ان التعايش مع الغضب بطرق صحية يتطلب وعياً ذاتياً عميقاً بمسبباته وفهمًا للطريقة التي يؤثر بها على السلوك الشخصي والجماعي، من خلال الاستفادة من تقنيات التأمل والاسترخاء والتدريب على التفكير الهادئ والموزون، يمكن للأفراد تعلم كيفية تحويل الغضب إلى نقطة انطلاق نحو حلول فعّالة ومستدامة...

الغضب يعد واحداً من أكثر المشاعر تعقيداً وتأثيراً في حياة الإنسان، وله آثار بعيدة الأمد على الفرد والمجتمع على حد سواء. يترك هذا الشعور، الذي قد يتولد نتيجة للتعرض لمواقف مختلفة من الظلم أو الخيانة أو الأذى، بصماته بعمق في النفس البشرية، مما يجعل من المهم دراسة أسبابه والتحكم به بفعالية. يعتبر الغضب واحداً من أبرز مسببات التوتر النفسي والعصبي، وقد يؤدي في حالات كثيرة إلى تصاعد النزاعات والسلوك العدواني.

إحدى أكثر الأزمات الناجمة عن الغضب هي تأثيره السلبي على الصحة الجسدية والعقلية. فالشعور المستمر بالغضب يمكن أن يسهم في تطور العديد من الأمراض الجسدية مثل ارتفاع ضغط الدم، والأمراض القلبية، واضطرابات النوم. علاوة على ذلك، يعد الغضب عاملاً رئيسياً في تفاقم المشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب، ويمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى انهيار العلاقات الاجتماعية والأسرية بسبب زيادة العدوانية والتصرفات الغاضبة.

رغم هذه الجوانب السلبية، فإن للغضب أيضا أبعاداً إيجابية عندما يتم توجيهه بشكل صحيح. في العديد من الأحيان، يكون الغضب دافعاً للتغيير الاجتماعي والتحسين، حيث يشعر الأفراد والمجتمعات بضرورة التحرك ضد الظلم والفساد وعدم المساواة. في هذا السياق، يمكن للغضب أن يلهم التحركات الثورية والإصلاحية ويؤدي إلى بناء مستقبل أكثر عدلاً وإنصافاً.

السيطرة الفعالة على الغضب تتطلب منا تبني استراتيجيات واعية ومثمرة. من بين هذه الاستراتيجيات: تعلم التفكير الإيجابي وإعادة تشكيل الأفكار السلبية التي تؤجج الشعور بالغضب، بالإضافة إلى ممارسة النشاطات البدنية والرياضية التي تساعد في تخفيف التوتر. كذلك، يلعب تعلم مهارات التواصل الفعّال دوراً مهماً في توجيه الغضب نحو الحلول البناءة بدلاً من التورط في النزاعات.

كما أن التعايش مع الغضب بطرق صحية يتطلب وعياً ذاتياً عميقاً بمسبباته وفهمًا للطريقة التي يؤثر بها على السلوك الشخصي والجماعي. من خلال الاستفادة من تقنيات التأمل والاسترخاء والتدريب على التفكير الهادئ والموزون، يمكن للأفراد تعلم كيفية تحويل الغضب إلى نقطة انطلاق نحو حلول فعّالة ومستدامة.

في نهاية المطاف، يظل الغضب جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، يتطلب منا فهماً دقيقاً ومهارات متميزة للتعامل معه بشكل صحيح. ببذل الجهود لتحديد أسبابه والطرق المثلى لإدارته، يمكننا تحويل هذا الشعور من قوة مدمرة إلى قوة بناءة تساهم في تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي والنمو الإنساني.

هل تشعر بالغضب دائما بدون سبب؟

يقول خبراء علم النفس إن للشعور المستمر بالغضب جذورا وأسبابا مختلفة؛ مثل القلق، أو الخوف، أو عدم الشعور بالأمان، أو المشاكل الشخصية، أو الصدمات النفسية.

