إن تأثيرات الزيارة تتنوع بين الاجتماعي والبيئي والعاطفي والديني، بالإضافة إلى التنوع الحضاري والثقافي. تعكس هذه التأثيرات موروثًا فلكلوريًا وتسهم في تثبيت الأحداث التاريخية، مما يؤدي في النهاية إلى نقل الوقائع الحقيقية والتمسك بالشعائر الدينية والموروث العقائدي. يمكن اعتبارها تجديدًا للعلاقات الدينية والثقافية بين مختلف الأطياف المجتمعية...

تعد زيارة الأربعين واحدة من أكبر التجمعات الدينية في العالم، حيث يتوافد ملايين الزائرين إلى كربلاء لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام. هذه الزيارة لا تقتصر على إحياء الشعائر الدينية فحسب، بل تسهم أيضاً في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الزائرين وسكان كربلاء. هذه الروابط تتجلى في أشكال متعددة من التفاعل الإنساني، كالتعاون والتضامن وتبادل الثقافات والخبرات. 

وفي هذا السياق، أجرت شبكة النبأ المعلوماتية استطلاعاً صحفياً شمل فئات متنوعة من المجتمع، بما في ذلك إعلاميين، وأدباء، ومدراء أقسام، وتدريسيين، وطلبة وخريجين. سلط هذا الاستطلاع الضوء على التأثير الإيجابي لزيارة الأربعين في توطيد العلاقات الاجتماعية وتقوية النسيج المجتمعي، مما يعكس عمق التلاحم والتآزر الذي يولده هذا الحدث السنوي.

محمد عباس الغزي، مساعد مختبر في مستشفى الشطرة العام

 تؤثر زيارة الأربعين بشكل كبير على تعزيز الروابط الاجتماعية من خلال خدمة الزائرين وضيافتهم والتعارف بينهم. لقد شهدت شخصيًا حالات زواج، مشاريع تجارية، وعلاقات اجتماعية نشأت بفضل هذه الزيارة. الحمد لله، بدأت المشي على الأقدام منذ دعوة السيد الشهيد الثاني قدّس سره، وقد مشيت من الجنوب (ذي قار - الشطرة) حتى النجف، وأحيانًا حتى كربلاء. مشيت أيضًا مرات عديدة من الديوانية، وأحيانًا من القاسم، ومرتين من بغداد في عامي 2011 و2012.

في أيام الذبح على الهوية والتفجيرات، شاهدت بأم عيني المسيحيين، والصابئة، والسنة يمشون للإمام الحسين عليه السلام. مررت بدواهي، ومعجزات، وكرامات لا تُحصى بفضل هذه الزيارة. لكن بسبب المرض، توقفت عن المشي منذ أكثر من ثلاث سنوات، واستخدمت وسائل النقل المتاحة (السيارات الخصوصية) بدلًا من ذلك.

جميلة الخزاعي، إعلامية وأدبية

 قال تعالى {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} 

إن الزيارة الاربعينية المليونية للإمام الحسين وأخيه ابو الفضل (عليهم السلام) تعتبر من أهم الشعائر وأحد أكبر تجمعات المجتمع الإنساني في العالم، حيث يجتمع فيها سنوياً ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم بمختلف جنسياتهم، وألوانهم ولغاتهم، مما يولد عنصر التقارب بين الدول الإسلامية والعالمية والثبات على مبادئ الثورة الحسينية في مواجهة ظلم الطغاة والحفاظ على الدين ومبادئ الاسلام الثابتة، وقد حققت الزيارة الأربعينية قدرة كامنة وإمكانية للتعايش السلمي بين الأديان والمذاهب وتعزيز التقارب بين شعوب المنطقة. 

أما على الصعيد الداخلي للعراق فقد حققت الزيارة الأربعينية اواصر اجتماعية بين الزائرين من مختلف محافظات القطر وبين سكان محافظة كربلاء المقدسة الذين أثبتوا للعالم بأنهم مجتمع مضياف كبير لا يضاهيه أحد، فتحت ابوب بيوتهم مشرعة لاستقبال الزوار من كل الطوائف وقد سجلت شخصياً عدد مشاهدات عن تعزيز الروابط بين الزائرين وأهالي محافظة كربلاء المقدسة أورد منها:

