قبل ثلاثين عاما، كان خبراء التغذية الدوليون يركزون على سوء التغذية لدى الأطفال، وفجوة البروتين، وكيفية إطعام سكان العالم المتزايدين، وكانت الخدمات الطبية في العالم النامي تركز على مكافحة الأمراض المعدية. اليوم، تجد منظمة الصحة العالمية نفسها في حاجة إلى التعامل مع جائحة السمنة الجديد والأمراض غير المعدية المصاحبة له...
قبل ثلاثين عاما، كان خبراء التغذية الدوليون يركزون على سوء التغذية لدى الأطفال، و"فجوة البروتين"، وكيفية إطعام سكان العالم المتزايدين، وكانت الخدمات الطبية في العالم النامي تركز على مكافحة الأمراض المعدية. اليوم، تجد منظمة الصحة العالمية نفسها في حاجة إلى التعامل مع جائحة السمنة الجديد والأمراض غير المعدية المصاحبة له، في حين أن التحدي المتمثل في سوء التغذية لدى الأطفال لم يختفي بعد، وتتصاعد معدلات السل والملاريا، وتتفاقم هذه الآفة.
يوما بعد يوم تتزايد حالات السمنة التي تعد واحدة من أكثر المشاكل الصحية انتشارا في العالم، ومن أهم العوامل المسببة لها التوتر وقلة الحركة، لكن ما هو التعريف الدقيق للسمنة؟ وما هي أهم أعراضها؟ وكيف تؤثر على حياتنا اليومية؟ وكيف يتم تقييمها من منظور علم النفس؟
ما هو مفهوم السمنة؟
في تقرير لها، تقول منظمة الصحة العالمية إنه مرض مزمن ومعقد يتسم بفرط رواسب الدهون التي يمكن أن تضر بالصحة. يمكن أن تؤدي السمنة إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب، ويمكن أن تؤثر على صحة العظام والتكاثر، كما أنها تزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. تؤثر السمنة على نوعية المعيشة، مثل النوم أو الحركة.
ما هي أعراض السمنة؟
توضح الجمعية الطبية الامريكية السمنة أن أهم أعراض السمنة هي الدهون الزائدة في الجسم وخاصة حول الخصر وضيق في التنفس والتعرق أكثر من المعتاد والشخير ومشكلة في النوم ومسببة مشاكل الجلد من تراكم الرطوبة في الطيات وعدم القدرة على أداء المهام البدنية البسيطة التي يمكنك القيام بها بسهولة قبل زيادة الوزن والتعب والذي يمكن أن يتراوح من خفيف إلى شديد وآلام الظهر والمفاصل ومشاكل النفسية مثل تقدير الذات السلبي والاكتئاب والخجل والعزلة الاجتماعية، وتنتشر الأعراض لدى من تفوق أعمارهم 15 عاما.
ما هي المشاكل الصحية الناجمة عن السمنة؟
تسبب السمنة العديد من المشاكل الصحية، ومنها بشكل كبير على الجسم والعقل وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والسرطان والاكتئاب ونوعية الحياة والانجاب ووظائف الرئة وأمراض الجهاز التنفسي والذاكرة والوظيفة المعرفية واضطرابات العضلات والعظام والحالات الأخرى والوفيات.
لماذا تعتبر السمنة مصدر قلق دائمًا؟
هناك علاقة طويلة الأمد بين السمنة وقضايا الصحة العقلية. العوامل المساهمة الأكثر احتمالا للسمنة هي التأثيرات الوراثية والنفسية والبيئية والاجتماعية والثقافية. السمنة ليست مجرد مصدر قلق تجميلي. إنها مشكلة طبية تزيد من خطر إصابة الشخص بأمراض ومشاكل صحية أخرى أيضًا. الوزن الزائد (السمنة، زيادة الوزن) يؤدي إلى أكثر من مجرد زيادة الوزن، كما أنه يزيد من خطر تعرضك لمشاكل صحية كبيرة. ويقول الدكتور موتواني إن ما يقرب من 70 إلى 80% من المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة يعانون من مشاكل تتعلق بالصحة العقلية.
"ترتبط السمنة أيضًا بالتوتر وضعف احترام الذات والاكتئاب. ويضيف: "لقد أصبح الكثير منهم انطوائيين، ويبقون في المنزل، كما انخفضت إنتاجيتهم".
