وكان أساس هذا المشروع هو بناء الإنسان. الذي يساهم في صعود هذا المشروع، لذلك ركز الامام الشيرازي على عناصر التربية الاستراتيجية: وهي العقائد والأخلاق والاعتدال والتفكير والعلم والثقافة والعمل والعطاء والمؤسسات ومختلف العناصر التي تشكل الانسان، وانتمائه وهويته وحضوره وتقدمه في الحياة. فما هو معنى التربية الاستراتيجية...
نتحدث في الذكرى السنوية لرحيل المرجع الراحل الإمام السيد محمد الشيرازي عن أمة في رجل، استطاع أن يؤسس مشروعا كبيرًا لبناء الأمة من خلال بناء شخصية الفرد المتوازنة، فقد كان مشروعه الاساسي تحقيق الأمة الواحدة والثقافة النهضوية الشاملة، الأخوة الاسلامية والأخوة الإنسانية، فكان مشروعا كبيرًا تحقق في انتاج الكثير من الأفكار والأفراد والمؤسسات والانتشار في مختلف دول العالم، وكان أساس هذا المشروع هو بناء الإنسان.
الانسان هو الذي يساهم في صعود هذا المشروع، لذلك ركز الامام الشيرازي على عناصر التربية الاستراتيجية: وهي العقائد والأخلاق والاعتدال والتفكير والعلم والثقافة والعمل والعطاء والمؤسسات ومختلف العناصر التي تشكل الانسان، وانتمائه وهويته وحضوره وتقدمه في الحياة.
فما هو معنى التربية الاستراتيجية؟ ولماذا نسميها بالاستراتيجية؟
التربية الاستراتيجية: هي التربية المنظمة والمدروسة والمخطط لها التي تنظر إلى البناء الذاتي للإنسان ولكيفية تشكيل الشخصية من حيث التكامل العلمي والأخلاقي والفكري، ومن حيث وصولها الى النهايات من خلال البدايات، بدايات لها نهايات ونهايات تشكلت من بدايات منهجية. بالنتيجة بناء التوازن والتماسك في الشخصية. وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنما الأعمال بخواتيمها). فلابد أن ننظر للإنسان كنهاية وما هي عاقبة هذا الإنسان. وبمعنى آخر التربية الاستراتيجية هي التي لها مدخلات ومخرجات.
أما التربية التكتيكية: فهي التربية العشوائية او اللاتربية أو الإهمال او هي فقط لتلبية الحاجات المادية للإنسان، فلا تنظر للإنسان كشخصية له حاجات نفسية وفكرية وثقافية وعاطفية تحتاج إلى تغذية سليمة ومنهجية وايجابية. ولذلك كثير من الأحيان إن لم نقل مطلقا ينشأ من التربية العشوائية شخص عشوائي، مشوهاً نفسياً يملأه فراغ روحي وعاطفي وثقافي، بالتالي يكون شخصية مهزوزة.
الإمام الشيرازي يرى ان التربية لها أثر فعال في تلوين المجتمع، بأحد الألوان النفسية أو الاجتماعية، مثلاً نرى أن هناك مجتمع يكثُر فيه النفاق أو يكثر فيه الكذب، هذا اللون سببه التربية التي يتلقاها الأفراد في المجتمع، والتي تكون قائمة على الخوف، على العنف، على كل شيء يربك الشخصية فتنشأ مهزوزة.
يقول الإمام الشيرازي: بعض الأمم يُربون الفرد على التعقل والتأني وبعضهم يربون على الإقدام والاندفاع، والبعض يربي على العاطفة وعلى التنشئة العاطفية فقط دون وجود تربية فكرية وعقلانية وأخلاقية، وبعض المجتمعات فقط تُربي على التغذية المادية دون وجود أي تغذية روحية أو عاطفية أو فكرية وثقافية.
