انتهت سنه أخرى، تحمل الكثير من الأحداث بجميع أنواعها ومساراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولكي نتطرق إلى ما حدث في العام الماضي ونتعمق في تحليلها، يجب أن نضع الحلول المناسبة والصحيحة لكل الأزمات والمشاكل التي حدثت في العام الذي لفظ أنفاسه قبل أيام، ونأخذ بتوقعات الباحثين والمختصين كي نتمكن من القضاء على اغلب هذه الأزمات.
هناك الكثير من المشاكل التي تواجدت في عام 2017، منها الأمنية حيث تواجد داعش في مناطق الفلوجة، وبعض من مناطق الموصل وأماكن أخرى تم تحديد نسبتها بثلث مساحة العراق، وهذا ما أثر في الوضعين السياسي والاقتصادي، حتى الاجتماعي، وقد كثر الفساد في الدولة، بشقّيه المالي والإداري، وهذا هو السبب الرئيسي في سوء الأوضاع العراقية في السياسة والاقتصاد والاجتماع وربما هنالك مجالات أخرى كالصحة والتعليم.
انتهاك حقوق الإنسان 2017
لقد انتهكت الكثير من حقوق الإنسان في العام الماضي، منها حق الحرية، والتنقل، التملك، وذلك بوجود تنظيم داعش الإرهابي، ودمرت هذه الجماعات الإرهابية المنازل، وأدت الى نزوح العوائل ودمرت البنية التحتية للمدن المحتلة سابقا، وقتلت الناس الذين يعيشون في هذه المدن وهتكت الأعراض وتجاوزت على الممتلكات العامة والخاصة.
بعد التحرر من داعش
ولكن على الرغم من وجود كل هذه الأزمات، كانت هناك فرحه كبيرة شملت جميع العراقيين، تتمثل بالتخلص من داعش نهائيا، وتحرير المدن الواقعة تحت سيطرتهم قبل التحرير، ورجوع العوائل إلى منازلها، والعمل على بناء المدن من جديد لكي يصبح العراق في أفضل حال.
ولكي نتمكن من معرفة اكبر وأدق عن وضع العراق في العام الماضي، والتوقعات عن هذا العام، أجرت (شبكة النبأ المعلوماتية) سلسلة من الاستطلاعات مع طرح التساؤلات على المختصين بالشأن العراقي، وبجميع المجالات، والأخذ بتوقعاتهم، كي نتمكن من القضاء على جميع المعوقات، وخاصة الفساد في مؤسسات الدولة بمختلف وظائفها.
وكان السؤال الأول:
- ما رأيك بالوضع العراقي في عام 2017، وما هي توقعاتك في عام 2018؟.
عن هذا السؤال أجابنا الأستاذ (عباس المعمار)، متقاعد ساكن في كربلاء:
إن وضع العراق في العام الماضي كان سيئاً، لأنه حمل الكثير من المعوقات والأزمات، فضلا عن كثرة الفاسدين والفساد بجميع أشكاله، وأنا برأيي أن العراق في هذا العام سيكون أسوأ لوجود الطائفية، وكذلك نظام المحاصصة غير العادل، وسيطرة الأحزاب على البلاد، وانتشار الفساد بجميع مفاصل الدولة، من رأس الهرم إلى القاعدة، وعدم وجود حلول كافية للأزمات، وفقدان النزاهة في الدوائر، كما أن المنظمات تسعى إلى تطوير نفسها وليس المجتمع أو الدولة، بالإضافة الى عدم توفر فرص العمل وتعيينات الخرجين بعد أن امتلأت بهم بيوتهم، وقد أدى ذلك الى يأس المواطن، فالغالبية يعتقدون بعدم وجود شيء أفضل في هذا العام.
