يحذر الخبراء من أن إدمان النيكوتين في سن مبكرة لا يجعل الإقلاع عن التدخين أكثر صعوبة فحسب، بل يمكن أن يتسبب في إعادة تشكيل الدماغ وإدمان مواد أخرى في المستقبل، وتزداد المخاطر في حال الإقبال على السجائر الإلكترونية التي يحتوي بعض منها على ضعف تركيز النيكوتين الموجود في السجائر العادية...
يحذر الخبراء من أن إدمان النيكوتين في سن مبكرة لا يجعل الإقلاع عن التدخين أكثر صعوبة فحسب، بل يمكن أن يتسبب في إعادة تشكيل الدماغ وإدمان مواد أخرى في المستقبل، وتزداد المخاطر في حال الإقبال على السجائر الإلكترونية التي يحتوي بعض منها على ضعف تركيز النيكوتين الموجود في السجائر العادية.
ونقل موقع "آي كير" (iCare) دراسة تؤكد أن التعرض للنيكوتين من خلال السجائر الإلكترونية يعد إدمانا مثيرا للقلق لدى المراهقين ويزيد من خطر التدخين لديهم 4 أضعاف، كما أن أجهزة التدخين الإلكترونية (Vape) تطلق العديد من المواد السامة في الجسم، وقد يمر المراهقون بتجربة أعراض الانسحاب أثناء محاولتهم التخلص من هذه العادة.
إضافة إلى ذلك، لا تتوفر دراسات طويلة الأجل بشأن مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي بين مستخدمي السجائر الإلكترونية.
لماذا يتخذ المراهقون قرارات خاطئة؟ قد تتعجب من سبب إقبال المراهقين على تدخين السجائر الإلكترونية رغم مخاطره المعلنة، ووفقا لموقع "بيرنتس" (Parents)، فإن فترة المراهقة تتفق غالبا مع القرارات السيئة، فمن الناحية العصبية لا تزال أجزاء الدماغ المسؤولة عن الحكم الجيد وقرارات التخطيط في مرحلة النمو، كما أن المراهقين في مرحلة يحاولون فيها اكتشاف العالم خارج إطار أسرهم ومع أصدقائهم.
وتعد الوقاية أفضل وسيلة دفاع للآباء والأمهات الذين يريدون إبعاد أبنائهم عن التدخين الإلكتروني، وهنا نصائح لإبعاد خطر السجائر الإلكترونية عن أبنائك:
ثقف نفسك: يجب على الآباء أن يعرفوا كل ما هو متعلق بالسجائر الإلكترونية والمخاطر التي تنطوي عليها.
التحاور مع الأبناء: تحدث إلى أطفالك عن الآثار الضارة للتدخين الإلكتروني. استمع قدر المستطاع وحاول ألا تلقي محاضرات، واسألهم أسئلة مفتوحة عن رأيهم في التدخين الإلكتروني.
كن قدوة: إذا كنت مدخنا فابذل قصارى جهدك للإقلاع عن التدخين وإذا كنت لا تستطيع التوقف التزم بعدم التدخين أمام أطفالك.
منزل خال من التدخين: لا تسمح للأصدقاء أو العائلة بالتدخين في منزلك.
قواعد واضحة: وضح لأبنائك بشكل قاطع أن التدخين الإلكتروني مرفوض ولا رجعة في ذلك.
ما الحل؟ إن الطريقة التي يتفاعل بها أحد الوالدين عندما يكتشفون أن طفلهم يستخدم السجائر الإلكترونية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على سلوكهم فيما بعد.
وينقل موقع "هيلث لاين" (Healthline) عن معالج المراهقين جون موبر قوله إن "آخر شيء نريد أن يفعله الآباء هو المبالغة في رد الفعل.. ما نبحث عنه هو استجابة هادئة ومعقولة".