وفي بعض الأحيان يكون الغضب منطقيا ومفهوما، في حين يكون مرفوضا في أحيان أخرى، لا سيما عندما يكون شديدا ومستمرا وبدون سبب وتصعب السيطرة عليه، فيتصاعد ليتحول إلى مشكلة كبيرة تؤجج مشاعر العدوانية نحو الآخرين.

هناك أسباب عميقة تدفع إلى الغضب غير المبرر لا بد من الالتفات إليها، ومنها:

ـ ضعف الحدود الشخصية: يجد البعض صعوبة في الرفض، فيقولون "نعم" حتى عندما يريد قول لا. هنا يشعر الشخص أنه مجبر على تنفيذ أفعال لا يشعر بالرضا عنها ولا تسعده لإرضاء الآخرين، ويصبح عرضة للاستغلال والابتزاز العاطفي فيزداد شعوره بالغضب الداخلي والإحباط.

ـ الإجهاد الشديد والضغط العصبي: تعد أسبابا مهمة لنوبات الغضب. عندما يكون هناك الكثير من المهام التي يجب إنجازها ولا يوجد وقت كافي للقيام بها، يشعر الشخص بالتوتر والإرهاق الذهني والقلق، وهو ما يسبب الشعور بالغضب والإحباط وعدم الجدوى، بحسب موقع "ميديسين نت".

ـ الصدمات القديمة: والتي لم تحل دور كبير أيضا في الشعور المستمر بالغضب، فقد مر أغلب الناس بحدث صادم واحد على الأقل على مدار حياتهم. وإذا لم يتم التعبير عن مشاعر الصدمة بصدق وانفتاح، فإنها تسبب الشعور بالخطر المستمر، لأن الصدمات تغير طريقة عمل الدماغ في وقت الخطر الفعلي أو الخطر المتخيل.

ـ الشعور بالإحباط: يتسبب بنوبات غضب مستمرة لأسباب بسيطة وقد يبدو الشخص حساسا بصورة مفرطة، لكنه في الواقع يعبر عن المشاعر السيئة المكبوتة داخله، كما أن الخوف من الفشل أو عدم القدرة على تلبية التوقعات الشخصية أو الاجتماعية أو العملية قد يسبب الشعور بالإحباط والغضب، بحسب نصيحة موقع "ميشيل قيورك".

ما علامات الغضب؟

هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن الشخص يشعر بالإحباط والغضب، ولا ينبغي تجاهلها حتى يجد الشخص طريقه لتحرير الغضب المكبوت، وأهمها:

ـ التقلبات المزاجية: والتي تعد من أهم علامات الغضب. قد يشعر الشخص بالقلق والتوتر في وقت ما، ثم يشعر بالغضب والانزعاج بعد ذلك، ثم يشعر بالذنب والتقصير ولا يستقر على حالة شعورية معينة.

ـ الأرق وصعوبات النوم: يعد الأرق وغيره من صعوبات النوم من علامات الغضب، وقد يشعر الشخص أنه مستنزف ذهنيا وغير قادر على الشعور بالهدوء والسلام والرضا، ويشعر بالفوضى داخل عقله وكأن عقله بحاجة إلى إعادة ترتيب.

ـ الخوف الوجودي: من العلامات الغضب التي قد لا ينتبه لها الشخص ولا يعرف أنها مرتبطة بمشاعر الغضب غير المحرر. وقد يجد الشخص نفسه يطرح أسئلة متشككة حول جدوى الحياة وجدوى العمل، كما يفتقر هؤلاء الأشخاص إلى الحافز في حياتهم اليومية، ويركزون فقط على الأفكار السلبية التي تدفع بالتالي إلى مشاعر سلبية وتؤجج الغضب، بحسب موقع "فري ويل مايند".

كيف تسيطر على الغضب غير المبرر

لإدارة الغضب والسيطرة عليه ينبغي على الشخص في البداية فهم أسباب شعوره المستمر بالغضب، إذ لا يمكن إدارة تلك المشاعر بدون معرفة أسبابها الأصلية.

