كثيرون منّا، ودون تفكير يتجه مباشرة إلى فيسبوك، أو تويتر، أو أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي حالماً تبدأ فتره الراحة أثناء العمل.
لكن بجوار الفراغ، أو الملل، هناك أسباب أخرى علمية لمتابعة الشبكات الاجتماعية بكثرة.
قام فريق من علماء المخ والأعصاب بجامعة كاليفورنيا بدراسةٍ ربما تكشف لنا أسباب ذلك: ببساطة، إنَّ المخ يريد أن يكون اجتماعياً، أو يريد بالأحرى ممارسة التواصل الاجتماعي.
وقد يتساءل الناس إذا ما كان ذلك شيء خطير، أو إذا ما كان يعكس كَسلاً أو انحرافاً عن المسار الطبيعي للإنسان الذي لطالما ترسخ في ذهنه عبر سنوات طويلة من العمل في الوظائف النظامية أن الدقة، والتكريس للمجهود، والتركيز، وبذل الجهد هم أدواتك اليومية لأداء عملك بشكل محترف.
ولكن ثَبت بشكل علمي الآن أن الدماغ البشري يفعل ذلك بشكل فِطري، أو بشكل تلقائي، وتناولت الدراسة موقع فيسبوك كمثال.
تم نشر الدراسة في المطبوعة الرسمية لمعهد ماساتشوستس للتكنولوچيا بالولايات المتحدة قبل العام 2015، وحاولت الإجابة عن سؤال لطالما أثار حيرة علماء المخ والباحثين لعقدين من الزمان، ألا وهو: ماذا يفعل العقل أثناء الراحة؟
ما كشف عنه فريق علماء جامعة كاليفورنيا، وجاء على لسان ماثيو ليبرمان أستاذ علم النفس والتحليل النفسي والسلوك الحيوي هو "أن العقل البشري لديه نظام شبكي مُعقد، وهذا النظام يستطيع التحري بدقة عن الأوقات التي يرتاح فيها العقل، ثم يسارع كي يجعلنا نرغب في ممارسة الاجتماعيات".
وأضاف: "عندما نأخذ راحة قصيرة فإن الدماغ البشري يتطلع تلقائياً إلى الإلمام بآخر تحديثات الأصدقاء، أو أفراد الأسرة، وهذا السلوك يغلب على شبكتنا العصبية بدافع مُلِح، وبشكل عام تقريباً في أغلبية البشر".
في تلك الدراسة قام فريق الباحثين بإجراء استبيان على 10 رجال، و11 امرأة ما بين أعمار 18 و31، والذين قاموا بتصفع حوالي 40 صورة مُقسمة على 3 مجموعات مع تسجيل أنشطة المخ لكل منهم. أظهرت نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي التالي:
في مجموعة الصور الأولى أكانت غالبية الصور هي لأشخاص منخرطين في أنشطة اجتماعية، أو يظهرون نوعاً محدداً من المشاعر، ومع الصور تعليق يعكس الحالة التي تبدو عليها الأشخاص في كالملل، أو الدهشة.. إلخ.
وفي المجموعة الثانية كانت الصور مطابقة للصور في المجموعة الأولى، ولكن تلك المرة كانت تصف الفعل، أو الحالة التي عليها الأشخاص في الصور مثل "يريح رأسه، أو تنظر خارج النافذة، وهكذا..".
المجموعة الثالثة من الصور احتوت على عدد من المعادلات الرياضية المبسطة، بعد ذلك تم سؤالهم أن يصفوا الصور بدقة، ومن الإجابات الذي حصلوا عليها استطاع العلماء تحديد أنه أثناء النظر للأنشطة الاجتماعية يكون مخ الانسان غير نشط، بعكس ما يحدث أثناء النظر إلى المُعادلة الرياضية مثلاً، وأن الجزء المسؤول عن الراحة داخل المُخ، ينشط غالباً أثناء النوم، أو الحلم، أو الاسترخاء، ويكون في أوج حالات استعداده للتواصل الاجتماعي.
كما استطاع الأشخاص في التجربة قبل أن يُسألوا عن محتوي المجموعة الثانية من الصور وأن يستنتجوا أن محتواها واصف للفعل بشكل أسرع مما أجابوا عن محتوى المجموعة الأولى من الصور، ويثبت هذا أن المخ البشري ينتقل من حالة الراحة الى ممارسة التواصل الاجتماعي بشكل أسرع، ويتهيأ بشكل أوسع للتفاعل مع الآخرين، أو الرد عليهم مثلَاً.
تلك الدراسة حظيت بانتشار واسع، ولاقت ردود أفعال إيجابية نظراً لأنها الأولى من نَوعها التي ربطت بين ممارسة التواصل الاجتماعي ونشاط المخ.
بالطبع الدراسة لم تذكر أياً من مواقع التواصل الاجتماعي بعينها، ولكن نظراً لكون فيسبوك واحداً من أكثر المواقع الاجتماعية شهرة ونشاطاً، لذلك كان القياس الاستنتاجي له هو المحور الرئيسي.
بالطبع النتائج لم تتطابق كلياً من كل الأشخاص الذين قاموا بالاستبيان، لكن الغالبية من الشرائح المذكورة من النساء والرجال وحتى من الشرائح العمرية المختلفة اقتربت نتائجهم بشدة.
يمكن للدارسين المتخصصين أو هواة الأبحاث من مُجيدي الإنكليزية أن يَطّلعوا على الدراسة كاملة من جريدة موقع معهد ماساتشوستس للتكنولوچيا
اضف تعليق