سجل إعلام مواقع التواصل الاجتماعي في كلّ البلدان تقريباً حضوراً مذهلاً في أزمة كورونا، ومنذ ظهور الحالات الأولى من الإصابة بالفايروس بتوفيره المعلومات والأخبار بشأنه ودعوة المواطنين إلى الحذر باتباع الإجراءات الوقائية بل إنَّ جائحة كورونا وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي في الكثير من دول العالم قبل وصول الفايروس إلى حدود الدول وأجوائها...
سجل (إعلام) مواقع التواصل الاجتماعي (في كلّ البلدان تقريباً) حضوراً مذهلاً في أزمة كورونا، ومنذ ظهور الحالات الأولى من الإصابة بالفايروس بتوفيره المعلومات والأخبار بشأنه ودعوة المواطنين إلى الحذر باتباع الإجراءات الوقائية بل إنَّ جائحة كورونا وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي في الكثير من دول العالم قبل وصول الفايروس إلى حدود الدول وأجوائها؛ ليشهد المجتمع الرقمي حالتي سلوكية ومعلوماتية غير مسبوقتين.
ايجابياته في أزمة كورونا:
تعامل إعلام مواقع التوصل الاجتماعي في أحد جوانبه بمنهج الإيجابي مع الأزمة، متمثلاً بمحاولته امتصاص الأزمة، وتغليب مصالح المواطنين، والاهتمام بالجوانب الاقتصادية والثقافية للمجتمع وتطويرها، بحيث كان عاملاً مساعدًا على معالجة الأزمات. ومن أهم أدواره الإعلامية:
– إنَّ الإعلام التقليدي اتكأ عليه في نقل الحقائق عبر الانترنيت كوسيلة آمنة كنقل صوت المصابين بالفيروس ومعاناتهم إلى العالم، وغضَّ النظر كثيراً عن جودة الصورة والصوت لمصلحة القدرة على التواصل الآمن ولو بجودة أقل.-نجح إعلام مواقع التواصل الاجتماعي في توعية المجتمع الرقمي بأهمية التباعد الاجتماعي واتخاذ الاجراءات الوقائية كاستعمال الكمامات والمحاليل المعقمة وغيرها، وباتت من الأمور البديهية في المجتمعات، ومنها المجتمع العراقي.
– عمل على نشر ثقافة التفاعل والتعاضد المجتمعي وتقديم الدعم للعوائل الفقيرة والمتعففة، ونظمت بعض المجاميع الشبابية عملها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
– عملت صحافة المواطن على تسليط الضوء على قصص ومبادرات ايجابية في فترة الفايروس، وبفضلها وصلت إلى العالمية، كما عملت على فضح الأعمال غير الأخلاقية في الفترة نفسها كطرد الفقراء من بيوتهم لعدم دفعهم المستحقات الشهرية بسبب البطالة في فترة الحظر.
– بث فيديوهات وأفلام قصيرة ورسوم متحركة توعوية وارشادية عن الفايروس وطرق الوقاية منه.
-استخدم الأطباء والكوادر الطبية مواقع التواصل الاجتماعي لنشر رسائل صحية وتوعوية تثقيفية إلى المواطنين والمصابين والمرضى بأمراض مزمنة.
– عمل على بث الايجابية والأمل بنشر قصص المصابين الذين تماثلوا للشفاء من الفايروس.
وبذلك يكون إعلام مواقع التواصل الاجتماعي قد واجه الأزمة في مراحلها كافة، أي في المرحلة الأولى مرحلة الانتشار، والمرحلة الثانية مرحلة الاتساع والنمو، منها: كمقاومة السلوكيات السلبية وتأكيد السلوكيات الإيجابية وضرورة إعداد الرأي العام لتقبّل نتائج الأزمة وغيرها، وانتهاءً بالمرحلة الثالثة وهي مرحلة انحسار الأزمة وازالة أثارها السلبية.
سلبيات المواقع
ومن سلبيات (إعلام) مواقع التواصل الاجتماعي هو:
-سهولة انتشار الإشاعات والمعلومات المتناقضة والأخبار غير الدقيقة إلى المواطنين بل إنَّ بعض مراكز المعلومات والأخبار تداولت شائعات مواقع التواصل الاجتماعي كأخبار! والملفت في هذا الجانب وكما تظهر الأبحاث أنَّ المعلومات الكاذبة يتم تغريدها ونشرها بشكل أكبر وأسرع من المعلومات الصحيحة والمستندة إلى العلم والحقائق. ممَّا ينعكس سلباً على الرأي العام؛ فبعض هذه الأخبار فاقمت من الشعور بالهلع والذعر وبعضها ساعد على الاستهانة بالإجراءات الوقائية.
-التشكيك بصحة الأرقام الصادرة من مؤسسات صحية بشأن عدد الاصابات أو الوفيات والتهكم بها وتحليلها ونقدها.
تخمة اعلامية
-حدوث ما يسمَّى بالفوضى أو التخمة الإعلامية، وهي ناجمة عن تدفق كمية مفرطة من المعلومات بشأن مشكلة ما، ممَّا يجعل حلها أكثر صعوبة، بسبب نشر التضليل المعلوماتي والشائعات في أثناء الطوارئ الصحية، وهو ما يعيق الاستجابة الفعالة ويؤدي إلى حالة من الارتباك وعدم الثقة بين الناس. وتُظهر الأبحاث أنَّ كم المعلومات وشدَّة تدفقها غير القائم على الأدلة عبر منصات التواصل الاجتماعي كان سريعاً ومحموماً وبوتيرة أعلى من انتشار الموثوق منها عبر المنصات نفسها.
-مكنت هذه المواقع من تسهيل نشر الخرافات والأساطير الخاصة بالفايروس.
-ساعدت على الترويج لأدوية أو أعشاب على أنَّها تساعد في الشفاء من فايروس كورونا، كالبخور والحرمل والحبة البركة والسماك.
وفي الختام نقول إنَّ الإعلام مارس في بعض مستوياته المبالغة والتناقض والتهويل أثناء الأزمة؛ لأسباب عديدة، منها: انَّ الكثير من وسائل الإعلام تهتم بجذب أكبر عدد من المتابعين وبوسائل مختلفة قد تكون منافية للأعراف والسياق العام، وكلما زادت الإثارة زادت نسبة المشاهدة، وبالتبعية زاد إقبال المعلِن عليها. كما أنَّ كثيراً من الإعلاميين كانوا ينسقون خلف الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن اتّسم بعضها بالمصداقية والتزم بالضوابط التي تحكم دورها في إدارة الأزمات فضلاً عن قيامه بالفورية في نقل أخبار الأزمة، والتعريف بها وإمداد الجمهور بالحقائق التفصيلية، والعمق والشمول في تغطية جوانبها المختلفة، وكان هدف الكثير منها في تناولها الإعلامي مساعدة المجتمع في مواجهته لأزمة كورونا والتغلب عليه.
ويمكن القول أنَّ هذه المواقع مارست أدوارها ووظائفها التوعوية والتثقيفية؛ فهذا الاهتمام العالمي الذي رافق ظهور وتطور ومعالجة كورونا لم يكن ليتحقق لولا التحشيد الكبير من وسائل الإعلام بكافة أنواعها.
اضف تعليق