q
هناك الكثير من الأمور التي تمنع شبابنا من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي بصورة صحيحة، منها الكبت الداخلي الذي يعاني منه الشاب والحرمان حيث تجعله جليس الأشياء العادية وغير الفكرية، وتجعله يذهب الى الأمور الكوميدية أكثر من الجادة المفيدة، كونه يعيش في واقع كئيب...

شبكة الانترنت يُفترَض أنها جاءت كأساس لبناء مجتمع إنساني حديث ومتطور فكريا وثقافيا وعلميا، وأن انتشارها جعل من العالم مكانا يسهل فيه طرح الأفكار وتبادل السلع والكثير من الأمور المادية والمعنوية، وتعدّ مواقع التواصل الاجتماعي الحدث الأكبر في التطور الإعلامي العلاقاتي الملحوظ، فكان استخدامها لا يقتصر على فئة معينة ولا على طبقة بعينها، بل نرى ان الكل يستخدمها بكثرة، فهي باتت تسرق كل الوقت وطوال ساعات اليوم.

لا ضير في أن يستخدم الشاب مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة ، إذا كانت هذه الكثرة فيها منفعة فكرية وثقافية ومادية، فنرى ان هناك ثقافات كثيرة ومن بلدان بعيدة جدا أصبحت دخيلة على العراق، وهذه الثقافات منها الجيد ومنها السيّئ بالطبع، وبما أن هناك تأثيرا آنيا أو مستقبليا على شبابنا من هكذا حركات دخيلة، وقد يؤدي ذلك إلى انجراف الشباب نحو تقليد الصور غير الصحيحة والثقافات المتردية، فكل ذلك سوف يكون عائدًا كارثيا على الشباب.

هناك الكثير من الأمور التي تمنع شبابنا من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي بصورة صحيحة، منها الكبت الداخلي الذي يعاني منه الشاب والحرمان حيث تجعله جليس الأشياء العادية وغير الفكرية، وتجعله يذهب الى الأمور الكوميدية أكثر من الجادة المفيدة، كونه يعيش في واقع كئيب، والكثير من الشباب يعتبرون هذه المواقع ملاذا، لأنهم هنا شخصيات افتراضية ليس عليها الانصياع لقوانين ولا إلى أوامر من الآخرين، بمعنى يجد حريته ومتنفسا له، وأخير فإن حجم التدخل الكبير من دول الخارج ونشر ثقافاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم تسلّح شبابنا بالوعي المطلوب، كل ذلك يؤدي إلى انجرافهم نحو المنحدر الصعب، وهو تضييع الوقت وعدم استثماره بالصورة الصحيحة.

فهل استفاد الشباب من مواقع التواصل الاجتماعي ثقافيا أم لا؟ وما هي الأسباب والمقترحات؟ ولغرض مناقشة حضور الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، ومدى الاستفادة أو التضرّر منها، استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) آراء مجموعة من الشباب حول هذا الموضوع.

الشباب يدورون في دوّامة رقمية!

تبارك فاضل، طالبة، مرحلة ثالثة علم نفس أجابت بالقول: في السنوات الأخيرة أصبح العالم يدور في دوامه رقمية تتمثل بالتطور التكنولوجي وأجهزة الاتصال الذكية، وأصبح من النادر أن نجد فردا لا يمتلك هاتفا نقّالا، وبالتالي أصبح العالم متأثرا ومنشغلا جدا بموقع بالتواصل الاجتماعي، لكن للأسف كان تأثيرها السلبي أكثر من الإيجابي على الأفراد عامه، وعلى فئة شباب بصورة خاصة، رغم ان هذه المواقع فتحت لهم أبوابا كثيرة لاكتساب المعرفة.

وصار بين أيديهم كم غير محدود من المعلومات، وباتوا يتمتعون بحرية التعبير عن رأيهم، في المقابل كان لسوء استخدام مواقع التواصل أثر سلبي على الشباب، فأصبحوا يبتعدون عن الواقع ويسعون للوصول إلي المثالية، بسبب ما يشاهدونه في مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتقدون أن الحياة مثالية لا تشوبها شائبة، ولكن هي على العكس من ذلك، فلكل فرد حياته الخاصة وظروفه وطريقة تعامله معها.

وقد أثبتت آخر دراسات علم نفس، أن اكثر فئة تأثراً بالوسائل الاجتماعية هم النساء، ففي حالة مشاهدة احد الشخصيات المشهورة، تعلن عن منتج ترويجي ما، او تذهب الي مكان معين او أنها تحاول تقليد نظام حياتها الخاص سعيا منها إلي المثالية، أو تصبح نسخه طبق الأصل من هذه الشخصية، وهذا ما يسمى بالتقليد الأعمى الذي يمسخ شخصية الإنسان.

