في هدأت الليل سألتهُ بدلال وهي تداعب طفلها الوحيد.. هل ستسعى بالزواج بامرأة أخرى حينما اموت؟، استنكر سؤالها المتشائم، الا انه قال حتى يجعلها تكف تلك الأسئلة: نعم سأتزوج وبعد الأربعين سقطت الدمعة من عينها وقالت: إذن لن أنجب لك أبناء آخرين حتى لا يتعذبوا وسأكتب وصيتي ان يتربى طفلي الوحيد مع خالاته.. ولا يعيش مع زوجة الأب.
من تكون زوجة الأب؟!، وهل تشكل حاجزاً بين الطفل وأبيه وهل هي حقا تلك الافعى الرقطاء التي تنتزع حنان الاب وتحتكره لها ولاطفالها اذ انجبت منه؟، ليس بالضروري ان تكون زوجة الاب ذلك الكابوس المخيف الذي ينعته الكثيرون, هناك كثيرا من التساؤلات تدور في صدد هذا الموضوع الشائك الذي لا تكفيه السطور.
الذنب اقسى المشاعر
استوقفتني منى بعدما أغدقت الدموع من حدقات عينها قالت: قاطعت ابي لسنوات حينما عزم على الزواج بعد وفاة امي اثارت الغيرة كوامني لما عزم عليه حتى تحجرت مشاعري نحوه, فتزوجت من اول رجل طرق باب بيتي حتى لاتكون لي زوجة أب أعايشها واراها تحتل مكان أمي انقضت سنوات وأنا لا اتصل بأبي وانقطعت زيارتي له رغم ان زوجي كان لا يشاطرني الرأي ويطلب مني التواصل معه من جانب اني ابنته الوحيدة وما افعله مخالف للدين والشرع في مقاطعة صلة الرحم , وذات يوم رن هاتف زوجي ليخبروه ان ابي قد توفي, حضرت مراسيم العزاء ولم ابكي قط وقتها, لم اتصور اني سافارقه ونحن على خصام فيما بيننا, انتابني شعور غريب واحسست بمرارة ما قاساه ابي , وبعد شهور انقضت استشهد زوجي اثر انفجار, وهنا وقعت الطامة الكبرى وتجرعت من نفس الكأس.. كان الذنب أقسى من اي شعور مررت به فلم استطع ان اكمل حياتي مع اسرة زوجي فعدت مع ابنتي الصغيرة إلى بيت أبي لأعيش مع زوجة الاب.
كان شبح أبي يناجيني في كل اركان البيت .. وما زلت أشم رائحته لكن عيني لا تراه, وزوجته التي تصورتها غولا بل شيطانا كانت تمتلك قلبا ارق من جناح الفراشة, احتوتني كطفل رضيع بين ذراعيها انا وابنتي الصغيرة , فانتابني شعور لم اعهده من ذي قبل احببتها وكأنها امي وانتزعت من راسي فكرة زوجة الأب والمراة الشريرة, خصوصا بعدما أصبحت أرملة وانا في ربيع عمري فلربما يأتي يوم أتزوج به من رجل آخر لديه أطفال وأصبح وقتها زوجة اب.
فيما قالت مريم 17 سنة مستهلتا كلامها لقد كنت صغيرة لم ادرك ما يدور حولي لكني حينما كبرت حدثتني جدتي عن امي التي لم أرها قط, حينما ولدتني تركتني بدون ان يرف لها جفن حتى انها رفضت ان تحتويني بين ذراعيها تركتني وانا عمري عشرة ايام, ولم ترضعني حتى حليبها, بقيت آخر دمعة محبوسة في عيني كوني أحسست باليتم وامي على قيد الحياة, حتى اني لو رأيتها الان لا اعرفها, ولا اعرف ما سبب رفضها لي, كبرت وكبر بداخلي الشعور بالحرمان من حنان الام, رغم ان ابي كان يحبني, لم اكره أمي التي نبذتني قدر ما كرهت زوجة ابي لم تكن قاسية معي على العكس كانت تصنع المستحيل حتى تجعلني قريبة منها, كنت لا أجالسها واهرب من اي حوار او مناقشة تدور بيننا, كنت اسمع ابي يطلب منها بان تتقرب مني وتكون صديقتي وان لا تلعب دور زوجة الأب, كنت استمع لجدالهما حولي والوذ بالصمت وانا اخفي وجعي وحزني الذي لايبرحني.
