في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون السجون مؤسسات لإعادة التأهيل والإصلاح، تكشف الوقائع الميدانية في العراق عن صورة أكثر تعقيدًا وقتامة. أعدّت “شبكة النبأ المعلوماتية” هذا الاستطلاع الصحفي لتسلط الضوء على واقع السجون العراقية من زوايا متعددة: إنسانية، قانونية، نفسية، وأمنية، عبر شهادات وتحليلات من محامين، حقوقيين، باحثين، ومختصين في علم النفس...
في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون السجون مؤسسات لإعادة التأهيل والإصلاح، تكشف الوقائع الميدانية في العراق عن صورة أكثر تعقيدًا وقتامة. أعدّت “شبكة النبأ المعلوماتية” هذا الاستطلاع الصحفي لتسلط الضوء على واقع السجون العراقية من زوايا متعددة: إنسانية، قانونية، نفسية، وأمنية، عبر شهادات وتحليلات من محامين، حقوقيين، باحثين، ومختصين في علم النفس. يهدف الاستطلاع إلى مساءلة الواقع مقابل المفهوم النظري للسجون، وطرح تساؤلات جوهرية: هل أصبحت السجون بيئة لإعادة التأهيل أم مصدراً لتفاقم الانحراف والتطرّف؟ وهل هناك أمل حقيقي في إصلاح النظام العقابي العراقي أم أن الحاجة إلى مراجعة جذرية باتت حتمية؟
السجن والإصلاح العراقي
الحقوقية أنوار داود الخفاجي لـ “شبكة النبأ”: في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون السجون مؤسسات لإعادة التأهيل والإصلاح، ما زالت العديد من السجون في العراق، للأسف، تشكّل بيئات خصبة للعنف، التهميش، وتفكك الكرامة الإنسانية. فالواقع القائم يشير إلى أن تجربة السجن لا تؤدي غالبًا إلى إصلاح السجين بقدر ما تعمّق مشاكله النفسية والاجتماعية، وتضعه في مواجهة مجتمع لا يغفر بسهولة.
البيئة القاسية داخل السجون، حيث يتعرض السجناء أحيانًا لسوء المعاملة، ويفتقرون إلى الرعاية الصحية والنفسية، تُنتج أجيالًا من الأفراد الخارجين من خلف القضبان وهم أكثر هشاشة، أو في بعض الحالات، أكثر عنفًا وانتماءً للشبكات الإجرامية التي تحتضنهم داخل جدران السجن. بدلاً من أن تكون هذه المؤسسات فرصة ثانية، تتحوّل إلى مدارس للجريمة أو مراكز لتفريخ الإحباط.
التهميش داخل السجن لا ينتهي عند التحرر. فالسجين السابق، حتى وإن تغيّر سلوكه، يجد نفسه محاصرًا بوصمة اجتماعية قاسية، وحرمان من أبسط حقوقه في العمل أو الاندماج، مما يتركه أمام خيارين لا ثالث لهما: الانعزال أو العودة إلى طريق الجريمة.
أما عن حال الإصلاح العقابي في العراق، فلا يزال يسير بخطى بطيئة ومتواضعة. السجون تعاني من الاكتظاظ الشديد، وضعف البنية التحتية، وندرة البرامج التأهيلية، إلى جانب تحديات تتعلق بالشفافية والعدالة. بل إن بعض التقارير الحقوقية تشير إلى وجود ممارسات تمييزية وطائفية داخل بعض المؤسسات العقابية، الأمر الذي يُقوّض أي حديث عن عدالة إصلاحية.
ومع وجود جهود متفرقة من منظمات مجتمع مدني، ومحاولات محدودة لإدماج برامج تعليمية أو تدريبية داخل بعض السجون، إلا أن تلك الخطوات لا ترقى بعد إلى مستوى إصلاح ممنهج يراعي كرامة الإنسان، ويعيد تعريف العقوبة باعتبارها فرصة لإعادة التكوين، لا مجرد وسيلة للعزل والردع.
