النوم ميزان صحة الانسان بمختلف مراحله العمرية، لذا من المهم معرفة عدد ساعات النوم المناسبة التي يحتاجها الإنسان، النوم الصحي والكافي هو امر ضروري لصحتنا، اذ ان قلة النوم تؤثر بشكل كبير وملحوظ على حياتنا اليومية وقدرتنا على اداء مهامنا، يتعرّض الإنسان في حياته للكثير من الضغوطات التي قد لا يستطيع تحمّلها فتراه يلجأ للنوم بشكل غير طبيعي، فتصبح ملامح النعاس حالة ملازمة للشخص الذي يعاني من هذه المشكلة، لذا فأن أهم عامل للنوم الصحيح هو الذهاب إلى الفراش في موعد مبكر.
ويرى الكثيرون في النوم راحةً من متاعب الحياة المختلفة حتى وإن كانت تلك المتاعب نفسيّة؛ حيث يلجأ البعض للنوم أثناء شعورهم بالضيق وعدم القدرة على التخلّص من هذا الشعور السيء، كما ويلجأ أيضاً الكثير من الأشخاص الغاضبين والّذين يتولّد لديهم شعور غريب بعدم الارتياح للنوم لما يجدون فيه من الهدوء والسكينة ونسيان كلّ ما يعكر الصفو.
فيعدّ النوم في المقام الأول من أجمل الأشياء في هذه الحياة لما يعطيه من راحةٍ وسكينة للجسم، ولكن وفي الكثير من الأحيان قد يتحوّل من شيء جميل وطبيعيّ لعادةٍ مرضيّة تكون أشبه ما يكون بالخمول والكسل، ولذلك لا بدّ من الانتباه وتصنيف السلوك بشكلٍ سليم لمعرفة فيما إذا كان ذلك طبيعياً أو أنّه تحوّل من سلوك طبيعي لسلوكٍ مرضيّ.
ربما أن القول القديم المأثور بأن الإنسان ينام وإحدى عينيه مفتوحة عندما يغير مكان نومه المعتاد لا يجافي الحقيقة تماما حيث تشير دراسة جديدة إلى أن نصف الدماغ يظل في حال يقظة كاملة خلال أول ليلة ينامها الانسان في مكان جديد.
فيما يعاني ثلث الاميركيين نقصا في النوم ما يزيد خطر البدانة والسكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب والجلطات الدماغية، لكن يبدو الاعتقاد بأنه كلما طالت أعمارنا قلت ساعات النوم التي نحتاج إليها هو الحكمة السائدة حاليا. لكن ربما تكون هناك أسباب أخرى تدفعنا للاستيقاظ من النوم مبكرا غير تلك المتعلقة بالتقدم في السن.
من الشائع لكبار السن أن يقولوا إنهم يعانون من مشكلة النوم. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن نصف كبار السن يذكرون معاناتهم من شكل أو آخر من اضطرابات النوم، ويقول ما نسبته الربع أو الثلث منهم إنهم يعانون من الأرق.
وثمة صعوبتان رئيسيتان هنا على ما يبدو، وهما الخلود إلى النوم في بداية المساء، والاستيقاظ مبكرا جداً في الصباح مع استحالة العودة إلى النوم مرة أخرى.
في بعض الحالات، يؤدي الانزعاج الناجم عن حالة مرضية إلى تفاقم مشاكل النوم، غير أن الكثيرين يرون أنه حتى مع انعدام المضايقات الناجمة عن الأعراض الجسمانية، يظل النوم يهرب منهم لفترة من الليل على الأقل.
ويمكن لنقص النوم أن يؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على الجهاز المناعي، ونواحي صحية عديدة أخرى، هذا إضافة إلى النعاس أثناء النهار وازدياد مخاطر الحوادث. لكن ببساطة ربما لا يحتاج الناس إلى كل ذلك النوم عندما يتقدم بهم العمر، وبذلك لن تكون هناك حاجة للقلق.