ويرى الإمام الشيرازي إن عدم استقامة العائلة عبارة عن عدم سلامة وأمن البيت الذي يُربى فيه الاولاد، إما بالكبت أو بالتنازع أو بالمزيد من العطف والعاطفة الزائدة والمتطرفة فإن كل ذلك يوجب عدم استقامة النفس مما ينتهي أخيرًا إلى الانحرافات الروحية والعقائدية والنفسية.
لذلك فإن التربية مهمة جدًا في عملية بناء الشخصية ونهضة الأمة واستقرار المجتمع واستدامة التقدم، وكل مجتمع نراه فيه التخلف هو نتيجة لسوء التربية وسوء المدخلات أما في التربية أو في التعليم.
ما هو الهدف من التربية؟
يرى الامام الشيرازي ان هناك أمران مهمان في التربية:
الأول: جعل (الأطفال) صالحين، ليتمكن من الكفاح في حياة كثيرة الالتواءات والانعطافات فمن لا يعرف سبل مثل هذه الحياة سيسقط عاجلا أو آجلا.
فمن مسؤولية الابوين أن ينشأ هذا الطفل قوي الشخصية في مقابل الضغوط والتحديات لا يهرب في أول تحدي واول ضغوط يواجهها، ونلاحظ اليوم أن كثير من الشباب الذين يواجهون التحديات والانعطافات في حياتهم يهربون من هذه التحديات أو يسقطون في اختبار هذه التحديات.
ان الابتلاءات والامتحانات هي لصقل الانسان وبناء شخصيته، فالذي لا يواجه التحديات ولا يواجه الضغوط، هذا الانسان لا يستطيع أن يصقل شخصيته وتكون شخصيته غير ممتحنة بعملية الضغوط التي تواجهه في حياته.
بعض الناس يكون عندهم انحرافات عقائدية وقد يصل الى عدم الايمان بالله سبحانه وتعالى نتيجة لتعرضه لامتحان معين، والأشخاص مثل الأنبياء والأئمة عليهم السلام أقوياء في استجابتهم للتحديات وللامتحانات الشديدة كالامتحان الذي مر فيه الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء وهذا امتحان شديد يعبر عن عظمة شخص الإمام الحسين (عليه السلام).
ذلك البناء الصالح للشخصية الصالحة السليمة هو قدرة الانسان على أن يكون قادرًا في مواجهة التحديات والابتلاءات والانعطافات في حياتهم.
الثاني: تأهيلهم للحياة المستقبلية:
حيث يرى الامام الشيرازي ان مسؤولية الوالدين تأهيل الابناء للحياة المستقبلية. فهل كل شخص عندما يربي أولاده، يربيهم على أن يكونوا جاهزين للمستقبل، بحيث يكونوا مستقلين في حياتهم، قادرين على العمل، على العطاء، على مواجهة الحياة المعاصرة. لا يكفي للأب أن يعطي لأولاده الطعام والملبس، بل لا بد أن يعمل على تربيته بكل العناصر اللازمة للمستقبل بحيث يكون جاهزا للمستقبل من حيث تربيته وتعليمه.
عناصر التربية الاستراتيجية
أولا: التربية بالاعتدال،
بعيدًا عن التشدد أو الإهمال أو الافراط والتفريط.
التربية بالاعتدال هي أهم عنصر في قضية التربية، لأن كل المشكلات التي تنشأ في الانسان تأتي من خلال الإفراط والتفريط أو التشدد والإهمال، البعض يربي ابنه على التشدد والضغط عليه بقوة سواء كان تشددا دينيا أو علميا أو أخلاقيا.
ومعنى التشدد هو ممارسة الضغط بقوة بدون أن يكون هناك عملية سلسة في قبول واقتناع الانسان بالأفكار والسلوكيات التي ترد من قبل الأبوين. كأن يفرض عليه الصلاة بقوة دون محاولة تربيته بالحوار والاقناع وبيان فوائد العمل والنتائج الحاصلة منه حتى يحب أداء ذلك العمل من خلال اقتناعه. أو يفرض عليه أنك لابد أن تحصل على المعدل العالي في الدراسة؛ لتدخل ذلك التخصص بالتحديد. هذا ضغط شديد. هذا نوع من التربية التي تؤدي إلى العيش بالقلق وعدم الاستقرار النفسي.