الإصلاح العقابي الحقيقي في العراق يبدأ من الاعتراف بأن الإنسان – أيًّا كانت خطيئته – يستحق فرصة ثانية في بيئة إنسانية تحفظ له حدًا أدنى من الكرامة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال إصلاح القوانين، وتحديث المرافق، وتمكين السجناء من فرص حقيقية للتعلم والعمل والتعافي، فضلاً عن ضمان الرقابة المستقلة على السجون.
واقع السجون العراقية
المحامية بنين القيسي لـ “شبكة النبأ”: تجربة السجن العنيفة تسبقها سلسلة من الأحداث غير المتوقعة.
ربما تكون مرحلة السجن في بدايتها مستقرة بالنسبة للسجين، حيث بات الأمر أكثر وضوحًا وتم تحديد مصيره. ولا شك أن هذا الاستقرار يشوبه نزاع داخلي بين الرفض والإنكار. لكن سرعان ما تتطور الأمور، ويجد السجين أوضاع السجن مختلفة، تسحبه في طياتها إلى ما يُعرف في العصور السابقة بـ"البقاء للأقوى".
سيحارب من أجل لقمة العيش، ورمق الماء، وحتى استخدام دورة المياه. هناك سجون مكتظة بالأشخاص، حتى أن مجرد الاستلقاء بجانب الجدار يكون بالتناوب بينهم. وأحيانًا، كما نرى في الدراما، يوجد "زعيم" في القاووش يأمر وينهى، ويجعل الآخرين يخدمونه، وأحيانًا يأخذ منهم المال.
ولا أعتقد أن الدراما بالغت أو اتخذت منحىً خياليًا في هذا الأمر، فلا بد من وجود سجون تعيش تحت وطأة هذا النمط.
رواية "عزيز سرنامة" تحمل شرحًا وافيًا ومفصلًا عن واقع السجون. كثير من السجناء تنتهي حياتهم داخل السجن بسبب ظروفه القاسية، ولا أستبعد وجود أساليب قتل تتم داخله أو بتسهيل من خارجه.
تبقى القوة، والمصلحة، والمال، حية في هذا المكان المظلم، فهذه هي النفس البشرية، وربما تكون مدفوعة برغبة البقاء.
في رأيي الشخصي، فإن الجناة الحقيقيين، دون أن تكون البيئة سببًا في أخطائهم، لا يأبهون بنظام السجون العنيفة، ولا يتأثرون به.
هم جزء من العنف الموجود في ذلك المكان، وفرصة إصلاحهم ضئيلة ما لم يوجد تأهيل حقيقي وواعز ديني يقربهم من الله.
أما باقي السجناء، فمن الممكن أن تحولهم أجواء السجن إلى شخصيات إجرامية أكثر، أو ربما تكون الرهبة جزءًا من مسيرتهم.
بعد خروجهم، أعتقد أنهم يكونون غير أسوياء نفسيًا، تسيطر عليهم العقد، والرغبة في الانتقام.
وفي كثير من الأحيان، يعودون إلى السجن ويصبح الأمر بالنسبة لهم مألوفًا. وحتى وإن وُجد إصلاح نفسي داخل السجن، فإن لم يكن هناك إصلاح داخلي ذاتي، فسيبقى الوضع كما هو.
أما الأبرياء، فلا يمكن القول إن ذلك المحيط لم يؤثر على أفكارهم. الأمر يعتمد على مدة السجن وصلابتهم الداخلية.
وبشأن الموظفين والعاملين في السجون، فإن كثيرًا منهم يستغلون السجناء وذويهم ماديًا،
حتى أن هناك سجونًا غير مجهزة للعيش، ويُلقى عبء التمويل على السجناء.
الطعام يُباع لهم بسعر مضاعف، والهواتف المحمولة تُباع لهم ثم تُؤخذ منهم لتُعاد بيعها من قِبل العاملين.
هذا هو واقع الكثير من السجون في العراق، وإن لم يكن للتعميم.
أما فيما يخص انخراط السجناء في المجتمع بعد الخروج،
فإن كان السجين يمتلك المال الكافي "لسد الأفواه"، فهناك احتمال للاندماج. أما غير ذلك، فأظن أن العزلة قد تأخذ سنوات إضافية من حياته. وربما يكون تغيير البيئة حلًا لهذه المشكلة.
