اتسمت حركة اﻹمام الشيرازي قدس سره العلمية والعملية بسمة المعاصرة والمواكبة للعصر وعلومه فكان الرائد في ادخال الكثير من العلوم الاجتماعية والانسانية في إطار البحث العلمي اﻹسلامي وذلك ضمن رؤية واستراتيجية قد تبناها في كل حركته التي بدأها وهو في منتصف عقده الرابع أي قبل...
اتسمت حركة اﻹمام الشيرازي قدس سره العلمية والعملية بسمة المعاصرة والمواكبة للعصر وعلومه فكان الرائد في ادخال الكثير من العلوم الاجتماعية والانسانية في إطار البحث العلمي اﻹسلامي وذلك ضمن رؤية واستراتيجية قد تبناها في كل حركته التي بدأها وهو في منتصف عقده الرابع أي قبل أكثر من خمسين عاما، وتتلخص في أن اﻹسلام دين حضارة والحوزة ينبغي أن تكون الرائدة لنهضة اﻷمة الحضارية مما يتطلب منها ان تكون مواكبة ومعاصرة لكل تطورات الحياة وعلومها.
وقد حث ودعا الحوزات العلمية لمواكبة العصر في شتى المجالات وكافة المستويات سواء في نظامها التعليمي او وسائلها التعليمية او مناهجها وموادها التعليمية، وقد صرح بذلك في كتابه "نظام الحوزات العلمية" حين قال: "من الضروري تدريس علوم الدولة المرتبطة بإدارة المجتمع وهي علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع"، وقد أوضح أهمية ذلك حين قال في موضع آخر من الكتاب : "من الواجب على مؤسسة الحوزة أن تكون مستوعبة لكل العلوم لا خصوص الفقه والاصول او العبادات والمعاملات والحديث والاخلاق والتفسير، بمعنى ان تكون مستوعبة لأصول كل ما يحتاجه الانسان في دينه ودنياه".
وعلى مستوى المنهج قال ذات الكتاب: "من اللازم أن تجدد البسة المطالب العلمية وافراغها في قوالب تلائم العصر" خاصة وأنه يؤمن بضرورة ان يكون العالم مواكبا للعصر ومجرياته ليعرف كيف يوصل رسالته بأكمل وجه، ففي كتابه "مقومات رجل الدين" يرى: "وجوب ربط الاستاذ والطلاب بالعالم المعاصر والاحداث الجارية على الساحة الاسلامية العالمية ليكون طلبة العلوم الدينية ورجال الدين على بصيرة فيما يحتاجون اليه من الارشاد والتبليغ والهداية والتوحيه، وبدون ذلك فان البلاد الاسلامية تكون عرضة لأطماع كلا من الغرب والشرق وغرضا لمراميهم" كل ذلك حرصا من ان تغزو مجتمعاتنا الثقافات الدخيلة فتختطف ابناءنا من حضن العقيدة والاسلام واصالتهم.
بل دعا الامام الشيرازي قدس سره لتجديد الخطاب الديني ومواكبته للزمان والمكان عندما قال في كتابه "الى الوكلاء في البلاد": "لكل قطر ولكل زمان ولكل امة منطق خاص، ان عرفه العالم تمكن من القيام بالشؤون الاسلامية وان لم يعرفه العالم كانت النتيجة الضمور والفشل" اذ لكل مجتمع وعصر احتياجات وتحديات.
لم يكتف الامام الشيرازي طاب ثراه بالدعوة لتطوير مناهج الحوزة التعليمية وصياغة شخصية معاصرة ومواكبة للعصر واطروحاته وتحدياته، بل دعا لتطوير حتى الوسائل والادوات التعليمية المعتمدة في الحوزة والاستفادة من التقنيات الحديثة للاتصال بقوله في كتاب "نظام الحوزات العلمية": "تطور العالم وبالاخص وسائل التعليم اصبحت تستخدم التقنية الحديثة في ايجاد التواصل، لذا لابد من الاستفادة من هذه الوسائل المتاحة لتحسين سبل التعليم في الحوزة العلمية".
الامام الشيرازي قدس سره كان الرائد لتلك الدعوات المنادية بمواكبة الحوزة للعصر سواء في مناهجها او خطابها او حتى وسائلها التعليمية، وكان السباق لإدخال علوم العصر في المباحث العلمية الحوزوية على أمل أن تجد طريقها يوما ما الى مقاعد وحلقات التعليم الحوزوية، فقد كتب في علم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والمال والاعلام والحقوق والنفس وغيرها من العلوم الانسانية والمعاصرة اكثر من (300) كتابا ومجلدا.
اضف تعليق