1ـ تحقيق اواصر صداقة كبيرة بين البيوت الكربلائية والزوار، من خلال خدمة الزوار وكذلك السؤال عن أحوالهم والتعرف عن كثب عنهم وان كانوا بحاجة الى المال، وحدثتني أحدى نساء كربلاء كيف كانت لا تملك شيء ولكنها رزقت خيراً كثيراً نتيجة خدمتها لزوار الأمام الحسين ( عليه السلام) فقالت: ( كنت لا أملك بقرة، واشتري الحليب من السوق وأصنع منه اللبن والقيمر والجبن لزوار ابو عبدالله الحسين (عليه السلام) ودعوت الامام حينها بأن يرزقني الله ببقرة كي أصنع منها القيمر واللبن للزوار كي لا اقصر معهم لان ما اشتريه من السوق لا يكفي لعدد الزوار الكثير، وشاء الله أن ببركة الامام أن رزقني بـ ( بقرة) ثم اصبح اثنين وثلاثة كما ترين وها أنا أصنع منها هذا القيمر الذي امامكم) .

2ـ أحد المرات دمعت عيني وزميلتي عندما توسل بنا طفلين راجين منا أن يتشرفوا بخدمتنا في منزلهم وقالوا بلغتهم الدارجة (خالة تعالوا نخدمكم في بيتنا وانوب كملوا المشي) ففرحوا كثيراً عندما وافقنا للذهاب معهم وكأنهم ربحوا تجارة لن تبور. 

3ـ بعض سكان كربلاء نشأت بينهم وبين الزائرين علاقات اسرية واجتماعية وصلت الى اواصر الزواج والتكافل الاجتماعي . 

4ـ إن حب الإمام الحسين (عليه السلام ) قد ربط ابناء الشعب الواحد فنجد الزائرين من كل المحافظات والمذاهب يجتمعون في محافظة واحدة تقوم بواجب الخدمة والضيافة لملايين الزوار دون كلل أو ملل، وتعتبر الأربعينية صورة جميلة للرفقة والاواصر والتضحية وحسن الضيافة والتضامن .

ختاماً نسأل أن لا يحرمنا وأياكم من زيارة الامام الحسين (عليه السلام) وأن يحفظ الزائرين وخدام الزائرين جميعاً.

أسماء خميس المحمدي، دكتوراه إدارة أعمال 

إن تأثيرات الزيارة تتنوع بين الاجتماعي والبيئي والعاطفي والديني، بالإضافة إلى التنوع الحضاري والثقافي. تعكس هذه التأثيرات موروثًا فلكلوريًا وتسهم في تثبيت الأحداث التاريخية، مما يؤدي في النهاية إلى نقل الوقائع الحقيقية والتمسك بالشعائر الدينية والموروث العقائدي. يمكن اعتبارها تجديدًا للعلاقات الدينية والثقافية بين مختلف الأطياف المجتمعية داخل العراق وخارجه.

تجاوزت الزيارة الحدود المألوفة على الصعيدين الوطني والدولي، حيث أصبحت بمثابة حج يسترعي اهتمام المفكرين وليس فقط العامة من الشعوب، كما أنها تأخذ أبعادًا سياسية في بعض الأحيان. يُعتبر الإمام الحسين شخصية ثائرة ذات نهج إصلاحي ديني، مما يضفي على الزيارة أهمية كبيرة في تعزيز القيم والمبادئ التي حملها.

كاظم الشويلي، مدير قسم النشاط المدرسي 

 لا يمكن اختزال أهمية وتأثير الزيارة الأربعينية في اتجاه واحد. فهي، بالإضافة إلى الفوائد الروحية والمادية، تُعَدُّ مناسبة للتلاقي الفكري والتواصل المعرفي بين الناس. تمثل هذه الزيارة نقطة التقاء للمسلمين من شتى بقاع العالم، حيث تتجلى فيها مشاعر الإخاء والمحبة والوئام والتعايش والإيثار والتضحية ونكران الذات والكرم والعطاء، دون أي تمييز مجتمعي.

الدكتورة انتصار كاظم جواد، تدريسية في كلية التربية/ جامعة المستنصرية 

هذا السيناريو يحمل تأثيرات اجتماعية وأخلاقية وفكرية وإعلامية كبيرة، حيث يكشف لنا عن ما آل إليه حال أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته من تهميش وتنكيل، خوفًا من أفكارهم المعتدلة وأخلاقهم العالية، التي اكتسبوها من رسول الله الذي قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". 

يسلط السيناريو الضوء على الرابط العائلي المتين بين أهل البيت، وكيف واجهوا الطغاة بتماسك ووحدة، رغم علمهم بأنهم سيفقدون أرواحهم. إلا أنهم لم يبالوا بذلك من أجل كلمة الحق وإبعاد الظلم عن حكم المسلمين الذي تجسد في الدولة الأموية. 