ويوضح موبر قائلا إننا كآباء نحب أطفالنا وهذا الحب يمكن أن يخلق الكثير من القلق بشأن كونهم بخير. وهذا القلق قد يقودنا إلى الذعر والصراخ وسحب ألعاب الفيديو الخاصة بهم ووضعها في مكان مغلق. وفي حين أن هذا قد يمنع المراهق من استخدام السجائر الإلكترونية على المدى القصير فإنه يمكن أن يولّد الاستياء تجاهك كولي.
وينصح موبر بوضع عواقب لهذا السلوك، ولكن يجب أن يتم ذلك بهدوء وبشكل عقلاني. حيث إن المراهقين يستغرقون وقتا للتعبير عن أنفسهم ويجب على الآباء منحهم مساحة لقول ما يريدون.
ويطلب موبر من الآباء تقييم ابنهم لمعرفة ما إذا كان لديه إدمان للنيكوتين أم لا، لأن الابن قد يرغب في التوقف ولكنه يواجه صعوبة حقيقية في القيام بذلك. إن التحقق من ذلك والتحدث عن الخيارات التي تساعدهم على التغلب على الإدمان يمكن أن يكون أكثر فاعلية من مطالبتهم بالتوقف.
كيف تجري حديثا مع ابنك المدخن؟ لا تدفع ابنك للاختباء والكذب: إذا عرفت أنه يدخن ستجد أنك بحاجة إلى معالجته أكثر من الصراخ عليه، وهنا يأتي الجزء الأصعب في معرفة كيفية القيام بذلك بطريقة فعالة بدلا من دفعه بعيدا للاختباء والكذب، مما يزيد من احتمالية قيامه بأشياء أخرى محفوفة بالمخاطر قد تعرضه لمشكلات أكبر.
التوازن: تكمن الحيلة في إيجاد توازن بين بدء حوار حتى يستمر طفلك في أن يكون منفتحا وصادقا معك، مع توجيه رسالة لا لبس فيها مفادها أنه يجب التوقف عن التدخين الإلكتروني.
توضيح الآثار السلبية: ركز أثناء حديثك معه على الجوانب السلبية الفورية، مثل تكلفة التدخين الإلكتروني وكيف يمكن للإدمان أن يحدث بسرعة خاصة مع النيكوتين والإشارة إلى الحالات الحديثة من فشل الرئة المفاجئ المرتبط بالزيت المستخدم في السجائر الإلكترونية.
اكتشف ما يحبه ابنك في السجائر الإلكترونية: ومتى يفعل ذلك ومع من يفعل ذلك ومدى فهمه للمخاطر. من الضروري أيضا التعرف على المدة التي قضاها في التدخين وعدد المرات، وما إذا كان من الصعب عليه التوقف.
يذكر موقع "بارنتس" أن تجميع كل هذه المعلومات يوضح لك ما إذا كان ابنك يقوم بالتدخين لمجرد التجريب أم أنه وصل لمرحلة الإدمان. كما أنه إذا تمكنت من التعامل مع المحادثة بفضول بدلا من الاندفاع لإلقاء محاضرة طويلة فسوف يساعد ذلك طفلك على أن يكون أكثر صدقا، مما يمنحك معلومات أفضل عما يجب القيام به بعد ذلك.
توصل إلى خطة عمل: اشترك مع ابنك المراهق للتوصل إلى خطة للإقلاع عن التدخين. كلما زادت العملية التعاونية بينكما كان ذلك أفضل. إذا شعر المراهق بالمشاركة فستزيد احتمالية أن يجعلك تتابع الأمر معه.
العلاج والاكتئاب: خلال الحديث مع ابنك عن العلاج قد تكتشف أنه يعاني من الاكتئاب أو القلق وقد يؤدي التوقف المفاجئ عن التدخين الإلكتروني إلى زيادة هذه الأعراض. في هذه الحالة يجب زيارة الطبيب، أما إذا كنت قلقا من أن ابنك المراهق مدمن فيجب زيارة اختصاصي في إدمان المراهقين.