إن تحديد ساعات النوم التي يحتاجها الناس من ذوي الأعمار المختلفة هو أصعب مما يبدو عليه الأمر. وتستطيع بالطبع أن تقيس عدد الساعات الفعلية التي يقضيها الناس في النوم، وإذا ما قمت بذلك فستجد أن كبار السن ينامون أوقاتاً أقل ممن هم أصغر منهم سناً في المتوسط. لكن ذلك يشير فقط إلى أنهم يحصلون على نوم أقل، وليس إلى حاجتهم إلى نوم أقل، في حين يعد اتخاذ قرار بشأن موعد وكيفية تدريب الأطفال الرضع على النوم ليلا واحدا من أصعب الأمور التي تواجه الآباء والأمهات الجدد لكن دراسة أجريت على نطاق ضيق تقول إن العملية ليست دائما مجهدة للأمهات والآباء والأطفال، في التقرير ادناه معلومات كافية ووافية عن النوم من خلال احدث الدراسات الصحية المتخصصة.
لماذا لا ينام الإنسان عندما يغير مكان نومه المعتاد؟
على مدى ثلاث تجارب على 35 متطوعا شابا وبصحة جيدة قاس باحثون نشاط الدماغ خلال النوم في ليلتين متعاقبتين، ووجد الباحثون بشكل ثابت أن جزءا من الشق الأيسر من الدماغ ظل أكثر نشاطا من الشق الأيمن خلال الليلة الأولى فقط وبشكل محدد خلال النوم العميق، وقالت كبيرة معدي هذه الدراسة يوكا ساساكي من جامعة براون "عندما تنام في مكان جديد لأول مرة يظل على ما يبدو جزء من أحد شقي الدماغ متيقظا بهدف المراقبة ومن ثم يمكنك الاستيقاظ بشكل أسرع عند الضرورة". بحسب رويترز.
وقالت ساساكي إنه على الرغم من أن هذه قد تكون أنباء سيئة بالنسبة للمسافرين في رحلات عمل والذين يبيتون لفترات قصيرة فقد لا يثير ذلك قلقا للأشخاص الذين يسافرون لفترات أطول من الوقت، وقالت ساساكي إن "السفر المتكرر قد يؤدي لنوم غير مريح، "ولكن إذا كنت ستبقى لبضعة أيام في نفس المكان فقد ينتظم نومك"، ولمعرفة كيف يمكن أن يؤثر البيات في مكان غريب على النوم أجرت ساساكي وزملاؤها سلسلة من التجارب المعملية على أفراد التجربة، وعندما حفزوا الجانب الأيسر بصوت تصفير غير منتظم في الأذن اليمنى خلال النوم العميق في أول ليلة زاد هذا بشكل كبير من احتمال الاستيقاظ والقيام بعمل أسرع عند الاستيقاط مما إذا كان قد تم تشغيل هذا الصوت عن الأذن اليسرى لتحفيز الشق الأيمن من الدماغ، وقال الباحثون في دورية كارنت بيولوجي على الانترنت في 21 ابريل نيسان إنه في مراحل أخرى من النوم خلال أول ليلة ومع اختبارات أخرى لم يحدث أي اختلاف في الوعي أو النشاط بين شقي الدماغ في دورية، وفي الليلة الثانية لم يحدث أي اختلاف في ردود الفعل عند التجارب بالنسبة للشقين الأيمن والأيسر حتى خلال فترة النوم العميق.
ثلث الاميركيين يعانون نقصا في النوم
يعاني ثلث الاميركيين نقصا في النوم ما يزيد خطر البدانة والسكري وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب والجلطات الدماغية، على ما اعلنت السلطات الصحية الاميركية، وأشار تقرير صادر عن المراكز الاميركية لمكافحة الامراض والوقاية منها الى ان المعدل الطبيعي لساعات النوم لدى البالغين بين 18 و60 عاما لا يقل عن سبع ساعات يوميا، وتختلف عادات النوم في المناطق الاميركية المختلفة وتبعا للاصول الاتنية اضافة الى المهنة والوضع العائلي، بحسب الدراسة التي اجريت عبر الهاتف على عينة تم اختيار اعضائها عشوائيا.
فبحسب نتائج الدراسة، يعاني البيض بدرجة اقل مشكلات في النوم إذ ان 67 % من البيض غير المتحدرين من اصول اميركية لاتينية "قالوا انهم ينامون لفترات مناسبة" في مقابل 54 % لدى السود، الى ذلك، اشار 66 % من الاشخاص المتحدرين من اصول اميركية لاتينية و63 % من اصحاب الاصول الاسيوية الى انهم ينامون لفترات كافية. بحسب فرانس برس.