ومن الجانب الإعلامي، تجلت قوتهم في خطبة السيدة زينب أمام يزيد بن معاوية، حيث لقّبته "بابن الطلقاء"، وخطبة الإمام زين العابدين التي صفعت ابن زياد على رأسه. 

كما يُبرز السيناريو القسوة التي تعرض لها أهل البيت، من ذبح وتقطيع وتمثيل بجثثهم، وهي أفعال تتنافى مع الإنسانية والأعراف القبلية والدولية، وتُظهر أخلاق الحقد والاستبداد والعنصرية. 

إضافة إلى ذلك، يُذكرنا السيناريو بالسيدة رقية وتعلقها بوالدها، وكيف حاولت السيدة زينب التخفيف عنها وسط المآسي التي عاشوها. إلا أن رقية لم تتحمل ألم الفراق، فتوفيت بعد أيام قليلة، مما أثار مشاعر الأسى على أهل البيت.

هذا السيناريو يمثل جزءًا صغيرًا من الصراع على السلطة الذي بدأه بنو أمية بجذورهم المستبدة، والذي أدى إلى ضياع أعظم دستور إسلامي وما يحمله من قيم سامية.

بلقيس الجبوري، إعلامية

 تؤثر العلاقة بين الزوار وأهل كربلاء بشكل كبير، حيث تُعد زيارة الإمام الحسين عليه السلام مناسبة تجمعهم بروح من الأخوة والمحبة المتبادلة. تشكل هذه الزيارة فرصة لتوطيد الصداقات الأخوية التي تربطهم بمودة ومحبة لأهل البيت عليهم السلام. في كل عام، يستعد أهل كربلاء لاستقبال الزوار بقلوب مفتوحة وترحيب حار، وكأنهم إخوة متلاحمون، يجمعهم حب عميق للإمام الحسين وأهل بيته. هذه المحبة تتجدد كل عام وتزداد مع مرور الزمن، مما يعزز ارتباط الشيعة بأربعينية الإمام الحسين ويعمق علاقتهم بأهل البيت عليهم السلام.

مع اقتراب موعد الأربعين، تتصاعد مظاهر الاستعداد والطقوس الخاصة بهذه المناسبة، والتي تتطور عامًا بعد عام، تعبيرًا عن ولاء وإخلاص الزوار لنهضة الإمام الحسين. تلك الطقوس تعكس روح التضحية والجهاد في سبيل الله ورسوله وأهل بيته، كما ترمز إلى نصرة المظلوم والوقوف في وجه الظلم. يجتمع الزوار وأهل كربلاء في هذه المناسبة بروح واحدة، تجمعهم الرغبة في نصرة الحق والتضحية من أجل القيم النبيلة التي جسدها الإمام الحسين عليه السلام.

هبة حيدر العبادي، طالبة

 تسهم زيارة الأربعين بشكل كبير في تعزيز الروابط بين الزائرين وأفراد المجتمع من خلال تقديم الخدمات لبعضهم البعض، ولا سيما من قِبل سكان مدينة كربلاء، الذين

يفتحون بيوتهم لاستقبال الزائرين ويقدمون لهم المأكل والمبيت وغير ذلك من الخدمات. هذه التصرفات والسلوكيات تعزز روح التعاون والتعاطف بين الأفراد. 

ويُلاحظ أن الشباب منذ صغرهم يعتادون على هذه الخدمة الشرفية، ويعتبرونها جزءًا مهمًا من مسيرة حياتهم، حيث تزيدهم إلهامًا وحبًا لأهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله). ولا تقتصر هذه الأعمال على الشباب فقط، بل يشارك فيها أيضًا كبار السن والأطفال والنساء، مما يوضح مدى تأثير الدين الإسلامي وحب أهل البيت في نفوس المسلمين. 

في هذه الخدمة، لا مجال للطائفية أو التفرقة بين الجنسيات، فجميعهم يعتبرون زائرين للإمام الحسين (عليه السلام)، مما يعزز الوحدة والتلاحم بين جميع المشاركين.

فاطمة الزهراء أمجد، خريجة قسم الإعلام/ جامعة بابل

 زيارة الأربعين تؤثر بشكل كبير على تعزيز الروابط الاجتماعية من خلال إظهار الكرم والضيافة. الزوار القادمين من أماكن بعيدة يسهمون في تقوية العلاقات، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية، من خلال عمليات البيع والشراء وتبادل الخدمات. كما تسهم هذه الزيارة في تعزيز سمعة المحافظة وبناء علاقات ودية وسلمية بين جميع المشاركين. هذا التفاعل يساهم في نشر روح التعاون والمحبة، ويعزز من مكانة المحافظة كمركز للتآزر والاحترام المتبادل.

