في دراسة حول تعددية وسائل الاعلام والديمقراطية قامت بها المفوضية الاوربية بينت ان وسائل الاعلام في أوربا باتت غير موثوق بها وعدم الانصياع وراء اخبارها حيث بينت الدراسة ان كل شخص في أوربا من كل اثنين لا يصدق ان وسائل الاعلام في بلاده تبث معلومات "جديرة بالثقة".
وكان السبب الرئيسي لهذا التخلخل او عدم الثقة حسب الدراسة ان الصحافة في الدول الاوربية مازالت تخضع الى رقابة ولا تتمتع بديمقراطية مطلقة، وقد كشفت نتائج الاستطلاع الذي شمل 28 الف مواطن اوربي من مختلف الفئات الاجتماعية والديموغرافية انه ما زال يتعين، من وجهة نظر الاوروبيين، القيام بخطوات كثيرة، لتأمين استقلالية وسائل الاعلام.
لعل أحد أسباب عدم ثقة الرأي العام الأوربي بأعلامهم الغربي من خلال حوادث الانتهاكات الحقوقية والدستورية التي تتعرض اليها المؤسسات الإعلامية في أوربا من قبل الحكومات ومزجها بقضايا سياسية ففي المجر احدى دول الاتحاد الأوربي تم تعليق صدور صحيفة "نيبزابادساغ" وموقعها الالكتروني أكبر صحيفة للمعارضة المجرية التي تملكها مجموعة "ميديا ووركس" ما اثار قلق المختصين والخبراء على حرية الصحافة في ظل حكومة رئيس الوزراء فيكتور اوربان. هذا من جانب.
من جانب اخر ان العمل الإعلامي عمل من اهم سماته الاخلاق فكلما كان الإعلامي ذو سمعة واخلاق كلما كسب ثقة المقابل لكن المجتمع الأوربي بدأ يفقد ثقته بالصحفيين أنفسهم وذلك بسبب انتشار الجرائم الغير أخلاقية في الأوساط المؤسسات الإعلامية الغربية، ففي فرنسا تورط المذيع جان مارك مورنديني في قضية متعلقة بـ"التحرش الجنسي" ضد ممثلين شبان. هذه القضية أثارت ضجة في الساحة الإعلامية الفرنسية الامر الذي بالتأكيد يحطم جسر التواصل والتفاهم ومصداقية الخبر بين الاعلامي او الصحفي بالذات والمتلقي.
لكن هذا لا يعني عدم وجود جانب مشرق في الصحافة الاوربية او الاعلام الغربي فهو أساس الخبر الرزين والصائب وعندما تتفاوت الاخبار والاقاويل حول موضوع او خبر معين يكون الفاصل بين هذا وذاك هو فرانس24 التي حصلت على جائزة "بايو-كالفادوس" المعروفة باسم "البالميير" والتي تمنح للتقارير الصحفية والأفلام التي يعدها الصحافيون والمراسلون الحربيون من مناطق النزاعات. وحصلت فرانس24 على الجائزة في فئة تصوير الفيديو عن تقرير من سوريا بعنوان "معركة الشدادي: اتحاد ضد الرعب".
اما صحيفة واشنطن بوست المعروفة بتقاريرها القوية وشديدة اللهجة فقد منحت جائزة بوليتزر وذلك عن تقريرها في حملة دونالد ترامب المرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية ولصحيفة نيويورك تايمز لكشفها عن استيلاء فلاديمير بوتين المستتر على السلطة، في إشادة بالتحقيق الذي أجرته الصحيفتان عن شخصيات تتمتع بالنفوذ على الرغم من وجود مناخ معاد لوسائل الإعلام.
استطلاع للرأي
على رغم ان اكثرية ضئيلة من مواطني الاتحاد الاوروبي يعتقدون بمصداقية وسائل اعلامهم (53%)، إلا ان 44% يعتقدون العكس. وفي مقدم البلدان التي يمكن تصديق وسائل اعلامها، ثلاث دول اسكندينافية: فنلندا (88%) والدنمارك (77%) والسويد (77%). وفي المقابل، يعتبر 73% من اليونانيين و63% من الفرنسيين و59% من الاسبان، ان وسائل اعلامهم لا تبث معلومات جديرة بالثقة.
