ساطع راجي
بفرح غامر تهرول الحكومة العراقية للحصول على اي قرض وتعتبره انجازا مهما وطريقا سهلاً للخلاص من الازمة الاقتصادية ولم تكتف الحكومة بالقروض الخارجية بل تتجه الى زيادة دينها الداخلي مستسلمة الى اعتبار القرض هو الطريق الوحيد لمعالجة تبعات تدهور اسعار النفط وزيادة تكاليف الحرب على الارهاب.
معظم القروض الخارجية الجديدة تذهب لتمويلات غير مربحة وفي مقدمتها الرواتب، صحيح ان فوائد القروض قليلة وطرق السداد وتوقيتاته مريحة لكننا نتقدم بخطى ثابتة نحو المزيد من القروض دون ان تكاشف الحكومة المواطنين بتبعات وشروط هذه القروض كما ان الحديث عن تساهل ومحبة مؤسسات الاقراض الدولية للعراق لا قيمة له، الأمر المتفق عليه بوضوح هو وجود اشتراطات لكن الحكومة تعلن عنها على شكل دفعات حتى تخفف من تأثيرها على المواطن وعلى الاقتصاد.
الفوضى السياسية والتناحر الحزبي والكتلوي والاضطراب الامني وحالة الحرب هي كلها ظروف سيئة للحصول على قروض، فالطرف المقترض سيكون تحت الضغط للقبول بأي شروط والاموال يتم انفاقها دون مردود والدولة بلا مشروع اقتصادي يكون قادرا في المستقبل القريب على تسديد الديون والطرف المقرض سيرحب بمثل هكذا قرض فرغم الفوائد القليلة لكن العجز المتوقع عن السداد سيراكم هذه الفوائد ويجعل الدولة المقترضة في وضع تفاوضي أضعف مستقبلا سواء للحصول على قروض جديدة بفائدة أعلى او في اتباع سياسات اقتصادية تفرضها الجهات المقرضة وتستفيد منها الجهات الممولة للقروض.
مسيرة القروض تحت هدير القصف والانفجارات وبين فجائع الحرب سبق للعراق ان جربها في الحرب مع ايران، كان وقتها يقاتل نيابة عن العرب ويظن ان القروض الخليجية مجرد دعم مالي وما انتهت الحرب حتى تبين ان العراق مفلس وغارق في الديون، اليوم العراق يقاتل الارهاب نيابة عن العالم (كما يزعم ويتباهى الكثير من المسؤولين) ويظن ان القروض هي دعم دولي لكنها ليست كذلك، هذه قروض بلا مشاعر ولا شعارات، قروض واجبة التسديد حتى لو تغير النظام السياسي بأكمله ولن يتنازل أحد عن أمواله الا بمقابل.
لقد إستسلمت الحكومة العراقية لمنهج الاقتراض واستسهلته وهي غير مستعدة للتفكير بأي طريق آخر، والحقيقة ان هذه الطرق موجودة وهي لا تنحصر فقط في خفض الرواتب بل هناك عشرات الفرص الاستثمارية الكبرى للارض والمواصلات والاتصالات وهذه الفرص محاصرة بمافيات الفساد والعقليات الادارية التقليدية والتطرف السياسي والديني.
الدولة تمتلك الكثير مما يمكن بيعه أو ايجاره سواء للمواطنين او للمستثمرين المحليين والاجانب وهي ستفعل ذلك في المستقبل مادامت تواصل منهج الاقتراض ولكنها ستكون مضطرة وتحت الضغط وبموقف البائع الضعيف لأنه يعاني من القروض المتراكمة ومن المتوقع ان تستولي نفس المؤسسات العراقية الفاسدة على الجزء الاكبر من منافع البيع مستقبلا اذا ما بقيت هذه المؤسسات حيّة ترزق.
اضف تعليق