أما اضعف النسب على صعيد عدد ساعات النوم لدى البالغين فقد سجلت في جنوب شرقي البلاد حيث المستويات الاعلى للبدانة وغيرها من المشكلات الصحية المزمنة، كذلك اظهر الاستطلاع أن البطالة او المرض يسببان مشكلات في النوم بالنسبة لنصف الاشخاص المستطلعة اراؤهم. كما أن 72 % من الاشخاص الحائزين شهادات عليا ينامون لفترات كافية، وتعتمد ساعات النوم السبع الموصى بها ايضا على الوضع الزوجي إذ ان نسبة الاشخاص الذين يستوفون هذا الشرط تبلغ 67 % لدى المتزوجين و62 % لدى العازبين او المطلقين في مقابل 56 % لدى الارامل او الاشخاص المنفصلين، وخلص مدير قسم الصحة السكانية في المراكز الاميركية لمكافحة الامراض والوقاية منها واين غيلز الى ان "امتنا لا تنام كفاية"، وأشار الى ان "تغييرات في العادات مثل النوم في الساعة نفسها في كل مساء والنهوض في الساعة نفسها صباح كل يوم واطفاء اجهزة التلفزيون والكمبيوتر والاجهزة المحمولة او سحبها من غرف النوم من شأنها مساعدة الناس في الحصول على النوم الجيد الذي يحتاجونه".
تقطع التنفس أثناء النوم والامراض المزمنة
قال تقرير من تايوان إن الإصابة بعدم انتظام التنفس أثناء النوم قد تزيد من مخاطر أمراض الكلى المزمنة، أجرى باحثون هذه الدراسة بالاستعانة بقاعدة بيانات الهيئة القومية لبحوث التأمين على الصحة في تايوان بين عامي 2000 و2010 وقاموا بتحليل حالات 8600 مريض يعانون من تقطع التنفس أثناء النوم بواقع أربع مرات عن مجموعة أخرى متماثلة في السن والنوع والدخل الشهري لكنها لا تعاني من هذه الحالة. بحسب رويترز.
وقال يونج-تاي تشين بفرع مستشفى هيبنغ فيويو بمدينة تايبه عاصمة تايوان إن التحليل كشف عن 157 حالة إصابة بأمراض الكلى المزمنة بين من يعانون من تقطع التنفس أثناء النوم، ومع وضع عوامل صحية أخرى في الاعتبار زادت حالات تقطع التنفس أثناء النوم من حالات أمراض الكلى المزمنة بنسبة 58 في المئة فيما قال الفريق البحثي إن عوامل أخرى منها ارتفاع ضغط الدم والإصابة بداء السكري تزيد من مخاطر أمراض الكلى المزمنة.
وقالت تيتانيا كيندزيرسكا من معهد العلوم الإكلينيكية بجامعة تورونتو التي لم تشارك في البحث إن تذبذب مستويات الأكسجين خلال الليل والأرق قد يؤديان إلى ارتفاع ضغط الدم الأمر الذي يسبب ضررا بالكلية واحتمال إصابتها بأمراض مزمنة.
لكنها استدركت قائلة إن نتائج هذه الدراسة محدودة بسبب قلة المعلومات عن حالة تقطع التنفس أثناء النوم ومدى شدة الإصابة بأمراض الكلى المزمنة، وقالت إن ثمة عوامل أخرى مهمة لتحديد أمراض الكلى منها السمنة وعادات التدخين لكنها لم تدخل في هذا التقييم.
هل نحتاج إلى ساعات نوم أقل كلما تقدم بنا العمر؟
يقول البعض إن السبب وراء عدم قدرة كبار السن على أن يناموا في الليل أحياناً هو أنهم يغفون لبعض الوقت أثناء النهار. لكن آخرين يجادلون قائلين إنه لا ينبغي اعتبار الشعور المفرط بالنعاس أثناء النهار كعرض مفروغ منه من أعراض الشيخوخة.
ولا يأخذ الأطباء دوما حالات الأرق لدى المتقاعدين على محمل الجد. في إحدى الدراسات، أورد 69 في المئة من المسنين شكواهم من مشكلة من مشكلات النوم، لكن تلك المشكلات لم تدوّن في سجلات هؤلاء المرضى في 81 في المئة من الحالات. بحسب البي بي سي.
