ذات مرة كنت امازح صديقي الذي يتجنب الاقتراب من اي فوهة يراها، كنت اظن للوهلة الاولى انه يمزح معي لكن بعد التحقق من الامر توصلت الى حقيقة انه يخاف الاقتراب منها فعلاً، وحين عدت الى قاموس الامراض لنفسية للبحث عن الحالة وجدت انها حالة نفسية تصيب ما نسبته من 16-20% من سكان العالم من الرجال والنساء...
ذات مرة كنت امازح صديقي الذي يتجنب الاقتراب من اي فوهة يراها، كنت اظن للوهلة الاولى انه يمزح معي لكن بعد التحقق من الامر توصلت الى حقيقة انه يخاف الاقتراب منها فعلاً، وحين عدت الى قاموس الامراض لنفسية للبحث عن الحالة وجدت انها حالة نفسية تصيب ما نسبته من 16-20% من سكان العالم من الرجال والنساء وفي جميع الاعمار بنسب متفاوتة، هذا الخوف هو ما يعرف علمياً بـ(فوبيا النخاريب) أو (فوبيا الثقوب).
فوبيا النخاريب حالة يشعر خلالها المريض بالقلق أو الاشمئزاز أو الغثيان من الثقوب المتراصة بجانب بعضها البعض أو الأسطح المكتظة بالثقوب أو النقاط الصغيرة المجتمعة، فمثلًا عند رؤية جسم الفراولة أو خلية النحل يحفز ذلك الشعور بعدم الراحة لمريض هذا النوع من الرهاب وكلما كبرت مساحة الدوائر زاد هذا الإحساس.
ما هي أعراض فوبيا النخاريب؟
إن أعراض فوبيا النخاريب هي أشبه بأعراض نوبة الذعر ومنها ما يأتي: الغثيان الشديد سيما بعد التعرض المباشر للحالة، حدوث رجفة في الجسم والاطراف على وجه الخصوص، اصابة الانسان بضيق في النفس عند التعرض لموقف مخيف ويصاحب ضيق التنفس وتسارع دقات القلب واضطرابها، تصبب العرق من جسم المصاب بصورة مفرطة.
اضافة الى الشعور بحكة في الجلد، غياب الوعي عن الفرد المصاب في بعض الاحيان، القشعريرة، الإحساس بانعدام الراحة وفقدان الشعور بالأمان، اجهاد العين أو تشوه النظر أو التوهمات البصرية، فقدان التركيز، وقد يعاني الأشخاص المصابون بفوبيا النخاريب من هذه الأعراض عدة مرات في الأسبوع أو كل يوم، وفي بعض الأحيان يكون الخوف من الثقوب والنخاريب لا يزول أبدا او انه يستمر لوقت طويل مع الانسان.
تصيب حالة فوبيا النخاريب النساء أكثر من الرجال نظراً للجلادة التي يتمتع بها الرجل بالمقارنة بالمرأة صاحب الضعف التكويني النفسي الذي يؤثر في هذا الجانب، وقد يصاب بها أصحاب المشكلات النفسية الاخرى كالاضطراب الاكتئابي، اضطراب القلق العام، اضطراب القلق الاجتماعي، اضطراب الوسواس القهري، الاضطراب ثنائي القطب.
الاسباب
رغم عدم اتفاق المعنين على الأسباب المباشرة لهذا المرض الى ان هناك جملة من الترجيحات التي من الممكن ان توصل الانسان الى هذه المرحلة من الخوف نذكر منها:
اولاً يحدث هذه المرض بفعل عامل الوراثة، اذ تقول العديد من الدراسات النفسية التي تخص هذا الموضوع ان ما نسبته 25% من أصحاب هذه الحالة لهم أقارب يعانونها منهم كالأبوين وربما الاجداد او الاعمام او الاخوال او غيرهم من الاقارب.
ثانياً_ يرجح ان يكون سبب الخوف من الفوهات هو امتداد للخوف الطبيعي من الأشياء المؤذية التي تشابه الى حد بعيد بعض الحيوانات المميتة كالتماسيح والثعابين والعناكب والحشرات والضفادع وغيرها من الحيوانات التي قد تظهر على جلودهم ارتفاعات أو ثقوب شديدة التباين تؤدي بالنتيجة الى خوف الانسان منها.
ثالثاً_ يرجح ان يكون هذا الخوف ناتج من خوف الانسان من الظلام وحين يرى المصاب اية فوهة سيما الفوهات العميقة التي تشاهد وكأنها بقعة ظلام يرتجف خوفاً منها.
العلاجات الممكنة
اولاً_العلاج السلوكي المعرفي الذي يحاول من خلاله المعالجون تغيير ردة الفعل تجاه مسبب الخوف عبر اعطاءه المسببات الحقيقية للخوف مع اقناعه بإمكانية مغادرة مخاوفه غير الحقيقية اذا اراد هو ذلك.
ثاني العلاجات هو العلاج بالتعريض والذي يلخص بتعريض الشخص لمسبب الخوف بشكل تدريجي وبعد عدة مرات من تكرار العملية سيزول الخوف تدرجياً لكن يحتاج هذا النوع من العلاج الى التحلي بالصبر والمطاولة مع المريض.
ثالثاً_ يمكن للجانب الديني للانسان ان يعالج هذا الخوف وغير من المخاوف الكثيرة التي تقتحم حياة الانسان، فكلما تسلح الانسان بسلاح الايمان بالله كلما واجه الحياة ومنغصاتها بتقبل وصلابة وبالتالي الاستمرار والاعتياد على كل ما فيها، تلك هي افضل العلاجات التي يمكن ان تحد من فوبيا النخاريب المزعجة للانسان والمهددة لأمنه النفسي.
اضف تعليق