استيقظت الساعة السابعة صباحا، مترددة بين الذهاب الى العمل والرجوع الى النوم، الاختيار بينهما صعب جدا، فالنوم هو الوحيد الذي يسعدني ويشعرني بالراحة، والاصعب انني ان اهملت الدوام في الآونة الاخيرة، مما جعل مدير الشركة يفرض عقوبات صارمة في حقي، اولها خصم الراتب، وهذه الخصم سيجعلني في مأزق لا احسد عليه، الفواتير، القروض، الايجار، الواجبات، صرخت ورميت الوسادة، اصوات البقال وصاحب الايجار، لا انسى صوت فلان وهو يذكرني بفاتورة الكهرباء، والآخر الذي يتربص الشهر عند اول ظهور للهلال حتى يتصل ويطلب مني دفع فاتورة الاشتراك، ما زالت على السرير اتقلب والنوم يسرقني والوقت يلاعبني، والمدير لا يرحمني .
لحظة تملكت القوة ورفضت ان اعود الى النوم، بعدما اتصل بي السائق واخبرني انه في الطريق ولن ينتظرني كثيرا، يقولون ان المصائب تأتي دفعة واحدة، الفوضى تحيط بي، القميص هنا، الشاحن، اين الهاتف، بين اكوام الكتب والاوراق الممزقة هاتفي، قلمي سحبت الكتاب سقط الكوب، يزمر السائق والصوت يملأ المنطقة، اسرعت نحو الباب اغلقتها.
كل يوم وانا على هذه الحالة، لا ينفع معي اي شيء، تعطل المنبه من ضربت يدي، ولم يصحُ رأسي من النوم؟ كل من يراني ينصحني ان اترك السهر ليلا كما هو مشهور، (نام بكير وصحة بكير وشوف الصحة كيف بتصير)، استمع ما يقولون ويعجبني جدا ان اطبق هذه النصائح، وللأسف لم استطع ان اطبقها، لا نني مشغولة في عالم مواقع التواصل الاجتماعي كثيراً، ما ان اعود الى البيت حتى امسكت هاتفي وابدأ برحلة طويلة تستغرق اكثر من (7) ساعات واحيانا لطلوع الفجر، من الو أتساب، الى الماسنجر، الفيس بوك التعليقات، الدردشات الجماعية، فلان نشر، فلان علق، فلان غير غلاف صفحته، ولا اتمكن من النوم بسبب متابعة، والدردشات مع الاصدقاء، اتأخر في كل شيء في الاكل والشرب، والسبب هو الاشعارات.
المتاجرة بصور النساء
رميت جسدي على السرير وبدأت في الجولة التفتيشية بعد رجعتي من الدوام قبل ان اغير ملابسي، صوت الاشعارات تتقطع لكثرتها، اثارني الفضول حول حادثة حصلت في الكروب، احد الاشخاص نشر صورة فتاة وعلق عليها الاصدقاء اغلب التعليقات كانت جارحة وغير محترمة، ازعجني جدا هذا الامر، كيف يتداولون اعراض الناس بهذه الصورة؟.
في كل المواقع ينشرون صور النساء لغرض جلب التعليقات من دون الانتباه الى هذا الفعل؟ واضراره الاجتماعية والاخلاقية، فمن الممكن ان تكون الصورة لعائلة واحد افراد عائلتها موجود في الصفحة، ماذا ستكون ردة فعل الاهل عندما يرون صورة ابنتهم وعليها التعليقات، والشباب يتلفظون بكلام بذيء وغير لائق ناهيك عن الطائفية والسب والشتم، اصغر جريمة قد تقع عليها هي الضرب، وهذا ان لم تصل الى القتل بدافع الشرف؟ وغسل العار؟ .
كثيرة هي القصص التي نسمعها عن توريط البنات في الفيس بوك، وقوعهن في حبال الحرام، من ثم تنتهي الحكاية الحب والغرام بالفضيحة والدم، أصبحت هذه الطريقة الابتزازية مرتبطة بالعالم الالكتروني والبعض جعلها تجارة رائجة لا خسارة فيها، من خلال متابعة صفحات البنات، وخاصة الصغار في العمر، يستدرجونهم عن طريق الصفحات المزيفة، والتعارف معهم وبعدها تدخل في انسجة الاخطبوط، وذلك لسهولة الوصول إلى الخصوصيات عن طريق بعض البرامج المشبوهة التي يستطيع أي شخص الحصول على الصور أو المعلومات الخاصة من خلالها.
