مرات عديدة اتخذ قرار عدم التأثر بما اقرأه او اشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي، وليست هي المرة الأولى التي أفشل في ذلك وأعلن خسارتي امام قوة تأثير المضمون المزعج او الموتر لهذه الشبكات التي تغللت في حياتنا في صورة كلية، الانزعاج الذي تخلقه مواقع التواصل الاجتماعي لو تتبعنا منابعه الرئيسية...
مرات عديدة اتخذ قرار عدم التأثر بما اقرأه او اشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي، وليست هي المرة الأولى التي أفشل في ذلك وأعلن خسارتي امام قوة تأثير المضمون المزعج او الموتر لهذه الشبكات التي تغللت في حياتنا في صورة كلية.
الانزعاج الذي تخلقه مواقع التواصل الاجتماعي لو تتبعنا منابعه الرئيسية لوجدناه يأتي من نقاش يدور حول موضوع سياسي او قضية اجتماعية مثار خلاف على مدى عقود وتبرز للوجود وتختفي بحسب المحركات الفعلية لها.
بعض النقاشات المثارة على الشبكات الاجتماعية تخرج في أحيان كثيرة عن الذوق العام، اذ ان بعض التعليقات تخرج الانفعالات الفردية وتجعل الانسان منغمر في الخروج عن صوابه، وهو ما يجعل المتصفح لهذه المواقع وكأنه مجبور على مواصلة متابعة فيلم غاية في الازعاج ولا يريد اكماله الى النهاية.
صفة الازعاج أصبحت من الصفات المرافقة لمتصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نتيجة حتمية لما يتعرض له المستخدم من كميات هائلة من المضامين المثيرة للاستغراب، وقد يعمد بعض الافراد الى شرح حالات اجتماعية من غير الصحيح او اللائق عرضها امام العامة.
فمن المحتمل ان يساعد هذا العرض على التوسع في التطرق الى قضايا وحالات مماثلة او قد تكون أكثر بشاعة من الأولى، حفز على شرحها واخراجها امام الجمهور العام وبالنتيجة تضاعفت نسبة السلبية المنتشرة والتي من المرجح ان تنعكس على الافراد المتعرضين لها على مدار اليوم.
ومما يثير القلق هو الاستمرار في تناول هذه المضامين المخلفة لأجواء نفسية غير مريحة، الى جانب العقد الاجتماعية الأخرى المنتشرة بنطاق واسع في الفترات الأخيرة وكأنها السمة الوحيدة التي تميز المجتمع العراقي عن غير.
ويحدث ذلك على حساب المضمون المفرح او الباعث على السعادة والامل، وكأن المجتمع يخلوا من منتجات البهجة، والحالة السوداوية هي المتسيدة لا يمكن مغادرتها بفعل الأوضاع العامة التي مر بها البلد من حروب وظواهر اجتماعية عصفت واحدثت متغيرات لا يمكن استيعابها او التأقلم معها.
ووسط هذا الكم من المشاهد التي تعكر الصفو النفسي، هنالك قوة جاذبية تمنع المستخدم من مغادرة هذه الشبكات، وعدم القدرة على المغادرة سيعزز من تدهور الحالة الصحية النفسية، ومع ذلك يدرك المتابع للمقاطع المنشورة يوميا عدم الاستفادة من هذه المقاطع على المستوى الفردي او الاجتماعي وبذلك تكون من الأعباء الإضافية التي اثقلت المجتمعات.
لو نقبنا في المواد القانونية التي تحكم عملية النشر، فهي تجرم نشر هذا الفيض من المقاطع المؤلمة والمتدفقة بشكل مستمر ولا يمكن ان يتحملها ضمير الإنسانية، الامر الذي يجعل الافراد يدخلون في حالة من الكآبة وعدم الارتياح الذي يعكر المزاج الفردي ويؤثر على التعامل فيما بين الافراد بصورة عامة.
فما ينشر على الشبكات الاجتماعية يعد من الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان، وتنشر دون معرفة ضرورة الحفاظ على هذه الخصوصية، ناهيك عما تسببه هذه التصرفات من آثار على المستوى الفردي والاجتماعي، اذ تعمل على اثارة مشاعر الخوف وترسيخ فكرة الانتقام والكراهية بين شرائح المجتمع.
مواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها لتكون جزء من الأجزاء المنتظمة التي تكوّن النظام المجتمعي، المحكومة للتوازن المنطقي والمكملة لبقية الاجزاء، لذا فمن خلال ما تطرحه من مضامين متعددة لا تتناسب مع الذائقة العامة او تعمل على انفاد الطاقة الإيجابية، تمكنت من تحويل المستخدمين والمتلقين الى ضحايا هذه الرسائل المشوشة للصفاء الذهني وتعميق حالة الازعاج لديهم.
اضف تعليق