تحذيرات خجولة وانتشار مقلق
على رغم وجود دراسات عديدة تؤكد الأضرار التي قد تنتج من التدخين الإلكتروني وشهادات لكثيرين عاشوا هذه التجربة وعانوا منها كثيراً، وعلى رغم تحذيرات الأطباء حول أخطار السجائر الإلكترونية، لا تزال المواقف المعادية للتدخين الإلكتروني محدودة على صعيد العالم في مواجهة مجموعات الضغط الفاعلة التي تسوق له. تشير رئيسة مركز مكافحة الإقلاع عن التدخين في مستشفى اوتيل ديو دو فرانس في بيروت الدكتورة زينة عون إلى أن الأرباح التي تتخطى مليارات الدولارات من وراء التجارة بالسجائر الإلكترونية، تشكل الدافع الأساسي لمجموعات الضغط التي تعزز من انتشارها حول العالم وتعمل على التسويق لها. فحتى اللحظة لا تزال حملات التوعية حول أخطار التدخين الإلكتروني محدودة، ومن جهة أخرى، يتطلب تأكيد الأضرار البعيدة المدى للتدخين الإلكتروني سنوات طويلة من المتابعة والمراقبة والتجارب، كما حصل مع التدخين التقليدي، بالتالي قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لإثبات مخاطرها البعيدة المدى بشكل علمي، لذلك، تبقى الخطوات في مواجهة التدخين الإلكتروني خجولة، فتشير عون إلى دعوى رفعت في فرنسا في مواجهة شركة التبغ والسجائر "فيليب موريس" لتحايلها على الناس ولإخفائها مخاطر التدخين الإلكتروني الحقيقية بهدف التسويق له، على رغم أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية تعتبره تدخيناً مضراً وتمنع التسويق له والقيام بحملات إعلانية، وكانت الشركة قد أكدت سابقاً أن ثمانية ملايين شخص حول العالم تخلوا عن التدخين العادي ليستخدموا التدخين الإلكتروني، أما التحذير من مخاطر التدخين الإلكتروني فيقتصر على ذاك الذي يطلقه الأطباء المتخصصون مشيرين إلى مخاطر السجائر الإلكترونية، وداعين إلى تجنبها لأنها تؤذي الصحة والرئتين، بعد ما أثبته الواقع والدراسات، وفي المقابل، تغيب الحملات الواسعة في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة على الصحة.
أضرار أكيدة للمدى القريب
ظهرت السجائر الإلكترونية من مدة قصيرة نسبياً بالنسبة للعلم، فلا تسمح بتأكيد الأضرار الصحية البعيدة المدى لها، لكن، توضح عون أن الأضرار القصيرة المدى التي تظهر مباشرة عند استخدامها باتت واضحة ومثبتة، ويمكن تأكيدها من الآن، إذ تحتوي السجائر الإلكترونية على مواد سامة هي تلك الموجودة في السجائر العادية، ولو بنسبة أقل بقليل، على سبيل المثال، المادة المسببة للسعال موجودة فيها بنسبة 18 في المئة أقل، لا أكثر، بالمقارنة مع السجائر التقليدية، هذا فيما تشير الحملات التسويقية لها إلى أنها تحتوي على مواد سامة بنسبة 90 في المئة أقل، كذلك بالنسبة إلى النيكوتين، فهو موجود بالنسبة الكافية ليسبب الإدمان وبدرجات متفاوتة بحسب أنواع السجائر الإلكترونية المنتشرة في مختلف دول العالم، التي نجد أكثر من 250 علامة منها بأكثر من 150 نكهة مختلفة، هي تحتوي على المكونات التي في التدخين العادي إنما بنسب مختلفة، فيما تبقى المضار هي ذاتها، علماً أن النكهات التي في السجائر الإلكترونية هي في الواقع موجودة في الغذاء، لكن خطورتها في تسخينها، وهذا التنوع في النكهات والألوان هو من ضمن الخطط التسويقية لنشر هذه الظاهرة أكثر فأكثر بين فئة الشباب وجعلها أكثر جاذبية لهم.
