كربلاء ليست مجرد مدينة، وأيام عاشوراء ليست مجرد تواريخ على التقويم، إنها محطة تجمع بين أجيال مختلفة وأعراق وأديان متعددة في نسيج متجانس يعكس روح الوحدة والتآخي، في قلب هذا التمازج، ينبض حدث عاشوراء، الذي لا يقتصر فقط على شعائر دينية وإنما يتسع ليصبح رمزًا عالميًا للأخوة والتضحية والقيم الإنسانية الرفيعة...

كربلاء ليست مجرد مدينة، وأيام عاشوراء ليست مجرد تواريخ على التقويم. إنها محطة تجمع بين أجيال مختلفة وأعراق وأديان متعددة في نسيج متجانس يعكس روح الوحدة والتآخي. في قلب هذا التمازج، ينبض حدث عاشوراء، الذي لا يقتصر فقط على شعائر دينية وإنما يتسع ليصبح رمزًا عالميًا للأخوة والتضحية والقيم الإنسانية الرفيعة. 

نطرح هنا السؤال: كيف يمكننا الحفاظ على هذه الروح العالية من الوحدة والتآخي في أيام عاشوراء؟ من خلال هذا الاستطلاع، سوف نستقصي آراء الناس ونتعرف على الأفكار والمبادرات التي يمكن أن تعزز من تجديد روح التضامن والمودة والتعاون بين أبناء المجتمع في هذه الأيام المباركة. لنكتشف سويًا كيف يمكننا جعل عاشوراء ليس فقط ذكرى تاريخية بل أيضًا حدثًا يجمع قلوب الناس برباط الأخوة والمحبة.

محطتنا الأولى كانت مع (عبد الكريم الزيرجاوي)، خريج بكالوريوس تاريخ، يقول: إن قضية الحسين واستشهاده هي قضية تمس جميع المؤمنين، لما لها من وزن حزين وعبر ودروس وحكم متعددة. تمثل هذه القضية رمزًا عظيمًا للوقوف في وجه الظلم والتضحية والفداء في سبيل الدين والرسالة المحمدية. تعد أيام عاشوراء فرصة عظيمة لنبذ الخلافات والنزاعات، والسعي من أجل الوحدة والتآخي بين الجميع، وإقامة العزاء لسبط نبي الله الأعظم.

تسهم المجالس دورًا كبيرًا في زرع الروح الطيبة والنقية في قلوب المؤمنين من خلال التوعية والتوجيه نحو إصلاح النفس، مستلهمة أخلاق الحسين وأهل بيته (عليهم السلام) في التعامل مع اختلاف الآراء ونبذ الخلافات بروح طيبة، مستندين إلى أحاديث النبي وأهل بيته.

وفي الختام، أعظم الله أجوركم.

(نبأ ثائر عبد الله)، طالبة جامعية، أجابت قائلة: للحفاظ على أمن ووحدة المجتمع، يجب التعاون بين أصحاب المواكب في تنظيم حملات تنظيف، وتقديم المساعدة والمساندة لأصحاب المواكب المختلفة. من الضروري أيضاً تجنب القيام بأفعال غير لائقة، واحترام الجميع دون استثناء. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير وسائل راحة وتنقل مناسبة لتحمل الأجواء الحارة، مثل توزيع المياه وتوفير المظلات والمرافق الصحية للمشاركين، لضمان سلامة وراحة الجميع.

ذكرت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) في حديثها، قائلة: في أيام عاشوراء، تكتسب فكرة الوحدة والتآخي أهمية كبيرة بين المسلمين، ولهذا يمكننا اتباع العديد من الأساليب لتعزيز هذه الروح بين الأفراد والمجتمعات. البداية تكون بالتوعية والتعليم، حيث يمكن نشر المعلومات الصحيحة حول أهمية عاشوراء ومعانيها التاريخية والدينية، مما يسهم في تعزيز الفهم المشترك لدى الجميع.

الاحترام المتبادل يعتبر خطوة بالغة الأهمية، فمن خلال احترام وجهات النظر المختلفة والممارسات الدينية المتنوعة التي يتبعها الناس خلال هذه الفترة، يتم تعزيز ثقافة الاحترام والقبول بين مختلف الأطياف. كما يمكن تنظيم أنشطة مشتركة، مثل الاحتفالات والمناسبات التي تجمع الناس من مختلف الطوائف والفئات، لتمكينهم من التعرف على بعضهم البعض وتعزيز الروابط الاجتماعية والأخوية بينهم.