وكشفت دراسة حول "تعددية وسائل الاعلام والديموقراطية" اعلنتها المفوضية الاوروبية، عن هوة بين هذه البلدان الثلاثة وبلدان شمال اوروبا على صعيد مفهوم مواطنيها لوسائل الاعلام. ويعتبر 87% في اليونان و71% في اسبانيا و69% في فرنسا ان المعلومات التي تقدمها وسائل الاعلام ليست "متحررة من الضغوط التجارية والسياسية".
ويعتقد 78% من الفنلنديين و61% من الدنماركيين و61% الهولنديين، ان صحافتهم الوطنية مستقلة. وعلى الصعيد الاوروبي، يعتبر 57% من الذين سئلوا اراءهم، ان الاعلام يخضع للضغوط و38% انه مستقل. والمثال الاخر، هو ان 52% من اليونانيين و41% من الفرنسيين و41% من الاسبان يعتقدون ان وسائل اعلامهم لا تعرض "مختلف وجهات النظر والاراء". من جهة اخرى، يعتبر ايضا 85% من الفنلنديين و84% من الهولنديين و82% من الدنماركيين، ان وسائل اعلامهم متنوعة كثيرا. بحسب فرانس برس.
وخلصت مؤسسة "تي.ان.اس اوبينيون" التي اجرت هذا الاستطلاع الى ان "هذه النتائج تكشف انه ما زال يتعين، من وجهة نظر الاوروبيين، القيام بخطوات كثيرة، لتأمين استقلالية وسائل الاعلام، حجر الزاوية للديموقراطية في الاتحاد الاوروبي". شمل الاستطلاع 28 الف مواطن "من مختلف الفئات الاجتماعية والديموغرافية"، من خلال مقابلات اجريت وجها لوجه او امام منازلهم، لاعداد هذا الاستطلاع في البلدان ال 28 للاتحاد الاوروبي.
حرية الصحافة تتعرض لخطر
في نفس الشأن تم تعليق صدور أكبر صحيفة للمعارضة المجرية وفق ما اعلنت مجموعة "ميديا ووركس" التي تملكها، ما يثير قلقا على حرية الصحافة في ظل حكومة رئيس الوزراء فيكتور اوربان. ووصفت المعارضة الاشتراكية تعليق صدور صحيفة "نيبزابادساغ" وموقعها الالكتروني بانه "يوم اسود بالنسبة الى الصحافة" ودعت الى تظاهرة امام مقر الصحيفة.
واعلنت مجموعة "ميديا ووركس" في بيان نقلته وكالة "ام تي آي" ان تعليق صدور الصحيفة عزي الى اسباب اقتصادية على ان يستمر حتى "اعداد وتنفيذ مفهوم جديد". والصحيفة المذكورة تأسست قبل ستين عاما ويعني اسمها "الشعب الحر". وهي الاكثر انتشارا في المجر وتتميز بمعارضتها الشديدة لرئيس الوزراء وسياسته المناهضة للهجرة.
ومنذ تسلمه الحكم في 2010، اتهم اوربان (53 عاما) على الدوام بانه يريد استخدام وسائل الاعلام لمصلحته، ويؤكد معارضوه ان متمولين قريبين من حكومته اشتروا العديد من المؤسسات الاعلامية الخاصة. وقال مسؤول في تحرير الصحيفة لفرانس برس "هذا يشكل ضربة هائلة للصحافة الاستقصائية ولحرية الصحافة. (هذه الصحيفة) تمثل اكبر مجموعة للصحافة ذات النوعية في المجر تحاول الدفاع عن الحريات الاساسية والديموقراطية والتعبير الحر والتسامح". وتقول مجموعة "ميديا ووركس" التي تعود الى قطب اعلامي نمساوي واشترت "نيبزابادساغ" والعديد من العناوين المجرية في 2014، ان توزيعها تراجع بنسبة 74 في المئة في الاعوام العشرة الاخيرة وتقدر خسارتها بخمسة مليارات فورينت (16,4 مليون يورو).
في بروكسل، اعتبر جياني باتيلا رئيس التحالف التقدمي للاشتراكيين والديموقراطيين، وهو اكبر مجموعة ليسار الوسط في البرلمان الاوروبي، ان الوضع المالي للصحيفة هو مجرد "ذريعة"، مضيفا في بيان ان "حرية الصحافة تتعرض حاليا للخطر في المجر". وقال "من الشائع جدا في الانظمة غير الديموقراطية ان تغلق صحف تزعج الحكم عبر كشفها مثلا حالات فساد واضحة. وهذا بالضبط ما حصل لنيبزابادساغ".