القدرات الاقتصادية والعسكرية
ثم التقينا الدكتور (عز الدين)، عضو اتحاد الأدباء في كركوك، فأجابنا قائلا:
إن الأحداث التي جرت في العراق خلال السنوات الماضية، بالتأكيد أنهكت قدرة العراق العسكرية والاقتصادية والأمنية، بفعل تدخلات دول المنطقة في الشأن العراقي التي انعكست سلبا على إرادة العراق وحكومتها والشأن الداخلي أيضا، وكانت نتائج ذلك محبطة للآمال وخاصة العملية السياسية بفعل بعض السياسيين غير المنضبطين، في السلوك السياسي السيّئ وتوجهاتهم غير الوطنية، وانحدارهم بمنزلق الطائفية المقيتة، ولكن مع كل تلك الحقائق وواقع العراق المؤلم شهدت سنة 2017، أحداثا كبيرة في العراق أعادت له إشراقته وهيبته، وتقف في الطليعة الانتصارات الكبيرة المتلاحقة لجيشنا الباسل والقوات الأمنية المتجحفلة، معها وقوات الحشد الشعبي والعشائري، إذ بدماء شهدائنا الأبرار والدم الطهور لجرحانا شافاهم الله توج بإعلان النصر الكبير والنهائي على شراذم داعش المجرمة، وتطهرت ارض العراق من نجاستهم وأجرامهم، وعادت المدن العراقية إلى أحضان الوطن، إلى جانب ما آلت إليه الأحداث في كردستان، بعد الاستفتاء حيث بسطت الحكومة العراقية الاتحادية سيطرتها على محافظات الإقليم وفقا للدستور، وفرض القانون على المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها كركوك، وتلك الأحداث كانت مهمة لنهضة العراق من جديد بعد كبوته، وفي عام 2018 لازال أمام العراق ملفات صعبة وشائكة أهمها عودة النازحين إلى مناطقهم وإعادة البنى التحتية للمدن التي طالها الدمار، بفعل اجرام داعش والعمليات العسكرية، والإعداد لحرب نفسية وإعلامية لتطهير الأفكار والنفوس، من الفكر الداعشي التي هي الأخطر في المرحلة القادمة، ومن ثم الشروع بحرب ضروس ضد الفساد والفاسدين، من الحيتان الكبيرة والفاسدين المتغلغلين في مفاصل الدولة، منذ سنوات إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي لازالت تنهك الشعب والحكومة العراقية وانخفاض أسعار النفط، وعدم وجود مؤشرات قريبة المدى للإصلاحات الاقتصادية في العراق، إلى جانب مهمة توفير الخدمات للمواطنين، وهي مهمة لازالت متعثرة والمواطن يتحمل ثقلا كبيرا، لكن الصبر قد ينفذ والخوف كبير من أن ينفجر الوضع في الشارع العراقي، وكذلك ملف الأزمة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، رغم أن مفاتيح الحلول الآن، بيد الحكومة الاتحادية والملف الأصعب لسنة 2018 هو الانتخابات التشريعية، ومجالس المحافظات، بين مؤيد لإجرائها في وقتها وبين المعارض لأسباب واقعية، وأخرى لعبة لها غايات محددة لدى بعض الكيانات السياسية، وقد وعد رئيس الوزراء الشعب العراقي بحل تلك الملفات الشائكة والمركبة، ويبقى الوضع الإقليمي والدولي للسنة الجديدة مربكا، وربما هناك مفاجآت غير محسوبة قد تطرأ على الساحة، وربما بدأت بالأوضاع في إيران، وأيضا بتدخل غير مباشر من أمريكا، عندما أعلنت جهارا، حان الوقت للتغيير في إيران، وفي تقديري المتواضع انه سيحدث تغييرات في المنطقة تؤثر إيجابا لصالح العراق من مجمل التطورات في الشرق الأوسط، ولا ندري ماذا سيطرح المطبخ الأمريكي والروسي، للمنطقة من مفاجآت وأنصاف حلول، ليبقى دائما مصير دول المنطقة تحت الرهان الأمريكي الروسي، وأتمنى للشعب العراقي السلام والوئام والازدهار.