من الأعراض المباشرة التي تسببها والتي أُثبتت فعلاً، الوجع في الصدر والربو والأذى المباشر للرئتين والحريق في العينين، كما أثبتت الدراسات أنها تزيد من مستويات ضغط الدم ومشكلات القلب والرئتين وتسارع دقات القلب، وتسبب ضيقاً حاداً في النفس، هذا ما دعا الـ FDA إلى التحذير من استخدامها، لكن حتى الآن تشير عون إلى أنه لم يتم منعها أبداً من قبل الهيئات الرسمية، بل هي تكتفي بالتحذير من مخاطرها، خصوصاً أنه لا توجد بعد معلومات كافية عنها، إضافة إلى الأرباح الكبرى التي تتحقق من ورائها والتي تتخطى تلك التي تحقق من السجائر العادية.
تبدو صناعة السجائر الإلكترونية أكثر خطورة من تلك العادية لاعتبار أن منتجيها كشفوا الوسائل الفضلى لزيادة معدلات الإدمان عليها والترويج لها بمعدلات كبرى حتى تنتشر على نطاق أوسع بين الشباب بشكل خاص. حتى إنها تحتوي على مكونات تزيد من معدل امتصاص النيكوتين في الجسم لدى استخدامها، كما أن تصميمها وألوانها ونكهاتها، كلها عوامل أسهمت في جعلها أكثر رواجاً وجاذبية للشباب لتسويقها.
"نحاول أن ننشر الوعي حول أخطار التدخين الإلكتروني قدر الإمكان، لكن المشكلة في أننا نحتاج إلى الأثر التراكمي الذي يمكن الحصول عليه خلال 30 سنة، حتى الآن تبين أنه يزيد خطر الإصابة بذبحة قلبية ومن التوتر العاطفي، إضافة إلى السعال والإفرازات والحريق في العينين ووجع البلعوم، هي آثار سريعة ومباشرة وباتت أكيدة، لذلك ليس هناك حاجة للانتظار حتى يتم تأكيدها ولتتكثف حملات التوعية حول مخاطرها".
السجائر الإلكترونية والعادية: أيهما أخطر
أفادت دراسة طبية بأن مدخني السجائر الإلكترونية معرضون لخطر الإصابة بأمراض القلب مثل مستخدمي السجائر العادية، وتسبب السجائر الإلكترونية تلفا مشابها للأوعية الدموية مثل تدخين التبغ، وفي حال تلف الأوعية الدموية أو عدم تمكنها من العمل بشكل صحيح، يصبح من الصعب انتقال الأكسجين إلى القلب وأعضاء الجسم.
وحسبما ذكرت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، ونشرت بمجلة "جمعية القلب الأميركية"، فإن تدخين السجائر الإلكترونية يضعف وظيفة بطانة القلب، وبالتالي عجز الأوعية الدموية على الانفتاح بدرجة كافية لتزويد القلب والأنسجة الأخرى بالدم الكافي، وتبطن الخلايا البطانية الأوعية الدموية وتحافظ على سيولة الدم، وتنظم تدفقه، وتتحكم في نفاذية جدار الوعاء الدموي عن طريق توليد أوكسيد النيتريك.
ويمكن أن يؤدي تلف هذه الخلايا إلى عدد لا يحصى من مشاكل القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي، وفي الدراسة، تمّ تعريض فئران لاثنين من الغازات الرئيسية الموجودة في كل من الدخان والسجائر الإلكترونية، بالإضافة إلى جزيئات الكربون النانوية لتقييم تأثيرها على تمدد الأوعية الدموية.
ورغم الاختلاف في المكونات التي يتكون منها رذاذ السجائر الإلكترونية ودخان السجائر، فقد وجد الباحثون أن تلف الأوعية الدموية لا يبدو أنه ناتج عن مكون معين من دخان السجائر الإلكترونية أو بخار تلك السجائر.
وبدلا من ذلك، يبدو أن التلف ناتج عن تهيج مجرى الهواء الذي يطلق إشارات بيولوجية في العصب القحفي، المسؤول عن وظائف الأعضاء الداخلية اللاإرادية، والتي تؤدي بطريقة ما إلى تلف الأوعية الدموية.