لذلك من المهم أن يغير الشخص إستراتيجية التفكير السلبية غير المثمرة إلى إستراتيجية تفكير منطقية فاعلة بعيدة عن الإحباط في كل مرة يبدأ فيها الغضب في التصاعد، إضافة لبعض الخطوات المهمة، ومنها:

ـ تجنب المحفزات، والتي تزيد من مشاعر الغضب، مثل الأماكن المزدحمة، أو المحادثات الخلافية التي تحوي قدرا كبيرا من الجدل، وتجنب الكلمات والجمل التي تبرر الغضب داخل عقلك مثل "هذا لا ينجح أبدا" أو "هذا ما يحدث دائما" لأن هذه العبارات تعزز عدم القدرة وبالتالي تزيد من مشاعر الغضب، وفق تقرير نشره موقع "إي بي إي".

ـ التعاطف مع الذات، لأن التعاطف مع الذات أفضل طريق لتحسين الثقة بالنفس والاعتراف بالعيوب والتحرر من القيود. بمجرد اعتراف الشخص بعيوبه وتقبلها، ينظر إليها بموضوعية وبصورة واقعية خالية من التوقعات الكبرى التي يصاب الشخص بالإحباط عندما لا تتحقق؛ وفق موقع "فري ويل مايند".

ـ التقليل من مشاعر الغضب والإحباط، فالتعاطف مع الذات يشبه أن يعامل الشخص نفسه كما يعامل صديق مقرب عندما يمر بأوقات صعبة أو يفشل في أداء مهمة ما، بمعنى أن يحاول الشخص التجاوز عن أخطائه ويتوقف عن لوم نفسه ويقبل كونه إنسانا يصيب ويخطئ. عندما يصل الشخص إلى ذلك المعنى ويترسخ بداخله، تقل مشاعر الغضب والإحباط والنقد الذاتي داخله.

ـ إدراك الفارق: يظهر جوهر التعاطف الذاتي في إدراك الفارق بين أن يتخذ الشخص قرارا خاطئا أو يتصرف تصرفا سيئا وبين كونه شخص سيئ، لأن الأفعال والقرارات الخاطئة لا تحول فاعلها بالضرورة إلى إنسان سيئ. بحسب ما نشره موقع “الجزيرة نت”.

ما علاقة الغضب بزيادة خطر الوفاة؟

وجدت دراسة، أجرتها جامعة كولومبيا في نيويورك، أن نوبات الغضب يمكن أن تزيد من خطر الوفاة عن طريق إتلاف القلب والأوعية الدموية.

وشملت الدراسة 280 مشاركا قاموا بواحدة من 4 مهام عاطفية. وكان عليهم إما أن يتذكروا ذكرى شخصية تثير الغضب لديهم، أو استعادة ذكرى معينة عن القلق، أو قراءة سلسلة من الجمل المحبطة، أو العد بشكل متكرر حتى 100 للحث على حالة الحياد.

ووجد فريق البحث أن الغضب أدى إلى تمدد الأوعية الدموية بنحو الضعف لمدة تصل إلى 40 دقيقة.

وقال الباحثون إن الخلايا الموجودة في الأوعية الدموية تتوقف عن العمل بشكل صحيح في حالات الغضب من الذكريات السيئة، ما يؤدي إلى تقييد تدفق الدم وزيادة الضغط على القلب، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

وأوضحوا أن القلق والحزن لا يهددان بالأضرار الصحية نفسها التي يسببها الغضب.

وقال معد الدراسة، البروفيسور دايتشي شيمبو: "ربطت دراسات أخرى المشاعر السلبية مع الإصابة بنوبة قلبية أو غيرها من أحداث القلب والأوعية الدموية. رأينا أن إثارة حالة الغضب أدت إلى خلل في الأوعية الدموية يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد يساعد التحقيق في الروابط الأساسية في تحديد الأهداف الفعالة للتدخل الطبي اللازم".