الأعمال الخيرية تلعب دوراً مهماً أيضاً في تعزيز روح الوحدة، حيث يمكن للأفراد التعاون للقيام بأعمال خيرية مثل توزيع الطعام على المحتاجين، والتبرع للمشاريع الخيرية، مما يعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه المجتمع ككل. بجانب ذلك، فإن الحوار المثمر والتواصل المفتوح بين أفراد المجتمع لقسم مختلف الأفكار والمشاعر يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لتعزيز التفاهم والتعاون.

وفي نهاية المطاف، لا يمكن إغفال دور الصلاة والدعاء الجماعي في تعزيز الروحانية والوحدة بين أفراد المجتمع. هذه الأنشطة يمكن أن تزرع في النفوس الحب والاحترام المتبادل، وتسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكا وتآخيا في هذه الأيام المباركة.

باتباع هذه الأساليب، يمكننا معاً الحفاظ على روح الوحدة والتآخي في أيام عاشوراء، والعمل على بناء مجتمع يسوده التفاهم والاحترام المتبادل.

التقينا (محمد أحمد)، كاتب ومتهم بالشؤون الثقافية، إذ قال: إذا أردنا الحفاظ على روح التآخي والوحدة في يوم عاشوراء، يجب علينا أن نتذكر أسباب خروج الحسين -عليه السلام-. لم يخرج الحسين طمعًا في منصب أو جاه، فقد كانت له مكانة عظيمة ومقام رفيع. لقد خرج من أجلنا جميعًا، ليعيد العدل ويواصل نهج جده في تصحيح الأوضاع الفاسدة.

يجب أن نتذكر أيضًا أن الحسين هو ابن علي بن أبي طالب -عليه السلام-، أي ابن عم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). ووالدته فاطمة الزهراء -عليها السلام- بنت النبي. وقد قال النبي محمد بنفسه عن الحسن والحسين إنهما سيدا شباب أهل الجنة. هذه المكانة تجعل من الحسين رابطًا يوحد بين المذهبين السني والشيعي، وفي النهاية، لقد ضحى الحسين من أجلنا جميعًا.

الكاتبة (فرح تركي)، تقول: أشجع أن تكون روح التآخي والتسامح حاضرة طوال العام، لأن رسالة الحسين (عليه السلام) تمتد إلى يوم القيامة. ففي موقفه ضد الظلم والجور، قدّم درسًا عظيمًا للإنسانية جمعاء بقوله "لا" في وجه الظلم. يمكننا الحفاظ على روح التآخي من خلال بذل الجهود والإيثار، والابتعاد عن المشاحنات والجدالات التي تثير الغضب وتؤدي إلى مشكلات وأحقاد عديدة.

خدمة الحسين (عليه السلام) لها أوجه متعددة، وعلينا أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا. كل عمل نقوم به يجب أن يكون بنية صافية وخيرة، وإلا فإننا قد نقع في فخ السهو والابتعاد عن الحق.

الاستاذة (نبراس سلام الحسني)، محللة بيولوجية، أجابت قائلة: من خلال نشر التوعية وتطبيقها على أرض الواقع، نتبع نهج السلام والمحبة مع جميع الأديان والمذاهب، ملتزمين بتعاليم الحسين عليه السلام. نعنى بتوعية أطفالنا وكبارنا ونسائنا، ونتعاون معاً في الأعمال والخدمات.

من جهتها قالت (هبة حيدر العبادي)، طالبة اعدادية: عاشوراء ليست مجرد مناسبة دينية، بل تجسد وحدة الوطن بكل مكوناته وتنوعاته دون استثناء. إنها معادلة اثيرية ثابتة تعبّر عن مزيج من الأطياف والأعراق والأديان والمذاهب المتعددة، مما يعكس وحدة الوطن بشكل واضح. عاشوراء ترتبط بأبناء الوطن دينياً، اجتماعياً، وثقافياً، وتقدم العديد من الأمثلة الرائعة على تمازج المجتمع بمختلف مكوناته وفئاته، من الرجال والنساء، الكبار والصغار.

