْسِهِ فَوَضَعَهُ فِي حِجرِهِ وأُغمي عَلَيْهِ، فَبَكَتْ فَاطِمَةُ ثُمَّ قَضَى، وَمَدَّ أَمِيرُ المُؤمِنينَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ حَنَكِهِ فَفَاضَتْ نَفْسُهُ فِيهَا فَرَفَِعَهَا إِلَى وَجْهِهِ فَمَسَحَهُ بِهَا، وَصَاحَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَصَاحَ المُسْلِمُونَ وَوَضَعُوا التُّرَابَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ. ﴾.

 وروي أيضا أن الإمام علي (ع) قال: "فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين سحري وصدري نفسك، إنا لله وإنا إليه راجعون". وحتما حوله أهل بيته السيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين وزينب (عليهم السلام) وكذلك بني هاشم منهم عمه العباس. 

 حتما شهادة رسول الله (ص) خسارة للأمة والبشرية وقطعا المصيبة الأعظم بشهادته (ص) كانت عند بضعته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فهو روحها وحبيبها ورسولها ورحمة العالمين، وكذلك عند زوجها الإمام علي (عليه السلام) وعيالها أهل بيت النبي (ص) فهم أصحاب المصاب الجلل. 

وهناك روايات تذكر شدة تأثرها وحزنها لفراق أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي أول من زار قبر النبي الشريف والدها (ص)، اذ وفيما أهل البيت (عليهم السلام) محزنون مشغولون بـ مواراة الجسد الشريف لرسول الله (ص) وقع أسرع انقلاب من قبل القوم.. على الرسالة الإسلامية المحمدية الصحيحة، وتم الاعتداء على أهل بيت النبي (ص) وخاصة على بضعته فاطمة الزهراء (عليها السلام) الذي قال عنها والدها رسول الله (ص):"فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني)".

ماذا حدث بعد شهادة رسول الله (ص)؟.

 بمجرد ان علم القوم بشهادة ورحيل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، هجموا على أهل بيته، منزل بضعته وريحانته، ومن يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، والمجروحة والمتألمة والتي كانت في قمة الحزن والبكاء.. برحيل والدها وحبيبها ونبيها رسول الله (ص).. السيدة فاطمة الزهراء (ع) تعرضت لمصائب واعتداءات وحشية من القوم الذين كانوا حول والدها يظهرون الطاعة والولاء له وبعد شهادته انقلبوا على رسالته واعتدوا على أهل بيته!!. 

 ما هي تلك الاعتداءات والمصائب التي تعرضت لها السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد شهادة والدها، وهي سيدة نساء العالمين، بضعة النبي وريحانته من يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها، السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لتصفها الزهراء بالمصائب بقولها: صبت علي مصائب او انها.. صبت على الأيام عدن لياليا. 

 تنقل كتب التاريخ والسيرة بعض المصائب والاعتداءات فقط أي هناك أكثر وأعظم من ذلك، وان ما وصل إلينا فهو قليل جدا حيث هناك منع وتنكيل واستهداف لكل من يتحدث عن مظلومية السيدة الزهراء والهجوم على دارها!. ومصيبة واحدة من الاعتداءات والمصائب التي وقعت على السيدة الزهراء (ع) تكفي ليتضامن كل الاحرار والشرفاء والعالم معها لو عرفوا بها..، فالمصائب التي وقعت عليها كثيرة ومؤلمة جدا جدا..، ويمكن للمهتم أن يطلع عليها في الكتب المخصصة ومن الصعب ذكرها من خلال مقال. 

ماذا فعلت السيدة الزهراء بعد الاعتداء عليها؟

 تنقل كتب التاريخ والسيرة أنه بعد تعرض السيدة الزهراء (ع) للاعتداء توجهت الى قبر والدها لتكون هي أول زائرة له. ولكن بأي حال زارته بعد ساعات من دفن والدها؟. 

 مظلومة ملطومة، عصروها بين الباب والجدار، والمسمار اخترق صدرها، ولطموا وجهها، ومتورمة العينين، اسقطوا جنينها، نزفت الدماء منها، ضربوها بالسياط، وتعرضت لأكثر من ذلك واعظم..، وهي في حالة حداد وحزن وبكاء على رحيل والدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الخلق. تشرح الرواية بعد وصول الزهراء (عليها السلام) إلى قبر والدها الشريف وهي تتوجع من ما تعرضت له من ضرب ومصائب وهي تبكي تقول الرواية:" جاءته وأخذت قبضة من تراب القبر الشريف، فوضعته على عينيها، وبكت وأنشدت تلك البيتين: ماذا على من شم تربة أحمد… أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها… صبت على الأيام عدن لياليا. 

وربما يفهم من هذا أن فاطمة (عليها السلام) أول من رثى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)" وكانت تحضر يوميا إلى قبر والدها (ص) الشريف وتبكي عنده.

الزهراء رفض الظلم والمطالبة بالحقوق 

السيدة الزهراء لم تصمت بعد الاعتداء بل ذهبت إلى المسجد النبوي والدها رسول الله (ص) وألقت خطبة على الأمة ذكرت الحضور بوالدها (ص) حيث كانت أشبه الناس به، وتقول مصادر كتب السيرة انها خطبة تشريعية وتوعية وتحميل مسؤولية ممزوجة بالألم والتوجع واعتراض على ابتعاد القوم عن المنهج القرآني والسنة الصحيحة وتقاعس الناس عن ولاية أمير المؤمنين المنصب من النبي (ص) عن الله تعالى، واعتراض على ما نقل بعض القوم من روايات سمعوها من رسول الله (ص) فطالبت الحاكم بحق زوجها وبحقوقها وحقها ب أرض فدك، وتذكر أفراد الأمة بالرسالة الصحيحة لوالدها رسول الله (ص) وبالوصايا والعهود والمواثيق (والخطبة موجودة يمكن الاطلاع عليها عبر الكتب أو موقع الإنترنت). 

 السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عنوان محبة الله (سبحانه وتعالى) ورسوله (ص) والأئمة الطيبين الطاهرين، والامتداد الطبيعي لرسالة السماء وانتقال القيادة والحجة من النبوة إلى الإمامة عبرها، وهي مصداق المظلومية والعظمة..، وما أفضل من الوقوف معها ونصرتها فهي باب الرحمة بنت رحمة العالمين، ولهذا يجب معرفة مقام السيدة الزهراء (ع) وما حدث عليها من اعتداء.. والدفاع عنها؛ فالدفاع عنها فخر وشرف في الدنيا والآخرة. 

اضف تعليق