وبالتالي، إذا ما تصورنا للحظة أن المسنين يحتاجون إلى نفس الكمية من النوم، فلِمَ إذاً ينامون لساعات أقل؟ إحدى الفرضيات تقول إن عملية التقدم في السن تربك إيقاع ساعاتهم البيولوجية؛ مما يتسبب في استيقاظهم في وقت مبكر قبل أخذ كفايتهم من النوم.
وأظهرت الدراسات أن هذه الساعة البيولوجية تتغير وتؤدي إلى استيقاظ الناس في أوقات أكثر بكورا في الصباح، والذهاب إلى الفراش في وقت مبكر من الليل. ربما لا يزالون بحاجة إلى النوم، لكنهم لا يستطيعون أخذ قسط منه، وعندما يغفون فإن جودة النوم لا تكون بنفس الدرجة التي كانت عليها عندما كانوا أصغر سناً.
في دراسة جديدة أجريت في روسيا، ذهب 130 شخصاً إلى أحد المختبرات في إحدى الأيام صباحا، وظلوا هناك طوال النهار وحتى صباح اليوم التالي. وقد دفعهم العاملون في المختبر إلى أن يبقوا مستيقظين طوال ذلك الوقت، وكانوا يسألونهم في أوقات منتظمة لتقييم حالة شعورهم بالنوم، وقد تفاوت شعورهم بالنعاس أثناء النهار والليل أيضا. وتعكس اختبارات الحرمان من النوم، مثل هذا الاختبار، العمليات المتعلقة بالساعة البيولوجية للجسم، مثل تغيرات درجة حرارة الجسم في أوقات مختلفة من اليوم، وإفراز الهرمون الذي يعرف باسم "ميلاتونين" في المساء.
كما قيست النشاطات الدماغية ذات الموجات القصيرة لأدمغة المتطوعين عدة مرات خلال النهار والليل، ثم جرى تحليل جميع هذه البيانات وعلاقتها بما دونه المتطوعون واحتفظوا به بشأن ساعات النوم خلال الأسبوع السابق للاختبار بغرض الكشف عن الاختلافات في أنماط النعاس لديهم، واختلاف تلك الموجات القصيرة للدماغ، بصفتها أنماطاً صباحية أو مسائية.
وتوصل الباحثون مرة أخرى هنا إلى أن كبار السن أحسوا بالنعاس في أوقات مختلفة عن الآخرين الأقل سناً منهم، وكانت لديهم تواقيت مختلفة لنشاطات الدماغ ذات الموجات القصيرة.
ويشير المشرف على تلك الدراسة، أركادي بوتيلوف، إلى أنه ربما توجد آليتان مسؤولتان عن نقصان وقت النوم. وهو يعتقد أن العمليات المسببة لتذبذبات الموجات القصيرة للدماغ خلال النوم تضعف في فترة الكهولة، ما يجعل من الأصعب الاستمرار في النوم لفترة أطول.
وعلاوة على ذلك، يضعف لدى المسنين الإيقاع الأقوى للساعة البيولوجية لأن التغييرات الحاصلة في درجة حرارة الجسم تضعف لديهم بمرور الوقت، بالإضافة إلى ضعف إفراز هرمون ميلاتونين.
وقام باحثون بجامعة ميشيغان بتطوير برنامج للهواتف الذكية يدعى "إينترين" ليساعد الناس في ضبط مستوى الضياء الذي يتعرضون له خلال أوقات مختلفة من اليوم على أمل التغلب على اضطراب الرحلات الجوية الطويلة. ودعمت البيانات الجديدة، التي تم الحصول عليها من هذا التطبيق، الدور المؤثر لإيقاع الساعة البيولوجية على الإخلال بالنوم لدى المسنين.
وسُئِل مستخدمو ذلك البرنامج عن أنماط نومهم العادية وكانوا مخيرين بإشراك بياناتهم تلك مع الباحثين. وافق خمسة آلاف شخص من مختلف بقاع العالم على ذلك، ما أعطى فكرة مركزة عن طبائع النوم العالمية لدى أناس من مختلف الأعمار.