وبكل حال، نحن بحاجة إلى تأهيل دور الإصلاح نفسها، واختيار موظفين أكفاء، وتعديل القوانين المجحفة بحق المتهمين، وتقسيم الردهات في السجون حسب الأحكام، مع مراعاة القاصرين والأحداث، والاستعانة بطبيب نفسي للحالات المشوهة نفسيًا.
كما أن للدين والتعليم دورًا كبيرًا في إرشاد السجناء وتحسين سلوكهم.
إصلاح أم تطرف؟
المقدم أسامة السهلاني، مدير إعلام مديرية الاستخبارات العسكرية لـ “شبكة النبأ”: في الواقع، تُعد بيئة السجون عاملاً محورياً في تشكيل سلوك النزيل، سواء سلباً أو إيجاباً، بعد الإفراج عنه. ومما لا شك فيه أن مظاهر العنف داخل السجون – سواء كانت بين النزلاء أنفسهم أو نتيجة تعامل غير مهني من قبل بعض القائمين على إدارة السجون – تترك آثاراً نفسية وسلوكية. وهذه المظاهر قد تجعل شعور النزيل احياناً بالرفض المجتمعي وتزيد من احتمالات تبنّيه لسلوك عدواني أو حتى توجهات أكثر تطرفاً، خاصة في حال غياب برامج حقيقية لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.”
أما فيما يتعلق بدور المؤسسات الإصلاحية، فمن الإنصاف القول إن هناك جهوداً تُبذل، لكنها بحاجة إلى مزيد من الدعم والتطوير، سواء من حيث البنية التحتية، أو الكادر المتخصص، أو المناهج الإصلاحية. فالسجن ليس مجرد أداة للعقاب، بل يجب أن يكون بيئة تعليمية وتأهيلية حقيقية. وعندما يُغيب هذا المفهوم، فإن السجن قد يتحول – من حيث لا يُقصد – إلى مساحة خصبة لإعادة إنتاج العنف أو التطرف، بدلاً من كونه فرصة للتهذيب والإصلاح.
ومن هنا فإن تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتوفير برامج إعادة تأهيل حقيقية تراعي البُعد النفسي والاجتماعي للنزيل، فهما يشكلان مدخلاً أساسياً لمعالجة هذه التحديات، وضمان أن تكون المؤسسات الإصلاحية فعلاً بيئة للعدالة والإصلاح، لا مجرد محطات عبور نحو عودة محتملة للجريمة.
السجن بين النظريّة والواقع
المحامية زهراء كفاح لـ “شبكة النبأ”: هذا الموضوع يحمل أبعادًا نفسية واجتماعية وإنسانية عميقة، ويستحق التوقف عنده.
العنف داخل المؤسسات العقابية يمكن أن يساهم بشكل كبير في إعادة تشكيل شخصية السجين، ولكن – وللأسف – غالبًا ما يكون هذا التشكيل سلبيًا. فبدلاً من أن تكون بيئة إصلاح وتأهيل، يتحول السجن إلى بيئة تُكرّس مشاعر الخوف، والانغلاق، والعدوانية.
العنف، سواء كان من قبل الحراس أو بين السجناء أنفسهم، قد يدفع الفرد إلى تبني سلوكيات دفاعية أو عدوانية، وقد يُفقده الثقة بالمجتمع وبالمؤسسات الرسمية، مما يزيد من احتمالية العودة إلى الإجرام بعد خروجه، بدلًا من إصلاحه.
برأيي، العنف داخل السجن لا يُعيد تشكيل شخصية السجين بقدر ما يكسرها، أو يعيد بناءها على أساس الخوف والنجاة، لا على أساس الندم أو الرغبة في التغيير.
"هل تعتقدين أن هناك فجوة بين المفهوم النظري للسجن كمؤسسة إصلاحية وبين الواقع العملي داخل تلك الجدران؟"
نعم، هناك فجوة واضحة بين النظرية والتطبيق.
فمن الناحية النظرية، يُفترض أن السجن مؤسسة تهدف إلى تهذيب السلوك، إعادة التأهيل، وتوفير فرص للتعلم والعمل.
لكن في الواقع، يعاني كثير من السجناء من الإهمال، وسوء المعاملة، وغياب برامج الدعم النفسي والاجتماعي.