ترتبط السمنة بمشاكل الصحة العقلية، حيث تؤدي السمنة إلى الاضطراب العاطفي. الوزن الزائد يمكن أن يسبب مشاعر سلبية تجاه الذات. هناك أدلة على أن السمنة مرتبطة بالاضطرابات النفسية والعديد من الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض النفسية. الإجهاد هو عامل في كل من الاكتئاب والسمنة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التوتر والقلق المزمن إلى الاكتئاب. وبالمثل، فإن التوتر أو الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب يمكن أن يجعل الشخص أكثر عرضة للتحول إلى الطعام كآلية للتكيف يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة في نهاية المطاف. تزيد السمنة من الألم والالتهابات في الجسم مما يسبب التوتر.
يمكن أن تؤدي السمنة إلى العزلة الاجتماعية وضعف احترام الذات والشعور بالوحدة والإحباط. الشخص الذي يعاني من السمنة سوف يتعرض للسخرية بسبب وزنه. علاوة على ذلك، فإن الشعور بالخجل من الجسم بسبب زيادة الوزن يمكن أن يؤثر أيضًا على الصحة العقلية للفرد. سيكون المرء واعيًا لصورة جسده وسيشعر بالعجز. وهذا يمكن أن يسبب أيضًا الاكتئاب لدى هؤلاء الأشخاص. يميل الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة إلى الشعور بالقلق من الحكم عليهم بسبب مظهرهم وعدم رضاهم عن مظهرهم.
إذا كان الشخص يعاني من زيادة الوزن، فقد يشعر بالإحباط أو الغضب أو الانزعاج. إن إدراك المشاعر الصعبة هو الخطوة الأولى في التعامل معها. يتطلب الأمر ممارسة للتعرف على المشاعر. في بعض الأحيان يمكن أن تكون مفاجئة وقوية لدرجة أنه من الصعب فهم ما تشعر به بالضبط.
حسب ما ذكر موقع تايمز انترنت، هناك العديد من الدراسات اثبتت وجود علاقة إيجابية بين السمنة ومختلف مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب واضطرابات الأكل والقلق وتعاطي المخدرات.
تؤثر السمنة على نوعية حياة الأفراد، حيث يعاني العديد من المصابين من زيادة الوصمة والتمييز بسبب وزنهم.
ما هي مراحل السمنة؟
المرحلة صفر: لا يوجد عامل خطر متعلق بالسمنة (ضغط الدم، ومشاكل السكر).
المرحلة الأولى: يمكن رؤية عوامل الخطر البسيطة المرتبطة بالسمنة (فرط ضغط الدم، وانخفاض نسبة السكر في الدم لدى الصائمين، وارتفاع إنزيمات الكبد)، وتكون الأعراض (ضيق التنفس، وآلام المفاصل، والوهن).
المرحلة الثانية: يلاحظ وجود أمراض مزمنة مرتبطة بالسمنة (ارتفاع ضغط الدم، داء السكري من الدرجة الثانية، توقف التنفس أثناء النوم، آلام في المفاصل، الارتجاع المريئي، متلازمة تكيس المبايض، اضطرابات القلق).
المرحلة الثالثة: يلاحظ وجود أمراض مزمنة مرتبطة بالسمنة وهي (احتشاء القلب، قصور القلب، المضاعفات الناتجة عن مرض السكري، آلام المفاصل).
المرحلة الرابعة: يلاحظ وجود اضطرابات عضوية شديدة بسبب السمنة.
ما هو مستوى الوزن الذي يمكن تشخيصه بالسمنة؟
يتم اعتبار أن الشخص يعاني من السمنة من خلال قسمة الوزن على مربع طوله.
واعتمادا على هذا يعتبر أنه:
من 20 إلى 24.9 وزن طبيعي.
من 25 إلى 29.9 يعاني من زيادة الوزن.
من 30 إلى 34.9 مصاب بالسمنة.
من 35 إلى 39.5 مصاب بالسمنة من الدرجة الثانية.
من 40 إلى 49.9 مصاب بالسمنة المفرطة.
50 فما فوق أعلى درجة من السمنة.
التغلب على السمنة
كشفت دراسة جديدة عن متغير جيني قد يساعد في مقاومة السمنة عن طريق تغيير عملية التمثيل الغذائي.