وقال البروفيسور غلين ليفين، من كلية بايلور للطب، عن النتائج: "تضيف هذه الدراسة إلى قاعدة الأدلة المتزايدة على أن الصحة العقلية يمكن أن تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية". نشرت الدراسة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية. بحسب ما نشره موقع “RT”.

الغضب المستمر مؤشر على "مرض خطير" لدى الرجال!

التعب المستمر، الخمول، اليأس، أو حتى القلق. جميعها أعراض نموذجية للاكتئاب. لكن المرض قد يظهر عند بعض الرجال من خلال الغضب والعدوانية، وفق دراسة أمريكية. فهل يعاني الرجل الغاض دوماً من اكتئاب غير مشخص؟

عند إجراء تشخيص للاكتئاب عادة ما يبحث الأطباء عن أعراض مثل الوحدة، مشاعر القلق والحزن أو التعب المستمر. بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل اضطرابات النوم والانسحاب من الحياة الاجتماعية. لكن نادراً ما يتم طرح هذا السؤال على المريض: "هل أنت غاضب دوماً؟" فقد وجدت دراسة أمريكية مؤخراً أن مرض الاكتئاب لدى الرجال يمكن أن يظهر في شكل غضب أو تصرفات عدوانية، وفق ما نقلت مجلة "فيت بوك" الألمانية.

توصلت نتائج دراسة برعاية المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن الطريقة المعمول بها في تشخيص الاكتئاب لدى الرجال بالولايات المتحدة، قد لا تكون كافية. "تنظر مقاييسنا لتشخيص الاكتئاب إلى ما إذا كان المريض حزيناً، وحيداً ومنعزلاً. وقالت جودي فراي، المشرفة على الدراسة، في مقابلة مع موقع "إنسايدر": "ماذا لو ظهر الاكتئاب لدى الرجال من خلال أعراض مثل الغضب والعدوانية؟".

الغضب قد يكون مفيدا على عكس المتوقع

الانفعال والعنف والقسوة، هذه بعض العبارات السلبية التي ترتبط بالغضب.

وشرحت الدكتورة بريت فورد، الأستاذة المشاركة في علم النفس بجامعة تورنتو في كندا، أن "الغضب هو نوع معين من الحالة العاطفية التي يمكن أن تتلقى الكثير من الأحكام من قبلنا ومن قبل الآخرين".

وقالت فورد: "قد تكون تجربة هذه المشاعر مزعجة، وقد تكون مكروهه ثقافيًا، ولكننا بحاجة إلى الغضب".

ومن جهتها، أوضحت جايمي ماهلر، المعالجة واختصاصية الصدمات النفسية المقيمة في مدينة نيويورك الأمريكية: "أعتقد أن التجربة الفعلية لاعتبار الغضب سيئًا هي في الواقع واحدة من أكبر العوائق أمام معالجتنا العاطفية".

وأشارت ماهلر إلى أن البعض يقوم بسحق هذه المشاعر المفيدة وقمعها، باعتبارها غير مهمة.

ولفتت فورد إلى أن الأدلة تشير إلى أن الأقليات والنساء يواجهن ضغوطاً ثقافية خاصة لإخماد شعورهم بالغضب.

والمشاعر عادةً ما تحمل توقعات اجتماعية، و"الغضب يُعد واحدا من تلك المشاعر التي تتمتع بسيناريوهات وأعراف قوية ومحظورة بشكل كبير"، وفقا لما ذكرته فورد.

وبينما أن الكثير من الناس قد يشعرون بالحاجة إلى مقاومة شعورهم بالغضب أو إخماده، فإن خبراء الصحة النفسية يحثون على العكس. ويقولون إن الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة لطيفة وصحية ومثمرة.

وقالت ديبورا أشواي، مستشارة الصحة النفسية السريرية المرخصة ومقرها في نيو برن بولاية نورث كارولينا الأمريكية، إنه رغم أن هذا الشعور غير سار، إلا أن عواقب إنكاره قد تكون أسوأ.