هذا التناقض بين ما هو مكتوب على الورق وما يحدث داخل الجدران يُضعف من فعالية المؤسسة العقابية في أداء دورها الإصلاحي، ويجعلنا نعيد النظر في جدوى النظام الحالي.
أثر السجن النفسي
عذراء قاسم عباس، باحثة في مجال الوعي والتطوير الذاتي لـ “شبكة النبأ”: من الممكن أن تؤثر التجارب العنيفة أو القاسية التي يمر بها السجين بشكل كبير على رؤيته لنفسه وللعالم من حوله. فقد تساهم في إصلاحه إذا وُفرت له بيئة تدعمه نفسيًا وتربويًا، لكن في كثير من الأحيان، في السجون، تكون هذه التجارب سلبية للغاية، حيث تفتقر السجون إلى الرقابة الصارمة والبرامج الإصلاحية، ما يؤدي إلى زيادة مشاعر الحقد والكراهية لدى السجين. وبالتالي، بدلاً من أن تكون السجون أماكن لإعادة التأهيل، تتحول إلى بيئات تزيد من الألم النفسي والعزلة.
انتهاك أم إصلاح
محمد العزاوي، محامي ومنشئ محتوى رقمي لـ “شبكة النبأ”: من وجهة نظري القانونية والإنسانية، تشكل الانتهاكات التي يتعرض لها السجين داخل السجن عنصراً مدمّراً لشخصيته، وتزرع في داخله مشاعر العنف والحقد والكراهية تجاه المجتمع والدولة معاً. فبدلاً من أن يكون السجن محطة لإعادة التأهيل، يتحول إلى مساحة لإعادة تشكيل السجين على نحو أكثر عدوانية، خصوصاً إذا كانت الانتهاكات ممنهجة أو تمت بتواطؤ.
السجين الذي يتعرض للتعذيب، أو يُحتجز في ظروف لا إنسانية، أو تُهان كرامته، سيحمل معه آثاراً نفسية عميقة بعد الإفراج، وقد يتحول إلى عنصر انتقامي تجاه من يعتبرهم مسؤولين عمّا حدث له. ولا يقتصر هذا التأثير على السلوك الفردي فقط، بل قد يمتد ليؤدي إلى إعادة إنتاج الجريمة بأشكال أكثر خطورة وتنظيماً.
أما فيما يتعلق بطبيعة البيئة السجنية في العراق، فإنها - وبصورة عامة - لا تمثل اليوم مساحة إصلاح، بل تُعدّ بيئة خصبة لتكوين مجرمين أكثر خطورة، وابتكار أساليب جديدة للجريمة. فبدلاً من تطبيق برامج إصلاحية حقيقية، نجد أن السجون تعاني من غياب مقومات العدالة والإصلاح، سواء من حيث المعاملة، أو النظافة، أو التغذية، أو التعليم، أو فرص إعادة التأهيل.
في كثير من الأحيان، يحتكّ السجين داخل السجن بأشخاص أكثر إجراماً منه، مما يؤدي إلى تقوية السلوك الإجرامي داخله، بدلاً من تقويمه.
وللمقارنة، يمكن النظر إلى نموذج بعض الدول مثل النرويج، التي توفر بيئة سجنية تحاكي الحياة الطبيعية، وتمنح السجين فرص التعليم والعمل والتأهيل النفسي والاجتماعي، مما ساهم في انخفاض معدلات العودة إلى الجريمة. في المقابل، نجد أن السجون العراقية، في ظل غياب الرقابة والمساءلة والبرامج الإصلاحية، ترفع من احتمالات العودة إلى الجريمة بعد الإفراج، بدلاً من الحدّ منها.
من هنا، أصبح من الضروري إجراء مراجعة شاملة لنظام السجون في العراق، لا تقتصر فقط على البنية الإدارية أو القانونية، بل تمتد لتشمل الفلسفة العامة للنظام العقابي. يجب الانتقال من المفهوم العقابي إلى المفهوم الإصلاحي، ابتداءً من مرحلة التحقيق وأخذ الاعترافات، وصولاً إلى مرحلة الإدانة والتنفيذ.