أخيرا يجب على الشباب أن لا يطمحوا كي يكونوا نسخا من أشخاص مشهورين، وأن يكون لكل شخص عالمه الخاص، ويسعى إلي الاستفادة من التطور التكنولوجي في بناء ذاته.

الاستخدام الايجابي والسلبي لمواقع التواصل الاجتماعي

فاطمة باسم، طالبة، مرحلة أولى، قسم الاقتصاد، تقول: شهد مجتمعنا نهاية القرن العشرين تطورات سريعة في نواحي الحياة كافة، وخصوصا في مجال الاتصال والإعلام وبدأت الحاسبات والأقمار الصناعية وشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) وبصوره عامه التكنولوجيا، تطورت كثيرا وأصبح لـها دور مهم في نقل المعرفة والمعلومات وتطوير الثقافة لمن يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، وساعد هذا في تنمية قدراتهم العلمية والعملية،

هذا بالطبع شيء جيد ومبهر، حين نلمس أن مجتمعنا يتقدم إلى أمام ويتطور بالعلم، مبدئيا للانترنت وجهتين للاستخدام، الأول هو الاستخدام الإيجابي والثاني هو الاستخدام السلبي، لَـكن بعض الشباب من كلا الجنسين يدفعون أنفسهم للاستخدام السلبي والخاطئ، وبهذا التصرف السيّئ يتجلى في استخدامهم وسائل التواصل لمجرد التسلية ومضيعة الوقت، وهؤلاء لا يمكن أن يتطوروا أو ينجحوا في اكتساب الثقافة لأنهم يدفعون بأنفسهم وبإرادتهم نحو الاستغلال، وهذا النوع من الناس ليس سويا، ويبقى يعيش حياته وفق نمط الحياة الجاهلية، لذلك لن يستفيد من مواقع التواصل ولا من شبكة الانترنيت أي شيء، سوى أن يذل نفسه ويهدر وقته وطاقاته، والإنسان من هذا النوع يدفع بنفسه نحو الأخطاء والتصرفات غير اللائقة، على العكس منه الاستخدام الإيجابي، فالانترنيت ليس وسيلة لإفساد المجتمع، وإنما المجتمع هو صاحب الإرادة في أن يكون فاسدا وتظهر حقيقة فساده على الانترنت، أو على العكس من ذلك يمكن أن يكون مجتمعا إيجابيا ناجحا، والشباب دائما هم واجهة المجتمع.

انتشار النزعة الاستهلاكية بالعالم الافتراضي

الإعلامي نور العذاري، محافظة بابل، يقول: حسب رأيي القاصر وحسب ما ألاحظه وألمسه لدى الشباب، فإن مواقع التواصل الاجتماعي يقتصر على التعارف والعلاقات بمختلف أنواعها، كذلك لاحظت نشر النزعة الاستهلاكية والترويج لها مثلا نشر صور المطاعم والولائم التي تؤكد جهل من ينشرها، فما هي الفائدة التي نقدمها لأنفسنا وللآخرين حين ننشر صورنا ونحن نجلس في مطعم فخم لنتناول وجبات طعام مكلفة، أين الثقافة في مثل هذا السلوك، وقد ساهمت هذه الظاهرة (الاستهلاكية) في تجهيل المجتمع من خلال نشر الثقافة السلبية المتضمنة للبدع والخرافات وسواها، والتي أدت بالنتيجة إلى زيادة جهل الناس فوق جهلها، ولاحظتُ أيضا بعض الذين يرتادون مواقع التواصل يبحثون عن الصور والشائعات والفضائح والنقاشات السلبية غير البناءة.. في رأيي أن القلة القليلة هي التي استثمرت هذه المواقع الاجتماعية المهمة لنشر الثقافة والوعي.

كثيرا ما نتخيّل المواقع الافتراضية واقعية!

هدى ناصر كاتبة في جمعية المودة والازدهار تقول: مواقع التواصل عبارة عن مجموعة من المشاعر الايجابية والسلبية، اجتمعت في عالم رقمي يخيل لنا أحيانا انه الواقع، حيث تتخذ الأصابع محل الأرجل لتنتقل ما بين كل ما يُنشر، ولتترك بصمة تارة بغضب وتارة سعادة، ويصبح باب الدار فيها عبارة عن إشارات إعجاب أو العكس، تطرق إحداها حينما تود التوقف في مكان معين.

