بقلم: محمود بوزآرسلان
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية نقلاً عن المونيتور
ترجمة: وحدة الترجمة
عارضت الحكومة المركزية في بغداد، لعدد من السنين، بيع النفط العراقي من قبل حكومة اقليم كردستان في شمال العراق، وكانت أكبر عملية بيع نفطية كانت قد تمت مع تركيا في عام 2014، بحيث ان الخلافات تحولت الى مرحلة الازمة بين الاطراف، كل طرف يتهم الاخر "بعدم قراءة الدستور العراقي".
على كل حال، في خضم تنامي النقاش النفطي، قامت "الدولة الإسلامية" بغزو الموصل في شمال العراق، مما ادى الى اقتراب قوات "الدولة الإسلامية" من الحدود الكردية وبالتالي وضع مسألة النفط جانباً، الا ان الحكومة الكردية استمرت بتجارتها النفطية. كان للحكومة الكردية مشاكلها التي حدثت في آن واحد مع الحرب ضد الدولة الاسلامية وأزمتها الاقتصادية. ولكن في خضم انحسار خطر الدولة الاسلامية، عادت مسألة تجارة النفط في محاولة من الأكراد لإجراء المزيد من العقود النفطية، وآخر العقود التي تم اجراؤها كانت مع الدولة البعيدة جغرافيا، وهي روسيا.
جرى اعتبار الوجود الكردي في منتدى بيترسبورغ الاقتصادي العالمي، الذي انعقد خلال الفترة من 1 الى 3 حزيران/ 2017، ما هو الا وجود روتيني، الا الانباء تركزت على الاكراد، عندما وقع رئيس الوزراء الكردي نجيرفان بارزاني عقداَ لمدة عشرين عاما مع شركة روزنفت الروسية. وبموجب توقيع الاتفاقيتين، ستقوم روسيا بشراء النفط وتكريره في المانيا من خلال استثمار مبلغ 3 مليارات من الدولارات في الاقليم الكردي. ادى توقيع هذه الاتفاقية الى استمرار وتعزيز اتفاقية اخرى وقعت في شباط 2017 لشراء النفط الكردي خلال الاعوام 2017-2019، حسبما اوردته وكالة انباء روداو.
لقد منحت الاتفاقية شركة روزنفت الحق في نقل سبعمائة ألف برميل يوميا، قابلة للزيادة الى مليون برميل يومياً في نهاية هذا العام، كما ذكرت شركة روزنفت في بيان لها. وهكذا اصبحت روسيا – مع الولايات المتحدة وتركيا- لاعباً رئيسياً، الا انه هل يعني هذا أن الزبون الجديد مجرد اموال جديدة في المنطقة؟
وكما بين جبار قادر، الذي عمل مستشاراَ للحكومة الكردية في زمن رئيس الوزراء برهم صالح، ان الروس يرون في الاكراد لاعباً رئيساَ في مستقبل المنطقة. "تؤمن روسيا ان العراق سيتم تقسيمه ان لم يكن الى ثلاث دول، فعلى الأقل الى ثلاث مناطق فدرالية، ولهذا قللت روسيا تعاملاتها مع الحكومة المركزية، لأنه إذا اعترضت بغداد على الصفقة، فستقوم روسيا والحكومة الكردية بالقول: "أنتم تقومون بالصفقات مع الامريكان الذين يستكشفون النفط في المنطقة الكردية، وبالتالي سنعمل مثلهم"، ذكر قادر لوكالة المونيتور. "لا يمكن اهمال التشعبات السياسية لهذا الأمر، فقد ادارت تركيا شؤونها النفطية مع كردستان وفرضت شروطها، الا انها لن تستطيع فعل ذلك مع شركة روزنفت، وبالتالي تم القيام بمثل هذه الصفقة، الا انه من الضروري وجود الشفافية بها، اذ يجب ابلاغ الشعب عن محتويات هذه الصفقة، وكم سيحصل الروس وكذلك الأكراد "، كما أضاف:
ولكن يكيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة الامريكية وتركيا حول حصصهم في الكعكة التي بدأت تصغر حجماً؟
يعتقد قادر ان الولايات المتحدة لن تكون سعيدة بهذا الاتفاق، وكان على الاكراد استشارة انقرة وواشنطن مسبقاً، من اجل عدم ازعاج الامريكيين كثيراَ، في ضوء معلوماتهم ان لأمريكا علاقات استراتيجية مع العراق. اما بالنسبة لآيدن سيلتشن، الدبلوماسي التركي وأول قنصل في اربيل، فإنه يعتقد ان شراء شركة روزنفت للنفط الكردي خطوة مهمة. وقد ذكر لوكالة المونيتور ان المفتاح الرئيس للصفقة هو استخدام شركة روزنفت الانبوب النفطي الكردي، وبالتالي زيادة قدرتها، ولكنه لا يعتقد ان هذه الصفقة ستؤدي الى مزيد من التوتر بين انقره وبغداد واربيل، رغم احتمال حدوث بعض التداعيات.
واضاف سيلتشن: "لا نعرف ان كان لأنقرة معرفة مسبقة بالصفقة، الا ان زيارات نجيرفان بارزاني المتكررة الى انقره وعلاقته الجيدة مع رجب طيب اردوغان، توحي انه من المحتمل معرفة الأتراك بذلك. والان، لدينا لاعب كبير سيقوم بشراء النفط الكردي وتصفيته في المانيا، الا ان هذا الأمر سيكون له نتائجه السياسية، اذ انه من المعقد ان بعض الافراد في انقره سيفكرون كيف سيؤثر ذلك على تركيا؟".
لا تهتم الحكومة الكردية من سيكون من زبائنها، ولكن تهتم بعدم الاعتماد على مشتر واحد. فكلما زاد عدد الزبائن، كان الأمر أفضل بالنسبة للاقتصاد الكردي. ومما لا شك فيه ان الصفقة النفطية الروسية زادت من قوة الإدارة الكردية، وخصوصا إذا كانت نتائج الاستفتاء الذي سيتم في شهر ايلول القادم بـ (نعم)، فإن الصفقة النفطية ستلعب دوراً كبيراً باتجاه الاستقلال. فالحلف مع روسيا سيشجع الاكراد على وضع افكار الوصول الى البحر الابيض المتوسط من اجل تسويق مواردها الطبيعية جانباً، لأن هذه الصفقة تعني ان النفط والغاز الكردي سيصل الى البحر بغض النظر عن الامور.
اضف تعليق