من مراجع الدين العظام الإستثنائيين الذين مروا في تاريخ الشيعة، إنّه السيد محمّد الشيرازي الذي تحلّت حياته بنمط مميز، إن لناحية تواضعه وزهده، أو لسمو أخلاقه الرفيعة، أو لناحية رقي أدائه، ومسلكه الفريد. كافح ليس ضد ظلم السلطات السياسيّة الدكتاتوريّة فحسب، لكنّه أبلي بلاءً حسناً في التصدي...
بقلم: الشيخ محمد علي الحاج العاملي، باحث إسلامي، لبنان-بيروت
صاحب مدرسة في العمل الرسالي، ومن القلّة -في تاريخ التشيع عموماً- الذين يملكون حيويّة وحضوراً وتأثيراً في عدد من الساحات في العالم، هو واحد من مراجع الدين العظام الإستثنائيين الذين مروا في تاريخ الشيعة، إنّه السيد محمّد الشيرازي (رضوان الله عليه)، الذي تحلّت حياته بنمط مميز، إن لناحية تواضعه وزهده، أو لسمو أخلاقه الرفيعة، أو لناحية رقي أدائه، ومسلكه الفريد..
كافح السيد الشيرازي ليس ضد ظلم السلطات السياسيّة الدكتاتوريّة فحسب، لكنّه أبلي بلاءً حسناً في التصدي للنظرة الكلاسيكيّة اتجاه المرجعيّة الشيعيّة خلال القرنين الأخيرين.
فقد شجّع الطاقات الشابة في الحوزة العلميّة ليكون لهم شخصيتهم، وليتصدوا للقيام بواجباتهم الشرعيّة المنوطة بهم، في ظل فكر سائد يحظر ذلك، ويقمع الناشئة، فكنتَ تجد الطلاب يدرسون ويدرسون، لكنّهم لا يستثمرون علمهم، يتعلمون من دون أن يستفيدوا من علمهم في المجتمع.. فكان للسيّد المقدّس الأثر الطيب في حثّ طلبة العلم على التبليغ، كما كان له الفضل في انتشار المبلغين في مختلف المغتربات، ودول العالم..
تأتي ذكرى رحيل الإمام السيد محمّد الشيرازي (قدس سره) في ظرف بالغ الخطورة تمر به البشريّة جمعاء، لنستذكر سيرته، ونستحضر منهجيته.
إحياء الشعائر سمة من سمات التيار الشيرازي، وليست هذه السمة الوحيدة، بل اهتمامه بإنشاء المؤسسات الاجتماعيّة والدينيّة والثقافيّة والإعلاميّة.. هو ظاهرة ملفتة في هذا التيار، ومؤسساتهم شاهدة على ذلك في طول بلاد الشيعة وعرضها، وحيثما هاجر الشيعة كان للشيرازيين بصماتهم في هذا الإطار، طبعاً هذا بفعل الفكر المؤسساتي للسيّد الراحل.
ويسجل له أيضاً، تنوع اهتماماته الفكريّة، وعدم حصرها بالمجال الديني البحت، وكتبه أدل دليل على ذلك، وهو المؤلّف المُكثر، والمتابع المجيد.
ونقرُّ بأننا لا نستطيع إيفاءه حقه، لكن ليس أقل من ذكره، والإشارات لمنجزاته الفكريّة والإجتماعيّة، وهو الماثل أمامنا فيما ترك: طلاباً ومحبين ومؤلّفاتٍ ومراكز إسلاميّة.. وسيبقى السيّد الشيرازي صاحب اليد البيضاء في إضفاء رونق خاص على طلبة العلم، بجهده المبارك في الحث على التبليغ، والتأليف، وتشكيل الأطر الإجتماعيّة.. ما جعل العالم الديني يتحسس آلام شعبه، وأدى لنقلة نوعية في ذهنية طلبة العلم.
اضف تعليق