احتياجات مالية عاجلة أو مجرد رغبة في الادخار؟ اعتاد المصريون "على الأقل منذ بداية القرن العشرين" على الجمعيات التي يقوم فيها أفراد يرتبطون بعلاقات شخصية قوية كالجيران أو زملاء العمل او الأقارب، بالمساهمة شهريا بمبلغ معين من المال لمدة تتراوح غالبا بين 5 أشهر و20 شهرا...
"أسهل وأكثر أمانا".. هكذا وصفت منة شعراوي تجربتها مع الجمعيات الرقمية المنتشرة في مصر والتي تسمح للافراد بأن يقترضوا من بعضهم البعض من دون الحاجة الى تحمل فوائد مصرفية، وتقول هذه الموظفة ذات الواحد والثلاثين عاما "أتلقى المال على حسابي المصرفي من دون تأخير ولست بحاجة الى أن أجري خلف الناس لتحصيل مستحقاتي.. هذا عظيم". بحسب فرانس برس.
احتياجات مالية عاجلة أو مجرد رغبة في الادخار؟ اعتاد المصريون "على الأقل منذ بداية القرن العشرين" على الجمعيات التي يقوم فيها أفراد يرتبطون بعلاقات شخصية قوية كالجيران أو زملاء العمل او الأقارب، بالمساهمة شهريا بمبلغ معين من المال لمدة تتراوح غالبا بين 5 أشهر و20 شهرا، على أن يخصص المبلغ الإجمالي كل شهر لأحد المساهمين، ويكون غالبا الأكثر احتياجا ربما بسبب مشكلة صحية أو لاقتراب موعد زواجه أو اي احتياج ملح آخر، بحسب ما قالت لفرانس برس الخبيرة الاقتصادية دينا ربيع.
خلال السنوات الأخيرة، قرر عدة رواد أعمال استخدام التكنولوجيا الرقمية لتنظيم جمعيات مماثلة، ويقول أشرف صلاح "في البداية كنت خائفا من هذه الجمعيات أونلاين ولكنني خضت التجرية وجمعت أموالا مكنتني من اتمام الأشغال الداخلية لمنزلنا في الصعيد، والآن آمل أن أشتري سيارة لكي أستخدمها في مشروع صغير هناك".
ويقيم صلاح في العاصمة المصرية منذ أربع سنوات ويستخدم تطبيق موني فيلوز، أحد أوائل التطبيقات في هذا المجال، الي جانب الجمعيات التقليدية، ويشرح ربّ الأسرة المتحدر من قنا (445 كلم جنوب القاهرة)، أنه في الجمعيات التقليدية "الكل يعرف كم تدفع شهريا وقيمة ما تحصل عليه في الاجمالي، أما في الجمعيات أونلاين فيكون الموضوع محرجا، أفضل السرية"، وهو يؤكد أن هذه الخدمة "تستحق" ما يدفعه مقابل الحصول عليها، ويوضح أحمد محمود، 28 سنة، مؤسس تطبيق الجمعية الذي بدأ العمل في 2019، "من خلال ثلاث خطوات على التطبيق، نخلص مستخدمينا من الاعباء اللوجستية للجمعيات التقليدية".
شمول مالي
يعتبر أحمد وادي مؤسس موني فيلوز، أن إحدى أهم ميزات تطبيقه الذي يهيمن على السوق، هو أنه وضع "نظاما قويا" يضمن للمستخدمين الحصول على أموالهم في حال تعثر أحد المشاركين أو امتنع عن السداد.
وتم تحميل هذا التطبيق أكثر من 1,6 مليون مرة ويستخدمه 173 الف شخص يربطهم بالشركة عقد ويساهمون شهريا بمبالغ تتراوح بين 500 جنيه (أكثر من 30 دولار) وعشرات الالاف الجنيهات.
ويشترط التطبيق من المستخدمين فقط أن يقوموا بتحميل صورة بطاقة هويتهم. أما وسائل السداد فهي متنوعة: تحويلات، إيداع نقدي، دفع الكتروني عن طريق الهاتف المحمول وهي وسيلة منتشرة على نطاق واسع في مصر.
وهذا نظام مثالي بالنسبة لبلد يعمل 63,8% من سكانه في الاقتصاد غير الرسمي، حسب البنك الدولي، ولا يملك سوى قرابة ثلث سكانه حسابات مصرفية، وفق مؤشرات وضعتها مجموعة العشرين عام 2017.
ويؤكد محمود أن تطبيقه يساهم في "الشمول المالي"، وهو هدف وضعته السلطات المصرية نصب أعينها منذ بضع سنوات ويتمثل في العمل على إدماج أكبر عدد من المصريين ومن الأنشطة الاقتصادية في النظام المصرفي.
ويتعاون البنك المركزي المصري بالفعل مع التطبيقين من أجل ادماجهما في الاقتصاد الرسمي خصوصا أن موني فيلوز نجح في الحصول على تمويل مقداره 4 ملايين دولار في العام 2020.
وتم الحصول على التمويل بفضل نظام دقيق للتحقق، فالتقييم الائتماني للمستخدم يرتفع كلما قدم مزيدا من الأوراق التي تؤكد قدرته على السداد، ما يرفع حده الائتماني.
نمو كبير
وتسجل هذه التطبيقات نجاحا كبيرا. فخلال عام واحد، ازداد عدد مستخدمي تطبيقي الجمعية بنسبة 700% وموني فيلوز بنسبة 300%، ويؤكد محمود أن جائحة كورونا ساعدت على تحقيق هذا النجاح لأن كثيرين صاروا معتادين على التعاملات الرقمية.
ومع 30 الف مستخدم قرابة ثلثهم في صعيد مصر (حنوب)، يجتذب التطبيق خصوصا "الراغبين في الزواج أو سداد نفقات المدارس الخاصة"، وفقا له. وهو ما يعني، بحسب دينا ربيع، أن مستخدمي هذه التطبيقات الرقمية من الشباب المستعدين لـ"المخاطرة" أكثر من جمهور الجمعيات التقليدية الذين يخشونها.
وتعدّ الجمعيات بالنسية "لعشرات الملايين من المصريين جزءا من حياتهم المعتادة"، وفق ربيع التي تؤكد أن شرائح المهنيين العليا باتت تستخدم كذلك مثل هذه التطبيقات، وبحسب دراسة أجرتها الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2018، فإن 43% من الـ102 مليون مصري الذين يملكون مدخرات يشاركون الجمعيات، ولكن كثيرين لا يزالون يفضلون الجمعيات التقليدية، ويقول رجب فرغلي (50 عاما) "لماذا أدفع فائدة كل شهر؟ نحن نساعد بعضنا البعض والموضوع كله متوقف على الثقة (...) لهذا لا أحب الجمعيات أونلاين".
ويتابع "الناس الذين أشترك معهم في جمعية أعرفهم، أعرف أين يسكنون وأين تقيم أسرهم. لو لم يدفع أحدهم ما عليه أذهب الى شقيقه أو أمه ليعطوني المال بدلا منه"، في المقابل، دفع النمو الكبير الذي تحقق، تطبيقي الجمعية وموني فيلوز الى التوسع في افريقيا ودول الخليج.
اضف تعليق