في ظل التطور المتسارع للمنصات الرقمية وبروز صنّاع المحتوى كمؤثرين رئيسيين في المشهد الثقافي والاجتماعي، أثار قرار فرض "ضريبة الشهرة" أو رسوم سنوية على المؤثرين جدلًا واسعًا بين مؤيدين يرونها خطوة نحو تنظيم القطاع وعدالة ضريبية، ومعارضين يخشون من تأثيرها السلبي على الإبداع والمبدعين الناشئين...
في ظل التطور المتسارع للمنصات الرقمية وبروز صنّاع المحتوى كمؤثرين رئيسيين في المشهد الثقافي والاجتماعي، أثار قرار فرض "ضريبة الشهرة" أو رسوم سنوية على المؤثرين جدلًا واسعًا بين مؤيدين يرونها خطوة نحو تنظيم القطاع وعدالة ضريبية، ومعارضين يخشون من تأثيرها السلبي على الإبداع والمبدعين الناشئين. في هذا الاستطلاع الذي أجرته "شبكة النبأ المعلوماتية"، نستطلع آراء مجموعة من الخبراء والمهتمين وصنّاع المحتوى حول مدى عدالة هذه الضرائب، وانعكاساتها على حرية الإبداع، وإمكانية تحقيق توازن بين التنظيم المالي والحفاظ على القيمة المضافة التي يقدمها المحتوى الهادف.
الضريبة والإبداع المتوازن
أكد صانع المحتوى رضا ليث عبودي قائلًا: أثار هذا الموضوع جدلاً بين صناع المحتوى، فبينما يرى البعض أنه يمثل شكلًا من أشكال العدالة الضريبية، يعتبره آخرون عبئًا إضافيًا قد يؤثر على المبدعين الناشئين. لتحقيق الشفافية والعدالة، ينبغي أن تُحدد الضريبة بناءً على الدخل الحقيقي لصانع المحتوى، وليس مجرد شهرته أو عدد متابعيه. هناك العديد من الحلول التي قد تجعل هذه الفكرة أكثر قبولًا، مثل وضع نظام ضريبي واضح ومنصف، أو حتى توفير أشكال من الدعم، سواء من خلال راتب ثابت لصناع المحتوى أو وسائل أخرى تضمن تحقيق توازن عادل. فمن المهم أن يكون هناك مقابل ملموس لأي التزام مالي يُفرض على المؤثرين.
دعم بدلاً من فرض
اعتبرت صانعة المحتوى والدكتورة في طب الأسنان سالي نصري: أن فرض رسوم سنوية على صناع المحتوى خطوة غير منطقية وغير عادلة. نحن نقدم قيمة حقيقية للجمهور، سواء كان ذلك في التعليم، الترفيه، أو أي مجال آخر، دون أن نحصل على أي دعم من الدولة أو دخل ثابت يضمن استمراريتنا. كيف يمكن فرض رسوم علينا ونحن بالأصل نستثمر وقتنا وجهدنا لمساعدة الآخرين دون مقابل ثابت؟!
بدلاً من فرض هذه الرسوم، الأولى هو دعم صناع المحتوى، خاصة من يقدمون محتوى تعليمي أو يخدمون المجتمع بطريقة مباشرة. إذا كان الهدف هو تنظيم المجال، فليكن ذلك من خلال معايير واضحة تضمن جودة المحتوى، وليس بفرض أعباء مالية قد تعيق المبدعين عن الاستمرار.
ضريبة الشهرة وتأثيرها
أوضح الرادود الحسيني سجاد الحلو، رأيه بالقول: أرى أن هذا القرار غير صائب، لأن تمويل المشاريع الخيرية يجب أن يكون قائمًا على التبرع والاختيار، وليس من أموال قد تُفرض بشكل إجباري، مما يجعلها أقرب إلى أموال مغصوبة. وبالتأكيد، فإن فرض هذه الرسوم سيؤثر سلبًا على المشاهير، وقد يحد من الرسائل الدينية والاجتماعية التي يقدمونها.
تقنين النشر والإبداع
أشار التدريسي في جامعة العميد رامي الأسدي إلى إن كان معمولًا بهذا المبدأ في الدول المتقدمة، فلا ضير من محاكاته. قد تكون هذه خطوة عادلة، لأنها ستسهم في تقنين النشر بحيث يكون الصالح والجيد والنافع تحت إشراف. كما أن المبدع سيظل مبدعًا، ولن تؤثر الضريبة على حرية إبداعه.
تنظيم صناعة المحتوى
أكّدت الكاتبة والإعلامية سمانا السامرائي، أن: فرض رسوم سنوية على المشاهير وصناع المحتوى هو أمر أساسي لتنظيم عملية صناعة المحتوى وإدارة الأنشطة المرتبطة بها، وهو بحاجة إلى إقرار نظام أكثر عدالة وشمولية، كما هو معمول به في معظم دول العالم.