وخلال الدراسة التي شارك فيها متطوعون من بينهم مستخدمي السجائر الإلكترونية على المدى الطويل، ومدخنو السجائر العادية، وغير المدخنين، وجمع العلماء عينات دم من كل مجموعة وعرضوها لخلايا الأوعية الدموية المختبرة وقاسوا إطلاق أكسيد النيتريك، لمعرفة فيما إذا كانت الخلايا البطانية تعمل بشكل صحيح.
وأظهر الدم عند مدخني السجائر الإلكترونية انخفاضا أكبر بكثير في إنتاج أكسيد النيتريك بواسطة الخلايا البطانية مقارنة بدم غير المدخنين، حسبما نقلت "ديلي ميل" البريطانية، وخلص الباحثون إلى أن دم مدخني السجائر الإلكترونية تضمن مؤشرات عديدة لاحتمال التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية.
التدخين الإلكتروني أكثر فتكا بالرئة
ينظر الكثيرون إلى السجائر الإلكترونية على أنها أقل ضررا من السجائر العادية، لذلك زاد انتشارها بشكل كبير في أوساط الشباب. لكن دراسات حديثة تؤكد على أن أضرار التدخين الإلكتروني على الصحة أخطر من السجائر التقليدية. كيف ذلك؟
قال باحثون إن استخدام السجائر الإلكترونية يُزيد بقوة من خطر إصابة الرئة بأمراض مزمنة مثل الربو أو التضخم. والدراسة المنشورة في الدورية الأمريكية للطب الوقائي هي من بين الدراسات الأولى التي توضح الأضرار الطويلة المدى المحتملة لاستخدام السجائر الإلكترونية والتي يتم الترويج لها عادة على أنها بديل أكثر أمنا من التبغ وكوسيلة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين.
وخلُصت الدراسة إلى أن السجائر الإلكترونية تُزيد من خطر أمراض الرئة بنسبة الثُلث بالمقارنة بأولئك الذين لم يدخنوا أو يستخدموا السجائر الإلكترونية قط. وكان الخطر أكبر بين البالغين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والتبغ معا. ويأتي البحث في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة أزمة استفحال استخدام السجائر الإلكترونية بين الشبان والشابات. ووفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يستخدم أكثر من 27.5 بالمئة من طلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة السجائر الإلكترونية.
وقال كبير الباحثين ستانتون جلانتز مدير مركز أبحاث مكافحة التبغ والتعليم بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أنه "يجري الترويج للسجائر الإلكترونية على أنها غير مضرة ولكنها ليست كذلك". واستخدم جلانتز وزملاؤه بيانات 32 ألف بالغ شملهم بحث التقييم السكاني للتبغ والصحة الذي أجرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والذي يتتبع عادات استخدام السجائر الإلكترونية والتبغ بالإضافة إلى تشخيص أمراض الرئة في الفترة ما بين 2013 و2016.
في بداية الدراسة لم يكن أحد يعاني من أمراض في الرئة. وبعد مرور ثلاث سنوات وجد الباحثون أن من استخدموا السجائر الإلكترونية زاد خطر إصابتهم بأمراض مثل الربو أو التهاب الشعب الهوائية أو تضخم الرئة أو الانسداد الرئوي المزمن بنسبة 30 في المئة بالمقارنة مع من لم يدخنوا التبغ ولم يستخدموا السجائر الإلكترونية قط.
أما الذين كانوا يدخنون التبغ فقد زاد خطر إصابتهم بمرض مزمن في الرئة مرتين تقريبا مقارنة بمن لم يدخنوا قط. ووجدت الدراسة أن الخطر كان أكبر ثلاث مرات بين من استخدموا التبغ والسجائر الإلكترونية معا. وقال جلانتز "كان الجميع، بمن فيهم أنا، يعتقدون أن السجائر الإلكترونية مثلها مثل سجائر التبغ لكنها ليست بنفس القدر من السوء، وأنك إذا استعضت عن بعض السجائر المعتادة بسجائر إلكترونية لربما كان الأمر أفضل... لكن تبين أن الأمر أسوأ. مضيفا: "السجائر الإلكترونية تُشكل مخاطر فريدة فيما يتعلق بأمراض الرئة".