بعض الأحيان يتسبب التشدد بأن يعاني هذا الانسان من وسواس دائم في حياته، وهو مرض نفسي، يكون سببه أحياناً الضغط والتشديد في السلوكيات.
الاب بذلك يعتقد أنه يقوم بما يصب بمصلحة ابنه من خلال الضغط عليه كي لا يفشل في حياته، ولكنه بهذا التشدد يؤدي إلى فشل ابنه، وهذا يحتاج إلى ذكاء تربوي خاص. لا بد للإنسان أن يتثقف به حتى يكون معتدلًا في عملية البناء التربوي.
أو يكون على العكس من ذلك، مهملاً للتربية او التفريط بها، فينشغل الأب بعمله ثم يذهب للمقهى. والأم أيضا تنشغل بأعمال البيت وأشغالها الخاصة. وبالنتيجة يكون الإبن متروكا بلا توجيه، بلا مراقبة، بلا مُسائلة، بلا تغذية فكرية، روحية، وهذا التفريط أيضا يؤدي إلى أن الانسان يُصبح (لا شيء) في الحياة.
ويرى الإمام الشيرازي أن (الطفل الذي لم يتوجه إليه توجهاً كافياً من ناحية الأبوين، يكون في مستقبل عمره سيئ العمل، ويفرط في الخشونة مع أولاده ومع غيرهم، كأنه يريد بذلك ملء فراغه النفسي، حيث يحس بعدم الأمن وبالخطر المطارد له، بينما إذا توجه الأبوان إليه برعاية زائدة عن الحد، يصبح الولد مهزوز الشخصية، ومتزلزل الإرادة ولا يتمكن من الاستقامة في مستقبل أمره، وغالباً ما يكون مثل هذا الشخص عاطلاً، ولا يتمكن من التقدم، أما الأبوان المعتدلان في التربية بلا مسامحة، ولا إفراط، بدون عصبية وليونة، فهما يهيئان المناخ الملائم لنمو الطفل نمواً صحيحاً خالياً عن التعقيد والانفلات).
فالآباء الذين يستخدمون العنف بتربية أولادهم ولا يمتلك الصبر للجلوس والحديث مع ابنه، أو لم يعتاد على فتح حوار معه فيستخدم الضرب والإهانة والتقليل من شخصه فيفرط في الخشونة، مما يجعل الابن يلجأ لغيره يريد بذلك ملء فراغه النفسي حيث يحس بعدم الأمن وبالخطر المطارد له.
وبالجانب الآخر لو توجه الأبوان إليه برعاية زائدة عن الحد يصبح الولد مهزوز شخصياً. ومتزلزل الارادة. ولا يتمكن من الاستقامة في مستقبل أمره. لا يملك قدرة على اتخاذ القرار في حياته ولا يتمكن من التقدم.
أما الأبوان المعتدلان بلا إفراط ولا تفريط، بدون عصبية وليونة، فهما يهيئان المناخ الملائم لنمو الطفل نموًا صحيحا خالياً من التعقيد والانفلات. فأفضل الأشياء هو الوسطية والتوسط في عملية البناء التربوي. "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"، والفضائل تعني التوسط في الأمور. والرذائل تعني إما الافراط أو التفريط. فمثلا الشجاعة فضيلة، لكن التهور رذيلة، والجبن رذيلة، فالشجاعة هي وسط الأمر بين التهور الجبن.
أو هل نستخدم الحزم مع الابن، أو نتركه، أو نستخدم العنف ضده حتى نفرض عليه الانضباط والالتزام.
الامام علي (عليه السلام) يحل لنا هذه المشكلة بقوله: (وحزما في لين).
إن الحزم هو لين، فلا حزم بعنف. ولا حزم بشدة ولا حزم بقسر، بل بأن يكون حازماً بجعل ابنه ملتزماً منضبطا ولكن بأسلوب لين.
