تذيلت بغداد مجدداً لائحة المدن الأسوأ من حيث الظروف الخدمية والمعيشية في العالم، أذ أحتلت بغداد المركز الأخير بحسب الدراسة السنوية للأماكن الأفضل للعيش والتي تعدها مجموعة "ميرسير" للاستشارات بين 223 مدينة شملتها الدراسة، وذلك للمرة الثانية بعد دراسة سابقة أجريت العام 2011.
وجاء تصنيف بغداد الأسوأ بسبب غياب الأمن ونقص الخدمات وفقا للدراسة التي تستند إلى نحو 40 عاملا، تشمل البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فضلا عن وسائل الترفيه والنظافة والسكن والبيئة الطبيعية.
الدراسة لم تأتي بالجديد بحسب البغداديون الذين وصفوا في أحاديثهم لــ( شبكة النبأ المعلوماتية)، حال مدينتهم بــ(مكب للنفايات)، بعد أنتشــار النفايات في شوارعها وأزقتها الرئيسية قبل الفرعية، وباتــت مسبب رئيسي للأمراض الوبائيــة، وتشويها ًحقيقياً لمظهرها الحضاري وبريقها المرموق عبر التاريخ والذي أغفلته (أميرتها النائم. (
أمانة العاصمة وهي الجهة المســؤولة عن الجانب البيئــي والخدمي رمت الكرة في تراجع حجم خدماتها خاصة فيما يتعلق بانتشار النفايات بساحة (الحكومة)، وقلة التخصيصات المالية وأزمة التقشف الاقتصادي جراء انهيار أسعار النفط .
فيما أعادت الخدمات النيابية أرتداد كرة الأمانة لعقر دارها صوب الفساد الإداري المشتري في دوائرها معتبرة ، التحجج بقلة التخصيصات المادية شماعة للأخطاء مع وجود أرادات مرادفة تستحصلها الأمانة من أنشطتها المختلفة. ( شبكة النبأ المعلوماتية) تجولت في شوارع بغداد وسلطت الضوء على مشكلة أنتشار النفايات وأعدت التحقيق التالــي :
عمال مزاجيون
المواطن خليك ابراهيم يسكن منطقة زيونة وبحسب خليل فان حي زيونة وسط العاصمة بغداد يصنف من أرقى الاحياء السكنية هو اليوم يشوه بسبب أنتشار النفايات في الازقة الداخلية للحي ،ويتابع عمال النظافة مزاجيون ساعات عملهم موزعة بين (الفطور او المجاملات بينهم)، واولية رفع الازبال تكون حسب دفع الاكرامية .
رسوم مجازية
قيس الجابري 44 سنة يسكن حي العامل بجانب الكرخ ببغداد يقول أن: (الكثير من مناطق العاصمة مازالت تعاني حتى اليوم من سوء الخدمات وعدم رفع النفايات اذ ان تمركزها في مناطق معينة بالقرب من المنازل يسبب امراضا كثيرة).
مضيفاً ان (في الشتاء تحول الامطار تلك التراكمات الى مسطحات مائية عبارة عن خليط من النفايات والمياه وبالتالي فإن ذلك يساعد في ولادة فايروسات كثيرة تنتقل عن طريق الحشرات وتسبب حالات مرضية تؤدي بحياة الكثير من المواطنين)، وتابع ان (أمانة بغداد من القطاعات التي تعمل بتمويل ذاتي وهي تحصل على اموال تشكل دخلاً جيداً يمكن الافادة منه في المشاريع خدمة للمواطن لكن ما يحدث هو زيادة في جبايات مختلفة لخدمات غير متوفرة اصلا ".
أن منظر الشارع البغدادي لا يسر احدا خاصة وانا متجهه الى عملي صباحا، فالأوساخ تنتشر على طول طريق الوصول لدائرتي بهذه العبارة تحدثت ام مروه 32سنة لــ(شبكة النبأ المعلوماتية)، وتابع: اثناء مرور سيارة نقل الموظفين في شوارع العاصمة، نجد غصة قد انتابتنا نحن الموظفين حين ننظر الى اكداس الاوساخ وهي تنتشر ولا يوجد جهد لرفعها، بل نجد مجموعة من العمال الكسالى وهم يحملون مكانس لتنظيف الشوارع وعربة صغيرة لا تتسع لهذه الكميات الكبيرة من الاوساخ.
بلا امين بلا هم
فيما يقول انور علي وهو العائد مهجره في استراليا: يؤرقني منظر بغداد المشوه ما بين نفايات تتكدس في شوارعها الفرعية والمركزية ، ناهيك عن طفح المجاري الذي بات سمعة ملازمة لهذه العاصمة مع اول زخة منظر .