صناعة المحتوى تُعد جزءًا من صناعة الترفيه، والرقابة أو فرض الضرائب لا يحدّان من الإبداع، بل يسهمان في تنظيمه بشكل أفضل، خاصة أنه قطاع يؤثر على وعي المجتمع وحياته اليومية.
حرية الإبداع أولًا
حذّر الشاعر عماد الدعمي، من أن القيود قد تقتل الإبداع وقال: من الناحية الإبداعية، لا يمكن تحجيم الإبداع في أي مجال من مجالات الحياة، لأنه ينبع من الحرية في الرأي والتعبير والخيال الذي يحلق بعيدًا. فإذا فُرضت القيود التي تمنعه، مات الإبداع.
أما فيما يتعلق بالمحتوى الهابط، فهناك أمر بالغ الأهمية يكمن في الجهة التي تقوم بتقييمه. لا يمكن الحكم على المحتوى الهابط إلا من خلال عقول نيرة، وهي غالبًا قليلة في المجتمعات، خاصة في ظل الانهيارات التي يشهدها العالم الثالث.
أما بالنسبة للمحتوى الهابط والواضح جدًا، والذي يؤثر سلبًا على المجتمعات، فلا بد من التصدي له بفرض عقوبات صارمة، وليس فقط الاكتفاء بفرض ضرائب مالية.
فرض الرسوم غير منصف
اعتبرت الموظفة في وزارة الكهرباء رانيا الحمداني: أن هذه الإجراءات غير منصفة وغير مبررة للغاية، وأنها تمثل مصدرًا جديدًا لسرقة الشعب العراقي، وليس فقط المشاهير وصناع المحتوى. بالتأكيد، معظم أصحاب البيجات والصفحات الإلكترونية هم عاطلون عن العمل ويعانون من صعوبة في دفع الإيجارات بسبب ارتفاع الأسعار، وهذه البيجات هي مصدر أرزاقهم. وبالتالي، فإن فرض الرسوم سيؤثر سلبًا عليهم.
من جهة أخرى، هناك بعض الصفحات التي هي غير ربحية، وهي مجرد متخصصة في نقل الأخبار والأحداث الداخلية والخارجية. أما فيما يتعلق بصناع المحتوى السلبي، يجب أن يتم محاسبتهم بطريقة منصفة، وليس من خلال اتخاذ قرار بفرض الرسوم على الجميع دون إنصاف.
ضريبة الشهرة جدل مستمر
رأت الكاتبة ضحى دريد: أن فرض رسوم سنوية على المشاهير وصناع المحتوى يحمل وجهين؛ فمن جهة، يمكن أن يكون خطوة عادلة لدعم الاقتصاد وتوزيع الثروة، خاصة لمن يحققون أرباحًا كبيرة. ومن جهة أخرى، قد يكون غير منصف لمن يعتمدون على المحتوى كمصدر رزق رئيسي، كما قد يؤثر على حرية الإبداع. برأيي، يمكن تحقيق التوازن من خلال ضرائب تصاعدية أو دعم للمحتوى الهادف بدلاً من فرض رسوم عامة.
ضريبة المحتوى الهادف
أيدّت الطالبة الجامعية مطيعة الكبيسي الفكرة: في الحقيقة، أنا أؤيد فرض هذه الرسوم، خاصة أن سهولة الوصول إلى منصات المحتوى جعلت أي شخص يملك هاتفًا قادرًا على أن يصبح صانع محتوى، مما أدى إلى انتشار محتوى تافه وأحيانًا مخالف للقيم. أعتقد أن فرض الضريبة سيكون أكثر عدالة إذا استهدف القنوات أو الفيديوهات التي تنشر أفكارًا مخالفة للفكر العربي والدين، بينما يُعفى المحتوى الجيد والهادف، مما يشجع على تقديم محتوى أكثر فائدة وتأثيرًا إيجابيًا.
الرسوم ومعيار المحتوى
دعت الإذاعية خنساء الموسوي، إلى التفريق بين المحتوى الهادف والمحتوى العبثي أو الهابط. فإذا فُرضت الرسوم على أصحاب الرأي الصحيح الذين يخدمون المجتمع أو ينتقدون سوء الخدمات، فهذا يعتبر تقييدًا للحريات، وأنا ضد هذه الرسوم. لكنني أؤيد فرضها على من يساهم في نشر التفاهة أو تسفيه المجتمع أو لأغراض التسقيط.
ضريبة المشاهير العادلة
اقترحت الطالبة زهراء علي: أن تكون الرسوم متدرجة حسب نوع المحتوى، بحيث تكون أقل للمحتوى الهادف والجيد، وأعلى للمحتوى غير الهادف، مما سيدفع الجميع لتقديم محتوى أفضل.