وتابعت: "إذا كبرت وتعلّمت أنه غير مسموح لك... التعبير عن غضبك، فبعد فترة، ينقلب الأمر. ويتحول إلى شعور بالذنب".

الغضب يمكن أن يعلمك ويحميك

ولا يُعتبر كل الغضب عذابًا وكآبة، إذ أوضحت أشواي أن عواطفنا تمثل إرشادات لدينا. والغضب يأتي بمثابة تحذير لنا.

وهذه الانفعالات من الغضب يمكن أن تنبهنا إلى انتهاك قيمنا، أو إلى الشعور بالخطر، أو الإهمال، وفقا لما أوضحته أشواي.

وقالت أشواي إنه عند التعبير عن الغضب بطريقة بناءة، يمكن أن يدفع الناس إلى الدفاع عن احتياجاتهم وآرائهم للتأكد من الاهتمام بهم.

وأشارت إلى أن الغضب "يساعد على وضع الحدود. ويساعد في الحفاظ على الذات. كما يساعد على أن نتحلى بالحزم وندافع عن أنفسنا. ويساعد في حل النزاعات، إذا تمت إدارته بشكل مناسب".

وأوضحت فورد أنه يمكن للغضب أن يدفعنا أيضًا إلى اتخاذ إجراءات بشأن الأمور التي نغضب منها، كإجراء محادثة صعبة مع صديق.

وقالت فورد: "إذا كان هناك شيء ما يعترض طريقنا ونحتاج إلى التغلب على عقبة ما،، فإن الغضب يمكن أن يساعدنا في توفير الدافع للقيام بذلك".

ولكن ماذا عن الشر والعنف؟ أوضحت أشواي إنهما يرتبطان في كثير من الأحيان بالحنق، وليس الغضب، وكلاهما يختلفان.

وأوضحت ماهلر أن العنف، وضرب الحائط، ورمي صناديق القمامة جميعها أفعال سيئة، إلا أن جميعها تحدث نتيجة الغضب غير المعالج، وليس الغضب في حد ذاته.

وشرحت أشواي أن الحنق هو غضب قديم لم يعالج، قائلة: "الحنق مختلف كثيرًا لأنه لم يعد يخدم غرضًا صحيًا. بل هو أكثر تدميراً".

وإذا كنت غاضبًا، يمكنك التراجع خطوة إلى الوراء، والحصول على المعلومات، ثم اتخاذ القرار بناء على مشاعرك.

ورأت أشواي أن الأشخاص الحانقين ليس لديهم القدرة للسيطرة على عواطفهم.

وشرحت ماهلر أنه "لا يمكن الوصول إلى هذا المستوى من التعبير العاطفي، إلا إذا لم تتم معالجة الغضب لفترة طويلة جدًا".

وأضافت: "الغضب الذي يعالج قد يؤدي إلى الشفاء، ولكن الغضب الذي لا يعالج يمكن أن يؤدي إلى العنف".

كيفية معالجة غضبك

ولفتت فورد إلى أن هناك أدلة على أن الغضب المزمن والمكثف يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة البدنية والنفسية. وهذا يعني أن ترك الغضب يتفاقم يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية.

وقالت: "(العواطف) في الواقع ليس المقصود منها أن تدوم طويلاً، تهدف إلى مساعدتنا في إدارة لحظة معينة في بيئتنا".

وهذا هو السبب وراء أهمية البقاء مع هذا الشعور ومعالجته بشكل كامل.

وأوضحت ماهلر أن هذا ليس ممكنا دائما في لحظة الغضب، وقارنت ذلك الأمر بشخص يعاني من نوبة ذعر.

وقالت ماهلر: "لا يمكنك حقاً تبرير شعور شخص ما بالذعر، كل ما عليك فعله هو تهدئته. الأمر ذاته مع الحنق. عليك فقط تهدئة الشخص وإيصاله إلى حالة وعي أفضل".

ومن هناك، يمكنك البدء في معالجة مشاعر الغضب.