ويضيف انور في حديثه لــ( شبكة النبأ المعلوماتية): تنتابني حالة من الكأبة والتوتر النفسي جراء الاهمال الخدمي الواضح للعاصمة ومن يعيش في افقر دولة في العالم عدا العراق يوكد ان اي مجهود خدمي في مدينة الحضارة لا وجود له على ارض الواقع وطالب انور بالغاء موقع (امين لبغداد) لتستساغ فكرة ان بغداد دونما امين ينفذها من واقعها المزري،( بلا امين بلا هم .(
ما بين (عبعوب..وعلوش)
فيما تحدثنا بمضاضة زميلتها هناء خالد "الاوساخ باتت ملجأ للقوارض أغلق باب منزلي مبكرا خوفا من دخول (الفئران)، فصول السنة باتت بصورة موحدة في الشتاء قوارض ومستنقعات للمياه الاسنة بعد سقوط الامطار، والصيف هجوم ( الحشرات والبعوض ) وفي كلا الحالتين بيئة صالحة لانتشار الأوبئة والأمراض .
وتضيف "تأملنا خيراً في ( أمينة لبغداد)، عسى أن نجد فيها اصلاحا لما خلفه (عبعوب)، لكن واقع الحال يضطرنا بقبول شر عبعبوب ( الذي وصف بغداد بأنها انظف مدن العالم وتتجاوز مدينة دبي في النظافة والتي بحسب كلامه عبارة عن (زوق ورق ) على خير علوش .فحال بغداد من سيء الى أسوء في ظل أمناءها الغير مؤتمنين على اشراقتها المختفية وتاريخها العتيد .
زرق ورق
وكان أمين بغداد السابق نعيم عبعوب وصف "بغداد بأجمل مدينة، في العالم وسابقا وحاضرا ومستقبلا". متجاوزة لمدينتي نيويورك ودبي، الأمر الذي أثار موجة من السخرية لدى العراقيين بشكل عام والبغداديون بشكل خاص .
قانون للعاصمة
مسؤولية القطاع الخدمي في بغداد تقع على عاتق أمانتها بالتنسيق والتعاون مع أدارتها المحلية من (محافظة ومجلس محافظة)، فالازمة الاقتصادية التي القت بظلالها على مستوى تقديم الخدمات في العاصمة وهو ما بات شعار ترفعه الامانة وكرة تلقيها بساحة الحكومة تحت عنوان ( قلة التخصيصات المالية .(
لكن محافظة بغداد ومجلسها اعادوا الكره بساحة الامانة اذ أجمع أعضاء مجلس محافظة بغداد، على سوء الخدمات والنظافة في العاصمة، وعزوا ذلك إلى "التقاطع" بين الجهات المعنية وعدم إقرار قانون العاصمة ،وقلة التخصيصات المالية و"عدم تعاون" المواطنين، فيما أكدوا على ضرورة خصخصة قطاع النظافة للنهوض به.
وقال أمين عام مجلس محافظة بغداد، في حديث تصريحات صحفية، إن "العاصمة بغداد تعاني سوء الخدمات ما يشكل عبئاً كبيراً على المسؤولين المحليين برغم وجود أسباب عدة تقف وراء ذلك"، عاداً أن "السبب الرئيس والأهم لتراجع الخدمات في العاصمة ناجم عن التقاطع الواضح في عمل الجهات التنفيذية بسبب عدم إقرار قانون العاصمة".
وأقرت رئاسة هيئة خدمات بغداد، بنقص الخدمات في العاصمة ،وعزات ذلك إلى "عدم وجود رؤية لدى أمانة بغداد بشأن قطاع النظافة، وعدم وجود تخصيصات مالية كافية لهذا الجانب، وعدم الاهتمام بنظافة العاصمة والاستغناء عن عدد كبير من عمال النظافة بسبب التقشف المالي"، مؤكداً أن "لدى الهيئة ومجلس بغداد مساع للاهتمام بهذا القطاع من خلال إقامة معامل لتدوير النفايات ومحطات تحويلية وزيادة الآليات والنهوض بالملاكات البلدية التي تعاني فساداً مالياً وإدارياً".
التخصيصات المالية
وشهدت بغداد والعديد من المدن والمحافظات العراقية منتصف العام الماضي مظاهرات عارمة طالبت بتوفير الخدمات ومحاربة الفساء الادراي والمالي الذي ،انهك مقومات الدولة ولا تزال تلك المظاهرات مستمرة كطقس ثابت أسبوعيا كل جمعة وبات تشهد تراجيده ساحة التحرير ببغداد.
أمانة بغداد بدورها أعادت أرتداد الكرة بساحة الحكومة وقلة التخصيصات الماليةK اذ يقول الناطق باسم الامانة حكيم عبد الزهرة أن “تخصيصات دوائر البلدية من الموازنة التشغيلية قليلة كما أن الموازنة الاستثمارية خالية، الامر الذي يلقي بضلاله على الخدمات.
ويستطرد بالقول أمانة بغداد في الفترات السابقة كانت تمول دوائرها البلدية وحاليا تلك الدوائر تعتمد على ايراداتها ورسوماتها الخاصة ، فالامكانيات باتت محدودة. كما ويوضح عبد الزهرة ان الامانة في السابق كانت تستأجر اليات لرفع النفايات لكن قلة التخصيصات الغي واصبح في حالات الضرورة القصوى، مؤكدا ان بغداد تحاول في المرحلة المقبلة اشراك المجتمع المدني للمساعدة في التزام المواطنين في الاهتمام بنظافة العاصمة.
