من أجل تطوير واقع حكومة العراق الالكترونية لابد من العمل على تعزيز الخدمات الالكترونية المقدمة عن طريق الانترنيت وذلك من خلال قيام البرلمان العراقي بإصدار التشريعات وإلزام الجهات الحكومية بتنفيذها فيما بينها ثم تنتقل بشكل تدريجي مع قطاع الاعمال ومنظمات المجتمع المدني وصولاً إلى الأفراد....
أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعلب دوراً كبيراً في أغلب دول العالم وخصوصاً الدول المتقدمة، وبدلاً أن يسير العراق بهذا الاتجاه نحو الأمام أصبح يسير للوراء
أخذ الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات يتزايد بشكل كبير عالمياً واقليمياً ومحلياً، وذلك لما لها من تأثير كبير على الحياة البشرية وفي مختلف المجالات، حيث تم إصدار مؤشر عالمي، في بدايات الألفية الجديدة يُعرف بـ "مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية" والذي سيتم الاعتماد عليه في تشخيص واقع الحكومة الالكترونية في العراق.
تعريف الحكومة الالكترونية ومراحلها وقنواتها
تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الحكومة الالكترونية على إنها "استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخصوصاً الانترنيت لتحقيق حكومة أفضل".
وتعرف أيضاً حسب دراسة للأمم المتحدة حول الحكومة الالكترونية عام 2014 على إنها "استخدام تكنولوجيا المعلومات وتطبيقها في الإدارة العامة لتبسيط وتكامل عمليات سير العمل وإدارة البيانات والمعلومات بشكل فعّال وتعزيز تقديم الخدمات العامة، فضلاً عن توسيع قنوات الاتصال من أجل إشراك وتمكين الأشخاص".
مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية ومؤشراته ومستوياته
ومن أجل معرفة مدى قيام الحكومات باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملها وتعاملها مع الآخرين تم إصدار "مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية" عام 2003 والذي يعتبر مقياس مركب لثلاثة مؤشرات هامة للحكومة الالكترونية، ولكلٍ منها مؤشرات فرعية، وهي:
أولاً: مؤشر الخدمة عبر الانترنيت، هو مؤشراً مركباً يقيس استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل الحكومات في تقديم الخدمات العامة على المستوى الوطني. وهو يستند إلى الدراسات الاستقصائية الشاملة للوجود على الانترنيت لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193دولة. ويتم الحصول على نتيجة هذا المؤشر من خلال استبيان الخدمة الالكترونية، ويتكون استبيان الخدمة الالكترونية لعام 2018 من قائمة تضم 140 سؤالاً، يمكن الاطلاع عليها بالرجوع إلى التقرير. وتتراوح قيمة هذا المؤشر من صفر للخدمات الأدنى تصنيفاً، إلى واحد للخدمات الأعلى تصنيفاً.
ثانياً: مؤشر البنية التحتية للاتصالات، ويضم مجموعة مؤشرات فرعية هي:
1. اشتراكات الهاتف الثابت لكل 100 ساكن.
2. اشتراكات الهاتف النقال – الخلوي لكل 100 ساكن.
3. النسبة المئوية لاستخدام الأفراد للانترنيت.
4. اشتراكات النطاق الثابت(السلكي) لكل 100 ساكن.
5. اشتراكات النطاق العريض اللاسلكي لكل 100 ساكن.
ثالثاً: مؤشر رأس المال البشري، ويضم مجموعة مؤشرات فرعية هي:
1. المعرفة بالقراءة والكتابة بين الراشدين(%).
2. معدل التسجيل الإجمالي.
3. سنوات الدراسة المتوقعة.
4. متوسط سنوات الدراسة.
مستوياته
يتم تصنيف الدول حسب مستويات مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية المتمثلة في أربعة مستويات وهي عالي جداً (أكثر من 0.75)، وعالي (بين 0.50 إلى 0.75)، ومتوسط (بين 0.25 إلى 0.75) ومنخفض (أقل من 0.25).
وتجّدر الإشارة إلى إن قيم مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية لا يُقصد بها القياسات المطلقة، إذ إن الدرجة العالية هي مؤشر أفضل الممارسات الحالية بدلاً من كمالها. وبالمثل إن الدرجة المنخفضة للغاية لا تعني أنه لم يحدث أي تقدم في تطوير الحكومة الالكترونية، لان هذا المؤشر هو أداة مقارنة بين الدول الأعضاء ويتم استخلاص أداء الدول عبر الانترنيت بالنسبة لبعضهم البعض في وقت معين.
واقع الحكومة الالكترونية في العراق
أولاً: مؤشر الخدمة عبر الانترنيت
بلغت قيمة هذا المؤشر في العراق 0.3194 وهذا ما يعني ان الخدمة عبر الانترنيت لم ترتقي إلى مستوى الطموح كونها لم تتجاوز مستوى المتوسط.
وتجّدر الإشارة إلى إن ثمانية عشر من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديهم حضور عبر الانترنيت في عام 2003 والعراق أحد هذه الدول، حسب تقرير الحكومة الالكترونية لعام 2003 في ص40، ولذا يمكن اعتبار هذه النتيجة تحسناً جيداً. لكن في نفس الوقت لا تعتبر جيدة عند مقارنتها بالتقدم الكبير في العالم بخصوص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ثانياً: مؤشر البنية التحتية للاتصالات
بلغت قيمة هذا المؤشر في العراق 0.1840 وهذه قيمة منخفضة جداً حيث تقع في أدنى مستوى من المستويات المؤشر.
1. اشتراكات الهاتف الثابت لكل 100 ساكن.