فالسجين ليس عدواً للمجتمع، بل هو مواطن فقد توازنه مؤقتاً، ومن واجب الدولة أن توفر له بيئة تحفظ كرامته، وتساعده على استعادة توازنه والانخراط من جديد في المجتمع.
السجن والإصلاح النفسي
نبأ طالب إبراهيم، معالجة صحة نفسية لـ “شبكة النبأ”: يولد الإنسان بدافع فطري نحو التحسن والتطور، وبدورٌ استخلافي في الأرض كما جاء في قوله تعالى: "إني جاعلٌ في الأرض خليفة". لكن هذا الإنسان قد يضطرب نفسيًا بفعل البيئة المحيطة، الأسرة، أو المجتمع، وقد ينحرف عن مساره الطبيعي ويقترف أفعالاً تضر المجتمع وتخرق قوانين الدولة.
في هذه اللحظة، يتدخل القانون لفرض العقوبة، والغاية الأساسية من هذا التدخل يجب أن تكون إصلاح السلوك وإعادة الإنسان إلى طبيعته السوية. لكن ما يحدث في الواقع مختلف: فالعقوبة غالبًا ما تُنفذ بشكل مادي على الجسد، بينما الجريمة تنبع من فكرة أو دافع نفسي. وهنا يظهر الخلل؛ إذ يكون الهدف الظاهري هو الإصلاح، لكن الوسيلة قد تخلق نتيجة عكسية.
تخيل أن تُعاقب جسدًا ماديًا على فعل ناتج عن خلل فكري أو نفسي. النتيجة؟ قد يتوقف الفعل خوفًا من العقوبة، لا نتيجة لوعي أو ندم حقيقي. وهكذا نكون قد اقتلعنا أغصان الشجرة (السلوك الظاهر)، لكننا تركنا الجذر (الدافع) لينمو من جديد.
وهنا نطرح تساؤلاً: من يُحاسب المجرم؟ هل هو إنسانٌ سوي نفسيًا؟ إن لم يكن كذلك، فلا فرق كبير بين الاثنين، سوى أن أحدهما يملك غطاءً قانونيًا يسمح له بتعذيب الآخر.
أما بيئة السجن، فهي غالبًا تزيد الجراح بدل أن تداويها. فبدلاً من أن تكون مكانًا لإعادة البناء الداخلي، تتحول في بعض البلدان – مثل العراق – إلى بيئة تدمر الإنسان، نظرًا لضعف الرقابة، وانعدام برامج التأهيل النفسي.
الحلول الممكنة:
1. التوجه إلى جذور الجريمة: الفكر والدوافع النفسية، فالعقوبة الجسدية وحدها لا تغير العقلية.
2. تعيين مختصين نفسيين في السجون لتشخيص دوافع المجرمين ومساعدتهم على إدراك الخطأ وتجاوز أسباب الانحراف.
3. الإيمان بأن الإصلاح النفسي ليس رفاهية، بل ضرورة، خاصة إذا خرج السجين بعفو، أو هرب، أو ظل مصرًا على براءته.
وفي الختام، أستشهد بمقولة لاحد علم الاجتماع:
"كل مظلوم هو ظالم في مكان ما، وكل ظالمٍ كان مظلومًا في يومٍ ما."
من خلال ما طرحه المتخصصون في هذا الاستطلاع، يتضح أن السجون في العراق تقف عند مفترق طرق بين أن تكون مؤسسات لإنتاج التغيير الإيجابي، أو بؤرًا لإعادة إنتاج العنف والإجرام. ولعل أبرز ما يحتاجه هذا الواقع هو التحول من العقوبة المجردة إلى إعادة التأهيل بمعناه الحقيقي، وإدراك أن السجين، مهما كانت جريمته، يظل إنسانًا يستحق فرصة ثانية. إصلاح السجون ليس ترفًا، بل هو أساس لبناء مجتمع أكثر عدلاً وأمانًا. فالسجين اليوم قد يكون المواطن، أو الجار، أو الموظف غدًا، ومصيرنا كمجتمع يرتبط بمقدار ما نمنحه من عدالة وإنصاف في أحلك الأماكن خلف القضبان.
اضف تعليق