اللين يأتي من خلال الصبر، التحمل، الحوار والاقناع، والتثقيف وإعطاءه الرؤية بعواقب الامور التي سوف يدخل فيها، لذلك أكثر مفردة موجودة عندنا في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف هي قضية الصبر.
فالصبر هو الإيقاع النفسي اللازم لكل انسان يضعه في نفسه حتى يستطيع أن يرى الامور بشكل جيد وأن يؤديها بشكل حسن.
الصبر في التربية مهم جداً حتى نستطيع أن نُخرج هذا النتاج بشكل جيد وصالح وسالم في الحياة.
ثانيا: التربية على التفكير الإسلامي
اليوم نعيش في معركة كبيرة في الحياة، معركة ثقافية وأخلاقية، لأن كثير من القيم التي نعيشها هي قيم واردة علينا، أو مستوردة من خلال السلع التي نستفيد منها، نستعملها من خلال الأثير الفضائي، الإنترنت الكتب التي نقرأها، كلها وصلت بعملية استيراد وهذه سوف تشكل لنا منظومة من القيم ولون خاص يشكل حياتنا، يشكل سلوكياتنا، يُشكل نوعية تفكيرنا في الحياة.
المجتمع اليوم يعيش حالة تفكير مستورد وهذا التفكير المستورد معناه أن حياتنا تُصبح لهم وليس لنا فهذا هو معنى التبعية، التبعية الثقافية والأخلاقية والقيمية للآخرين..
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ) {البقرة/138}، الصبغة يعني اللون الذي يكتسبه الإنسان. الفرق بين اللون والصبغة، ان اللون أساسي ثابت يعني لما نقرأ في القرآن الكريم عن الألوان الأشياء الثابتة الطبيعية الموجودة في الحياة، أما اللون المكتسب الذي نحصل عليه، فنلون ملابسنا جدراننا بيوتنا سياراتنا وكل هذه الألوان مكتسبة، كذلك الاكتساب التربوي والثقافي والقيمي هو تلوين مكتسب يسمى صبغة وهذا الاكتساب هو سلوكيات يشكل شخصية الإنسان.
عندما نشاهد سلوكيات معينة نستطيع قراءة سلوكه وتفكيره ونلاحظ ما يتحكم فيه من قيم، وهل تفكيره اسلامي أم غير إسلامي، أو مهجن بين ثقافة الاسلام وغيره، وهذا المهجن غير صحيح. فالامام الشيرازي (قدس سره): (للإسلام لون خاص من التفكير بالنسبة إلى الحياة والكون، والمبدأ والمعاد، والعائلة والاسرة، والقيم والمقاييس، والسلوك والأخلاق وغيرها، فاللازم إعادة هذا اللون من التفكير إلى الحياة. فمثلاً (العفو) و(احترام الإنسان) و(صلة الرحم) و(رحم الكبير على الصغير) و(توقير الصغير للكبير) و(حرية الإنسان في كل شؤونه) و(جزاء الإنسان بما عمل) هي من الأوليات الإسلامية، فاللازم تأطير التفكير بهذه الأطر الاسلامية، فإنه على أساس هذه الأطر الفكرية تتوقف كيفية العقيدة والسلوك والمعاملة).
ثالثا: التربية على الحركة والعمل:
يذكر الامام الشيرازي في كتبه ويؤكد كثيرا على الحركة والعمل في الاسلام وعنده كتاب بعنوان (كل فرد حركة)، يوضح به أهمية ذلك. والقرآن الكريم يقول: (والعصر إن الانسان لفي خسر)، (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)، (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فمُلاقيه). كُل ذلك حث على العمل الصالح، على الحركة، على التقدم في الحياة.
