الخبر بمفهومه البسيط والمختصر هو نقل لمعلومة آنية تستحق الاهتمام، والصحافة بصورة عامة لا تخرج عن إطار إخبار الافراد بما يحدث حولهم من احداث مختلفة، بعضها بسيط وبعضها الآخر معقد، لكن ثمة من حول مهنة الصحافة الى مهنة الابتزاز والكسب غير المشروع...
الخبر بمفهومه البسيط والمختصر هو نقل لمعلومة آنية تستحق الاهتمام، والصحافة بصورة عامة لا تخرج عن إطار إخبار الافراد بما يحدث حولهم من احداث مختلفة، بعضها بسيط وبعضها الآخر معقد، لكن ثمة من حول مهنة الصحافة الى مهنة الابتزاز والكسب غير المشروع.
حرية الصحافة والتعبير ربما هي المقياس الذي من خلاله نعرف فيما إذا كان البلد يتمتع بنظام ديمقراطي ام لا، فمؤشر الحريات الصحفية من المؤشرات التي لا يمكن ان تخطأ وتبتعد عن الصواب، فمن المستحيل ان تجد صحافة حرة في بلد دكتاتوري، والعكس صحيح، شيئان متلازمان حرية الصحافة والنظام الديمقراطي.
في العراق وتحديدا في السنوات الأولى بعد تغيير النظام اخذت الصحافة المحلية قسطا من الحرية، تناولت القنوات التلفزيونية كل ما يثير اهتمام الجمهور ويستفز الحكومات على تعاقبها، حتى وصل بها الحال الى اتباعها أسلوب التسقيط بالعملية السياسية وتشويه صورتها امام المجتمع الدولي.
طبعا لهذه المحطات والقنوات التلفزيونية اجندتها الخاصة وأهدافها المحددة التي تحاول تحقيقها، منها ان النظام الجديد لا يمكن ان ينجح ويسير بالمؤسسات الحكومية بالاتجاه الصحيح، وفيه من الثغرات التي تجعله قريب من الفشل أقرب منه الى النجاح، واخذت تبث سمومها عبر تقاريرها وبرامجها التلفزيونية وغيرها من البرامج المحبطة بالنسبة للجماهير.
استمر هذا الحال طالما الحكومات العراقية تتسم بالضعف وعدم قدرتها على ملاحقة المتصيدين في الماء العكر، ولا ننكر ان بعض التقارير تشير الى وجود حقائق على ارض الواقع، لكن ليس بهذه الصورة المبالغ فيها، فمثلا عند الحديث عن الفقر والحرمان، لا ينفي عاقل وجود هاتين المشكلتين ولا يمكن الاعتراض بشأنهما.
الاعتراض يأتي على التضخيم في حجم الظواهر السلبية او التقصير الحكومي في مجال ما، واخذت الحكومة بمفاصلها المتعددة تراقب بعض الحالات وتسعى لتصحيح مسارها، وهذه حسنة تسجل لصالح الإعلام العراقي، في تشخيص الأخطاء والعمل على تلافيها او تصحيحها من قبل الجهات الحكومية.
بينما السيئة التي يمكن تسجيلها على الإعلام المحلي هي الافراط في تناول السلبيات بينما يغلق عينه عن الإيجابيات الحاصلة في مجالات كالعمراني والتعليمي والصحي وغيرها، اذ امتزج هذا الافراط بالكذب والتظليل الموجه الى الجماهير، وبالنتيجة تريد ان تخلق رأي عام منهاض للنظام الجديد وعدم الرضى عليه بكل الأحوال.
في الجادة الإعلامية سارت العديد من الفضائيات والإعلاميين غير المهنيين، لا يملكون شيء من شرف المهنة واخلاقياتها، حولوا الإعلام الى مهنة الملاحقة الشخصية والتسقيط الفردي لبعض الرموز الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي، وتحولت التغطيات الصحفية لخدمة هذا الهدف.
ومن يتابع الحركة الإعلامية في السنوات الأخيرة يراها تدور في فلك الابتزاز الإعلامي وليس التغطية الحقيقية الهادفة لاطلاع الجمهور بكل ما يتعلق بالجوانب العمرانية وكشف ملابسات العديد من الحقائق المبهمة، وحملت راية هذا النوع من الإعلام شخصيات لا تحمل من المهنة الا اسمها.
مثل هذه القنوات التلفزيونية المبتزة استفادت من خدمة الشبكات الاجتماعية وانتشارها بين الأوساط، فاتخذتها الوسيط القوي لنشر عمليات التهريج والتسقيط التي تتبعها بحق جهات تختلف معها في التوجهات السياسية، وتشغل مناصب حساسة في الحكومة، مما يدفع مثل هذه الشخصيات تقديم العروض مقابل السكوت او المحاباة المطلقة.
عدوى الابتزاز انتقلت الى بعض الشخصيات الداخلة على خط الصحافة وانتشرت ظاهرة الابتزاز الإعلامي على أيديهم، وأصبحت سنة يسير عليها من يحاول اقتناء سيارة فاخرة او قرب من المسؤول المتنفذ في المحافظة او الدولة بمختلف مستوياتهم، مقابل ذلك تحوله الى بوق لتلك الشخصية والتمجيد بها.
تنازل بعض الصحفيين عن مسؤوليتهم الأخلاقية والمهنية في نقل الاخبار والاحداث بكل شفافية، حيث ابتعدوا الى ابعد نقطة من الموضوعية والمصداقية، وصار الابتزاز ديدنهم في الحصول على المكاسب الوقتية الزائلة بزوال المسؤول وتغيير منصبه.
من الضروري تطهير الوسط الصحفي من هذه النماذج التي شوهت وحرفت المهنة عن مسارها، وأن يتم تعزيز ودعم قيم وأخلاقيات مهنة الصحافة، لأنها هي الضمانة الأساسية لنقل الأخبار والمعلومات بمصداقية وشفافية.
اضف تعليق