وقبل الاستفتاء الذي شهدته المجر حول اعادة توزيع اللاجئين في الاتحاد الاوروبي، نشرت الصحيفة مقالات عدة عن فضائح تورط فيها سياسيون قريبون من اوربان. واظهر الاستفتاء رفض 98,3 في المئة لاعادة توزيع اللاجئين، لكن المشاركين فيه لم تتجاوز نسبتهم اربعين في المئة ما جعله لاغيا. ووزعت الصحيفة في شكل اعتيادي لان العاملين فيها لم يبلغوا مسبقا بتعليق صدورها. وقال صحافيوها في رسالة نشروها على صفحتها على موقع فيسبوك ان "البلاد علمت (بامر التعليق) قبلنا (...) اعتقدنا للوهلة الاولى ان هناك انقلابا".
احتجاج على مذيع
على صعيد متصل أوقات صعبة يمر بها صحفيو قناة "إي تيلي" الإخبارية الفرنسية التابعة لشركة "كنال بلوس" بعد أن قرر مالكها فنسان بولوري توظيف المذيع جان مارك مورنديني المتهم من قبل القضاء الفرنسي بـ "التحرش الجنسي" بحق ممثلين شبان. وتفجرت قضية التحرش في شهر يوليو/تموز الماضي عندما نشرت مجلة فرنسية تهتم بقضايا مثليي الجنس تحقيقا مفصلا عن الممارسات المهنية لهذا المذيع.
وكشف التحقيق أن جان مارك مورنديني كان يطلب من بعض الممثلين المشاركين في برنامج يحكي حياة فريق لكرة القدم في الضاحية الباريسية بخلع ملابسهم بشكل كامل وممارسة العادة السرية أمام كاميرا هذا المنتج، إضافة إلى ممارسات أخرى. جان مارك مورنديني نفى أن تكون لديه أية علاقة بهذه القضية واتهم بعض المذيعين العاملين في قنوات منافسة أخرى بفبركتها وبالسعي للمساس من "سمعته" و"شرفه".
وبالرغم من أنه لم يصدر أي حكم قضائي نهائي في حق مورنديني، فإن مخلفات الفضيحة ألقت بثقلها على هذا المذيع الذي أصبح غير مرغوب فيه بالعديد من وسائل الإعلام الفرنسية. هذا، وعادت قضية مورنديني إلى الواجهة بعدما قرر مالك قناة "إي تيلي" فنسان بولوري توظيفه من جديد في القناة، الأمر الذي أثار استغراب واستياء الصحفيين الذين ثاروا ضد هذا القرار، مطالبين الشركة بالتراجع عنه.
لكن فنسان بولوري واجه احتجاجات قسم التحرير بحجة أن القضاء لم يصدر حكمه بشكل نهائي في قضية مورنديني. أبعد من ذلك، دعا هذا المستثمر، المقرب من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي والذي يملك شركات عديدة في فرنسا وفي أفريقيا، كل الصحفيين الذين يرفضون عودة المذيع إلى قناة "إي تيلي" بمغادرتها مقابل الحصول على مبلغ مالي من الشركة. بحسب فرانس برس.
وفي بيان صحفي، طالب صحفيو قناة "إي تيلي" الإدارة بتعيين مدير جديد للتحرير يتعامل بشكل حيادي مع الأخبار ويحترم أخلاقيات المهنة إضافة إلى تأجيل توظيف جان مارك مورنديني إلى أن يبت القضاء نهائيا في قضيته. وتأتي هذه القضية في وقت يتعرض فيه الإعلام الفرنسي إلى ضغوطات سياسية واقتصادية وإلى نقص في الموارد المالية والبشرية.
جوائز للمراسلين الحربيين
من جهة أخرى منحت جائزة "بايو-كالفادوس" للمراسلين الحربيين في فرنسا لتحقيقات نشرتها أسبوعية "دي تسايت" الألمانية عن فئة الصحافة المكتوبة ووكالة رويترز عن فئة التصوير و"بي بي سي" عن الإذاعة و"فرانس 2" و"فيس" عن التلفزيون وفرانس24 عن تصوير الفيديو. وشهدت هذه النسخة من الجوائز، وهي رقم 23، استحداث جائزة عن فئة تصوير الفيديو منحت للصحفي في فرانس24 روميو لانغلوا عن تقرير من سوريا بعنوان "معركة الشدادي: اتحاد ضد الرعب" أنجزه مع مايسة عواد بالتعاون مع محمد حسن وماري دروي.