وكان هناك تفاوت متنوع، بين الشباب منهم، ممن يستيقظون باكراً أو من محبي السهر، لكن مجموعة العمر الأكبر كانت أكثر تجانساً، وكان أكثرهم يستيقظ باكراً، ويذهب إلى فراشه في وقت مبكر نسبياً. وأظهرت هذه الدراسة أن الرجال في الأربعينيات من أعمارهم كانوا على ما يبدو أقل نوماً، وهو أمر غير اعتيادي. لكن أشارت الدراسة أيضا إلى أن الناس الأكبر عمراً ينامون في أوقات محددة، مما يشير إلى وجود مدى أضيق من الوقت لدى الناس الذين تجاوزوا سن التقاعد يمكنهم فيه الخلود للنوم والاستمرار فيه.
وبذلك، فإن التغييرات الحاصلة على إيقاع الساعة البيولوجية تمنع المسنين من النوم وتبقيهم متيقظين. وتبعاً لذلك، فإن حاجتهم إلى نوم أقل هي ليست إلا خرافة. وببساطة، ليس لدى هؤلاء متسعا من الوقت للنوم إلا قليلا.
وربما لا تكون غفوة النهار هي المسؤولة عن الحرمان من النوم ليلاً. وبدلاً من ذلك، فإن نقص النوم في الليل هو ما قد يتسبب في الشعور بالنعاس أثناء النهار، مما يؤدي إلى الحاجة إلى غفوة أو قيلولة لتعويض النوم المفقود.
لكن هذا الجدال لا يتوقف هنا. ففي دراسة أجريت عام 2008 في مستشفى بريجهام للنساء في الولايات المتحدة الأمريكية، أتيح المجال للمشاركين في إحدى التجارب للنوم لمدة 16 ساعة في اليوم، ولعدة أيام، وقد نام الذين تراوحت أعمارهم ما بين 60 إلى 72 سنة بمعدل سبع ساعات ونصف كل يوم، بينما نام الذين تراوحت أعمارهم ما بين 18 إلى 32 سنة بمعدل تسع ساعات تقريباً، وتستطيع أن تترجم ذلك بما معناه حاجة الشباب إلى نوم أكثر من الناس الأكبر عمراً، ولكن هناك احتمال وارد أيضاً أنهم كانوا منهكين أكثر، مع وجود تراكمات من عدم النوم في المقام الأول، لأنهم كانوا يذهبون إلى الفراش في أوقات متأخرة من الليل.
ولا تستبعد هذه الدراسة فكرة أن ساعة الجسم لدى الأشخاص الأكبر سناً كانت تمنعهم من النوم خلال النهار، حتى وإن كانوا بحاجة إليه. أما الدراسة الأخرى، التي قام بها مجموعة من نفس الباحثين، والتي أجريت في جامعة سَري، فقد أضافت بعداً آخرا.
في هذه المرة، طُلب من الناس محاولة النوم في أوقات مختلفة من اليوم. ومرة أخرى وجد البالغون الأكبر سناً أن الأمر أصعب، مما يعني إما أن ساعاتهم البيولوجية كانت تبقيهم مستيقظين، أو أنهم لم يراكموا ما يكفي من "ديون" النوم مثل الآخرين الأصغر سناً.
أي أن الباحثين ضمنوا في هذه المرة نقص النوم لدى المشاركين. وقد راقبوا أنشطة الدماغ لديهم طوال الليل، وكلما اكتشفوا أنشطة ذات موجات قصيرة، أصدروا ضجيجاً عالياً في الغرفة لمنعهم من النوم.
وفي اليوم التالي، ونتيجة ذلك الإنهاك، كان من السهل على المسنين أن يغفوا، حالهم حال الآخرين الأصغر سناً، ويشير هذا إلى أنهم إذا كانوا حقاً بحاجة إلى نوم فبإمكانهم الحصول عليه، وأنهم في باقي الأوقات ربما لا يكونوا محرومين من النوم.
وبعد فحص استنتاجات 320 دراسة، اجتمعت لجنة من المختصين في "المؤسسة الوطنية للنوم" في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوصت بالنوم لمدة سبع إلى تسع ساعات كل ليلة للبالغين حتى عمر 64 عاماً، وسبع إلى ثمان ساعات لمن تجاوزوا 65 عاماً.
