q

بدر اسم بئر على بعد 160 كيلو متراً عن المدينة, وقت المعركة المسماة باسم ذلك البئر، في السنة الثانية للهجرة يوم الجمعة 17 من شهر رمضان المبارك بدر الكبرى وهذه الغزوة هي أول غزوات الرسول (ص) المهمة، وبها تمهدت قواعد الدين، وأعز الله الإسلام، وأذل جبابرة قريش، وقتل فيها رؤساؤهم، ووقعت الهيبة للمسلمين في قلوب العرب واليهود، وكما قال الله تعالى: (وكفي الله المؤمنين القتال) بالنبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) وشركائه في نصرة الدين من خاصة آل الرسول و من أيدهم به من الملائكة الكرام.

حامل الراية

1ـ روى الطبري بسنده عن ابن عباس، أنه قال:كان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجل، و كان الأنصار مائتين وستة و ثلاثين رجل، و كان صاحب راية رسول الله علي بن أبي طالب، و صاحب راية الأنصار سعد بن عبادة.

2ـ و قال ابن عبد البر المالكي:و أجمعوا على أن عليا عليه السلام صلى القبلتين، وهاجر وشهد بدرا والحديبية وسائر المشاهد، وأنه أبلى ببدر وباحد وبالخندق وبخيبر بلاء عظيم، وأنه أغنى في تلك المشاهد، وقام فيها المقام الكريم، وكان لواء رسول الله (ص) وآله بيده في مواطن كثيرة، و كان يوم بدر بيده.

3ـ و عنه أيض، عن ابن عباس، قال: دفع رسول الله (ص) الراية يوم بدر إلى علي وهو ابن عشرين سنة.

4ـ و روى ابن عساكر الشافعي، عن ابن عباس، قال:إن راية المهاجرين كانت مع علي علي (ع) في المواقف كلها يوم بدر ويوم احد ويوم خيبر ويوم الأحزاب ويوم فتح مكة، ولم تزل معه في المواقف كلها.

وقبل وقوع القتال انزل الله تعالى على نبيه (ص): (وإن جَنَحُوا لِلسِّلمِ فاجنَح لَها...), فبعث (ص) الى المشركين ينهاهم عن القتال، فوافق عتبة بن ربيعة وقال: ما رد هذا قومٌ فافلحوا... يا معشر قريش انّ محمداً ابن عمكم فخلوه والعرب.

فان يكُ صادقاً فأنتم أعلى عيناً به، وإن يكُ كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمره, فأبى أبو جهل ولم يقبل بأقلّ من القتال, وكان علي (ع) حامل الراية في أول حرب يشارك فيها مع رسول الله (ص)، وهي اول حروب النبي (ص) أيضا وكان عمره (ع) يوم ذاك خمساً وعشرين سنة والظاهر ان المعركة وقعت بعد عقد علي (ع) على فاطمة (ع).

قاتل أمير المؤمنين علي (ع) المشركين مع رسول الله (ص) على كلمة التوحيد، وتنزيل الكتاب الكريم، وتثبيت دعائم النبوة ومبادئ‏ الإسلام العزيز، فكان لسيفه دور متميز، ولجهاده أثر واضح في أن تعم كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله الجزيرة العربية وما والاه، وكان لثباته مع الرسول (ص) في كثير من المعارك التي عز فيها الناصر وقل فيها الصديق وكثر فيها العدو، أثر كبير في الانتصارات الكبرى التي عززت موقع الإسلام، وثبتت أركانه.

وصف المعركة

بداية المعركة يصفها لنا رافع مولى رسول الله (ص) قال:"لما أصبح الناس يوم بدر اصطفّت قريش، أمامها, عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد, فنادى عتبة رسول الله (ص) يا محمد اخرج لنا أكفاءنا من قريش فبرز إليهم ثلاثة من شباب الأنصار فقال لهم عتبة: من أنتم؟ فانتسبوا فقال: لا حاجة لنا في مبارزتكم إنما طلبنا بني عمنا، فقال رسول الله (ص) للأنصار ارجعوا إلى مواقفكم.

ثم قال: قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة، قاتلوا على حقكم الذي بعث الله به نبيكم فقاموا فصفوا في وجوههم وكان على رؤوسهم البيض فلم يعرفوهم، فقال عتبة: من انتم يا هؤلاء؟ تكلموا، فان كنتم أكفاءنا قاتلناكم فقال حمزة بن عبد المطلب: انا حمزة بن عبد المطلب، أنا أسد الله وأسد رسوله فقال عتبة: كفء كريم.

وقال علي: أنا علي بن أبي طالب وقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فقال عتبة لابنه الوليد: قم يا وليد ابرز لعلي وكان اصغر الجماعة سنّاً فاختلفا بضربتين أخطأت ضربة الوليد ووقعت ضربة علي (ع) على اليد اليسرى من الوليد فأبانتها، ثمّ ثنى عليه بأخرى فخرّ قتيلاً", وبارز حمزة عتبة فقتله حمزة (ع) وبارز عبيدة شعبة، فأصاب سيف شعبة عضلة ساق عبيدة فقطعها فاستنقذه علي (ع) وحمزة (ع) وقتلا شيبة، وحُمِل عبيدة فمات بالصفراء.

وكان المهاجرون "يوم بدر سبعة وسبعين رجلاً وكان الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلاً، وكان صاحب راية رسول الله (ص) علي بن ابي طالب (ع) فيكون مجموع المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر مقاتلاً وكان معهم فرَسان وسبعون بعيراً فكان الرجلان والثلاثة يتعاقبون على بعير واحد وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلاً بصحبة مائتي فرس وسبعمائة بعير.