رسوم المحتوى الرقمي
حلّلت الباحثة الاجتماعية بتول فوزي الكعبي: بِاسمِهِ تعالى، في الآونة الأخيرة، تم تداول موضوع فرض الرسوم على صناع المحتوى والمشاهير. لهذا القرار جوانب إيجابية وسلبية. ومن وجهة نظري، هذا الموضوع لا يحقق العدالة الاقتصادية، وذلك لأنه، وبصريح العبارة، بعض صناع المحتوى والمشاهير يقدمون محتوى ليس جيدًا ولا يمت للثقافة بصلة، ولهم تأثير سلبي على حياة شبابنا والمراهقين، خصوصًا أنهم يمتلكون ملايين المتابعين ولهم أرباح ممتازة. في هذه الحالة، لا تؤثر الرسوم عليهم بشكل كبير.
لكن من ناحية أخرى، هذا القرار قد يكون ظالمًا بحق أصحاب المحتوى الهادف والمفيد، حيث يشعرون أنهم يبذلون جهدًا كبيرًا لخدمة المجتمع ونشر تأثير وفكر إيجابي لشبابنا. في هذه الحالة، لا يجب أن يتساوى الطرفان في الرسوم، بل يجب أن تُفرض الرسوم بشكل مضاعف على أصحاب المحتوى السلبي، بينما تُلغى أو تُخفف عن أصحاب المحتوى الهادف.
تأثير الرسوم المالية
أعربت الطالبة في كلية المأمون آيات علاء الشمري عن قلقها: فرض رسوم سنوية على المشاهير وصناع المحتوى قد تؤثر سلبًا على حرية الإبداع وتنوع المحتوى، خاصةً بالنسبة لأولئك الذين يمتلكون عددًا كبيرًا من المتابعين ولكن لا يحققون أرباحًا مالية كبيرة. فرض هذه الرسوم قد تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا عليهم، مما قد يحدمن قدراتهم على تقديم محتوى متنوع ومبتكر.
رسوم المشاهير السنوية
اختتمت الموظفة في هيئة استثمار كربلاء أنسام عبد الرضا، النقاش بالقول: فرض الرسوم السنوية على المشاهير وصنّاع المحتوى هو خطوة تثير الجدل بين مؤيد ومعارض، ولكل طرف حججه المنطقية.
من ناحية التأييد:
• تنظيم سوق المحتوى الرقمي: قد يحد هذا الإجراء من دخول بعض الجهات التي تسعى فقط لتحقيق الأرباح السريعة دون تقديم محتوى ذي قيمة.
من ناحية المعارضة:
• تأثير سلبي على الإبداع: قد يُثني فرض الرسوم بعض المواهب الناشئة عن دخول هذا المجال، مما قد يؤدي إلى تقليل التنوع والإبداع في المحتوى.
• ازدواجية في الضرائب: العديد من صنّاع المحتوى يدفعون بالفعل ضرائب على دخلهم، وبالتالي فرض رسوم إضافية قد يُعد عبئًا ماليًا غير مبرر.
وجهة نظري الشخصية:
الأمر يعتمد على كيفية تطبيق هذا القرار. إذا كان الهدف هو تحقيق العدالة الضريبية وجعل المشاهير يساهمون في التنمية، فيجب أن يكون هناك تدرّج في الرسوم يتناسب مع مستوى الدخل، وليس فرض مبالغ ثابتة قد تظلم البعض. كما يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أن المحتوى الرقمي هو مجال إبداعي بالأساس، وأي إجراءات يجب ألا تعيق الابتكار والتنوع فيه.
خلُص هذا الاستطلاع إلى تباين واضح في وجهات النظر حول فرض الضرائب على صنّاع المحتوى، حيث انقسم المشاركون بين مُطالب بتنظيم القطاع وضمان مساهمة المؤثرين في التنمية الاقتصادية، وآخرين حذّروا من اختزال الإبداع في معادلة مالية قد تُرهق الناشئين وتُقيّد الحريات. تبقى الإشكالية الأكبر في كيفية تحقيق التوازن بين ضمان جودة المحتوى وعدالة الضرائب من جهة، والحفاظ على حيوية الإبداع ودعم المواهب الواعدة من جهة أخرى. الأمر الذي يتطلب -كما أشار العديد من المشاركين- تبني حلولًا مرنة كالضرائب التصاعدية، أو الدعم الحكومي للمحتوى الهادف، عوضًا عن فرض رسوم عامة تُعامِل الجميع بمنطق واحد، قد لا ينصف أصحاب الرسائل الإيجابية الذين يساهمون في بناء الوعي المجتمعي.
اضف تعليق