والخطوة الأولى هي السماح لهذه المشاعر بالدخول.

وأضافت ماهلر: "بدلاً من السماح لها بالتراكم، تعرف إلى مشاعرك من دون إصدار أحكام وراقبها. حتى لو كان ذلك يعني ضبط مؤقت مدته 5 دقائق لهذه الفترة، فسوف تسمح لنفسك بالشعور بالغضب".

وتابعت ماهلر: "المرحلة التالية هي محاولة فهم سبب ظهور الغضب في هذا الموقف بالذات".

وتنصح أشواي بطرح الأشخاص هذه الأسئلة على أنفسهم عند مراقبة غضبهم: "ما الذي قد يعيق طاقتك أو أفكارك؟ ما الذي تحمي نفسك منه؟ ما الذي تحتاجه ولم يتم تلبيته؟"

وأضافت: "بمجرد أن تدرك السبب، يمكنك التحكم في الغضب. إذ لم يعد يسيطر عليك"، موضحة أنه "من هذه النقطة يمكنك أن تقرر كيفية المضي قدمًا". بحسب ما نشره موقع “CNN”.

الغضب والحزن يؤثران على السلوك الخيري

كشفت دراسة أجراها خبراء مدرسة الاقتصاد العليا في موسكو، أن تحفيز مشاعر الغضب والحزن يزيد من ميل الناس إلى التبرع بالمال أكثر من المشاعر الإيجابية أو المحايدة.

يشير المكتب الإعلامي لمدرسة الاقتصاد العليا إلى أن علماء النفس الروس أجروا أول دراسة عن تأثير المشاعر على ميل الناس إلى التبرع بأموالهم للأعمال الخيرية واكتشفوا أن تحفيز المشاعر مثل الغضب والحزن وما شابه ذلك يزيد من ميل الناس للتبرع بسخاء للأعمال الخيرية، مقارنة بالعواطف الإيجابية أو المحايدة.

وتقول آنا شيبيلينكو الباحثة في معهد علوم الأعصاب الإدراكية: "تساهم هذه الدراسة في رصد السلوك الخيري، ونأمل أن تكون النتائج التي حصلنا عليها مفيدة للمنظمات غير الربحية. وتظهر دراستنا بوضوح آفاق استخدام الحوسبة العاطفية للتنبؤ بفعالية الإعلانات الاجتماعية، وخلق أساس لمزيد من البحث والتطبيق في الممارسة العملية".

وتوصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج في تجربة استخدموا فيها خوارزمية خاصة لتقييم مدى تأثير المشاعر المختلفة على ميل 44 متطوعا للتبرع للأعمال الخيرية. وكان على المشاركين في هذه التجارب مشاهدة مجموعة متنوعة من الصور الفوتوغرافية للكلاب، بينها صور مضحكة لجراء وكلاب سعيدة، وصور لحيوانات مشردة ومريضة تثير الحزن والشفقة والغضب وغيرها من المشاعر السلبية، وعلى ضوء ذلك على كل منهم تحديد كمية المال التي قرر التبرع بها لجمعية خيرية لرعاية الحيوانات.

وراقب الباحثون كيف أثارت الصور المعروضة استجابة المشاركين في التجربة وقارنوها بكمية الأموال التي تبرعوا بها لجمعية حماية ورعاية الحيوانات.

وقد أظهرت نتائج المتابعة والحسابات التي أجراها الباحثون أن الصور ذات التأثير العاطفي السلبي التي تثير الحزن والغضب، تسببت في المتوسط في رد فعل أقوى قليلا من جانب المتطوعين، وجعلتهم يتبرعون بمبالغ مالية أكبر بمقدار 1.5-2 مرة مقارنة بالصور الإيجابية للكلاب. كما اتضح للباحثين عدم وجود أي تأثير لمستوى دخل المتطوعين على ميلهم للتبرع.