رابعا: التربية على الاكتفاء الذاتي:
والتربية على الاكتفاء الذاتي، وأن يكون الإنسان من صغره منتجا وليس مستهلكا.، وأن يعيش حالة الاستقلال والاكتفاء الذاتي في حياته، ولا يعيش عالة على غيره، مُتكلا على حالة الاستهلاك المفرط، فاليوم المجتمع مستهلك شره، نأكل كثيرًا في المطاعم، نستهلك الكماليات كثيرًا، لو قام أحد بتحد مع نفسه بأن يتخلى عن نصف الكماليات التي يستهلكها ليرى كيف ستتغير حياته، الاستهلاك الزائد يؤدي الى الامراض والفساد، والتخمة، وإلى ارتفاع تكاليف باهظة في ميزانية الانسان، سمعت أن بعض الناس لكي يكون (برستيجه) عالي يُغرق نفسه في الديون لتكون لديه سيارته الفارهة وملابسه من الماركات والأكل في المطاعم الفخمة، وكل ذلك ثقافة خاطئة، فلابد أن نتعلم ونربي أولادنا على حالة الانتاج وليس الاستهلاك، أن نستهلك بقدر الحاجة، وليس بقدر الرغبة والشهوة.
الانسان الذي يعيش وهمه الرغبات يكون محطما لا يعيش في اطار حاجاته ويكون كسولا وتبعاً لغيره.
خامسا: التربية على الاحترام والنظام:
النظام مهم في بناء الاستقرار الاجتماعي، والفوضى التي نعيشها اليوم في مجتمعاتنا هي نتيجة لعدم وجود ثقافة احترام الآخرين، وعدم احترام النظام وعدم الايمان بثقافة النظام.
سادسا: التربية على الخدمة والعطاء والانفاق في سبيل الله:
مثلا الشيعة في العراق عندهم حالة من الكرم وهذه ثقافة موجودة منذ الصغر يتعلموها، وتعلموا العطاء وخدمة زوار الامام الحسين عليه السلام، هذه تربية عظيمة.
أن ينفق الانسان في سبيل الله، يعطيه الخير والبركة والتقدم الاجتماعي والتقدم الذاتي أيضا. فبالانفاق يتعلم الانسان نكران ونبذ الانانية والتضحية والعطاء وسمو الذات عن الحرص الماديات.
سابعا: التربية على اللاعنف:
منذ الصغر يجب تعليم الطفل على نبذ العنف وممارسة التسامح والعفو والحلم وعدم الغضب، فالشخص الغاضب يكون محطم الشخصية، والغضب هو نتيجة للعنف الذي مورس ضد هذا الانسان.
ثامنا: التربية على حب الثقافة والتفكر:
فالعلم ثروة للإنسان وتحضير لمستقبل ناجح وحب الكتاب يجعل الطفل محبا للتوسع في المعرفة وتنمية قابلياته ومهاراته، فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر، والامية الثقافية فشل تربوي خالص.
تاسعا: التربية الاستشارية:
هو تربية على الحوار والاستماع الاخر واحترام أفكار الآخرين وتعلم نبذ التمسك والتعصب بالرأي وبالتالي نبذ الاستبداد، فالتربية على الاستبداد تربية لشخص غير على فهم الحياة والتعامل الصحيح مع الآخرين.
من وسائل التربية الاستراتيجية
من وسائل التربية الاستراتيجية التي يذكرها السيد الشيرازي في كتبه:
1- التعليم الحسن، بصلاح التعليم والمعلم. إذا رافقه البلاغ الحسن والأسوة الحسنة.
الأسوة الحسنة من أهم قضايا التربية الجيدة، أما بالنسبة للأب والأم وأما بالنسبة للمعلم فلابد أن يكون المعلم أسوة حسنة للتلميذ. فالإنسان يتعلم بالأسوة وبالنموذج، فإذا كان أمامه نموذجا صالحا يتعلم منه الصلاح، وإذا كان نموذجا سيئا يتعلم منه السلوك السيء.