كيف تقلع عن التدخين الإلكتروني؟ إليك الطريقة خطوة بخطوة
ليس هناك من ينكر حقيقة أن التدخين الإلكتروني منتشر بين المراهقين، إذ أفاد ثلث طلاب المدارس الثانوية الأمريكية أنهم استخدموا السجائر الإلكترونية أو منتجات النيكوتين الإلكترونية الأخرى مؤخراً، وفقًا لدراسة أجريت عام 2019.
وأفاد نحو نصف المراهقين الذين شملهم الاستطلاع أنهم فكروا بجدية في الإقلاع عن التدخين، وفقاً لبحث جديد، إلا أن نحو نسبة 25% أكدوا أنهم فشلوا في محاولة الإقلاع عن التدخين، ويعد ذلك أمراً خطيراً بالنسبة للمراهقين المعرضين لخطر إدمان النيكوتين والتبديل إلى تدخين السجائر.
وقال مدير معهد علوم الإدمان بجامعة جنوب كاليفورنيا والباحث المشارك، آدم ليفينثال، إن النتائج تتماشى مع "أبحاث أخرى تشير إلى أن هناك خطراً كبيراً لتطوير أعراض الاعتماد على النيكوتين بين المراهقين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية".
وقالت المؤلفة المشاركة في البحث، جينيفر داهني، الأستاذة المساعدة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية، إن البحث "يسلط الضوء على الحاجة الملحة للعلاجات التي يمكن أن تساعد الشباب الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين في النجاح بذلك".
وتسبق الرسالة البحثية الموعد النهائي القادم في 9 سبتمبر/أيلول المقبل لمصنعي السجائر الإلكترونية لتقديم طلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لإبقاء منتجاتهم في السوق. وتتحمل تلك الشركات مسؤولية إثبات مدى ملاءمة منتجاتها لحماية الصحة العامة.
ومن جانبه، قال ماثيو مايرز، رئيس حملة أطفال خالية من التبغ، والذي لم يشارك في الدراسة، إن البحث الجديد هو "أوضح علامة على أنه بمجرد أن ينجذب الأطفال، فإنهم يدركون ما يحدث لهم".
وأوضح مايرز أن "غياب التنظيم يعني أن صناعة السجائر الإلكترونية تسوق منتجات ذات نكهة عالية تجذب الأطفال وتوفر النيكوتين الذي يؤدي بسرعة إلى إدمان شديد."
وأضاف مايرز أن المنتجات التي تأتي في مجموعة متنوعة من النكهات حلوة المذاق والأشكال الأنيقة، والتي تقدم جرعات عالية من النيكوتين، "لا ينبغي السماح بها في السوق بسبب تأثيرها المؤكد على الشباب".
وأكد مايرز أن "كيفية تعامل إدارة الغذاء والدواء مع الطلبات التي ستتلقاها خلال الشهر المقبل ستؤثر بشكل مباشر على عدد الأطفال الذين سيصبحوا مدمنين على منتجات التبغ على مدى السنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين القادمة".
ويشير مصطلح الإدمان إلى فقدان الشخص السيطرة على استخدام المواد ويرتبط بالتغيرات في "مركز المكافأة" في دماغك، بحسب ما قاله الدكتور شارون ليفي، مدير برنامج تعاطي وإدمان المراهقين للمواد الكيميائية في مستشفى بوسطن للأطفال وأستاذ مشارك في طب الأطفال في كلية الطب بجامعة هارفارد، والذي لم يشارك في البحث، ويكون دماغ المراهقين أو الصغار في السن أكثر عرضة لهذه التغييرات من أدمغة البالغين.
وأوضح ليفي أنه "عندما تحدث هذه التغييرات، فإن الجزء العقلاني من الدماغ لاتخاذ القرار يفقد الأجزاء الأكثر فطرية ويجد الناس أنفسهم يستخدمون النيكوتين حتى عندما يرغبون في الإقلاع عن التدخين"، ولا يختفي الإدمان من تلقاء نفسه، ولكن يمكن أن يكون الإقلاع عن التدخين أسهل عندما يستعد الأشخاص مسبقاً ويتلقون مساعدة احترافية.