ويشير الباحثون، إلى أنه نظريا يمكن استخدام هذه الميزة النفسية للناس لزيادة فعالية الإعلان الاجتماعي، لذلك من الضروري إجراء مزيد من الدراسة لكيفية تأثير مصادر المشاعر السلبية على سلوك الناس على المدى الطويل- عدة أشهر أو حتى سنوات. بحسب ما نشره موقع “RT”.

احذر الغضب.. يدمر عقلك وقلبك وجهازك الهضمي

كشفت أبحاث حديثة عن تأثير بالغ للغضب على القلب والعقل والجهاز الهضمي، خاصة إذا استمر لمدة طويلة.

وبحسب ما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية فإن تأثيرات الغضب تتجاوز الجانب النفسي وتؤثر بشدة على الأعضاء.

القلب

ووجدت دراسة نشرت الشهر الحالي في مجلة جمعية القلب الأميركية أن الغضب يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية لأنه يضعف عمل الأوعية الدموية.

ودرس الباحثون تأثير 3 مشاعر مختلفة على القلب وهي الغضب والقلق والحزن، قامت إحدى المجموعات المشاركة بمهمة جعلتهم غاضبين، وقامت مجموعة أخرى بمهمة جعلتهم قلقين، بينما قامت مجموعة ثالثة بتمرين مصمم لإثارة الحزن.

اختبر العلماء عمل الأوعية الدموية في كل مشارك، باستخدام جهاز ضغط الدم للضغط على تدفق الدم في الذراع وإطلاقه.

كان تدفق الدم لدى أفراد المجموعة الغاضبة أسوأ من أولئك الموجودين في المجموعة الأخرى؛ ولم تتوسع أوعيتهم الدموية بنفس القدر.

يقول مؤلف الدراسة دايتشي شيمبو، أستاذ الطب في جامعة كولومبيا وقائد فريق البحث: "نتكهن مع مرور الوقت بأنك إذا تعرضت لهذه الإهانات المزمنة لشرايينك بسبب غضبك الشديد، فإن ذلك سيتركك عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب".

الجهاز الهضمي

عندما يغضب شخص ما، ينتج الجسم العديد من البروتينات والهرمونات التي تزيد من الالتهابات في الجسم، الالتهاب المزمن يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض.

كما يتم أيضا تنشيط الجهاز العصبي الودي في الجسم أو ما يعرف بنظام "القتال أو الهروب"، الذي ينقل الدم بعيدًا عن الأمعاء إلى العضلات الرئيسية، كما يقول ستيفن لوب، مدير الطب السلوكي في قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتغذية في كليفلاند كلينك.

يؤدي هذا إلى إبطاء الحركة في الجهاز الهضمي، مما قد يؤدي إلى مشاكل مثل الإمساك.

بالإضافة إلى ذلك، تنفتح المسافة بين الخلايا في بطانة الأمعاء، مما يسمح بمرور المزيد من الطعام والفضلات في تلك الفجوات، مما يؤدي إلى مزيد من الالتهاب الذي يمكن أن يغذي أعراض مثل آلام المعدة أو الانتفاخ أو الإمساك.

العقل

تقول جويس تام، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو، إن الغضب يمكن أن يضر بأدائنا المعرفي، فهو يشمل الخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي، وهي المنطقة الأمامية من دماغنا والتي يمكن أن تؤثر على الانتباه والتحكم الإدراكي وقدرتنا على تنظيم العواطف.

بحسب تام الغضب يمكن أن يحفز الجسم على إطلاق هرمونات التوتر في مجرى الدم، والمستويات العالية من هرمونات التوتر يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي والحصين في الدماغ.

وتضيف أن الضرر في قشرة الفص الجبهي يمكن أن يؤثر على اتخاذ القرار والانتباه والوظيفة التنفيذية.

وفي الوقت نفسه، فإن الحصين هو الجزء الرئيسي من الدماغ المستخدم في الذاكرة. لذلك، عندما تتضرر الخلايا العصبية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل القدرة على التعلم والاحتفاظ بالمعلومات، كما يقول تام.