مع ما تقدم، فإن فكرة التغييرات الحاصلة على العمليات الأساسية لإيقاع الساعة البيولوجية للجسم مع تقدمنا في العمر تبدو مقنعة أيضاً. وهذه من الدوافع التي تجعلنا غير قادرين على القول، حتى الآن، ما إذا كانت حاجة المسنين إلى نوم أقل هي مجرد خرافة، فكل ما نعرفه أن محاولة النوم خلال فترات الصباح الطويلة، في أجواء مظلمة تجد فيها نفسك يقظاً لكن بدون نشاط، تعد أمرا يدعو للتعاسة وينبغي أخذه على محمل الجد.
وقد أجرت "مؤسسة كوكرين" مراجعة حول التأثير الإيجابي للتغيرات السلوكية والمعرفية على مشاكل النوم لدى البالغين ممن تجاوزوا 60 عاماً، ودرست تلك المراجعة أفضل تلك التجارب وتوصلت إلى أن مثل تلك التدخلات (مثل تغيير عادات النوم، أو تغيير الاعتقادات الخاطئة المتعلقة به) يمكنها، في بعض الحالات، أن تكون أكثر فعالية وتستحق أن تؤخذ في الاعتبار من قبل الأطباء بدلا من اللجوء إلى عقاقير النوم.
تدريب الأطفال على النوم ليس دائما مجهدا
يعد اتخاذ قرار بشأن موعد وكيفية تدريب الأطفال الرضع على النوم ليلا واحدا من أصعب الأمور التي تواجه الآباء والأمهات الجدد لكن دراسة أجريت على نطاق ضيق تقول إن العملية ليست دائما مجهدة للأمهات والآباء والأطفال.
وتابع باحثون 43 رضيعا وآباءهم لمدة عام بعد أن حدد لكل منهم عشوائيا واحد من ثلاثة خيارات تدريب على النوم. المجموعة الأولى أطالت المدة التي يقضيها الأطفال في البكاء قبل أن يقوم الآباء بحملهم. وعمدت مجموعة ثانية إلى تأجيل موعد النوم بمقدار قليل يزيد كل ليلة للحد من إجمالي وقت نوم الأطفال. وتلقت المجموعة الثالثة مجرد تعليم حول عادات نوم الأطفال الرضع.
وقال تقرير للباحثين نشر في دورية بدياتريكس إن برنامجي التدريب على النوم ارتبطا بنوم أفضل للأطفال لكن تعليم الأبوين لم يكن كذلك، وفي أول الدراسة كان معدل عمر الأطفال حوالي 11 شهرا وكانوا في صحة جيدة لكن أبا واحدا على الأقل قال إن طفله عانى مشكلات في النوم، وطلب الباحثون من الأسر الالتزام ببرامج النوم المخصصة لهم لمدة ثلاثة أشهر ثم قاموا بمتابعتهم لمدة عام بعد انتهاء التدخلات.
وواظب الآباء على تسجيل يوميات النوم وكتابة تقارير عن مستويات الضغط العصبي لديهم. واستخدم الباحثون أجهزة رصد الحركة لمعرفة كيف نام الأطفال واختبروا الضغط العصبي لدى الأطفال من خلال قياس مستويات هرمون التوتر في اللعاب، وبعد ثلاثة أشهر نام أطفال المجموعة الأولى 13 دقيقة أسرع مما كانوا عليه قبل بدء الدراسة ونام الأطفال في المجموعة الثانية عشر دقائق أسرع. لكن تعليم الآباء لم يساعد الأطفال على النوم أسرع، وتحسنت أيضا مدد النوم لدى الأطفال لتصبح أطول من ذي قبل. وكانت أفضل نتيجة هي نوم طفل 44 دقيقة إضافية في المجموعة الأولى. وفي المجموعة الثانية نام الأطفال حوالي 25 دقيقة إضافية وفي المجموعة الثالثة نام الأطفال 32 دقيقة إضافية.
كما قلت مرات الاستيقاظ أثناء النوم ليلا لدى أطفال المجموعة الأولى بنحو مرتين في نهاية الأشهر الثلاثة بينما لم يكن هناك أي تغيرات كبيرة لدى أطفال المجموعتين الثانية والثالثة، وأظهرت معدلات هرمون التوتر انخفاضا صغيرا إلى متوسط في المجموعتين الأولى والثانية. كذلك انخفض التوتر لدى الأمهات انخفاضا صغيرا إلى متوسط في كلتا المجمعتين على مدار الشهر الأول. بحسب رويترز.