وفيما يلي الخطوات اللازمة للإقلاع عن التدخين: اعرف سبب إقلاعك عن التدخين، وفقاً لمبادرة "Smokefree Teen" (مراهقون بلا تدخين)، وهي مبادرة من المعهد الوطني الأمريكي للسرطان، فإن وعيك بالمخاطر المرتبطة بالنيكوتين لا يجعلك تتوقف عن التدخين الإلكتروني بنجاح. وإن معرفة سبب رغبتك في الإقلاع عن التدخين يمكن أن يمكّنك من اتخاذ خيارات تقودك إلى تحقيق هدفك، فكر في ما يهمك وكيف يعيق التدخين الإلكتروني هذه الأشياء، هل يؤثر على مشاعرك، أم أموالك، أم علاقاتك مع أشخاص مهمين بالنسبة لك؟
يمكن أن تساعدك الإجابة على هذه الأسئلة في معرفة مدى تأثير التدخين الإلكتروني على حياتك، وربما بطرق لم تدركها من قبل، احتفظ بقائمة من الأسباب التي تجعلك ترغب في الإقلاع عن التدخين على هاتفك واقرأها عندما تشعر بالحاجة إلى التدخين.
التزم بموعد الإقلاع عن التدخين الذي حددته، قال ليفي إن تحديد موعد للإقلاع عن التدخين يعد خطوة جيدة حتى تتمكن من الاستعداد عقلياً لهذا القرار. ومن الأفضل تحديد موعد لا يبعد أكثر من أسبوع إلى أسبوعين، وهو وقت كافٍ حتى تشعر بالثقة من قرارك، ولكن ليس الكثير من الوقت الذي يسمح لك بتغيير رأيك، ولا تختر يوماً يسبق حدث مرهق، مثل يوم الامتحان. وقم بضبط تنبيه على هاتفك لتذكيرك بالموعد.
ضع خطة الإقلاع عن التدخين، بمجرد تحديد الموعد المناسب لك، تحدث مع طبيبك حول مخاوفك وأهدافك. ولدى مبادرة "Smokefree Teen" أداة لإنشاء خطة إقلاع شخصية بناءً على حياتك اليومية.
ويمكن أن تساعدك تلك الأداة في الاستعداد للإقلاع وتتبع تجاربك والبقاء على المسار الصحيح.
يمكن أن تساعدك معرفة التحديات المحتملة في المستقبل على الالتزام بخطتك.
وقال ليفي إن "النيكوتين يعد منبها"، والكثير من المراهقين يلجأون إليه لشعور الاستفاقة التي يحصلون عليها من جراء تدخينه، "ولكن بمرور الوقت، يجد معظم الناس أن الوصول إلى الاستفاقة أصبح أصعب عندما يبدأ جسمك في التكيف مع النيكوتين.
ويمكن أن تجعل عملية انسحاب النيكوتين مسألة الإقلاع عن التدخين غير مريح، وخاصةً خلال أول أسبوعين. وإذا كنت تعاني من أعراض ورغبة شديدة، تحدث مع طبيبك حول الأدوية التي يمكن أن تساعدك.
وقال ليفي في رسالة بالبريد الإلكتروني إنه "يجب التحمّل لأن أعراض انسحاب النيكوتين تمر وتصبح الرغبة الشديدة أقل وأقل مع مرور الوقت".
وإذا كان تدخين السجائر الإلكترونية مع الأصدقاء جزءاً من الطريقة التي تقضي بها مجموعتك الوقت معاً. ونظراً لأن قضاء الوقت حولهم أثناء الإقلاع عن التدخين قد يمثل تحدياً، فقد ترغب في قضاء الوقت مع أشخاص آخرين لفترة من الوقت.
