يُعاني مرضى الشلل من صعوبات كبيرة في التحكم ببيئتهم المحيطة، وهو ما يؤثر على استقلاليتهم وقدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية. في ظل هذا التحدي، ظهرت الحاجة إلى حلول تقنية مبتكرة تُساعد على تحسين نوعية حياتهم. في هذا السياق، قدم المهندس علي ثابت جبار مشروع "المنزل الذكي" الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ورؤية الحاسوب...
يُعاني مرضى الشلل من صعوبات كبيرة في التحكم ببيئتهم المحيطة، وهو ما يؤثر على استقلاليتهم وقدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية. في ظل هذا التحدي، ظهرت الحاجة إلى حلول تقنية مبتكرة تُساعد على تحسين نوعية حياتهم. في هذا السياق، قدم المهندس علي ثابت جبار مشروع "المنزل الذكي" الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ورؤية الحاسوب، لتمكين مرضى الشلل من التحكم بالأجهزة المنزلية بسهولة من خلال حركات الحاجب والأوامر الصوتية. هذا الابتكار يُمثل خطوة نحو منح المرضى مزيدًا من الاستقلالية وتقليل اعتمادهم على الآخرين.
دوافع المشروع وأهدافه
الدافع الرئيسي لعلي لاختيار هذا المشروع هو توفير حل مبتكر يمكّن مرضى الشلل من استعادة جزء من استقلاليتهم، سواء كانوا قادرين على الكلام أو غير قادرين على ذلك. باستخدام تقنيات تعتمد على حركة الحاجب والأوامر الصوتية، يمكن للمرضى التحكم في الإضاءة والأجهزة المنزلية، ما يخفف من اعتمادهم على الآخرين.
"أردت أن أقدم حلاً يتيح للمرضى التحكم في بيئتهم بسهولة ويسر، سواء عبر حركة الحاجب للمرضى غير القادرين على الكلام أو الأوامر الصوتية للمرضى القادرين على التحدث".
تحسين جودة حياة المرضى
النظام يسهم بشكل كبير في تحسين جودة حياة المرضى من خلال إتاحة القدرة على التحكم الكامل في الأجهزة المنزلية مثل الإضاءة والتدفئة والتهوية. بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون التحدث، يوفر النظام وسيلة لإرسال رسائل عبر تطبيق "تلغرام" تلقائيًا إلى أشخاص محددين، مما يسهل عليهم التواصل دون الحاجة للتحدث. ويضيف علي أن "النظام يساعد في تقليل الشعور بالعزلة ويزيد من استقلالية المرضى."
تحديات التقنية المستخدمة
واجه المشروع تحديات تقنية كبيرة، خاصة في ضمان دقة التعرف على حركات الحاجب في ظروف الإضاءة المختلفة. "كان علينا تعديل الخوارزميات لتكون قادرة على تحديد الحركات الطفيفة بدقة عالية".
للتغلب على هذه التحديات، اعتمد علي على تقنيات رؤية حاسوبية متقدمة، مثل مكتبة "MediaPipe" من Google، لتتبع معالم الوجه وحركة الحاجب. ولتعزيز دقة هذه التقنية، استخدم جبار نموذج "YOLOv8 Pose" لتحديد معالم الوجه بدقة عالية.
اختبارات واستجابة النظام
تم اختبار النظام على مجموعة صغيرة من الأشخاص للتأكد من فعاليته، حيث أظهرت الاختبارات الأولية قدرة النظام على التعرف على حركات الحاجب بدقة وتحويلها إلى أوامر تحكم.
علي يوضح أن الاختبارات الفعلية على المرضى المصابين بالشلل لم تتم بعد، لكن النتائج الأولية كانت مشجعة، وستتم متابعة التطوير بعد تحسين النظام.
التفاعل مع الأجهزة المنزلية
النظام يمكّن المرضى من التحكم الكامل في الأجهزة المنزلية مثل الإضاءة والتدفئة عبر واجهة رسومية بسيطة تعتمد على حركة الحاجب. عندما يقوم المريض برفع حاجبه، يختار النظام الجهاز المطلوب، ويتم تنفيذ الأوامر بعد تأكيد الحركة بغمض العين.
خطط التطوير المستقبلية
يعمل علي جبار حاليًا على تطوير ميزات إضافية للنظام، من بينها التحكم عبر حركة مقلة العين للأشخاص الذين لا يستطيعون تحريك حاجبهم. كما يعمل على إدخال تقنيات جديدة لتحسين كفاءة النظام واستبدال الحاسوب المحمول بجهاز "Raspberry Pi 5" ليكون النظام أكثر فعالية ومرونة في الاستخدام اليومي.
أثر الابتكار
يعد هذا النظام خطوة مبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي وتقنيات الرعاية الصحية، حيث يساهم في دعم استقلالية مرضى الشلل وتحسين جودة حياتهم اليومية. كما يعزز النظام التواصل بين المرضى وذويهم بفضل ميزة إرسال الرسائل التلقائية، مما يقلل من شعورهم بالعزلة الاجتماعية.
