ساهمت صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة في خلق قدرات جيدة للمراقبة والكشف عن الجريمة عبر الاستفادة من رصد المخاطر المحدقة، وكانت حادث يوم الثلاثاء أحدثت ضجة في بغداد، مقطع فيديو يظهر فيه قيام شخص يحمل طعاما يطرق باب منزل في منطقة البيجية في المنصور قبل موعد الفطور بحجة توزيع الخيرات، ليفتح له الباب ويسلم الطعام لأصحاب المنزل، الا انه خلال هذه الفترة يقتحم ثلاثة مسلحين المنزل لكنهم جوبهوا بإطلاقات نارية ليلوذوا بالفرار بسيارة كانت تنتظرهم، وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مما اسفر بان تتخذ وزارة الداخلية بعد يوم واحد من القبض على احد منفذي عملية سطو مسلح، فيما اعلنت الى انه تم قتل آخر وصدور مذكرات قبض بحق الأربعة المتبقين من افراد العصابة
نستنج من هذا الحادث الآتي:
1. هناك رفضا شعبيا للجريمة بأنواعها.
2. المجتمع المدني العراقي بالعراق قوة فاعلة ومؤثرة، وهذه الجهود المدنية يمكن أن تساعد الدولة في مكافحة الجريمة وإصلاح العدالة الجنائية حيث ان التكنولوجيا مثلما منحت فرصا جديدة للمجرمين فإنها منحت أجهزة الأمن ايضاً فرصاً أكبر للتصدي لهم، لان مشاركة المواطنين تسهم في إحباط كثير من المخططات الإجرامية.
3. عقم الاساليب التقليدية بالإخبار عن الجريمة بالطرق والآليات المتبعة مما تجعل المخبر عرضة لضغوط القبيلة والاحزاب والتدخلات الاجتماعية.
4. بات ممكنا ان يستخدم الفيسبوك بالعراق لمنع الجريمة وكشف الجرائم الغامضة، اذا ماطورت وزارة الداخلية باستثمار هذا الزخم من التعاون، وهو الامر يتطلب بناء الثقة وتطوير الآليات المستخدمة بالمؤسسات الشرطوية، وضرورة تعزيز صورتها الايجابية لدى الشباب بصفة خاصة، واستخدام موقع اليوتيوب لمنع الجريمة من خلال نشر صور وفيديوهات لمشتبه بهم تساعد الشرطة في القبض عليهم.
اصبحت هناك ضرورة لتضافر الجهود الرسمية والمدنية من أجل الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك – تويتر- يوتيوب) بهدف تحقيق الأمن داخل المجتمعات ورفع كفاءة الأجهزة الشرطية والقضائية، ان توظيف تقنيات الاتصال الحديث، كوسائل التواصل الاجتماعي، بات له دور أساسي في تطوير الحس والوعي الأمنيين لدى أفراد المجتمع، وبالتالي فإن هذا يعزز العلاقة بين الجهاز الشرطي والمجتمع، ويسهم في دعم الجهود الأمنية لمكافحة الجريمة والتصدي لها قبل وقوعها، فضلاً عن تعزيز استقرار الأمن وبث الطمأنينة بين أفراد المجتمع.
هناك العديد التجارب والجهود الدولية في مجال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للحد من انتشار الجريمة، ورفع وعي المجتمعات تجاه تحقيق العدالة الجنائية.
تجارب دولية:
تجربة الامارات: اتخذت وزارة الداخلية وأجهزة الشرطة في الدولة، انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، باستثمارها ليس فقط في نشر التوعية الأمنية والتواصل مع المجتمع الذي يضم أكثر من 200 جنسية، إنما أصبحت أيضاً بمثابة ذراع أمنية لمكافحة الجريمة وتعقّب المتهمين ودحض الشائعات، إضافة إلى استخدامها في بلاغات معيّنة للتعرف إلى المفقودين ومجهولي الهوية.
تجربة استراليا: في دعم الصحة العامة لمنع الجريمة والشراكة الشرطية المجتمعية ضد الايدز من المعهد الاسترالي لدراسات الجرائم حول دور التسويق الاجتماعي في تغيير السلوك ومنع الجريمة، هناك تجارب بعض المدن الاسترالية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للحد من ارتفاع معدلات الجرائم بها، ساهمت صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة في خلق قدرات جيدة للمراقبة والكشف عن الجريمة عبر الاستفادة من رصد المخاطر المحدقة، والمثال على ذلك ما حدث في فيضان كوينزلاند بأستراليا عام 2011 من خلال التغريدات عبر تويتر وكيف انها ساهمت في توجيه الشرطة الى مناطق الكوارث، وكذلك في نيو ثاوث ويلز حيث تتصل الشرطة مع الجمهور عبر الفيس بوك، وهو الامر الذي اعاد بناء الثقة في تلك المنظمات الشرطية وباتت تتمتع بالشفافية، وعززت من صورتها الايجابية لدى الشباب بصفة خاصة، كذلك يستخدم موقع اليوتيوب لمنع الجريمة من خلال نشر صور وفيديوهات لمشتبه بهم تساعد الشرطة في القبض عليهم.
تجربة المانيا: تستخدم الشرطة الألمانية شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي في المساعدة على حل الجرائم الغامضة والتوصل إلى مرتكبيها. وبدأ هذا المشروع الذي يعد الأول من نوعه في ألمانيا في ظل ارتفاع نسبة الجريمة بين الشباب، وحظي المشروع بإعجاب أكثر من 81 ألف مستخدم سجّلوا أنفسهم على صفحة شرطة هانوفر في موقع التواصل الاجتماعي، ويتابع معظم هؤلاء المستخدمين إعلانات الشرطة لطلب المساعدة وإعادة إرسالها إلى الآلاف من أصدقاء صفحاتهم، واثمرت التجربة الجديدة مع الأجيال الشابة بهدف إشراكها في كشف الجرائم الغامضة باعتبارهم أكثر الفئات استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي، وشريحة لا يمكن الوصول إليها عبر وسائل الإعلام التقليدية. وتمكنت شرطة سكسونيا في ألمانيا بواسطة المشروع الجديد في الوصول إلى أعداد كبيرة من مستخدمي فيسبوك، معتمدة في ذلك على وسائل بسيطة، هي وضع إعلان غالباً ما يكون صوراً لمتهمين مع كلمات قليلة عن ملامحهم والاتهامات الموجهة لهم، وطلب المساعدة في الإمساك بهم. وتتيح صفحة شرطة هامبورج على فيسبوك لزائريها التواصل مباشرة مع رئاسة الشرطة في المدينة، ويتولى قسم الإعلام الشرطي المشرف على هذه الصفحة مراجعة تعليقات الزائرين وحذف بعضها بعد الاطلاع عليه.
الخلاصة:
ضرورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في المجالات الشرطية، حفظ الامن، ووضع سياسة وطنية واضحة تنظم عملية استخدام الانترنت في نشر المعلومات، ورفع الحظر الذي صدر قبل شهر من الوزارة بعدم مشاركة منتسبي الداخلية ضمن التواصل الاجتماعي هذا الحظر يبعدهم ويعزلهم عن المجتمع، وضرورة تكليف المعهد العالي للتطوير الامني والاداري بالتنسيق مع اعلام الداخلية لدراسة السبل لتطوير العلاقة مع التواصل الاجتماعي لمكافحة الجريمة وهو اختصاص وزارة الداخلية كما اوضحته القوانين بالإخبار عن الجرائم.
اضف تعليق