في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة الذبح العشوائي للمواشي في الطرق العامة لا سيما في الأحياء الشعبية، بشكل يثير التساؤلات حول المصدر الاساسي للحوم، لانه لا يوجد دليل يثبت ان هذه اللحوم صالحة للاستهلاك البشري فربما تكون بعض المواشي مريضة او حتى نافقة، مما اثار حفيظة الكثير من المستهلكين، إضافة الى ما يخلفه الجزار من الفضلات وروائح النتنة بعدما يذبح الشاة، وحول هذه الظاهرة اجرت شبكة النبأ المعلوماتية هذا الاستطلاع للمساهمة في الحد من انتشارها:
النظافة أولا
البداية كانت مع أم رفل وهي ربة بيت استهلت حديثها قائلة: "لقد كنت في بادئ الأمر، اشتري اللحم من اقرب جزار وحتى أرخصهم، ولا اكترث للتغير المفاجئ الذي طرأ على غير العادة لتزايد القصابين، وبعدما لاحظت الذبح في كل مكان دون الاهتمام بنظافة الأدوات التي يستخدمها القصاب وحتى طريقة عرض اللحم فقد كانت مقززة، إلى جانب عدم نظافة البيئة حيث الذباب كان يدور حول الذبيحة، حتى أني شاهدت مؤخرا بيع النساء للحوم وهن يفترشن الأرض داخل السوق وهذا ما أثار دهشتي ومنذ ذلك اليوم أصبحت اقصد الجزارين الذين لديهم إجازة أو من أرى ختم على ذبيحته فقد بت أخاف أن تكون طريقة الذبح غير شرعية أو الشاة التي تم ذبحها مريضة أو حتى ميتة وأتطلع لنظافة المكان أيضا فالنظافة لدي بالمرتبة الأولى".
حكم المال
وتصارحنا ام كرار ربة بيت قائلة: "في حقيقة الأمر زوجي يعمل بائع متجول وما يتقاضاه من عمله لا يسد الرمق مما يجعلني مضطرة لشراء اللحوم المجمدة، وأحيانا اشتري من الجزارين الذين يبيعون في المنصات لان أسعارهم تكون اقل، وكثيرا ما اسألهم عن السبب فيجيبني الجزار بأنة يذبح في منصته وهو من يقوم بعملية الصلخ أيضا، وذلك لتقليص المصاريف من نقل وأجور محل وغيرها لهذا يبيع بسعر اقل من السوق".
وتضيف دون اكتراث: "حتى وان كان ما يقوله غير صحيح فليس أمامي سوى تصديقه فالمال يحكم وأنا مضطرة نظرا لقلة دخل زوجي".
من جهته يشير أبو مسلم موظف 38 سنة بقوله: "ان انتشار الجزارين والذبح العشوائي ظاهرة غير حضارية، ومن الضروري أن تهتم الجهات المعنية بهذا الموضوع، وبما أني اقطن في أحياء الأراضي الزراعية تكون أزقتها ضيقة جدا وخصوصا ان هذه الأحياء غير معنية من قبل خدمات البلدية لجمع النفايات فتكتظ النفايات بفضلات الحيوانات وغيرها فتعمد الأهالي على جمعها وحرقها للتخلص من الروائح والذباب وتكاثر الحيوانات حولها".
مؤكدا: منذ الوهلة الأولى ليومنا هذا لم ألجأ لشراء كيلو واحد من لحم من الجزارين المتجولين او الذين يبيعون خارج السوق في المنصات لأني على يقين بان طريقة الذبح غير شرعية، فأن كان يجهل المكان المخصص للذبح فهل سيكون ذات دراية بشرعيات الذبح، وعبر عن عدم رضاه عن العوائل التي تشتري اللحوم المجمدة والمستوردة التي تزايدت في الأسواق مؤخرا، فقد أصبحت تحتاج متابعة من المسؤولين خوفا من انتشار أمراض وبائية تهدد حياة الناس.
رأي الجزارين
الجزار سلام عبيد 35سنة تحدث ببساطة معترفا حيث قال: "امتهنت القصابة منذ خمسة أعوام تقريبا ويعود السبب لذبحي للمواشي خارج المجزرة الرسمية لصعوبة النقل والتكلفة ولأني لا املك محل خاص لعملي".
واضاف: "هذا وان علمت الجهات المعنية سيمنعونني من مزاولة هذه المهنة، وأحيانا أتعرض لمداهمات من الرقابة فألوذ بالفرار لحين ذهابهم ثم أعاود للوقوف في منصتي التي شيدتها لأسترزق بها قوت عائلتي".
وأكد بأنه لا يذبح المواشي المريضة وهناك قصابين يبيعون لحوم مجمدة على أنها لحوم طازجة وهذا ما جعل الناس تعمم على أن البائعين الذين هم خارج محلات القصابة مشكوكا بأمر لحوم ذبائحهم، مما قلل الإقبال على شراء اللحم من منصتي المتواضعة.
من جهته قال رزاق حسين علاوي صاحب محل قصابة: إنا أمارس مهنة القصابة منذ سنين خلت فقد ورثت هذا المحل من والدي وأنا معتاد على شراء المواشي وذبحها في المصلخ ونقلها بالبراد المخصص إلى محلي، حتى إني املك إجازة ممارسة مهنة وضمان اجتماعي وهناك أيضا فرق صحية تعمد على متابعة المحلات المجازة لهذا الغرض ويتم مراقبة أمور النظافة وشروط الالتزام بالتعليمات والضوابط.