عاشوراء ترمز إلى قضية حسينية تجسد مبادئ الأخلاق والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي، بما فرضه الله علينا من واجبات، وتعلّمنا قيم الإيثار والأخوة والتضحية في سبيل الله والشجاعة. من أبرز أمثلة الشجاعة نجد الإمام العباس عليه السلام، الذي دافع عن أخيه الحسين عليه السلام حتى استشهد من أجله.

تعد عاشوراء من أهم المناسبات والتجمعات البشرية في كربلاء لأنها تحمل قضية إنسانية عميقة. وتشكل جزءاً أساسياً من هوية المسلم الشيعي الحسيني. نستطيع الحفاظ على وحدتنا من خلال تذّكر ودراسة ما أمرنا به الدين الإسلامي، وهو الالتزام بالأخلاق والتعامل مع الآخرين بطريقة راقية. فلنبقى ملتزمين بقيم الحسين عليه السلام ومبادئه الأخلاقية ونتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة". علينا انتقاء أجمل الكلمات في تواصلنا مع إخوتنا في المسيرة الحسينية، ونحرص على ألا يصدر منا أي تصرف لا يرضي الله. الأهم هو الالتزام بصفاته ومبادئه وأخلاقياته عليه السلام.

من جانبه ذكر (الكاتب حسين سامي الجعفري): ما قام به إمامنا الحسين بن علي وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) يمثل أسمى قيم المجد والعدالة والتضحية في سبيل الله تعالى. لقد قدم الحسين أعزّ ما يملك، هو ومن كان معه من الأنصار، في سبيل نشر العدل والسلام والحفاظ على أحقية الإسلام ورمزيته الإلهية التي جاء بها النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، متطلعاً إلى جمع شمل المسلمين تحت راية الحق والصلاح، حيث يسود الوفاق والإيمان الموحد والمحبة والتعاون. ورغم محاولات الأعداء العديدة والكبيرة لمحو هذا الانتصار، فإن دماء الإمام الطاهرة ثبّتت هذه المبادئ وأسست لنصر لا يتزعزع.

وفي هذه الأيام من شهر محرم الحرام، حيث خلد الإمام الحسين تلك التضحيات البطولية، نستقي العبر والدروس التي تدفعنا لأن نكون متحابين، متعاونين، ومتلاحمين على قيم هذه الأيام. بأيدينا الموحدة وعزمنا المتجدد نواصل إحياء هذه الثورة العظيمة والدفاع عن مبادئها في وجه كل من يحاول النيل منها.

(زهراء أياد عبد الرسول الدباغ)، طالبة جامعية، أجابت قائلة: أحافظ على روح الوحدة والأخوة في شهر محرم من خلال تقبل الاختلافات الدينية والشعائر، ومساعدة إخواني العراقيين. حين أتنقل في الشوارع والأزقة وأنظر إلى البيوت والبنايات التي تزدان بالشعائر الحسينية العظيمة، أشعر بحب كبير لبلدي الذي يحتضن أبناءه بكل تآخٍ ودون تمييز طبقي أو ديني. أكون شديد الحرص ومستعد دائماً مع إخوتي لحمل الشعائر الحسينية كوسام شرف أرتديه وأفتخر به.

الأطفال والنساء والرجال الذين يرتدون الملابس السوداء تعكس نواياهم البيضاء وهويتهم الحسينية، مما يدفعني للتعبير علانية عن حبي لهذه الشعائر وهذا الشهر. المساعدة وحضور المجالس والتعمق في علوم أهل البيت هي من الأمور التي تعزز روح الأخوة لدي. قبول الشعائر، وتقدير الروح الحزينة، ومشاركة الأحزان والمواساة، هي جزء لا يتجزأ من حبي لإخوتي الشيعة في هذا الشهر الحرام.

يزداد فخري بكرم محبي أهل البيت والمجتمع العراقي عندما أرى المواكب التي تسعف المارة في هذا الحر الشديد بالماء أو المشروبات الباردة. هذه المشاهد تجعلني أكثر ارتباطاً وفخراً ببلدي وبوحدة شعبه في شهر محرم.