فأسهمت في تراجع الدور الذي تقوم به الأسرة، وهي التي لم تعد مخزنا للقيم بعد أن استولت وسائل التواصل الاجتماعي على عقول الشباب إلى درجة الإدمان، وبدأت تهدد القيم بعد أن أصبح الشباب خاضعين للعالم الافتراضي الذي تبثه وسائل التواصل على مدار الساعة، فأصبح زر أحزنني هو العزاء وأعجبني ترفع قيمة شخصيات منبوذة مجتمعياً، وأداة تحديد الخطأ والصواب في الرأي العام إذ تسهم في نقل الأفكار والآراء المتعلقة بقضية معينة، لعدد كبير من الأشخاص في مناطق مختلفة من العالم، وتتيح بذلك المجال لبلورة رأي عام، وهو الأمر الذي ينتج عنه تغيير إيجابي في بعض مناحي الحياة، غير أنها في المقابل قد تقع في فخ التضليل الإعلامي والتأثير السلبي، حينما يتم توظيفها بهدف تغيير قناعات أفراد المجتمع وبالذات الشباب المندفعةُ في اتجاه معين، وخاصة أثناء الانتخابات أو التصويت على قضايا مصيرية ترتبط بمستقبل الدولة،

ربما لا حل للفوضى التي تؤثر على الشباب في العالم الرقمي، إن أردنا الحلول علينا تقويم الواقع أولاً.

مواقع التواصل سيف ذو حدّين

أسماء الجميلي، خريجة جامعية حديثة من الأنبار تقول: بالنسبة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الشباب، في رأيي الشخصي، أن نسبة 40 % نجحوا في استثمارها لزيادة الوعي الشخصي والحصول على الثقافة، وذلك من خلال المطالعة والقراءة والتعرف أكثر على تجارب وخبرات الكثير من الناجحين والتعلم من انتكاسات الفاشلين، وأحيانا الانضمام إلى ورش تدريبية للتنمية الذاتية، وورش لتعلم اللغات المختلفة، وقراءة الكتب في ملفات بي دي اف.

هذا الأمر كله بلا شك يتعلق بالمستخدم ذاته، فهي معتمدة على كيفية استخدامنا لهذه الوسائل مهما كانت سيئة، فسلبياتها كثيرة ومضرة أكثر، حيث يؤدي الاستخدام الخاطئ لها بالمرء إلى التهلكة، فمنهم من استخدمها لأمر الابتزاز الالكتروني المنتشر حاليا،80%، والإدمان على الألعاب الإلكترونية، وقد سبب ذلك الكثير من المشاكل العائلية المتفاقمة والقلق والخوف.

أسباب هذه السلبيات هو وقت الفراغ الطاغي على الفرد، وعدم انشغاله بأمور تفيده، والنقص العاطفي مما أدى إلى ابتزاز الكثير من الفتيات بذريعة العلاقات العاطفية وهي دون جدوى، وقد تكون محرمة شرعًا، يمكننا معالجة هذه السلبيات بكسب فئة الشباب واستغلال وقت فراغهم، وتسهيل انضمامهم لمنتديات القراءة والأدب مثلًا، والانشغال بالواقع والابتعاد عن الميديا أمر هام جدا، وذلك للتخلص من القلق والتوتر والكآبة التي تسببها مواقع التواصل الاجتماعي مع الحرص على مواكبة التطور العلمي وتنمية المهارات، لأننا لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العالم، لكننا لسنا مرغمين على السقوط في التهلكة، وهذا الأمر بأيدينا حصرا.

المادية والثقافات الدخيلة على مجتمعنا

علا حسين علي، طالبة مرحلة رابعة، إدارة أعمال تقول: مواقع التواصل الاجتماعي هي مواقع إلكترونية (افتراضية) حديثه التجأت لها الموارد البشرية، ولم تقتصر على تنمية الموارد البشرية بل امتدت لجميع مجالات الحياة العامة، وأصبحت شيئاً أساسيا في المجتمع، لاسيما في مجال الاستثمار عن طريق مواقع التواصل حاليا، ولدي ملاحظات أكتبها بالتتابع وهي:

1- نعم العديد من الشباب التجئوا عن طريق مواقع التواصل لاستثمار مشاريع كان الهدف الشهرة، ولديهم أن الشيء الأساس هو أن يكون الإنسان مشهورا حتى يكمل مشروعه واستثماره من خلال الحصول على الدعم من الجمهور أو المجتمع.

2- من خلال ما أراه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكثرة المشاهير أو الشركات، فقد التجأ هؤلاء إلى البحث عن الشهرة وذلك لعدم توفر المعيشة والإمكانية، وقد حصل شباب من كلا الجنسين على الشهرة وعن طريق شهرتهم حصلوا على العديد من الامتيازات منها برامج تنموية تطويرية، وسفرات مجانية، وإعلانات لشركات أجنبية كعروض ملابس أو بيجات مختلفة.

