التأثير المطلوب الذي تريد ان تحققه، لا يتحقق مالم تكن هنالك دراسة لطبيعة الجمهور عبر اجراء استبيان لمعرفة رجع الصدى من البرامج المقدمة وبعد هذه الخطوة الشروع بخطة برامجية وإجراء تعديلات للرسالة الإعلامية التي يُراد منها ان تكون الرسول الأمين الذي يوصل وجهات النظر...
عندما تتابع بإمعان أحد البرامج الحوارية على القنوات التلفزيونية تجده خال من المحتوى، فهو عبارة عن اجترار الكلام السابق ولم يأتي بجديد من حيث الطرح وأسلوب الحوار الذي عده الجمهور المتابع منذ سنوات.
في كل يوم تعرض القنوات التلفزيونية العديد من البرامج الحوارية، وبمضامين مختلفة، فبعضها سياسي وآخر اجتماعي واقتصادي وطبي الى آخره من الأصناف البرامجية، اذ نلاحظ الاسماء متغيرة لكن المضمون متشابه الى حد ما، ولم يتغير سوى اسم المقدم وما يرتديه.
في بداية المشوار علينا ان نوضح قضية معينة وهي ان جميع وسائل الإعلام تابعة لجهات او احزاب معينة، وما يقدم خلالها بالتأكيد يتماشى مع وجهة نظر الحزب والتسويق لسياسته، فعن طريق هذه البرامج يتم الترويج لافكار الجهة المالكة وترسيخ رؤيتها لدى الجمهور.
ومن اجل ذلك فان المحطة التلفزيونية والإذاعية تجلب الضيوف الذين يحملون ذات الآراء التي تدعمها القناة وتحاول غرسها في نفوس جمهور الحزب الفلاني او الحركة الفلانية، وبذلك أصبحت الغاية من الحوار معروفة والنتيجة واضحة ولا تحتاج الى قدر كبير من الفراسة والفطنة لتميز ما يحاول المقدم الذهاب اليه في الختام.
على مدى سنوات طُرحت عبر القنوات الفضائية الآلاف من الأفكار، ونوقشت مئات الموضوعات التي تهم حياة الناس بشكل مباشر، لكن ومن الملاحظ ان هذه الحوارات والمناقشات لم تنته الى نتيجة مرضية قادرة على إقناع الجمهور.
والسبب بما تقدم هو طريقة الطرح التقليدية التي اعتمدتها اغلب القنوات في برامجها الحوارية، ولم تتمكن الخروج من القوالب القديمة التي اعتاد الجمهور على مشاهدتها منذ سنين، اذ اصبح المشاهد بمجرد ان يرى الضيوف يهرب الى محطة اخرى في رغبة منه للبحث عن الجديد والتخلص من نمطية الطرح السائدة، وعملية إعادة تدوير المعلومات السابقة التي يعرفها نسبة كبيرة من الجمهور لاسيما الداخلي.
ما ذكر انفاً في الفقرات السابقة، لا يعني خلو الساحة الاعلامية من برامج حوارية متميزة، قائمة على الطرح الموضوعي والدقة في تقديم المعلومة، بيد ان هذا النوع من البرامج شحيح للغاية ولم يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، من بين الكم الهائل من القنوات العراقية التي اقتربت من المائة.
كما توجد بعض البرامج الحوارية تعنى بتقديم كم هائل من المعلومات المفيدة للجمهور ورفع قدر معرفته بجانب معين من الجوانب المهمة في الحياة اليومية، ومثل هذه البرامج هي التي تعطي بيانات حول الانتخابات في البلاد، او تفشي مرض معين او انتشار ظاهرة محددة.
في بعض البرامج التي نتابعها نشاهد ضيفين يدافع كل واحد منهم عن فكرة يتبناها، وهو بذلك أصبح بوق دعائي للجهة التي يمثلها، ولم يتمكن من إضافة جمهور آخر لما يمتلكه من رصيد جماهيري، لديه القناعة والإيمان بالنهج الذي ينتهجه والسياسية التي يتبعها.
وبذلك يكون وقت البرنامج اشبه بفيلم تمت متابعته ولم يبقى عالقا في الذاكرة منه سوى شيء بسيط يتبدد بمرور الوقت، نعم هي كذلك البرامج التي تم اعدادها بطريقة بسيطة، لا يمكن ان ننتظر منها احداث التأثير المتوقع، مثلما تحدثه البرامج التي يتم عرضها على المحطات التلفزيونية العربية وتتمكن من تحريك الرأي العام وتُغير في اتجاهات الجمهور حول قضية داخلية او خارجية.
اذا ارادت وسائل الإعلام المحافظة على ما تبقى من سمعتها امام متابعيها، عليها ان تخلع الرداء القديم وتردي آخر اكثر اناقة لتظهر بالمظهر اللائق امام العامة، فلا يمكن ان تكون مؤثر في اتجاهات الأفراد وهي على هذه الشاكلة.
التأثير المطلوب والحلم الذي تريد ان تحققه لم يتحقق مالم تكن هنالك دراسة لطبيعة الجمهور عبر اجراء استبيان لمعرفة رجع الصدى من البرامج المقدمة وبعد هذه الخطوة الشروع بخطة برامجية وإجراء تعديلات للرسالة الإعلامية التي يُراد منها ان تكون الرسول الأمين الذي يوصل وجهات النظر ومن ثم ننتظر المكاسب المطلوبة.
اضف تعليق