"هذا الابتكار لا يقدم فقط حلاً تقنيًا، بل يمنح المرضى فرصة لاستعادة جزء من استقلاليتهم".
المزايا مقارنة بالأنظمة التقليدية
ما يميز هذا النظام عن الأنظمة التقليدية للتحكم في المنزل الذكي هو قدرته على التكيف مع احتياجات المرضى ذوي الإعاقات الجسدية الشديدة. على عكس الأنظمة التي تعتمد على الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية، والتي قد تكون غير ملائمة لمرضى الشلل، يقدم النظام واجهة بسيطة تعتمد على حركات الحاجب أو الأوامر الصوتية. هذه التكنولوجيا تمنح المرضى قدرة أكبر على التحكم في بيئتهم بطريقة طبيعية ودون الحاجة إلى تدخلات معقدة.
"لقد صممنا هذا النظام ليكون سهل الاستخدام ومرنًا، ليتناسب مع احتياجات فئات مختلفة من المرضى"، مضيفًا أن النظام يمكنه دعم الأشخاص الذين يستطيعون التحدث، وكذلك الذين يواجهون صعوبة في ذلك.
قيود النظام وخطط التطوير المستقبلي
من بين القيود التي يواجهها النظام حاليًا هو اعتماده على حركات الحاجب والأوامر الصوتية فقط، مما قد يحد من استخدامه لدى المرضى الذين يعانون من صعوبات في تحريك الحاجب أو في التحدث. وللتغلب على هذا التحدي، يعمل على تطوير تقنيات إضافية مثل التحكم عبر حركة مقلة العين، ليشمل النظام شريحة أكبر من المرضى.
إضافة إلى ذلك، يسعى المشروع إلى تحسين كفاءة النظام عبر تقليل الاعتماد على الحواسيب المحمولة واستبدالها بأجهزة أخف وأكثر عملية مثل "Raspberry Pi 5"، ما يساهم في جعل النظام أكثر قابلية للنقل والتطبيق في البيئات المختلفة.
"نسعى دائمًا إلى تحسين النظام ليكون أكثر مرونة وقابلية للتكيف مع احتياجات المرضى المختلفة، ونعمل على تجهيزه بتقنيات أكثر تقدمًا لتوسيع نطاق استخدامه".
أهمية الابتكار من الناحية الأكاديمية والمجتمعية
من الجانب الأكاديمي، يعد مشروع "المنزل الذكي للمرضى المصابين بالشلل" مساهمة قيمة في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي وتقنيات الرعاية الصحية. استخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية وتحليل الحركة لتلبية احتياجات محددة يجعل هذا المشروع نموذجًا رائدًا للتفاعل بين الإنسان والآلة.
على الصعيد المجتمعي، يقدم هذا الابتكار حلاً عمليًا للعديد من المرضى الذين يعانون من تحديات جسدية شديدة. "النظام لا يساعد المرضى فقط على التحكم في منازلهم، بل يعزز من استقلاليتهم ويمنحهم شعورًا أكبر بالقدرة على إدارة حياتهم اليومية"، يشير علي، مؤكدًا أن هذا الابتكار يساعد في تقليل اعتماد المرضى على الآخرين، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم بشكل ملموس.
التقييم والإشادة بالابتكار
أشادت اللجنة العلمية بالمشروع، معتبرةً إياه ابتكارًا ذا قيمة عملية كبيرة. حيث اعتبرت اللجنة أن دمج التقنيات الحديثة لتلبية احتياجات المرضى المصابين بالشلل يعكس تفكيرًا مبتكرًا، سواء من الناحية التقنية أو المجتمعية. المشروع يفتح آفاقًا جديدة في أبحاث الحوسبة المساعدة، ويشكل مرجعًا للباحثين في هذا المجال.
"تقديم نظام ذكي مصمم خصيصًا لذوي الاحتياجات الخاصة هو خطوة نوعية في أبحاث الحوسبة والذكاء الاصطناعي، ويبرز أهمية تسخير التكنولوجيا لخدمة الإنسان وتحسين جودة حياته،" جاء في تقرير اللجنة العلمية.
الخلاصة: مشروع علي ثابت جبار ليس مجرد حل تقني، بل هو جهد إنساني يرمي إلى تحسين حياة المرضى المصابين بالشلل. من خلال دمج تقنيات متقدمة مثل التعرف على الحاجب والأوامر الصوتية، يسهم هذا الابتكار في منح هؤلاء المرضى استقلالية جديدة، ويعزز من قدرتهم على التحكم في بيئتهم والتواصل مع الآخرين بسهولة. كما يعكس هذا المشروع رؤية مستقبلية لتطوير تقنيات الرعاية الصحية، وجعلها أكثر ملاءمة وفعالية لجميع الفئات المحتاجة.
اضف تعليق