عجزت زوجة أبي من الوصول إلى سر رفضي لها, بلغت السابعة عشر سنة من عمري فاجأني ابي بسؤاله لي: تقدم لخطبتك شاب من اقاربنا ما رأيك؟، كانت زوجة ابي رافضه لهذا الزواج حيث قالت لي ما زلتي صغيرة اود ان تكملي دراستك حتى لا يأتي يوم تندمين فيه على تركك التعليم اريدك ان تكوني مثل شقيقاتك , ولاول مرة سمحت لدموعي ان تنسدل بغزارة واجبتها بصوت حزين اعلم انك تحبيني ولم تمارسي دور زوجة الاب معي قط , كل تلك السنوات وانت تعملين جاهدتا حتى نكون قريبتين من بعضنا , لكن احساسي بأن حبك لي شفقة تملكني حتى بت ارفضك و لان امي تركتني جعلني اتمنى لو انك في يوم تتركين اخوتي وترحلين مثلما فعلت امي , وحينما اراك تداعبين اخوتي أحس بالغيرة تنتفض بداخلي وكم أردت ان ابكي على صدرك لكن كبريائي منعني.
غرقت مريم بدموعها لانها لم تعان من زوجة الاب بل عانت من أمها , وختمت مريم حديثها بأمنية واحدة هو ان ترى امها.
رؤية اجتماعية
الباحث عبد الكريم قاسم بالتأكيد تؤثر الزوجة على الابن لكن ليس في كل الاحوال سلبيا فقد تكون قريبة على الابن وتحتضنه بشكل سليم وتعتبره من ابنائها اما الغالبية العظمى من الاطفال يتأثرون سلبيا من زوجة الاب لكونها تعامل بشكل غير لائق ولها اسبابها قد تريد المحافظة على ابنائها او تظهر مشكلة الارث حتى يتنازع الأبناء .. واضاف قائلا قد تشكل زوجة الأب حاجزا عاليا بين الأب والأبناء وقد تكون لهم محطة جيدة وان مسيرة الحياة الطويلة تكشف ذلك لكنها بكل الاحوال تكون حاجزا نفسيا يتكيف الطرفين عليه ببطء
واضاف ايضا ..بان المجتمع يصف زوجة الاب بالشريرة لكثرة المشكلات التي تخلق منها اومن غيرها
في داخل الأسرة وتكون هي مركز المشكلات ومصدرا لها وهي في احسن حالتها تسمى ( ظره )
أصلها من المظرة التي تلحقها بأطراف الأسرة خاصة اذا دخلت حياة الزوج وعلى زوجه جيدة وهي على قيد الحياة بدون تفريق .وهناك العديد من الاساليب على الاب ان يتبعها من جذور المشكلة وهو ان لا يفكر بزوجة ثانية الا بضروف يسمح بها الشرع والمجتمع او الطب مثلا كذلك عدم التفريق بين الأبناء جميعهم ويتقي الله في معاملتهم ويستمر بدمج الأسرة وحقوقهم وتهيئة الجو المناسب لهم .
رؤية نفسية
شافي الشريفي استاذ علم النفس شاركنا برأيه قائلا : ان زوجة الاب تؤثر سلبيا وايجابيا فاذا كانت معاملتها للأطفال جيدة ستؤثر عليهم بصفات جيدة ولا يتأثرون نفسيا.. بل تخلق منهم شخصيات جيدة وطبيعية .. اما اذا كانت معاملتها لهم اي للأطفال سيئة فسوف يصابون بالامراض النفسية والعصبية في ذات الوقت او في المستقبل. واحيانا تشكل زوجة الأب حاجزا بين الابن والأب.
اذا كانت نفسيتها لئيمة وشخصيتها مستبدة اي من النوع المتسلط اذا ما علمنا ان هنالك 25 نوعا من الشخصيات الإنسانية أسوؤها المتسلطة السايكوباتيه .وأضاف في حديثه ان هناك امرأة شريرة وامرأة خيرة ..فالشر والخير موجود في ذات الإنسان وقال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها الفجور فسره العلي في جانب من الشر الذي يحاول به الإنسان ان يؤذي به غيره من أبناء المجتمع وهو عكس التقوى ..وهناك العديد من الأساليب التي يمكن للأب ان يستخدمها حتى يحقق السعادة للجميع بما فيهم الأبناء والزوجة...منها احترام الطرف الآخر وتحقيق ما يطلبه اي تهيئة وسائل الراحة والأمان له.
ويجب تحقيق العدالة في التعامل وفي الماديات وخاصة الأمور التي تخص الانفاق فيجب على الاب ان يساوي بين زوجته وأبنائه وان كان ذلك الأمر صعبا على البعض ..ولكن الرجل العقلاني الذي يفكر بعقله، يعدل بين زوجته وابنائه في الامور المادية والمعنوية وان يضع الله نصب عينيه في تعامله مع عائلته انذاك ينجح بالتوفيق بين الطرفين لانه من كان مع الله كان الله معه.
اضف تعليق