3- قيام العديد من الشركات الأجنبية باستخدام المشاهير لترويج مبيعاتهم أو شركات سياحية أو أماكن في بلد معين أو استخدام برامج التواصل للمشاركة في مسابقات متنوعة، وكل هذا يتم عن طريق برامج التواصل الاجتماعي.

4- حسب ما رأيت أن الاستثمار عن طريق التواصل الاجتماعي انقسم لنصفين لصالح البلد ومضاد للبلد، منهم من قام بشراء مجموعة منتجات من الخارج، ومنهم بدأ بمشروع ليكون وسيطا بين شركتين لتوصيل منتجات ومنهم قام بعرض منتجات أو إعلانات للمنتجات الاستهلاكية المستوردة فقط وهذا يضر البلد خصوصا أن الصناعة الوطنية ملغاة أو مجمّدة، وليس هناك استثمار للثقافة والإطلاع على الأماكن السياحية في وسائل التواصل الاجتماعي.

5- أما بالنسبة لصالح البلد هنالك مجموعة ابتدأت بنشر الثقافة العراقية والأماكن السياحية والأماكن المقدسة، وهو نوع من الترويج نحو تطوير السياحة، وهناك من قام بفتح مصنع لصنع ملابس خاصة وتصميم بعض الملابس الخاصة، وهناك مجموعة فتيات اشتهرن بعرض ملابس من تصميمهن وعرض مواهب المصممات في البلد، فقد استفادوا ليس للترويج فقط بل استخدموا مواقع التواصل لبيع منتجاتهم أيضا.

6- حسب نظرتي الشخصية حول الثقافات الأخرى، أعجبني العديد من الثقافات الكورية والصينية واليابانية، وحسب ما شاهدته من أفلام ومنتجات ومسلسلات ومشاهير وأناس عادين، رأيت فيهم الروح الوطنية، فكانوا يقومون بترويج ثقافاتهم حول شركاتهم ومنتجاتهم، مما جلب نظر العديد من الجماهير للإطلاع على ثقافتهم، وقد تعلمت من خلال مشاهداتي، أنهم يد واحدة، وأن أساس حياتهم هو العمل وتطوير النفس ونشر ثقافتهم والترويج لمنتجاتهم.

7- كانت اغلب المسلسلات والأفلام تحفيزية، فمن جانب كانت المسلسلات قصه تدور حول الشركات وكيفيه حل المشاكل، وهذا نوع من توعيه الشعب، وكانت أناشيدهم تحفيزية حول الشجاعة والإيجابية، تجعل الشخص يجتهد في العمل، وهنالك العديد من المشاهير كانوا فقراء، لكن من خلال الجهد اصبحوا الآن أصحاب شركات تقوم بترويج وتطوير العديد من المشاريع.

8- يقوم المشاهير بعرض قصص حياتهم وتجاربهم حول المصاعب التي مروا بها، التجارب السيئة وكيفية وصولهم إلى دراجات عالية من النجاح وحصولهم على الجوائز، حتى أنهم فتحوا وكالات ليس لعرض قصصهم فقط وإنما ينشرونها عن طريق التواصل الاجتماعي، مما أحدث ضجة كبيرة في مجتمعهم والمجتمعات التي تحترم ثقافتهم، وهذا بحد ذاته استثمار وتحفيز لشباب.

9- لم أنسَ هنا العديد من المشاريع الأهلية الصغيرة حيث استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي، لصنع الشهرة لمحلاتهم ولبيع منتجاتهم عن طريق مواقع التواصل كـ الانستغرام والتيك توك واستخدموا الواتساب في العمل عن بعد.

10- كل هذا لم أرهُ في مجتمعي، وبسبب إطلاعي على المجتمعات الأخرى فقد اطلعت على ثقافاتهم، ليس فقط في مجال الترفيه، بل فهم المقصد والمعنى لوجودها وتطوير صناعاتها، حيث طورت وروجت لهذه المشاريع كلها عن طريق منصات التواصل الاجتماعي المشهورة ( الانستغرام واليوتيوب والتيك توك والفيس بوك...)، أتمنى لو أن المجتمع يركز على بناء الدولة وان تقوم الحكومة بالدعم ماديا ومعنويا، لكي ينهض بلدنا من جديد، نحن الآن في عام 2021 وسوف ندخل سنة 2022، أتمنى أن نقوم بتطوير ونشر ثقافة بلدنا، ودعم مشاريع الشباب والاستثمارات لصالح البلد، وأن يكون لدينا شركات لنشر منتجاتنا مع كل الاحترام.

اضف تعليق