حسين سامي الجعفري، كاتب كربلائي

لا شكّ بأن زيارة الأربعين هي مباركة من قبل اللّه تعالى وأولياءه الصالحين، فتكون دائرة ييزغ منها نور المولى أبي عبد الله (عليها السلام) ويُطرَد منها شرّ الشيطان وأهله. 

كما أن أهالي هذه الزيارة الذين يحيون شعائر الله، وخدّامها الذين يخدمونها بشتّى الخدمات التي تتمتلئ على طول طريق الزيارة المعطّر ببركة الذكر الطيب، والنفوس الزكيّة، يكونون متحلّون بأخلاق سيد شباب أهل الجنة، ومُدرِكون لعظمة المصيبة التي حلّت عليه وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام).

فنراهم يعبقون ترابطًا حسينيًّا خالصًا، يسودهم الودُّ والوفاق، ويملأ قدومهم إلى الروضة المطهّرة النهجُ الحسينيُّ النابعُ من فِكرِ آلِ محمد الإلهي. فلا يسمحون لأيّ شرٍّ وسوءٍ يدخل علاقتهم فيهدم البناء العقائدي الذي بُنيَ على أساس العشق الكربلائي السليم.

كما أهالي كربلاء المقدسة، يفترشون الأرض انتظارًا للقاء زائري أبي الأحرار ليقدّموا لهم ما وهبه الله إيّاهم من نعمٍ وأرزاقٍ فائضة، وليس ذلك فحسب، فعند انتهاء الزيارة المباركة، نرى دمعات الخدّام العاشقين تنهمر كزخّاتِ مطرٍ على تراب كربلاء الطاهر، حزنًا وألمًا على فراق الأحبّة، ممّن ساد قلبهم حب الولاء المستقيم إلى شجرة الخاتم الأعظم (صلى الله عليه وآله).

إن كل هذا يعطينا درسًا ومظهرًا رائعًا عن الرجال والشباب والأطفال والنساء وهم يتجمعون بعقيدةٍ واحدة وبفكرٍ سليم وبروحٍ تعاونيّة تامّة، لا سيّما مظهر الثبات والاستقامة على ولاية الأمير الأولى الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، ومظهر التحدّي القويم والعتيد لأعداء المذهب ونحن نريهم وحدتنا معًا وعزمنا وجهادنا بأيادٍ متّحِدة!.

أوراس ستار الغانمي، طالبة في كلية إدارة واقتصاد/ جامعة بابل

 تؤثر زيارة الأربعين بشكل كبير على تعزيز الروابط الاجتماعية بين الزائرين وسكان كربلاء بعدة طرق:

1. الكرم والضيافة: يقدم سكان كربلاء خدمات الضيافة للزوار من جميع أنحاء العالم، مما يخلق أجواء من الود والتعاون. يتشارك الجميع في تقديم الطعام والماء والمساعدة، مما يعزز الشعور بالانتماء والتواصل.

2. التفاعل الثقافي: تجمع زيارة الأربعين أشخاصًا من مختلف الثقافات والخلفيات، مما يتيح لهم فرصة تبادل القصص والتجارب. هذا التفاعل يعزز الفهم المتبادل ويساهم في بناء علاقات قوية تتجاوز الحدود الثقافية.

3. الشعور بالوحدة: تعرض الأجواء الروحية والمشاعر المشتركة خلال الزيارة زوار كربلاء وسكانها لمشاعر مشتركة من الحزن والفخر، ما يعزز الروابط الإنسانية بينهم. هذه التجارب المشتركة تعمق العلاقات وتزيد من الاحترام المتبادل.

4. التعاون والمشاركة: يعمل السكان والزوّار معًا في تنظيم الفعاليات وتقديم الخدمات، مما يعزز العمل الجماعي والتعاون. هذه الأنشطة المشتركة تعزز الروابط الاجتماعية وتخلق شعورًا بالمسؤولية المشتركة.

5. تبادل القيم والمبادئ: تُعتبر قيم الحسين، مثل العدالة والتضحية، مصدر إلهام لكل من الزوار والسكان. يتشاركون في الاحتفاء بهذه القيم، مما يقوي الروابط الاجتماعية ويعزز التضامن بينهم.

بشكل عام، تساهم زيارة الأربعين في بناء شبكة من العلاقات الاجتماعية القوية والمترابطة بين الزائرين وسكان كربلاء، مما يعكس أهمية هذه المناسبة في تعزيز الروابط الإنسانية.

اضف تعليق