وأظهرت الدراسة التي أجرتها كلية طب وايل كورنيل أن المتغير الجيني في مستقبل GIP يمكن أن يساعد في مقاومة السمنة من خلال تعزيز عملية التمثيل الغذائي وإطلاق الأنسولين، مما قد يؤدي إلى توجيه علاجات جديدة.
وقد يساعد ذلك الأفراد على أن يكونوا أكثر مقاومة للسمنة. واكتشف الباحثون أن هذا المتغير يتصرف بشكل مختلف في الخلية مما قد يساهم في عملية التمثيل الغذائي الأكثر كفاءة.
مقاومة السمنة
وتوفر الدراسة، التي نُشرت في مجلة Molecular Metabolism، نظرة جديدة حول كيفية تأثير الاختلافات الجينية البشرية على قابلية الفرد لزيادة الوزن. قام الباحثون بتطوير فئران ذات متغير وراثي بشري في مستقبل عديد الببتيد الأنسولين المعتمد على الجلوكوز (GIP) المرتبط بمؤشر كتلة الجسم الأصغر حجمًا (BMI).
ووجدوا أن الفئران كانت أفضل في معالجة السكر والبقاء أصغر حجما من الفئران التي لديها متغير مختلف وأكثر شيوعا للمستقبل. وقد يشير هذا الاكتشاف إلى استراتيجيات محتملة جديدة لعلاج السمنة، التي تؤثر على أكثر من 100 مليون بالغ في الولايات المتحدة، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وقال الدكتور تيموثي ماكجرو، كبير مؤلفي الدراسة، وأستاذ الكيمياء الحيوية في جراحة القلب والصدر والكيمياء الحيوية في كلية طب وايل كورنيل: “يوضح عملنا كيف يمكن لأبحاث العلوم الأساسية أن تسفر عن رؤى مهمة حول البيولوجيا المعقدة”، مضيفاً أن مستقبلات GIP هذه وسلوكها على المستوى الخلوي تؤثر بشكل عميق على عملية التمثيل الغذائي وتنظيم الوزن.
المتغيرات الجينية لمستقبل GIP
المتغيرات الجينية هي اختلافات في تسلسل الحمض النووي التي تحدث بشكل طبيعي بين الأفراد في مجتمع معين. وتُظهر دراسات الارتباط على مستوى الجينوم، والتي تستخدم الإحصائيات لربط المتغيرات الجينية بسمات معينة بعناية، أن حوالي 20% من الأشخاص المنحدرين من أصل أوروبي لديهم نسخة واحدة من مستقبل GIP مع متغير الجين Q354 وحوالي 5% لديهم نسختين من المتغير.
ويتفاعل مستقبل GIP مع الهرمون المنطلق استجابة لمستويات الجلوكوز بعد تناول الوجبة. وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة لوسي يمين، وهي زميلة ما بعد الدكتوراه في الكيمياء الحيوية في كلية طب وايل كورنيل: “تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم نسخة واحدة على الأقل من هذا النوع من مستقبلات GIP قد غيروا عملية التمثيل الغذائي مما يقلل من خطر الإصابة بالسمنة”.
ولفهم كيف يمكن لهذا المتغير الجيني أن يقلل من خطر السمنة، استخدم الفريق تقنية CRISPR-Cas9 لهندسة الفئران وراثيًا باستخدام المتغير الموجود في الجين الذي يشفر مستقبل GIP، على غرار النسخة البشرية.
ووجد الباحثون أن إناث الفئران التي لديها هذا المتغير كانت أصغر حجما في اتباع نظام غذائي نموذجي للفئران مقارنة بنظيراتها التي لا تحتوي عليه. كان وزن الفئران الذكور التي تحمل المتغير الجيني بنفس وزن رفاقها الذين لا يملكون هذا المتغير الجيني أثناء تناول نظام غذائي منتظم، لكن المتغير الجيني حماهم من زيادة الوزن عند إطعامهم نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون، مما تسبب في السمنة لدى زملاء القمامة.
يقول الدكتور يمين: وجدنا أن التغير في أحد الأحماض الأمينية في جين مستقبل GIP يؤثر على الجسم كله من حيث الوزن”. وكانت الفئران التي لديها هذا المتغير أكثر حساسية لهرمون GIP الذي يؤدي إلى إطلاق الأنسولين الذي يتحكم في مستويات السكر في الدم ويساعد الجسم على تحويل الطعام إلى طاقة.