أحداث مثيرة ومدهشة
بعد ذلك قال الأستاذ الكاتب (مهدي نعمة علي) جوابا عن السؤال:
تميز واقع البلاد في العام الماضي، بأحداث مثيرة مصحوبة بالدهشة، سواء للفرد العراقي نفسه أم للمراقبين ضمن المحيط الإقليمي أو العالمي، في نطاق الجانب الأمني تحديدا، حيث يعتبر الانتصار الذي تحقق على الأرض ضد العدو العالمي (داعش)، قد جرد الكثير ممن راهنوا على بقائه وتفتيته لوحدة البلاد، هذا الرهان الذي تبعثر على أيدي المقاتل العراقي وبمعونة قوى التحالف الدولي، التي استشعرت الخطر المحدق ببلادها بعد التفجيرات التي وقعت في أكثر من عاصمة أوروبية، مما دفع العالم للوقوف بصف واحد لمساندة العراق، ضد قوى الإرهاب العالمي، هذا النصر الذي أستجلب معه ترطيب الأجواء العراقية العربية، وبشكل ربما اقلق بعض الأطراف الإقليمية، تحسبا للقادم من الأحداث الخارجة عن الحسابات والتي قد تقع بعيدا عن أي تقدير مسبق لها، ومنها على سبيل المثال، ما يجري هذه الأيام ومع مطلع العام الجديد في بلد إقليمي مجاور للعراق، أن التحسن في أسعار النفط، على المستوى العالمي، لم ينعكس على معاش المواطن العراقي، كما أن استمرار الاستقطاعات من رواتب الموظفين من الطبقة المتوسطة، قد سبب حالة من التأزم ما بينهم وبين الحكومة، نظرا للغلاء المعيشي المستمر ومنذو زمن ليس بالهين. وهذا الجانب الاقتصادي المعقد، بسبب تراكمات الديون واستمرار وضع التقشف الحكومي، دفع بعض الشيء، صوب التقليل من مستوى الشعور بنشوة الانتصار العسكري،أما الواقع الثقافي في عموم البلاد فكان حجمه ونوعيته، يبعثان على السرور والغبطة، حيث هناك منجز نوعي فكري، أنتجته الشريحة المثقفة، وبالخصوص الشبابية منها، مما كان له الأثر في دفع الوعي الجمعي وتحفيزه للنظر جيدا صوب الساحة السياسية القائمة، ومحاولة فرز طبقة سياسية أكثر انسجاما مع مطالب الشارع العراقي، الذي يرزح تحت الكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية الراهن، وهناك مسرح اجتماعي بالغ القسوة والمرارة، يجري وجرى خلال العام المنصرم، وكان له أبلغ الأثر في تسويق بعض الأعراف والعادات العشائرية المنكرة، منها حالات التسلح والاصطدام المباشر بين بعض عشائر مناطق الجنوب العراقي، التي خلفت وراءها الكثير من مشاعر البغض والعداوة، ناهيك عن الضحايا جراء هذا الفعل المستهجن من قبل الكثير من الأوساط المجتمعية في البلاد، واعتقد جازما أن الحل يكمن في تفعيل سطوة القانون وتعزيز وجوده في مساحة البلاد العراقية بلا استثناء، وأما التوقعات المحتملة للعام الجديد، فهي أصعب مما تكون قريبة على الذهنية التفاؤلية، ولأسباب عديدة، منها ضعف المناهج التربوية وبعدها عن وضع أسس تفكير جديدة تتناغم والعصر الجديد، عصر أصبحت فيه القيم تستند لمعان ومفاهيم حداثوية يقودها عالم الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، عالم أضحت فيه المعلومة الإستخباريه تفعل فعلها في التغيير الشعبي للأنظمة والحكومات. علينا دائما أن نفكر في وقوع ما هو مستبعد عن منطق التسلسل المسبق لمجيء الأحداث، وهذا بالطبع يستند لطرائق حديثة في التفكير والتحليل للوقائع السابقة وما قد تأول إليه المستجدات من الأمور، محيطنا الإقليمي يئنّ من حجم التهالك القائم فيه، وهذا له انعكاسات سلبية على الداخل العراقي. مما يتطلب تحصين المجتمع قدر الإمكان، بلوازم التصدي لتلك التأثيرات الوافدة. ولا يكون ذلك ممكن، من دون تعزيز مبدأ الشعور بالمواطنة وتطبيقها قولا وسلوكا، ابتداء بقمة الهرم السياسي في المجتمع، وصولا لأبسط مواطن عراقي موجود في أبعد نقطة من البلاد. وهذا لن يتم، ما لم تصبح الحرب على الفساد والفاسدين، قضية ذات بعد قومي للأمة العراقية، وبمساندة دول العالم المنصف لها، وبمعونة القانون الدولي والمحاكم الدولية والمؤسسات الحقوقية المعروفة. حين ذاك يمكننا الشعور أن هناك من بريق أمل يمكن التعويل عليه كمصدر سعادة وابتهاج للقادم من الأيام، ومن سيشغلها من أجيال عراقية صاعدة.
ثم التقينا الشاب (ذو الفقار احمد)، وهو أحد طلاب كلية العلوم السياسية، فأجابنا بالقول:
إن الوضع العراق سوف يتغير نحو الأفضل، ولكن نحتاج إلى العمل بجد للقضاء على الفساد المالي والإداري، ومحاربة الفاسدين في الدولة، وكذلك وضع مناهج للتعيينات وإتاحة فرص العمل متاحة، وأيضا توفير حصص مالية كافية للمشاريع المهمة، مع تشجيع الموظفين على اعتماد مبادئ النزاهة، وتقويه القضاء والرقابة ووضع القوانين الصارمة ضد المخالفين والفاسدين.
اضف تعليق