ويوضح ليفي أن بعض الأشخاص يجدون أنهم قادرون في النهاية على قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء المدخنين للسجائر الإلكترونية دون أن يتأثروا بهم.
وإذا لم يفهمك أصدقاؤك، اشرح لهم سبب أهمية الإقلاع عن التدخين واطلب منهم احترام قرارك.
وهناك العديد من الفوائد الصحية للإقلاع عن التدخين. وقال ليفي إنه وفقاً للجرعة يمكن أن يتسبب النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى في أجهزة التدخين الإلكتروني في حدوث ما يلي:
تلف الرئة
الدوخة، أو القيء، أو النوبات
صعوبة التركيز
أعراض الاكتئاب
زيادة خطر استبدال السجائر الإلكترونية بالسجائر العادية والماريجوانا والعقاقير الأخرى
نمو الدماغ بشكل غير الطبيعي
وقالت المؤلفة المشاركة في البحث، تريسي سميث، وهي الأستاذة المساعدة في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية إن "إدمان منتجات التبغ يعني أن المراهقين ليس لديهم سيطرة كاملة على استخدامها"، مشيرةً إلى أنه "إذا كانوا قادرين على الإقلاع عنها، فإنهم يستعيدون ذلك التحكم".
حدد المحفزات واطلب الدعم الاجتماعي وتحلى ببعض التعاطف مع الذات.
يمكن أن تقودك المحفزات، بعض الأشخاص أو المواقف أو المشاعر، إلى التصرف بطرق قد تكون ضارة بصحتك.
وقال ليفي إن "تحديد محفزاتك والتفكير من خلال استراتيجيات التكيف الجديدة يمكن أن يمنعك من محاولة الوصول إلى السجائر الإلكترونية. وإذا كان محفزك هو رؤية أشخاص آخرين يدخنون السجائر الإلكترونية، فربما عليك أن تأخذ استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي".
ووجدت الدراسة أيضاً أن نسبة 57% من المراهقين الذين يدخنون النيكوتين حالياً كانوا يعانون من أعراض الاكتئاب في العام الماضي، بينما كانت نسبة 61% يعانون من أعراض القلق، حسبما قالته داهني.
وإذا كنت تدخن السجائر الإلكترونية للتخفيف من المشاكل، فإن العلاج النفسي والأنشطة الصحية مثل المشي أو الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن تساعد في إدارة التوتر وإبعاد تفكيرك عن السجائر الإلكترونية، ويمكنك أيضاً العثور على سلوك بديل، مثل مضغ العلكة أو الاتصال بصديق.
وأشار ليفي إلى أن القيام بذلك بمفردك قد يكون صعباً، لذا اطلب الدعم من طبيبك وعائلتك وأصدقائك، وكن محدداً بشأن ما تحتاجه، ربما يمكنهم تشتيت انتباهك حتى لا تعود للتدخين.
ولا تقسو على نفسك إذا فشلت، فقد يحدث هذا عدة مرات. وأكد داهني أن "الانتكاسة أمر طبيعي عند محاولة تغيير أي سلوك، بما في ذلك الإقلاع عن التدخين الإلكتروني ومن المهم أن تتعلم مما نجح وما لم ينجح خلال محاولات الإقلاع السابقة ومحاولة الإقلاع مرة أخرى".
إذا كان التدخين الإلكتروني عادة تفعلها بانتظام، فقد يكون من الصعب تخيل حياتك بدونه. وقد تشعر بالغرابة في البداية إلا أنك ستتأقلم في النهاية مع طبيعتك الجديدة.
ويمكن للتفكير في نفسك كشخص لا يدخن السجائر الإلكترونية أن يفصلك عنها ويمنحك الثقة للمضي قدماً.
واكتب قائمة بكل الأشياء الرائعة عن نفسك والتي لا تتضمن التدخين الإلكتروني، واعلم أن التدخين لا يحدد هويتك.
تخيل المستقبل الذي تريده. كيف يقف التدخين الإلكتروني في طريقك؟ يمكن أن تساعدك كل هذه الخطوات في سد هذه الفجوة.
اضف تعليق