مزيد من الأبحاث
وقارن الباحثون ما حدث لخلايا الفئران مع وبدون المتغير عند تعرضها للجلوكوز أو هرمون GIP. أنتجت خلايا البنكرياس لدى الفئران ذات المتغير الجيني المزيد من الأنسولين استجابة لكل من الجلوكوز وهرمون GIP، وهو ما قد يفسر سبب تحسنها في معالجة الجلوكوز.
يذكر الدكتور ماكجرو: “الأمر المثير للاهتمام بشأن هذه المستقبلات هو أن موقعها في الخلية له تأثير كبير على كيفية إرسال الإشارات ونشاطها”. وأوضح أنه عندما يرتبط هرمون GIP بالمستقبل، ينتقل المستقبل من سطح الخلية إلى داخل الخلية. عندما يسقط هرمون GIP في النهاية من المستقبل، يعود المستقبل إلى سطح الخلية.
ووجد الفريق أن متغير مستقبل GIP يبقى داخل حجرة الخلية لمدة أطول بأربع مرات من المستقبل النموذجي. واقترح الدكتور ماكجرو أن هذا قد يسمح للمستقبل بإرسال المزيد من الرسائل إلى الآلات داخل الخلايا، مما يساعد في معالجة السكر بشكل أكثر كفاءة.
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد تأثيرات هذا المتغير على سلوك المستقبل. ويريد الباحثون أيضًا معرفة ما إذا كانت هناك اختلافات في سلوك المستقبل في أنواع الخلايا الأخرى، مثل خلايا الدماغ، التي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم الجوع.
ما هي طرق الوقاية من السمنة؟
يمكن الوقاية من السمنة بشرط أن تعيش حياة منضبطة. على سبيل المثال، إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فإن التحكم في نظامك الغذائي وممارسة الرياضة يمكن أن يمنعك من الإصابة بالسمنة. ويمكنه أيضًا تقليل وزنك. فيما يلي خمس نصائح لإدارة الوزن يمكن أن تساعدك على الوقاية من السمنة.
- تناول الأشياء الصحيحة.
- ممارسة الرياضة.
- النوم.
- كن متسقًا.
- التغلب على التوتر.
السمنة تطال أكثر من مليار إنسان
باتت السمنة تطال أكثر من مليار شخص في كل أنحاء العالم، من بينهم أطفال ومراهقون، وفقاً لتقديرات نُشِرت قبل أيام قليلة من «اليوم العالمي للسمنة»، في الرابع من مارس (آذار) تُظهر تسارع هذه الآفة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأظهرت دراسة جديدة نشرتها مجلة «لانسيت» العلمية البريطانية، وساهمت فيها «منظمة الصحة العالمية» أن معدلات السمنة بين البالغين زادت في كل أنحاء العالم أكثر من الضعف، ما بين عامي 1990 و2022، و4 مرات لدى الأطفال والمراهقين بين 5 و19 سنة.
ولاحظ مدير إدارة التغذية وسلامة الأغذية بـ«منظمة الصحة العالمية»، البروفسور فرانشيسكو برانكا، خلال مؤتمر صحافي أن هذا «الوباء» ينتشر «بسرعة أكبر مما كان متوقّعاً». وكانت التوقعات تشير إلى أن تجاوز عتبة مليار شخص يعاني السمنة سيحصل بحلول سنة 2030 تقريباً، بحسب البروفسور ماجد عزتي من «إمبريال كوليدج» في لندن، أحد المعدّين الرئيسيين للدراسة.
وبيّنت الدراسة التي استندت إلى بيانات نحو 220 مليون شخص في أكثر من 190 دولة، أن عدد الأشخاص الذي يعانون السمنة ارتفع من 195 مليون بالغ عام 1990 إلى نحو 880 مليوناً، من بينهم 504 ملايين امرأة و374 مليون رجل.
وزاد معدل السمنة بين الرجال 3 مرات تقريباً؛ إذ ارتفع من 4.8 في المائة عام 1990 إلى 14 في المائة في2022، وأكثر من الضعف لدى النساء، إذ كان 8.8 في المائة وأصبح 18.5 في المائة، مع فوارق بين البلدان.