لا يتجاوز اشتراكات الهاتف الثابت لكل 100 ساكن في العراق 6 اشتراكات وبالتحديد 5.46 وهذه نسبة متواضعة جداً. ويعزى هذا الانخفاض إلى دخول الهاتف النقال الى العراق بعد 2003.
2. اشتراكات الهاتف النقال – الخلوي لكل 100 ساكن.
بلغ عدد اشتراكات الهاتف النقال – الخلوي 81.19 لكل 100 ساكن، وهذا مؤشر جيد.
3. النسبة المئوية لاستخدام الأفراد للانترنيت.
للأسف لا يزال استخدام الانترنيت في العراق متواضعاً حيث لم تتجاوز 22.5 % وهذا ما يؤثر على مؤشر الحكومة الالكترونية بشكل كبير.
4. اشتراكات النطاق الثابت (السلكي) لكل 100 ساكن.
كنتيجة لدخول الهاتف النقال انخفض الطلب على اشتراكات النطاق الثابت (السلكي) بحيث أصبحت لا تشكل سوى 0.01 من كل 100 ساكن.
5. اشتراكات النطاق العريض اللاسلكي لكل 100 ساكن.
بلغ عدد اشتراكات النطاق العريض اللاسلكي 16.24 لكل 100 ساكن، وهذا عدد منخفض، ويمكن أن يعزى هذا الانخفاض لأسباب عديدة من بينها عدم تغذية جميع المناطق بشبكات الاشتراك أو انخفاض مستوى الدخول أو لعدم الرغبة بالاشتراك أو غيرها.
ثالثاً: مؤشر رأس المال البشري
هذا المؤشر أفضل من سابقيه كون قيمته شكلت 0.5094 والتي تجاوز بها المستوى الأول والمستوى الثاني وهو الآن في بداية المستوى الثالث من مستويات المؤشر.
1. المعرفة بالقراءة والكتابة بين الراشدين (%).
شكلت نسبة الأشخاص الراشدين في العراق الذين يستطيعون القراءة والكتابة ما نسبته 79.7% في عام 2015 وهذا مؤشر جيد من الممكن أن يسهم في دعم الحكومة الالكترونية.
2. معدل التسجيل الإجمالي.
شكّل هذا المؤشر ما نسبته 54.48 في عام 2000 أي أن أكثر بقليل من النصف الذين يلتحقون بالمدارس وهذه نسبة قليلة. أما الآن فلم يذكر أي نسبة حتى في تقرير التنمية البشرية المختص بهذا المجال.
3. سنوات الدراسة المتوقعة.
بلغ عدد سنوات الدراسة التي يتوقع إن يتمها طفل في سن الدخول إلى المدرسة، 10.1 سنوات عام 2015. وهذا يعني إن أغلب الذي سيلتحقون لم يكملوا الإعدادية.
4. متوسط سنوات الدراسة.
بلغ متوسط عدد سنوات التعليم التي أتمها الأشخاص من الفئة العمرية 25 سنة وأكثر، هو 6.6 سنوات عام 2015، وهذا يعني إن تم تجاوز مرحلة الابتدائية ولم يكملوا المتوسطة فضلاً عن الإعدادية والبكالوريوس.
وفي ضوء المؤشرات أعلاه بلغت قيمة العراق 0.3376 في مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية وبهذه القيمة يقع العراق ضمن المستوى المتوسط متجاوزاً المستوى المنخفض، فاحتل المرتبة 155 من أصل 193 دولة في مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية لعام 2018، وبقى أمامه مستويين العالي والعالي جداً يتطلبان المزيد من الجهود لبلوغهما.
ولكن للأسف، هذه المرتبة كانت خاتمة سيئة، كونها كانت متراجعة عن مرتبة الأعوام السابقة لها، حيث احتل العراق المرتبة141 في عام 2016, والمرتبة 134 في عام 2014، والمرتبة 128 في عام 2012، والمرتبة 133 في عام 2010، ويبدو إن الاتجاه العام لهذا المؤشر نحو الأسوأ، وهذا ما يكشف عن وجود مشاكل لابد من معالجتها.
ومن أجل تطوير واقع حكومة العراق الالكترونية لابد من العمل بالآتي:
1- العمل على تعزيز الخدمات الالكترونية المقدمة عن طريق الانترنيت وذلك من خلال قيام البرلمان العراقي بإصدار التشريعات وإلزام الجهات الحكومية بتنفيذها فيما بينها ثم تنتقل بشكل تدريجي مع قطاع الاعمال ومنظمات المجتمع المدني وصولاً إلى الأفراد.
2- العمل على توسيع البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية جغرافياً من المركز إلى ابعد نقطة وهي القرية، وذلك من خلال قيام وزارة الاتصالات العراقية بالتعاقد والتعاون مع القطاع الخاص للقيام بهذه المهمة مع إعطاء القطاع الخاص دور أكبر واعتماد مبدأ المنافسة لتحقيق أفضل المنتجات وبأقل الكلف.
3- العمل على تطوير رأس المال البشري وذلك من خلال التركيز على التربية والتعليم العالي كمياً ونوعياً وهذا ما يسهم في تطوير الحكومة الالكترونية بشكل كبير جداً.
4- توعية المجتمع بمدى أهميتها الحكومة الالكترونية في تلبية احتياجاته والحصول على الخدمات التي تقدمها الحكومة الكترونياً، وذلك من خلال قيام الجهات المعنية كالجامعات والمراكز البحثية والمنظمات الاجتماعية بعقد المزيد من الدورات والملتقيات والندوات والمؤتمرات حول أهمية الحكومة الالكترونية في زيادة رفاههم.
اضف تعليق