الإعلام التفاعلي، يربك بشكل واضح الوسائط القديمة من مؤسسات إعلامية حكومية وخاصة، مثل الصحف والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، التي انتبهت الى نقاط قصورها فبدأت تتعايش مع خطوط الإعلام الجديدة التي هي ثمرة الابتكار التكنولوجي، عبر تفعيل حضورها في مواقع الويب والمدونات والفيديو والتطبيقات الرقمية وبرامج الواقع...
تتطورُ بيئة الإعلام بديناميكية منفتحة على طرق النشر والكتابة الحديثة، لكن العامل المهم الذي يطرأ عليها، هو تحوّل صناع القرار، الى ناشرين وكتاّب، عكس النمطي في الصحافة التقليدية، حيث الصحافي هو الجسر، مع النخب، التي تتسابق على التدوين والتغريد، والصفحة المموّلة، ولم تعد بحاحة الى الإعلامي التقليدي.
وفي العراق يحث ذلك أيضا، حيث تضيع الحدود بين السياسة والكتابة، ويتحول الإعلام الى «اعلان».
لكن لذلك عواقب وخيمة على العلاقة بين سلطات الحكم والصحافة، لأن وسائل الإعلام الجديدة سوف تقلب طريقة عمل المؤسسات الحكومية، والكيفية التي يتواصل بها القادة السياسيون، ومسالك منافساتهم، اذ يسعى كل واحد منهم الى امتلاك نافذة اعلام خاصة به، وأصبح اعلام الدولة رمزيا، أكثر منه تفاعليا.
الإعلام السياسي في العراق، يقايض على المنصات وداخل الشبكات، مشاريع التسقيط المتبادل، بدلا من التفاعل والتعاون، بينما تحوّل السياسيون العراقيون الى إعلانيين – لا اعلاميين - بامتياز، عبر النشر الحي.
«القرية العالمية» التي تنبأ بها منظّر الاتصالات مارشال ماكلوهان في الستينيات، اصبحت حقيقة، تتكسّر عندها قيود الزمان والمكان، كما توقع ذلك كتاب «عالم مسطح» لتوماس ل. فريدمان، وتطورت معها وبسرعة على مدى العقود الثلاثة الماضية، انظمة الإعلام السياسي، وأصبحت الصحافة المحايدة المستقلة اكثر تهميشا، في اغلب انحاء العالم، بعدما انخرط المواطنون أيضا في عالم النشر السياسي، وأصبحت المنابر، تعرض آراء النخب والمواطن البسيط، عبر الصفحات التفاعلية على قدر واحد من العناية، بل ان مدوّنين باتوا يتفوقون على السياسيين المعروفين والزعماء في اعداد المتابعين.
الإعلام التفاعلي، يربك بشكل واضح الوسائط القديمة من مؤسسات إعلامية حكومية وخاصة، مثل الصحف والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، التي انتبهت الى نقاط قصورها فبدأت تتعايش مع خطوط الإعلام الجديدة التي هي ثمرة الابتكار التكنولوجي، عبر تفعيل حضورها في مواقع الويب والمدونات والفيديو والتطبيقات الرقمية وبرامج الواقع.
أدخلت وسائل الإعلام الجديدة مستوى متزايدًا من التكهن بالأحداث السياسية من قبل المواطن، الذي أصبح متيقنا انه بات يستطيع توجيه الاحداث وصناعتها، عبر حضوره الفعال في الاعلام التفاعلي، وهو ما حصل في تظاهرات العراق، وقبلها ثورات الربيع العربي. في الدول الاوروبية وامريكا حيث الاعلام سلطة رابعة، فعليّة لا مجرد تنظير، كما في العراق ودول مختلفة، فان التنافس بين وسائل الإعلام الجديدة، والتقليدية على أشده، لكن عدد قرّاء النسخة المطبوعة من صحيفة نيويورك تايمز، ومشاهدي البرامج الإخبارية للشبكات الليلية وأولئك الذين يصلون إلى المواقع الإخبارية السياسية، وأخبار التلفزيون الكابلي، والشبكي، مازال في المقدمة بين المتابعين فوق سن الثلاثين، وفق احصائيات.
وسائل الاعلام التقليدية، مازالت هي الراجحة لدى النخب السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، بينما ينال الاعلام التفاعلي الجديد لقب إعلام الجمهور، وقد نجح في تزويد المواطنين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات مدروسة حول القيادة والسياسة، واسّس لمنتديات مؤثرة للتعبير السياسي.
في العراق، والكثير من الدول، نجحت الجماعات العقائدية لاسيما الدينية منها في التبشير بمبادئها، بواسطة الاعلام الجديد، وحصدت ثمارها بوصول اعداد المناصرين الى الملايين، كما دخلت الجماعات المدنية والعلمانية على خط الاعلام الجديد أيضا، في تأكيد وجودها، ويمكن رصد ذلك بسهولة في التفاعلات العراقية المختلفة في فيسبوك وتويتر.
الأمر المؤكد، ان هيئة الاعلام الرسمي او الحكومي أو الموجّه، تنهزم امام الاعلام الجماهيري التفاعلي المفتوح المصادر والموارد، وهو الذي سوف يسبك الاحداث والأفكار، بعيدا عن هيمنة الدولة، او الحزب العقائدي، او الجماعة الدينية.
اضف تعليق