أطلقت شركة هواوي الصينية في ميونيخ، أقوى وأحدث نسخة من سلسلة هواتف مايت Mate، مايت 30 بنسختَيه العادية والمحسّنة، إلا أن عقوبات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الشركة حلّت ضيفاً ثقيلاً على المجتمعين هذه المرة، إذ إن هذا الهاتف، الذي كانت كلّ نسخه القديمة تتصدّر لائحة أفضل الهواتف الذكية...
أطلقت شركة «هواوي» الصينية في ميونيخ، أقوى وأحدث نسخة من سلسلة هواتف «مايت Mate»، «مايت 30» بنسختَيه العادية والمحسّنة، إلا أن عقوبات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الشركة حلّت ضيفاً ثقيلاً على المجتمعين هذه المرة، إذ إن هذا الهاتف، الذي كانت كلّ نسخه القديمة تتصدّر لائحة أفضل الهواتف الذكية لكلّ عام، سيتمّ إطلاقه من دون خدمات «غوغل». صحيح أنه يحتوي على نظام التشغيل «أندرويد»، لكنه سيكون مجرداً من كل أسلحته: لا وجود لخدمة «جي ميل» أو خرائط «غوغل»، ولا تحديثات لنظام التشغيل، ولا وجود لمتجر التطبيقات حتى.
لم يكن هاتف «مايت 30» أول ضحايا العقوبات. ذلك أن سلسة حواسيب «هواوي» المحمولة الجديدة تم تصديرها هي أيضاً من دون نظام التشغيل «ويندوز» من شركة «مايكروسوفت» الأميركية، بحسب ما كان متفقاً عليه. واستعاضت «هواوي» عن ذلك بنظام تشغيل مفتوح المصدر (لينكس – linux)، يُعدّ قفزة جيدة لمجتمع البرامج وأنظمة التشغيل مفتوحة المصدر (يُقصد بها البرامج المصنوعة من سطور برمجة يمكن لأيّ شخص ذي إلمام بهذا العالم أن يعدّل عليها، وهي غالباً متوافرة بالمجان على الإنترنت، وباستطاعة أيّ كان تحميلها)، التي لا تزال ــــ على رغم تلك القفزة ــــ تعاني من شحّ المستخدمين، بل إن أغلب من يقومون بتنصيبها على هواتفهم يفعلون ذلك لأسباب أيديولوجية، مثل رفضهم للاحتكارات البرمجية على التطبيقات من قِبَل الشركات الكبرى. لذلك، نجد دائماً أن أي تطبيق مغلق المصدر تتم مجابهته بآخر مفتوح المصدر يقوم بالمهمات نفسها، ولكن من دون كلفة على المستخدم وبملكية تامة له (مثال: برامج أوفيس من شركة مايكروسوفت، وفي المقابل أوبن أوفيس).
امتدّ مؤتمر «هواوي» لحوالى ساعتين، فيما لم تتعدّ فترة الكلام عن العقوبات سوى دقيقة واحدة. تريد الشركة القول إننا ماضون في طريق التخلي عن التكنولوجيات الأميركية، وإنها ستتعاون في هذا المجال مع مجتمع البرامج المفتوحة المصدر، والذي إذا ما حصل على دعم شركة بحجم «هواوي» سيقلب الطاولة على الجميع، ولكن هذا الأمر بحاجة الى المزيد من الوقت الذي لا تمتلكه الشركة حالياً. ما نفع أقوى الهواتف الذكية إن كان ممنوعاً عليه تنصيب التطبيقات؟ يحتوي متجر التطبيقات الخاص بشركة «غوغل» على 2.7 مليون تطبيق، فيما متجر «هواوي» الذي سيكون موجوداً على الجهاز يحتوي على حوالى 45 ألف تطبيق. لا مجال للمقارنة هنا. باعت «هواوي» في العام الماضي حوالى 200 مليون هاتف، نصفها في الصين، حيث لا خوف على الشركة التي تحاول اليوم الاستحواذ على أكثر من نصف سوق الهواتف الصينية. هناك، لا وجود أصلاً لكل خدمات «غوغل»، التي تمنع الحكومة استعمالها وخدمات أخرى مثل «يوتيوب» و«فايسبوك» و«واتسآب» و«تويتر»، وتستعيض عنها بخدمات وتطبيقات محلية الصنع. لذا، يمكن الجزم بأن مبيعات «هواوي» لن تتأثر في الصين، بل ستتحسن. ولكن، ماذا عن بقية العالم؟
كبر حجم «هواوي» في العالم إلى درجة أنها حلّت في المركز الثاني في سوق الهواتف الذكية، مُتقدّمة بذلك على شركة «أبل»، وهي تقترب من أخذ الزعامة من شركة «سامسونغ». ومن يتابع أحوال شركة «أبل» في السنوات القليلة الماضية، يستطيع رؤية الضرر الذي ألحقته «هواوي» بها، ما دفع بالأولى إلى تغيير سياستها أخيراً، وهو ما تبدّى في مؤتمر إطلاق «أيفون 11»، حيث خرجت «أبل» بهواتف جديدة بأسعار مخفضة ومقبولة، لم يعتد عليها المستخدمون من قبل. وهي بذلك تستفيد من العقوبات التي وضعتها إدارة ترامب، على «هواوي»، من أجل الحصول على موطئ قدم أفضل في سوق الهواتف الذكية. حتى «سامسونغ» تشعر اليوم بتهديد أقل، إذ من ذا الذي سيشتري هاتف «أندرويد» من دون خدمات «غوغل»؟ لا أحد. خرجت «هواوي» كذئب جريح في المؤتمر، لكنها تمتلك من الشجاعة والثقة لتقول: هذا هاتفنا الجديد، هو أقوى ما في السوق حالياً، وإننا على ثقة بنجاحنا في الالتفاف على العقوبات، وخصوصاً أننا نعمل حالياً على إنشاء نظام تشغيل خاص بنا، وبالتعاون مع مجتمع البرمجيات المفتوحة المصدر، بحيث سيصبح بإمكان المستخدمين الحصول على متجر تطبيقات «غوغل» وكل الخدمات الأخرى إذا ما أرادوا ذلك، ولكن من دون الخضوع للتكنولوجيات الأميركية.
اضف تعليق