نسمع الكثير عن قضايا الابتزاز في المجتمع والتي تتعرض فيها الفتاة لخوف شديد مما يجعلها ترضخ لما يطلبه خوفا من الفضيحة، وبالتالي الوقوع في حالة اكتئاب وقد يكون الانتحار الحل الوحيد في عقلها، والسبب وراء هذا السلوك هو ضعف الوازع الديني والاخلاقي عند الشباب، وعدم الثقة في النفس، غياب الرقابة الأسرية وعدم مراقبة الاولاد عند جلوسهم على الانترنت، فقدان التوجيه الصحيح والنصح الجميل، ومرافقة اصدقاء السوء، المواقع المتاحة لكل الاعمار، من الخطأ استخدامها من قبل صغار السن، البلاغ على هذه الصورة وحذفها ان استطعت، عقوبة من يعمل هذه الاعمال بالسجن والغرامة، فلم يعد التحرش محصور في الجنس فقط بل اصبح هناك شيء اخر يطلق عليه التحرش الالكتروني عبر الانترنت .
وقد عرف البعض التحرش الالكتروني هو استخدام الوسائل الالكترونية ووسائل التواصل في توجيه الرسائل التي تحتوي على مواد تسبب الإزعاج للمتلقي، سواء كانت هذه المواد تلميحاً للرغبة بالتعرف على المتلقي، لأهداف جنسية، أو كانت تحتوي على عبارات أو شتائم جنسية، أو صورا، أو مشاهد فيديو جنسية، أو التهديد والابتزاز باستخدام صور الضحية، أو استخدامها فعلاً دون موافقة صاحبها أو دون علمه، ومشاركتها عبر وسائل التواصل الالكتروني المختلفة، بإرسال رسائل فيها كلمات خادشه للحياء، أو مكالمات صوتية، وتلفّظ بكلمات ذات طبيعة جنسية، أو وضع تعليقات مهينة ذات إيحاء جنسي، ويكون من خلال إجبار الضحية على الموافقة على اللقاء بالمتحرّش على أرض الواقع بعد أن يتم اختراق جهاز الكمبيوتر الخاص بها، والحصول على صور خاصّة، ومعلومات شخصيّة عن الضحية، ومن ثم تهديدها بطرق مختلفة.
في الوقت ذاته أن الدراسات العالمية تبين أن هناك 750 ألف متحرش جنسياً بالأطفال عبر الإنترنت في الدقيقة الواحدة. فما هي الإجراءات التي يمكن القيام بها لتجنب التعرض لهذا النوع من الابتزاز؟، في كتاب "أبطال الإنترنت"، الذي يتناول قضايا وقصصاً حقيقة إحدى القصص المؤثرة هي قصة طفلة كندية تدعى "أماندا"، التي أقدمت على الانتحار بعد أن عانت سنوات من البلطجة والتحرش عبر الإنترنت. وهذه قصتها:
قصة أماندا
أماندا" التي انتحرت يوم 10 أكتوبر 2012 سردت قصتها عبر مقطع فيديو على موقع "يوتيوب" وهي تحمل بيديها أوراقاً بيضاء كتبت عليها عبارات قصيرة تقلبها ورقة بصمت لنقرأ رسالتها كاملة، لم تكن "أماندا" تعلم بمصيرها المأساوي يوم قررت وصديقاتها منذ سنوات حين كانت في الصف السابع التواصل مع الغرباء من خلال الشات عبر الصوت والصورة، حيث التقت شخصاً مجهولاً قام بالتودد إليها بكلمات الإطراء لفترة من الزمن، كان يطلب منها أن تكشف له عن جسدها، حتى استجابت له، وبعد مرور عام تسلمت "أماندا" رسالة تهديد عبر "فيس بوك" حيث تمكن من الوصول إلى حسابها، وطلب أن تتعرى له وجهاً لوجه، وإن لم تفعل سيرسل صورها لأصدقائها وعائلتها حيث تعرف على أسمائهم، وعنوان بيتها ومدرستها من خلال "فيس بوك"، لم تستجب "أماندا" لطلبه، وفوجئت هي وأهلها بطرق على باب بيتها في الساعة الرابعة من فجر أحد أيام إجازة عيد الميلاد من قبل رجال الشرطة يطلبون "أماندا" للتحقيق معها بعد أن أصبحت صورها في متناول يد الجميع، إضافة لوجود صفحة خاصة لصورها، وهي عارية الصدر على "فيس بوك"، ومنذ ذلك اليوم وقعت "أماندا" في دوامة من العذاب، حيث أدمنت الكحول والمخدرات، وحاول أهلها تغيير مكان السكن والمدرسة عدة مرات لكن دون جدوى، إلا ان الفضيحة استمرت بملاحقتها، مما ادى إلى دخولها حالة اكتئاب نفسية انتحرت أماندا شنقاً، مما اثار ضجة حول العالم اجمع عبر البرامج التلفزيونية ومواقع الانترنت واهمها مواقع التواصل الاجتماعي مثل: فيس بوك وتوتير.