والمقلق أكثر أن عدد الأطفال والمراهقين المصابين بهذا المرض ارتفع في 30 عاماً من 31 مليوناً عام 1990 إلى نحو 160 مليوناً في 2022، من بيتهم 94 مليون فتى و65 مليون فتاة.
مشكلة عالمية
وترتبط السمنة التي تُعدّ مرضاً مزمناً متشابكاً ومتعدد العوامل، بزيادة في معدل الوفيات بسبب أمراض أخرى، كأمراض القلب والشرايين والسكّري وبعض أنواع السرطان. وكانت جائحة «كوفيد - 19» مثالاً على ذلك، إذ شكّل الوزن الزائد خلالها أحد عوامل الخطر.
ولاحظت الدراسة أن معدلات السمنة في بعض البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل، لا سيما في بولينيزيا وميكرونيزيا ومنطقة البحر الكاريبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعلى من تلك المسجّلة في كثير من البلدان الصناعية، خصوصاً في أوروبا.
وعلّق برانكا على ذلك بالقول: «في الماضي، كنا نميل إلى عدّ السمنة مشكلة للدول الغنية، أما الآن فقد أصبحت مشكلة عالمية». ورأى أن السبب يكمن خصوصاً في «تحول سريع، وليس نحو الأفضل، في النظم الغذائية بالبلدان منخفضة أو متوسطة الدخل».
في المقابل، دلّت مجموعة مؤشرات في الدراسة إلى «تراجع السمنة، خصوصاً لدى النساء، في بعض دول جنوب أوروبا، وأبرزها إسبانيا وفرنسا»، بحسب ماجد عزتي.
وأشارت الدراسة إلى أن «عدد مَن يعانون السمنة أكبر في معظم البلدان من عدد مَن يعانون نقص الوزن» الذي انخفض منذ عام 1990.
ومع ذلك، لا يزال نقص الوزن يمثل مشكلة كبيرة في عدد من مناطق العالم، كجنوب آسيا أو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويرتبط بزيادة معدل الوفيات بين النساء والأطفال الصغار قبل الولادة وبعدها، أو ارتفاع خطر الوفاة بسبب الأمراض المعدية.
عبء مزدوج
وتعاني بلدانٌ كثيرة منخفضة ومتوسطة الدخل من «العبء المزدوج» المتمثل في نقص التغذية والسمنة؛ إذ لا يحصل جزء من سكانها إلى اليوم على عدد كافٍ من السعرات الحرارية، فيما لم يعد قسم آخر يعاني هذه المشكلة لكنّ نظامهم الغذائي رديء النوعية.
وقال المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية»، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إن «هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية الوقاية من السمنة وإدارتها منذ سن مبكرة حتى مرحلة البلوغ، من خلال النظام الغذائي والنشاط البدني والرعاية الكافية للاحتياجات».
ورأى أن «العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق الأهداف العالمية للحد من السمنة ستتطلب عمل الحكومات والمجتمعات، بدعم من السياسات القائمة على الأدلة من (منظمة الصحة العالمية) ووكالات الصحة العامة الوطنية»، داعياً إلى «تعاون القطاع الخاص، الذي يجب أن يكون مسؤولاً عن الآثار الصحية لمنتجاته».
ولاحظت «منظمة الصحة العالمية» أن الإجراءات «اللازمة لاحتواء» المشكلة لا تُطبَّق بالقدر الكافي، ومنها فرض الضرائب على المشروبات السكرية، ودعم الأطعمة الصحية، والحد من تسويق الأطعمة غير الصحية للأطفال، وتشجيع النشاط البدني، وما إلى ذلك.
وتشهد علاجات السمنة حقبة جديدة منذ أشهر عدة؛ إذ إن أدوية مخصصة لداء السكرّي أثبتت فاعليتها في إنقاص الوزن، مما أوجد أملاً لدى ملايين المرضى، ودفع شركات الأدوية إلى التنافس في هذا المجال.
واعتبر فرانشيسكو برانكا أن «هذه الأدوية أداة مهمة، ولكنها ليست حلاً» للسمنة والوقاية منها. وشدد على ضرورة «أن تؤخذ في الاعتبار الآثار الجانبية أو البعيدة المدى لهذه الأدوية».
اضف تعليق