وبنهاية العام لم تكن هناك اختلافات كبيرة بين المجموعات في المشكلات العاطفية والسلوكية أو أنماط التعلق، وكان أغلب الآباء أثرياء ومتزوجين أو مرتبطين بعلاقة طويلة الأمد وسبق لهم التعلم في كلياتن وقال مايكل جراديسار الذي قاد الدراسة وهو باحث في علم النفس بجامعة فليندرز في أستراليا "قد تكون هناك أسباب طبية كامنة وراء مشكلات نوم الأطفال"، وأضاف في رسالة عبر البريد الإلكتروني "إذا لم يكتشف أي منها فهذا يشير إلى أن الآباء يمكنهم تجربة أساليب قيمناها في دراستنا أو أساليب أخرى تريحهم".
قلة النوم تؤثر بشكل كبير على العمل
يجلب النوم الجيد للعاملين في شركة "اتنا" للتأمين الأمريكية منافع مادية قد تصل إلى 300 دولار سنويا، ويساور الشركة مخاوف بشأن تأثير الحرمان من النوم على أداء موظفيها، ولذا تشجع العاملين على الاشتراك في برنامج يمنحهم مكافأة في حال النوم لسبع ساعات على الأقل في الليلة الواحدة، ويمكن للموظفين المشتركين في هذا النظام الحصول على 25 دولارا لكل 20 ليلة ينامون فيها سبع ساعات أو أكثر، بما لا يزيد عن 300 دولار كل 12 شهرا.
وأدخلت الشركة هذا النظام عام 2009، وشارك فيه العام الماضي نحو 12 ألف شخص من إجمالي 25 ألف موظف بالشركة، مقارنة بعشرة ألاف شخص عام 2014، ويمكن للموظفين تسجيل نومهم آليا باستخدام سوار حول المعصم يتصل بأجهزة الكمبيوتر في الشركة، أو يسجلون يدويا عدد ساعات النوم كل ليلة، وتثق الشركة في بياناتهم، وتقول كاي موني، نائبة رئيس شركة "اتنا" لاستحقاقات الموظفين، إن نظام النوم يمثل "أحد السلوكيات الصحية المختلفة التي نريد من موظفينا أن يتحلوا بها"، ويحصل العاملون بالشركة على حوافز مالية إضافية في حال ممارسة الرياضة.
تثق شركة "اتنا" في أن موظفيها سيكونوا صادقين فيما يتعلق بعدد ساعات نومهم، وتقول موني إنه فيما يتعلق ببرنامج النوم فإن شركة "اتنا" تريد أن تظهر كـ"مختبر حي لمعرفة ما إذا كان ذلك فعالا للشركات الكبرى أيضا"، لكن هل تشعر بالقلق من احتمال أن يحصل الموظفون على الحوافز المالية دون الخلود للنوم لعدد الساعات المتفق عليها؟.
تقول موني: "لا نشعر بالقلق ونثق في موظفينا"، ويأتي التزام "اتنا" بضمان حصول موظفيها على قسط كاف من النوم في الوقت الذي يحذر فيه عدد من الدراسات من أن عدم النوم لفترة كافية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على القدرة على العمل.
في الولايات المتحدة وحدها، يفقد العامل في المتوسط 11.3 يوم عمل أو 2280 دولارا من الإنتاجية كل عام بسبب الحرمان من النوم، وفقا لتقرير صادر عن الأكاديمية الأمريكية لطب النوم عام 2011، ويشير التقرير إلى أن هذا يؤدي إلى خسارة الاقتصاد الأمريكي 63.2 مليار دولار سنويا، وفي الوقت نفسه، قالت دراسة أوروبية أجرتها مؤسسة "راند كوربوريشن" عام 2015 إن "الموظفين الذين ينامون أقل من سبع إلى ثماني ساعات كل ليلة كانوا أقل إنتاجية من الموظفين الذين ينامون أكثر من ثماني ساعات في الليلة الواحدة في المتوسط"، وحذر الباحثون في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو العام الماضي من أن عدم الحصول على قسط كاف من النوم يمكن أن يسبب المرض، ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات كل ليلة "أكثر عرضة بأربع مرات للإصابة بالزكام عندما يتعرضون للفيروس".
اضف تعليق