2- التثقيف والتثقف الشامل، عبر الدعاية العامة مثل الانترنت والفضائيات ووسائل الاعلام، السيد الشيرازي لديه كتاب جميل ونافع عنوانه إلى نهضة ثقافية شاملة. هذا الكتاب يذكر به بعض الوسائل الجميل لنشر الثقافة ومنها:
ينبغي لكل صاحب حانوت ومحل أن تكون عنده بعدد أيام السنة كلمات توجيهية بإسم كلمة اليوم ويضعها كل يوم وراء الزجاج أو في مكان يمكن قراءته لمن يمر بجانب المحل.
فلو وضع كل شخص كلمة جميلة فيها تثقيف وفيها تعليم وفيها موعظة للآخرين، في محله أو في مدرسته أو في شبكات التواصل الاجتماعي فتتحول هذه الشبكات الى عمل تثقيفي مفيد.
3- الكتاب وهو قد تكلم وكتب كثيرا عن اهمية الكتاب ودعا لطبع ثلاث مليارات من الكتب في ذلك الزمن أي قبل عقود، حتى تصبح الثقافة شاملة وعامة للجميع من اجل تحقيق النهضة الشاملة.
4- تأسيس الهيئات والمنظمات والمكتبات والتجمعات، فالإنسان اذا لم ينتمي إلى تجمع أو هيئة أو منظمة تحتضنه وتحصنه فسوف ينحرف، فلا يمكن أن يكون الانسان بلا انتماء لابد أن يكون منتمي لجماعة؛ لأن الجماعة تحتويه خصوصاً الجماعة الصالحة التي تكون أفكارها صحيحة وعقائدها صحيحة فينتمي لهذه الهيئات وهذه الجماعات حتى تحتويه فكرياً وثقافياً وأخلاقياً، فإن لم ينتمي إلى جماعة سينتمي لأصدقاء السوء. او يقضي وقته في المقاهي. أو يقضي أوقات الفراغ بلا شيء. السيد الشيرازي أسس في كربلاء فترة الستينات 800 مؤسسة للشباب اضافة الى تأسيسه المئات من المؤسسات في مختلف دول العالم بالإضافة إلى وسائل الاعلام والفضائيات والمراكز الإسلامية والجامعات والمدارس والحوزات.
5- المجالس البيتية: وبالأخص المجالس الحسينية وكذلك الندوات والدورات والورش ومجاس الوعظ والتوجيه والعمل الثقافي، حتى يستطيع الانسان ان يستثمر حياته حيث يقول سماحته (فان المجالس في البيوت لها أكبر التأثير في التثقيف الإسلامي، وفي الاجتماع الإسلامي، بل وفي التربية الإسلامية أيضاً) كثير من الناس الصالحين نشئوا وتربوا وتفقهوا في المجالس الحسينية وبالأخلاق الاسلامية.
التربية العملية والنظرية
وتعتبر هذه النقاط مهمة في التربية الاستراتيجية الجانب النظري والعملي وكلاهما مطلوبان فمن ناحية العملي مطلوب من خلال الحاضنات التي تحتضن التربية الاستراتيجية والاسلامية ومن ناحية المقدمات الفكرية والنظرية التي نحتاجها في التربية الاستراتيجية.
ويعتبر الامام الشيرازي مشروعا كبيرا نتذكره في ذكراه السنوية عبرة واستقامة وعملا، ولكن المستقبل هو الذي سوف يقدره من حيث أفكاره ومشاريعه فهو نهضة مشرقة في حياتنا وأنا شخصيا كنت تلميذا له في مدرسته النهضوية الشاملة وتعلمت منه الكثير في حياتي وأنا شاكر ربي كثيرا لهذه النعمة بأني كنت تلميذا لهذا المعلم العظيم والمرجع الكبير.
وان شاء الله نحن نسير على خطاه وخطى أهل البيت (عليهم السلام) فهو كان في خدمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي خدمة أهل البيت (عليهم السلام)، ونتخذه قدوة لنا في تربية أبنائنا القدوة الصالحة العاملة، وبالصبر في التربية والمواصلة والاستقامة فالقطرات هي التي تصنع بحراً وتترك أثراً.
اضف تعليق