وأضاف: للأسف قد تزايد مؤخرا ظهور دخلاء لممارسة مهنة القصابة فهم يمارسوها بأساليب وطرق ملتوية لغرض التكسب بالحرام والمتاجرة بصحة الناس من خلال شراء المواشي المريضة لرخص أسعارها وبيعها في السوق عشوائيا دون محل مخصص وحتى ذبحها في نفس المكان الذي ينصب به منصته او اعمدة في الهواء الطلق حيث الحشرات والأتربة ويبيع لحومها بسعر بخس ، لكن لا يتعمم هذا على الكل فهناك من يذبحون المواشي بالأماكن المخصصة لكن يبيعها في منصات داخل او خارج السوق وذلك لأسباب عدة .
ختم حديثة بأن زبائنه يقصدونه دون غيره وهم دائمين ومتواصلين معه لكونه يبيع اللحم الطازج والنظيف والمختوم ولا يشترون من قصاب اخر.
الرقابة الصحية
فيما أوضح الدكتور أكرم عبد الخالق مدير الرقابة الصحية في محافظة كربلاء المقدسة فيما ما يترتب من مسؤوليات ضمن ظاهرة الذبح العشوائي كونهم جهة داعمة وليس مسؤولة حيث قال: " لقد تم تشكيل فرقق جوالة ضمن فرق متابعة الجزارين والذبح العشوائي للإطلاع على المخالفات ضمن الشروط والضوابط ومنها البطاقة الصحية.
وأضاف: أن ما يخص عملنا هو إجراء الفحص الطبي للعاملين وتطعيمهم باللقاح، والاطلاع على مساحة المحل حيث تكون المساحة المقررة ( 16م) وفحص الأدوات المستخدمة على إن تكون من مادة (الستيل) وان كانت هناك ايت مخالفات يتم إغلاق محله، وما يخص اللحوم المجمدة فهي ضمن صلاحياتنا حيث نقوم بفحصها،و إن كانت صالحة للاستهلاك البشري وليس لدينا شروط بنوع اللحوم أو المنشأ المستورد منه ، حيث نتابع اجازة الاستيراد ودرجة حرارة البرادات، وان كانت غير مطابقة للشروط يتم مصادرة البضاعة وإجراء العقوبة المترتب عليها وفق ما ينصه القانون.
ختم حديثه مؤكدا: بأن الطهو الصحيح لكافة أنواع اللحوم هي الطريقة الأنسب لقتل الفيروسات التي يمكن تسبب أمراض لصحة المستهلك، ومن الأمراض التي تصيب المستهلك في حالة ان كانت اللحوم غير صالحة للاستخدام او تم تحضيرها بشكل غير صحي، أولها التسمم ، وأمراض الدم ، التهاب الكبد والدودة الشريطية،وغيرها من الأمراض التي لا يسعني ذكرها، أمنياتي بالصحة والسلامة للجميع.
المستشفى البيطري
ومن جهته أشار الدكتور صبري كريم عباس مدير المستشفى البيطري: أن الجزر العشوائي من الظواهر السلبية التي تؤثر وفي شكل مباشر في البيئة وصحة المواطن من خلال انتشار الأمراض، حيث إن جميع المدن المتحضرة تخلو من مثل هذه الممارسة التي تزايدت مؤخرا وبشكل ملحوظ.
وأضاف :إن أهم السبل التي تؤدي إلى القضاء عليها بالتشريعات والعقوبات وتهيئة المجازر العصرية ،ونشر الوعي البيئي والصحي ، وقد عملنا بمتابعة هذه الظاهرة من خلال لجنة مشكلة لهذا الغرض من عدة دوائر ( البيئة ، الصحة ، الزراعة ، شرطة البيئة ، والمستشفى البيطري ) حيث تلاحق هذه اللجنة المتجاوزين وتعمل على وفق القانون المتاح لها ، وتتم إحالة المخالفين إلى القضاء.
ووفق القانون المذكور نتخذ الإجراءات من قبل القضاء وهي عبارة عن غرامات تتصاعد كلما تكررت المخالفة، كما تقوم اللجنة بمصادرة اللحوم غير المختومة بالختم الرسمي والذي يثبت عليها داخل المجزرة بعد قيام الأطباء البيطريين بالفحص قبل وبعد الذبح .
ونظرا للوضع الاقتصادي الذي طرأ مؤخرا قد أحال دون متابعتنا وذلك لعدم توفر وسائل النقل بعلاقته بالوقود.
وتابع بقوله: و من حيث إن المجزرة مرفق حضاري وواجهة المحافظة وعلاقتها بالوضع البيئي يجب إبعاد موضوع تشغيلها عن الخصوصيات الربحية وكذلك السياسية كون المجزرة الحالية لم تعد تفي بالغرض لافتقارها للشروط الصحية والبيئية.
إضافة إلى آلية استيراد الحيوانات الحية لأغراض الجزر والتي تنظمها وزارة الزراعة تشترط وجود مجزرة حديثة في المحافظة التي يتقرر إيواء الحيوانات فيها، ولا يفوتنا أن نؤكد على جانب مهم ألا وهو وعي المجتمع الذي يساهم في إنهاء ظاهرة الجزر خارج المجزرة .
اضف تعليق