شماعة الاخطاء
الخدمات النيابيـــة من جانبها وصفت طروحات أمانة بغداد بالمتخندقة خلف قلة التخصيصات المالية واصفة ذلك بــ(شماعة للأخطاء ) اذ قالت عضو لجنة الخدمات النيابية عواطف نعمة " لــ( شبكة النبأ المعلوماتية ) ان "أمانة بغداد تمتلك ايرادات يكفل لها ميزانية خاصة بيها دون الارتكاز بشكل عام على الدعم الحكومي.
وتضيف نعمة لــ(شبكة النبأ المعلوماتية)"ايجار املاك الدولة وجباية الاموال من النشاطات المختلفة لامانة بغداد والمشاريع يكفل لها تخصيصات مالية ويمكنها من الالتزام بأولوياتها الخدمية لمواطنيها ، مشيرا الى ان امانة بغداد لا تعاني من قلة التخصيصات وانما مشكلتها تكمن بالفساد الاداري، والمالي للشخصيات المتنفذة في أروقتها من بلديات ومدراء عامون، الامر الذي يربك القطاع الخدمي للبغداديين الذين عولوا على أمينتهم الجديدة بتقديم مستوى خدمي يليق بالعاصمة .
أيرادات مرادفة
في هذا السياق كشفت امانة بغداد في وقت سابق ان حجم ايراداتها في النصف الاول من العام 2015 بلغت اكثر من (27) مليار دينار من عائدات جباية ايجار الاملاك والعقارات التابعة لها، وذكرت الامانة في بيان لها: أن دائرة عقارات امانة بغداد حققت ايرادات بلغت (27) مليار و(602) مليوني دينار عن ايجار الاملاك والعقـــارات التابعة لها من محال واكشاك واسواق ومرائب وبنايات ومطاعم واماكن ترفيهية وسياحية وغيرها للعام الجاري جاوزت التوقعات والسقوف المحددة لها .
واضافت ان عوامل عدة ساعدت على جباية هذه المبالغ ابرزها التطور الحاصل في عمل قسم الجباية علاوة على وجود تنافس كبير بين الراغبين بإستئجار بعض الاملاك لأهميتها ما يساعد على ارتفاع بدل إيجارها .
واشارت الى ان الامانة توقعت زيادة هذه الواردات لتجاوز السقف المحدد لها كما اعدت الامانة خطة لجباية المزيد من الأموال خلال الأعوام المقبلة وتنفيذ الاجراءات الكفيلة بتعزيز الموازنة التشغيلية من خلال تعظيم الموارد المالية وتنشيط الجباية للرسوم والغرامات واجور الخدمات وعرض المواقع التي تؤمن وفرة مالية .
وفي هذا السياق اعلنت الامانة عن اعدادها خطة للمباشرة بجباية رسوم المهنة والإعلان والنفايات من المكلفين الذين يمارسون نشاطات تجارية في عموم مناطق العاصمة بغداد”، مبينا أن “قانون واردات أمانة بغداد نص على قيام كل من يمارس مهنة بدفع 10% من مبلغ الإيجار السنوي، وكذلك رسم إعلان لأي جهة تعلن عن نفسها في الشوارع العامة وبواقع 10 آلاف دينار للمتر المربع الواحد تتفاوت بحسب لغة الإعلان العربية كانت أم الأجنبية.
وأشار إلى أن “الجباية تشمل أجور النفايات لجميع النشاطات غير السكنية تحدد بحسب طبيعة كل نشاط وتم تقديرها من قبل أمانة بغداد شهرياً”، مؤكدا أن “أمانة بغداد ستقوم بإصدار ورقة مطالبة مشابهة لتلك المستعملة في جباية أجور الماء والكهرباء توزع على المكلفين ووفقاً لتقديرات واقعية دقيقة وحقيقية وموضوعية للمبالغ.
بغداد الاسوأ
بغداد منذ انشائها كانت تمثل دوراً محورياً في الحضارتين الإسلامية والعربية، وكانت بين أفضل مدن العالم في سبعينات القرن الماضي، بحقبة زمنية تتجاوز (1250 عاما على تأسيسها)هي اليوم تذيلت بغداد قائمة أسوأ مدينة يمكن العيش فيها في العالم، اذ احتلت بغداد المركز الأخير بحسب الدراسة السنوية للأماكن الأفضل للعيش والتي تعدها مجموعة "ميرسير" للاستشارات بين 223 مدينة شملتها الدراسة، وذلك للمرة الثانية بعد دراسة سابقة أجريت العام 2011، جاء هذا التصنيف بسبب غياب الأمن ونقص الخدمات وفقا للدراسة التي تستند إلى نحو 40 عاملا تشمل البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فضلا عن وسائل الترفيه والسكن والبيئة الطبيعية.
اضف تعليق