وفي الصحافة المكتوبة، كوفىء فولفغانغ باور الصحافي المستقل المولود في 1970 عن تحقيق في نيجيريا تناول نساء احتجزن لدى جماعة بوكو حرام ونجحن في الفرار. وحمل المقال الذي نشر في "دي تسايت" عنوان "صرت شخصا آخر، شخصا لم أعد أستطيع التعرف إليه".
في التصوير، كوفئ مصور وكالة رويترز اليوناني يانيس بهراكيس المولود العام 1960 عن تحقيق بعنوان "المضطهدون" حول وصول لاجئين إلى اليونان. وقد فاز في الوقت نفسه بجائزة لجنة التحكيم المهنية برئاسة الصحافي الفرنسي جان-كلود غيبو وبجائزة الجمهور. في الإذاعة، منحت الجائزة لجيريمي باون من "بي بي سي نيوز" عن تحقيق حول اليمن.
وفي الشريط التلفزيوني القصير، كانت الجائزة من نصيب أرنو كونت وستيفان غيمو من "فرانس 2" عن "الهروب بأي ثمن من الموصل" الذي صور في نيسان/أبريل في قرية قريبة من الموصل على خط الجبهة الذي تسيطر عليه قوات البشمركة الكردية على بعد بضعة كيلومترات من مواقع تنظيم "داعش".
وفي الشريط التلفزيوني الطويل، فاز أيمن أوغانا وفارزر جاف من قناة "فيس" عن تحقيق في العراق بعنوان "طريق الفلوجة". كذلك، فاز غيوم هيربو وبول وازان من قناة "آرتي" الفرنسية الألمانية بجائزة الصحافة الإلكترونية عن تقرير حول أوكرانيا. ومنحت جائزة مصور صحافي شاب إلى محمد بدرا من وكالة "إي بي إيه" عن أعماله في سوريا. بحسب فرانس برس.
واجتمع خمسون من كبار المراسلين في بايو بشمال غرب فرنسا لتوزيع الجوائز. واختير 55 تحقيقا من أصل 300 للتنافس على هذه الجائزة التي تكافئ تحقيقا عن وضع ناتج من نزاع أو تداعياته على السكان المدنيين، أو عن حدث آني يتصل بالدفاع عن الحريات والديموقراطي.
تقارير شديدة اللهجة
هذا وقد منحت جائزة بوليتزر لصحيفة واشنطن بوست لتقاريرها شديدة اللهجة عن حملة دونالد ترامب المرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية ولصحيفة نيويورك تايمز لكشفها عن استيلاء فلاديمير بوتين المستتر على السلطة، في إشادة بالتحقيق الذي أجرته الصحيفتان عن شخصيات تتمتع بالنفوذ على الرغم من وجود مناخ معاد لوسائل الإعلام.
وفاز موقع ذا ديلي نيوز ومقره نيويورك وموقع بروبابليكا، وهما موقعان إلكترونيان متخصصان في الصحافة الاستقصائية، بجائزة الصحافة العامة لتغطيتهما انتهاكات شرطة نيويورك التي طردت أناسا من الأقليات الفقيرة من بيوتهم. ومن بين الفائزين الآخرين كونسورتيوم دولي يضم أكثر من 300 صحفي في ست قارات كشف ما يعرف بأوراق بنما التي تكشف تفاصيل عن البنية التحتية الخفية والنطاق العالمي لملاذات للتهرب من الضرائب تستخدمها شخصيات رفيعة وذات نفوذ.
وفاز ديفيد فاهرنتولد من واشنطن بوست بجائزة التغطية الوطنية لتغطيته حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016. وقال المحكمون إنه "أنشأ نموذجا للشفافية الصحفية في تغطية الحملات الانتخابية فيما شكك في تأكيدات ترامب بخصوص عطائه السخي للمؤسسات الخيرية." بحسب رويترز.
وفاز فريق صحيفة نيويورك تايمز بجائزة التغطية الدولية عن سلسلة من المقالات عن مساعي الرئيس الروسي بوتين لتأكيد قوة روسيا في الخارج، وخصوصا القصة التي دفعت المخابرات الأمريكية لاستنتاج أن حكومة بوتين حاولت بنشاط التأثير على الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب. وكانت رويترز من بين الفائزين في التغطية الوطنية والأخبار العاجلة والصور. وجرت الإشارة بالمصور جوناثان باتشمان لصورة التقطها لامرأة لحظة احتجاز الشرطة لها أثناء احتجاج في باتون روج بولاية لويزيانا.
اضف تعليق