من الناحية النفسية والعسكرية كانت معركة بدر الكبرى أعظم غزاة غزاها رسول الله (ص) وأشدها نكاية في المشركين "قُتل فيها سبعون من المشركين قتل علي (ع) نصفهم وقتل المسلمون والملائكة النصف الآخر", وانجلت المعركة عن سبعين أسيرا من المشركين بالإضافة إلى سبعين قتيلاً منهم وفرّ الباقون واستشهد من المسلمين اربعة عشر رجلاً قال تعالى مخاطباً المسلمين (ولَقَد نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدرٍ وأنتُم أذلَّةٌ فاتّقوا اللهَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ)

قتل النصف

وبالرغم من اختلاف الروايات في عدد الذين قتلهم علي (ع) يوم بدر، إلا إن المرجّح تاريخيا إن أمير المؤمنين (ع) قتل النصف ممن قُتل ببدر أو قريباً منه، وكانوا من أكابر قريش وقادتهم عندها نادى منادٍ من السماء يوم بدر: "لا سيف الا ذو الفقار، ولا فتى الا علي", يقول ابن شهر آشوب: "وجدت في كتاب المقفع قول هند:

أبي وعمي وشقيق بكري اخي الذي كان كضوء البدر

بهم كسرت يا علي ظهري

وكان من جملة من قتلهم علي (ع) يوم بدر من بني امية:

1- حنظلة بن ابي سفيان اخو معاوية.

2- العاص بن سعيد العاص.

3- عقبة بن ابي معيط.

4- الوليد بن عتبة اخو هند وخال معاوية.

5- ابا قيس بن الوليد أخا خالد بن الوليد.

واشترك في قتل:

6- عتبة وهو جد معاوية وهو اموي ايضاً.

وبذلك فقد قتل الإمام (ع) في بدر وحدها من المشركين جد معاوية وخاله وأخاه وبعضاً من عشيرته وكان لذلك اثر بالغ في نفس ابن أبي سفيان بالخصوص والأمويين عموماً ضدّ أمير المؤمنين (ع).

وانضم الحقد إلى الحسد:

انتهت المعركة بهزيمة البطون الساحقة، وبانتهائها حملت نفوس البطون باسوء جنين عرفته الخليقة وهو الحقد، فامتلأت نفوس البطون بالحقد الأسود على محمد وعلى آل محمد، وظل هذا الحقد في نفوسها، ولم يفارقها لحظه قط, وهكذا جمعت بطون قريش مع الحسد لمحمد ولإله، الحقد الأسود عليهم، وأنى لأي دين أن يقتلع هذا الثنائي القذر من النفس البشرية!

كيف يمكن لأبي سفيان أن يحب عليا وقد قتل ابنه وعمه؟ كيف يمكن لمعاوية أن يحب عليا وقد قتل شقيقه وجده وخاله وابن خاله وعمومته؟! كيف يمكن لخالد بن الوليد، والوليد بن عقبه ‏بن أبي معيط، وغيرهم أن يحبوا الحمزه وعلي وسيوفهما تقطر بدم الآباء والأعمام والأخوال! يسهل التصور أن يحبوا النبي، ويصعب التصور بان يحبوا آله!

لقد لاحقهم الوتر، وأورثوه لذريتهم، وكتب على أهل بيت محمد طوال التاريخ أن يدفعوا ضريبه عاليه لانتمائهم الصادق لمحمد ولدين محمد سيقول بعضهم:

(الإسلام يجب ما قبله)، إنهم يحملون النص غير معناه.

صحيح إن الذي قتلهم, قتلهم على الإيمان وجهادا في سبيل اللّه، بل ودفاعا مشروعا عن النفس، وصحيح أيضا إن عنوان الإيمان موالاه اللّه ورسوله، ومعاداة أعدائهما حتى ولو كانوا الآباء والأبناء والأخوة والذرية، لكن هذا كله لا يمنع انفعالات النفس البشرية، وثوره إشجانها من حين الى حين.

فمحمد هو الأمر، وعلى ابن ابي طالب، وحمزة بن عبد المطلب هما المنفذان اللذان نكلا بالبطون، فما من بطن إلا وتعددت فيه النوائح على قتيل او مقتولين في بدر، والهاشميون بمعيار بطون قريش يتحملون الجزء الأكبر من المسوولية، فلو سلموا محمدا للبطون، او خلوا بين البطون وبين محمد، لما قتل الذين قتلوا، ولما تطورت الامور الى هذا الحد.

فعلى هذا يكون علياً (ع) صاحب السبق في توجيه ضربه مؤلمه لقريش وخصوصاً بعد أن قتل اكبر رجالها بسيفه .. لذلك لم تستطع قريش أن تحب علياً وأهل بيته (ع) حتى بعد أن دخلوا في الإسلام, وإنما كانوا يضمرون الحقد لهم وكانوا ينتظرون الفرصة من أجل أن يثأروا لأشياخهم في بدر ولقد أعلنوها بصوت عال, وعلى مسمع ومري من المسلمين بلسان يزيد بن معاوية وتمثله بأبيات ابن الزبعري بعد قتلة الحسين بن علي (ع) في كربلاء .

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

لأهلوا واستهـلوا فرحـاً

ثم قالوا يا يزيد لا تــــشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببــدر فاعتدل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
مكتبة الروضة الحيدرية
المعجم العربي
جريدة البينة
مركز الأبحاث العقائدية
حامد حنفي دواود, الصّراع بين الأمويين ومبادئ الإسلام
كتاب المواجهة مع رسول الله (ص)
كتاب الانتصار الكبير-معركة بدر الكبرى ((dlia.irkotob arabic
- مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال www.annabaa.org
[email protected]

اضف تعليق


التعليقات

كريم الشريف
ممتاز2022-04-18
علي
العراق
علي مع الحق والحق مع علي2023-02-09