 حلول لامتصاص الغضب

ترى أنتونيا سيليغوفسكي، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد، والتي تدرس الدماغ والقلب أن أول شيء يمكن عمله هو اكتشاف ما إذا كان الغضب مبالغا فيه أو أكثر من اللازم.

وأضافت أن الشعور بالغضب لفترة وجيزة يختلف عن الشعور بالغضب المزمن، وقالت: "إذا كنت تجري محادثة غاضبة بين الحين والآخر أو تشعر بالانزعاج بين الحين والآخر، فهذا ضمن التجربة الإنسانية الطبيعية".

وتابعت أما: "عندما تطول المشاعر السلبية، عندما يكون لديك الكثير منها وربما بشكل أكثر كثافة، فهذا هو المكان الذي يكون فيه الأمر سيئًا لصحتك."

وتبحث أنتونيا فيما إذا كانت علاجات الصحة العقلية، مثل أنواع معينة من العلاج بالكلام أو تمارين التنفس، قد تكون قادرة أيضًا على تحسين بعض المشكلات الجسدية الناجمة عن الغضب.

يوصي أطباء آخرون باستراتيجيات إدارة الغضب، يقول لوب من كليفلاند كلينيك إن التنويم المغناطيسي والتأمل والوعي الذهني يمكن أن يساعد، وكذلك الأمر بالنسبة لتغيير طريقة استجابتك للغضب.

يمكن أيضا إبطاء ردود الفعل وفهم ما تشعر به وتعلم كيفية التعبير عنه مع التأكد من أنك لا تقمع مشاعرك، لأن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية ويؤدي إلى تفاقم المشاعر.

ويقترح ستيفن لوب بأنه بدلا من الصراخ على أحد أفراد العائلة عندما تكون غاضبًا أو تنتقد شيئًا ما، قل: "أنا غاضب بسبب كذا وكذا وكذا وبالتالي لا أشعر بالرغبة في تناول الطعام معك أو أحتاج إلى عناق أو دعم" مضيفا: "أبطؤا العملية". بحسب ما نشره موقع “سكاي نيوز عربية”.

كيف نسيطر على الغضب؟

أعلنت الدكتورة يكتيرينا بولغاكوفا الأستاذة المشاركة في قسم علم النفس المهني والإرشاد النفسي بجامعة التعليم الروسية، أن تمارين التنفس وغيرها من الطرق تساعد في السيطرة على الغضب.

ووفقا لها، يعتبر تعلم كيفية السيطرة على الغضب أمرا مهما لبناء علاقات جيدة وصحية مع الآخرين. والمهم هنا أن نعلم أن الغضب هو شعور طبيعي، ومحاولة التحكم به وليس كبحه.

وتشير الأخصائية إلى أنه يجب على الشخص قبل أن يتصرف التوقف وأخذ نفسا عميقا وأن يعد خلالها إلى 10 ويفكر في عواقب تصرفه لأن التنفس العميق والتأمل واليوغا والاسترخاء تساعد على الهدوء والتعامل مع الغضب. فمثلا، يمكن استخدام تقنية التنفس المربع: شهيق لأربع عدات، توقف مؤقتا لأربع عدات، زفير لأربع عدات، توقف مؤقتا لأربع عدات. كما يجب قضاء المزيد من الوقت في ممارسة النشاط البدني لأن الرياضة تساعد على إطلاق الطاقة السلبية المتراكمة وتخفيض مستوى التوتر، كما يجب استبعاد الكحول.

وتوصي الطبيبة بمناقشة المشاعر والعواطف مع "مسبب الغضب".

وتقول: "تعبير الشخص عما يزعجه ومناقشته بهدوء مع الآخر يعني التحكم في الغضب. ويمكن أيضا إيجاد طرق "إيجابية" للتعبير عن الانزعاج أو الغضب، وقد يكون ذلك بالكتابة أو الرسم أو الموسيقى". نقلا عن “ار تي”.

اضف تعليق