الصحفية (انتصار الماهود)، قالت: لنبدأ بفهم حقيقة أن الحسين عليه السلام هو رمز الإنسانية وأول ثائر ضد الظلم في الإسلام. لم يخرج أشراً ولا بطراً، وإنما خرج لإصلاح أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقضية الحسين عليه السلام هي قضية إنسانية عادلة قبل أن تكون مرتبطة بدين أو طائفة معينة، ولذلك نُحيي ذكراه كل عام ونحرص على نقل فكره وعقيدته ومبادئه للأجيال القادمة.

تتمثل مبادئ الحسين في العدالة، والحق، ومناصرة الضعيف، والوقوف في وجه الحكام الظالمين. من الضروري أن نطرح قضية الحسين عليه السلام بطريقة تناسب الجميع، مع الالتزام بالأهداف الأساسية لثورته وما نتج عن معركة الطف الأليمة. يجب أن نبرز مظلومية الحسين عليه السلام وندافع عن قضيته العادلة بروح الأخوة والإنسانية.

أجاب (الإعلامي ياسر الشمري)، قائلا: بلا شك، تتأثر شخصية الفرد وطبيعة سلوكياته من خلال ممارسته للطقوس العبادية في شهري محرم وصفر. هذان الشهران الكريمان يسهمان في ترويض النفس البشرية، مما يجعل الفرد يبتعد عن المعاصي والذنوب. بالإضافة إلى ذلك، الانخراط في العمل بالمواكب الحسينية وتقديم الخدمات المتنوعة للزائرين يساهم في تنمية روح الخدمة والعطاء. هذه التجارب تعزز من صلاح الفرد واستقامته، وتجعل منه شخصاً يسعى للابتعاد عن الذنوب والخطايا.

التقيت بالشاعرة والكاتبة (نهى حسين)، إن: "مناسبة عاشوراء وثورة الحسين تعدان فرصة عظيمة ونادرة، وأهم فرصة لتعزيز الوحدة الوطنية والدينية والاجتماعية بين جميع الأطياف وتوحيد المجتمع. أيام عاشوراء تسهم في إحياء ثقافة التعايش والمحبة والاحترام المتبادل بين الآخرين، تلك القيم التي أمرنا الله سبحانه وتعالى باتباعها في كتابه الكريم، ودعانا إليها الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام. كما نصحنا رجال الدين بالابتعاد عن الصراعات الطائفية والنعرات التي لا تأتي بفائدة، والتي تساهم في تمزيق أواصر الوحدة بين أفراد المجتمع. فالدين الإسلامي هو دين المحبة وتوحيد الأمة، وليس تفريقها.

نأمل أن تكون ذكرى عاشوراء في وطننا الحبيب مناسبة للعبرة والثورة ضد الباطل، وتحقيق الفائدة الحقيقية من ثورة الحسين عليه السلام، الذي قال: "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام"، وذلك من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسير على نهجه. فمن قبلنا بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علينا، نصبر حتى يقضي الله بيننا وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين.

الأستاذ (ناطق هاشم)، أجاب بقول: يمكننا الحفاظ على الوحدة والأخوة من خلال اعتمادنا على الطرح الحسيني الواضح الذي يؤكد أن المسلم أخو المسلم ما لم يكن بينه وبين أخيه، لا سمح الله، دم. وقد سجل لنا التاريخ موقفاً عظيماً في واقعة الطف، فلا شيء أعظم من الوحدة والأخوة بين الناس، وهذا تأكيد نجده في القرآن الكريم الذي يبرز أهمية الأخوة في العديد من الآيات الكريمة، وكذلك في الأحاديث النبوية الشريفة وتوجيهات أهل البيت عليهم السلام، التي تشدد على ضرورة وحدة الصف وجمع شتات الأمة، ونبذ أي شيء يثير الفتنة أو التفرقة.

من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، جاءت تصرفات الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لتعكس هذا المبدأ بوضوح، حيث امتنع عن المطالبة بحقه في الإمامة حفاظاً على وحدة الأمة، الأمر الذي يحمل في جوهره تضحية جسيمة لأجل هذا الهدف النبيل. القضية الحسينية، بأهدافها السامية، تلقى اتفاقاً وتوافقاً من الجميع، لتكون دستوراً للأخوة وعدم التفرقة.

اضف تعليق