قد يكشف المتنمرون الإلكترونيون معلومات شخصية للضحية (مثلاً الاسم الحقيقي وعنوان المنزل أو العمل أو المدرسة) على المواقع أو المنتديات أو قد يستخدمون انتحال الشخصية وإنشاء حسابات وهمية وتعليقات أو مواقع متظاهرين بأنهم الشخص المستهدف بهدف نشر مواد بأسمائهم لأجل التشويه والإساءة أو السخرية منهم، و ينشر الآخرون شائعات أو ثرثرة لتحريض الآخرين على كره والتجمع ضد المستهدف.
التنمر الإلكتروني
ففي سبتمبر 2006، ذكرت اخبار ABC استبيان قامت به I-Safe.Org. هذا الاستبيان الذي أجري في 2004، على 1,500 طالب في الصفوف ما بين 4 - 8 ذكر :
42% من الأطفال تعرضوا للتنمر الإلكتروني. واحد من كل أربعة وقد حدث ذلك لهم أكثر من مرة.
35% من الأطفال تعرضوا للتهديد عبر الإنترنت. وكان ما يقارب واحد من كل خمسة وقد حدث ذلك لهم أكثر من مرة.
21% من الأطفال تلقى تهديدات وألفاظ غير لائقة عبر بريدهم الإلكتروني.
58% من الأطفال اعترفوا بأن شخصا ما قد قال لهم ألفاظ مؤذية وغير لائقة عبر الإنترنت. أربعة من عشرة حدث لهم ذلك أكثر من مرة.
58% لم يخبروا أباءهم أو شخصا بالغا عن الأشياء المؤذية التي حدثت لهم عبر الإنترنت
تردد الشباب في الاخبار عن مضايقة شخص او تسلط الكتروني قد يؤدي إلى نتائج قاتله. مالا يقل عن ثلاثة اطفال تتراوح اعمارهم بين 12 و13 انتحروا بسبب الاكتئاب الناجم عن التنمر الإلكتروني. ووفقا لتقارير من الولايات المتحدة الأمريكية ومن صحيفة بالتيمور من ضمن الحالات حالات الانتحار الأخيرة ، هاليغان ريان وماير ميغان التي ذكرتها دورو لوري الولايات المتحدة .
يتم تسجيلها بدرجة معينه من الدوام ،وهذا يشمل تصريحات عبر البريد الإلكتروني أو على لوحات الإعلانات على الانترنت.
وقد كانت نتيجة الدراسة التي أجرتها كلا من بيو انترنت وأمريكان لايف أن ما نسبته 33٪ من المراهقين قد تعرضوا لشيء من التنمر الالكتروني .
القرآن والسنة يعالجان الموضوع بصيغة ادبية تنفع الفرد منها غض النظر عن المحرمات {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ}، وقال تعالى {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} وفي العلل (565) عن الرضا(عليه السلام) كتب فيما كتب من جواب مسائله: (حرم النظر الى شعور النساء المحجوبات بالأزواج وغيرهن من النساء لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو التهييج الى الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يجمل وكذلك ما أشبه الشعور). اخي واختي قبل النشر او تداول الصور والمقاطع تذكر انك تشارك في الفضيحة، والقتل، لكن لو جعلتها تقف عندك وحذفها سيدفع الله عنك البلاء.
اضف تعليق